عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-08-2007, 11:52 PM
الصورة الرمزية قاصرة الطرف
قاصرة الطرف قاصرة الطرف غير متصل
مشرفة ملتقى الأخت المسلمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: -* واحة زهرات الشفاء *-
الجنس :
المشاركات: 4,853
01 الصدق منجاة والكذب مهلكه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجميعن ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

اللسان من نعم الله العظيمة ، ولطائف صنعه الغريبة ، صغير جرمه ، عظيم طاعته وجرمه .لا يستبين الكفر والإيمان إلا بنطق اللسان ، وما من موجود أو معدوم ، ولا صانع أو مصنوع ، إلا ويتناوله اللسان بإثبات أو نفي . وكل مجالات العلوم طريق بيانها اللسان . رحب الميدان ، و اسع المجال ، وهو ترجمان القلوب والأفكار ، آلة البيان ، و طريق الخطاب . له في الخير مجال كبير ، وله في الشر باع طويل . فمن استعمله للحكمة والقول النافع وقضاء الحوائج ، وقيده بلجام الشرع ، فقد أقر بالنعمة ووضع الشيء في موضعه ، وهو بالنجاة جدير . ومن أطلق لسانه وأهمله ، سلك به الشيطان كل طريق ، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ، هو الميزان الذي توزن به الرجال ، وتعرف به أقدارها ، ما صلح منطق رجل إلا ظهر ذلك على سائر عمله ، ولا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك في سائر عمله ،والناس تنظر إلى المتكلم وتربط بين حديثه ومطابقته للواقع وصدقه مع نفسه ، وإنهم ليعرفون بثاقب نظرهم ، و يدركون بعميق خبرتهم الكاذب من الصادق ، والمصلح من المفسد ، والبر من الفاجر ؛ ومِنْ أجل هذا انقسمت أحاديث الناس وأخبارهم إلى صدق وكذب ، وطيب وخبيث ، وحق وباطل ، ( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عن الله صديقاً ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) متفق عليه واللفظ لمسلم من حديث عبد الله بن مسعود والله عز وجل يقول : { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار * يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } .
معاشر الأحبة : إن صاحب الكلمة الخبيثة لا ينطلق إلا بأقوال أثيمة . لسانه لماز ، وبصره غماز . حديث بذاء و فعله عدوان . لا يذكر عظيم إلا استحقره ، ولا يرى كريم إلا نال من عرضه . فلا يتعمد الكذب إلا متملق منافق ، فهو عنوان سفه العقل ، وسقوط الهمة ، وخبث الطوية ، وجبن النفس ، حتى قال بعض الحكماء : لم يكذب أحد قط إلا لصغر قدر نفسه عنده . ومن قل إيمانه بربه وخف من يوم الحساب خوفه ، لا يبالي أن يلبس الحق بالباطل ، ويصور الأشياء على غير الواقع . ويشتد خبث الكلمة ويعظم وزر الكذب إذا اتسع نطاق ضررهما . فالصحفي الذي ينشر على الملأ خبراً باطلاً ، و السياسي الذي يخدع الناس في القضايا الكبرى ، و المغرض الذي يسوق التهم في الكبراء ، و المداح الذي يتخذ من المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر ، و يكيل الثناء للوجهاء ، و يهرف بما لا يعرف فيصف الجبان بالشجاعة والظالم بالعدالة ، والبخيل بالكرم ـ كل أولئك يرتكبون جرائم عظيمة ، ويجرون إلى عواقب وخيمة . وفي خبر البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار ، فكان مما قال عليه الصلاة و السلام : ( أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة )
والله وحده المستعان على ألسنة تصف ، وقلوب تعرف ، وأعمال تخالف .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.18 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (4.14%)]