الدرس الثاني
التواصل مع المريض ومتابعته:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الراقي المصري
وبالأمس اتصل بي قائلاً انه منذ انصرافي يعاني الآم في جميع أنحاء جسده .. وارق وأحلام مزعجه .. فأخبرته إني سأذهب إليه مرة أخرى .. وبالفعل توجهت إليه بالأمس بعد صلاة المغرب .. وبدأنا الجلسة على الفور .
|
أخينا الراقي المصري لم يبين لنا ما رآه المريض في منامه من أحلام مزعجة، وبذلك ضيع علينا دروسا هامة، لكن من الضروري جدا لكل من المريض والمعالج دوام المتابعة والاتصال بينهما للتعرف على المستجدات أولا بأول، وتلقي التوجيهات الجديدة، لا أن يذهب المعالج ليصدم فجأة بمتغيرات استجدت مع المريض تنسف كل خططه المعدة مسبقا.
فالمتابعة لها تأثيرها في سرعة تحقيق الشفاء، لأن ردود فعل الجن للبرنامج العلاجي تتطور من يوم إلى الآخر، وبالتالي فالخطة العلاجية تطرأ عليها متغيرات قي ضوء المستجدات، وهي في الحقيقة معلومات كانت خفية بالنسبة للمريض، ومجهولة بالنسبة للمعالج، وهذا يجعله يعدل من خطته العلاجية التي وضعها مسبقا، فتحت تأثير البرنامج العلاجي الصحيح تنكشف أستار الشيطان وتتضح معالم كيده أكثر وأكثر، فكما سبق وشرحت أنه توجد أعراض ظاهرة وأعراض خفية، وهناك أسحار ظاهرة وأسحار خفية، ومع التزام المريض بالخطة العلاجية، ونجاح المعالج في تنفيذ الجلسات تبطل أسحار (إخفاء الأسحار)، فيظهر لنا ما لم يكن في الحسبان من أسحار مختفية، فلو لا حظنا أن المعالج هنا بعد أن وضعت الحرب أوزارها اكتشف وجود أسحار أخرى لم يتعامل معها أثناء الجلسة، وقد ينهي جلسته ثم يكتشف وجود أسحار أخرى بعد يوم أو يومين، وقد لا يدرك وجودها في أثناء الجلسة.
وهذه المعلومات الجديدة منحة من الله تعالى تساعدنا على تصويب خطة العلاج الموضوعة، فقد يستمر المريض في تنفيذ خطة علاج غير متوافقة مع المستجدات فنهدر جهده ووقته سدى، وطالما أن هناك مستجدات تطرأ على حالة المريض وأسحار جديدة تظهر فهذه علامة صحية تدل على أن المعالج يقوم بمهمته على أكمل وجه، ولكن قدر المريض أنه مصاب بكم من الأسحار لا يعلم منتهاها إلا الله تبارك وتعالى، خاصة في دولة (المغرب) فسحر المغاربة هزيل جدا، ولكنه يميز بغزارته وكميته الرهيبة، وهذا يستغرق زمنا طويلا في علاجه المريض، لكن لو أن الجلسات تسير على وتيرة واحدة بدون أي متغيرات، فهذا يعني أحد أمرين إما أن المعالج أخفق في عمله، وإما أن المريض عنده تقصير ما، وهنا يجب على المعالج البحث عن أوجه التقصير.
فإحدى المريضات أخفقت جلساتها رغم أني أرقيها مرتين في اليوم ولمدة أسبوع، وبرغم أنها محفظة لكتاب الله، إلا أنني شككت في أمرها، فسألتها هل يوجد أحجبة أو أوراق مكتوب فيها قرآن تتخذ كتمائم، فنفت وجود ذلك، إلا أن أمها تحتفظ ببعضها، وهي مقيمة في نفس البيت، فطلبت استخراج أي تمائم تعثر عليها وإحضارها لي، وبالفعل استخرجت لي كمية رهيبة من التمائم كلها بالقرآن فقط، ولكنها تعد تميمة حتى ولو كانت بكتاب الله، فتوليت إحراق الكمية بنفسي.
