عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-07-2007, 03:39 PM
الصورة الرمزية أبــو أحمد
أبــو أحمد أبــو أحمد غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
مكان الإقامة: صــنعاء
الجنس :
المشاركات: 26,713
الدولة : Yemen
افتراضي

كراهية بعض الأسماء لاشتمالها على تزكية للنفس

وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه ولكراهيته فقد يكون لمعنى آخر فيه مع أن الاسم قد يكون في ظاهره جميلاً، فقد روى البخاري في الأدب المفرد وأبو داود عن محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن عمر بن عطاء : ( أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فسألته عن اسم أخت له عنده، قال فقلت: اسمها برة، قالت: غير اسمها فإن النبي عليه الصلاة والسلام نكح زينب بنت جحش و اسمها برة فسمعها تدعوني برة ، فقال: لا تزكوا أنفسكم فإن الله أعلم بالبرة منكن والفاجرة، سمها زينب ، فقالت أم سلمة : فهي زينب ، فقلت لها اسمي، فقالت: غير إلى ما غير رسول الله صلى الله عليه وسلم سمها زينب ) قال في السلسلة الصحيحة : وهذا سند حسن، فلأنه قيل إنها تزكي نفسها، مع أن اسم برة اسم جميلٌ في الظاهر فغيره عليه الصلاة والسلام لهذا السبب، وقال: لا تزكوا أنفسكم؛ الله أعلم بأهل البر منكم، ولذلك كان التغيير في هذا الاسم مستحباً لا واجباً. ويدخل في هذه الكراهية التسمية بالتقي والمتقي والمطيع والطائع والراضي والمخلص والمنيب والرشيد والسديد كما ذكر ابن القيم رحمه الله وقال: وأما تسمية الكفار بذلك -إطلاق اسم الطائع أو المنيب أو الرشيد أو البر أو برة على كافر أو كافرة- لا يجوز أبداً، ولذلك لو رأيت تاركاً للصلاة هاجراً دين الله واسمه محسن فلا تناديه بمحسن، وإذا رأيت تاركاً للصلاة هاجراً دين الله قد سمي مطيعاً فلا تناديه بمطيعٍ أبداً، ولو رأيت تاركاً للصلاة عاصياً لأمر الله مصراً على الفواحش واسمه منيب فلا تناديه بمنيبٍ أبداً، فإنه لم ينب إلى ربه. وأما تسمية الكفار من ذلك فلا يجوز التمكين منه، ولا دعاؤهم بشيء من هذه الأسماء، ولا الإخبار عنهم بها، والله عز وجل يغضب من تسميهم بذلك. وأما بقية الأسماء التي فيها معنى الصلاح، فلا يجب تغييرها وخصوصاً إذا كانت من أسماء الأنبياء، كصالح مثلاً، ولذلك كان تغيير اسم برة فيه خصوصية معينة في تلك الحالة وتلك الواقعة لا ينطرد على جميع الأسماء التي فيها معنى شبيه بمعنى برة.


اشمئزاز بعض أصحاب النفوس الضعيفة

ومن الأسباب على تغيير بعض الأسماء الحسنة أحياناً كما ورد في الحديث الصحيح: (لئن عشت إن شاء الله لأنهين أن يسمى رباح ونجيح وأفلح ويسار) وفي رواية صحيحة: (لأنهين أن يسمين بنافعة وبركة ويساراً) وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح) ما هو السبب؟ هل لأن الاسم قبيح؟ كلا، يقول عليه الصلاة والسلام: (فإنك تقول: أثمت هو؟) تأتي وتسأل عنه في البيت فلان موجود؟ فلا يكون موجوداً فيقال: لا، فيحصل التشاؤم والتطير بأن هذا البيت لا يسار فيه أو لا رباح فيه، وذلك عند الناس الذين تشيع بينهم مسألة التشاؤم. وفي معنى هذا: خير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك فإنه لو كان في البيت رجلٌ يقال له خير أو سرور أو بنت يقال لها: نعمة، فجاء إنسان فسأل: عندكم نعمة؟ فلو لم تكن موجودة سيقولون: لا، عندكم خير؟ فلو لم يكن موجود سيقولون: لا، عندكم سرور؟ فلو لم يكن موجوداً سيقولون: لا، ولذلك يحصل في بعض النفوس التي لم تتمكن منها عقيدة التوحيد نوعٌ من التشاؤم فلذلك كاد أن ينهى صلى الله عليه وسلم عنها إذا عاش، أو نهى أن يسمى العبيد بهذه الأسماء حتى لا يحصل التشاؤم بذلك ليس لأن الأسماء هذه قبيحة. فلأن بعض النفوس قد تشمئز وتتطير ويدخل هذا في باب المنطق المكروه نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وإلا فإن الاسم الجميل له فوائد في التفاؤل الذي هو من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ورد في الحديث الصحيح: (كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد) من الرشاد والنجاح فيتفاءل به وهو خارج إلى حاجته، إذا سمع يا راشد يتفاءل لأن الرشاد حليفه، والتوفيق صاحبه في هذه الحاجة.


التعبيد لغير الله عز وجل


ومن الأشياء المحرمة تسمية كل شيء وتعبيده لغير الله، كعبد الجن، وعبد الدار، وعبد الكعبة، وعبد تميم، وعبد الحجر، وعبد العزى، وعبد الرضا، وعبد الحسين، وعبد الرسول، وعبد المسيح، وعبد علي، وعبد الإمام، وعبد الحسن، وعبد الأمير، وعبد السجاد، وعبد الباقر، وعبد الصادق، وعبد الكاظم، وعبد المهدي، وعبد الونيس، وعبد النعيم، وعبد الراضي، وعبد النبي، وعبد طه، وعبد المقصود، لأنها ليست من أسماء الله. وكذلك كل ما عبد لاسم لم يثبت لله كعبد العال والصحيح عبد المتعال، فإن المتعال هو اسم الله، وكذلك عبد الوحيد، وعبد الفضيل، وعبد الصاحب، وعبد السادة، وعبد الخضر، وعبد العاطي، وعبد الزبير، وعبد النور كلها لا تجوز؛ والنور ليست من أسماء الله. هذه طائفة من الأسماء المحرمة لعلة أنها معبدة لغير الله وهو نوع من أنواع الشرك. ومن الأدلة على أنه لا يجوز منازعة الله في اسم من أسمائه أو صفة من صفاته الحديث الصحيح الآتي: روى أبو داود في سننه عن هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع قومه، سمعهم يكنونه بـأبي الحكم ، فدعاه عليه الصلاة والسلام فقال: (إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى بأبى الحكم، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين ولذلك كنوني: أبا الحكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا) فالحكم بين الناس بالعدل وإرضاء الفريقين بذلك شيء حسن، ولكن هذا شيء والتكنية بـأبي الحكم أمر آخر، قال عليه الصلاة والسلام: (فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلمة وعبد الله ، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح ، قال: فأنت أبو شريح).


جواز التسمي بأسماء الأنبياء

وأما التسمية بأسماء الأنبياء فهي من الأشياء الطيبة وهو مما هو معروف من تاريخ المسلمين، وقد سمى صلى الله عليه وسلم ولده بـإبراهيم، وقال البخاري في صحيحه : باب من تسمى بأسماء الأنبياء، وساق حديثاً عن إسماعيل قال: قلت لـأبي أوفى رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم مات صغيراً، ولو قضي أن يكون بعد محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً عاش ابنه ليكون نبياً من بعده، ولكن لا نبي بعده. وفي صحيح مسلم : باب التسمي بأسماء الأنبياء والصالحين، ثم ذكر حديث المغيرة بن شعبة قال: لما قدمت نجران سألوني فقال النصارى في نجران ، إنكم تقرءون: يَا أُخْتَ هَارُونَ [مريم:28] وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، اعترضوا عليه قالوا له: أنتم تقولون في القرآن عن مريم: يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً [مريم:28] ومريم بينها وبين هارون أخو موسى مئات السنين وربما آلاف السنين، فكيف تقولون في القرآن: يَا أُخْتَ هَارُونَ [مريم:28] عن مريم ومريم ليست أختاً لهارون. يقول: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك، فقال: (إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم) فإذاً هارون أخو مريم وليس هو هارون أخو موسى، وإنما هو هارون آخر ولكن من عادة قوم مريم أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين من قبلهم و منهم هارون. ومن الأسماء المكروهة المقبوحة التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة كفرعون وقارون وهامان. واختُلِف في حكم التسمي بأسماء الملائكة كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل فكرهه ابن القيم في تحفة المودود والأحوط الابتعاد عن ذلك.



حكم التسمي بالحروف المقطعة



ومما يمنع من التسمية به: أسماء القرآن وسوره، مثل طه ويـس وحم، وقد نص الإمام مالك على كراهية التسمية بـ يـس، وأما ما يذكر العوام أن يـس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فغير صحيح، ليس في ذلك حديثٌ واحد صحيح، وإنما طـه من الحروف المقطعة مثل حم، ويـس من الحروف المقطعة مثل كهيعص وليست أسماء ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإن قال آلاف الناس أنها أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم فليست كذلك، وقد سمعت بنفسي عن رجلٍ من شبه القارة الهندية قد سمى ولده طس. ومن البدع الحاصلة في هذه الأيام: تسمية الأولاد بطريقة فتح المصحف، فيفتحون المصحف فإذا وقعوا على اسم من الأسماء سموه للولد أو للبنت، فإذا وجدوا (أفنان) سموا البنت (أفنان) وإذا لم يجدوا شيئاً سموها آية، وهذه طريقة مبتدعة ولو كانت خيراً لسبقنا السلف إليها، وعندنا ولله الحمد في أسماء أبناء الصحابة وأبناء التابعين وأبناء من تبعهم رجالاً ونساءً ذكوراً وإناثاً أسماء في غاية الجمال.

منقول بتصرف
__________________
__________________
أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]