وعاودت رقيتها ووجدت نفس الفشل مجددا، فطلبت منها التأكد من وجود تمائم أخرى في البيت قد نسيتها أو أغفلتها، فنفت فأمرتها أمرًا بأن تبحث لي مجددا ربما فاتها شيء، وبالفعل بعد أن عاودت البحث أخرجت لي كيسا آخر مملوء بالتمائم قد أخفتها الأم، ولا تدرك المريضة كيف صرفها الشيطان عن مكانها فنسيتها، فأخذتها وأحرقتها بنفسي، وبالفعل نطق الجن بعد 25 سنة من فشل كبار المعالجين والرقاة أصحاب الأسماء الرنانة، فتكلم بصيغة المذكر وهي أنثى، فقلت له لقد فضحت وانكشف أمرك، فلا داعي للمراوغة، المهم أسلم بعد شهرين من العلاج، ثم ذبحته الشياطين وتخلصت منه بعد أن أبدى شجاعة وبسالة في جهادهم ودفاعه عن المريضة، وحقيقة أنا في قمة الدهشة والذهول؛ فلا أدري ماذا كان يفعل هؤلاء المعالجين لعلاج هذه المسكينة؟!!.
فعلى سبيل المثال لا الحصر قد يرى المريض كشفا مناميا يتعرف المعالج من خلاله أن الجن طيار، وسريع الحركة ويلجأ إلى الفرار عادة قبل بدء الجلسة، وفي هذا الحالة من المفترض أن يتخذ المعالج موعد الجلسة القادمة سرا، أو يذهب إلى بيت المريض بطريقة ملتوية، فيذهب من طريق خلاف طريقه المألوف، وهذا يضلل الشياطين كثيرا جدا، فقد يضعون للمعالج (أسحار تجسس) في طريقه المعتاد فتخفق الجلسة، ويضيع جهد المريض والمعالج سدى، وقد يكون في قدرة المريض التعامل مع الكشف البصري بنفسه دون الحاجة إلى وجود المعالج، فيلقن المعالج المريض ما يجب عليه فعله، وبذلك نوفر وقت الجلسة القادمة لأمور أخرى أهم، لذلك يجب متابعة المستجدات أولا بأول.
وبكل تأكيد لو أفرط المعالج في قبول علاج عدد من المرضى أكثر من قدرته الاستيعابية، فحتما سيعجز عن متابعتهم متابعة عادلة ومنصفة، ولن يعطي كل مريض حقه، فكيف لو كان العلاج جماعيا؟ اللهم إلا أن يكون له تلاميذ فيحيل كل حالة زائدة عن العدد المناسب له إلى تلميذ من تلاميذه يتابعها تحت إشرافه المباشر، وبهذا الشكل نستطيع احتواء أكبر عدد من الحالات المرضية، أما أن يعطي كل هاوي لنفسه (رخصة معالج) فهذا تخبط مرفوض بتاتا، خاصة وأنه ليس هناك ثمة أكاديميات لتخريج أطباء روحيين، فالمعالج الخبير يصير أكاديمية ومعلما لغيره، وبهذه الطريقة نحكم أزمة الدخلاء على علم الطب الروحي، حتى ولو لم يكن هناك هيئات رسمية تتولى هذه المسؤولية، فيكفي أن يكون الطبيب الروحي مرجعا للمرضى ولطلبة العلم، ومن خرج عن هذه الدائرة أخذ الناس حذرهم منه، لكن الطامة الكبرى في أن سدنة العلم الشرعي من غالبية الشيوخ يحجرون على جميع المعالجين بسبب عجزهم كشيوخ عند تدارك الفتن المنتشرة، رغم أنهم أجهل ما يكونوا بالطب الروحي، وهذا لا يعطيهم الحقي في فرض قوامتهم على المعالجين.
يجب أن نضع في اعتبارنا قاعدة مهمة جدا أن الجلسة العلاجية لا يمكن التأكد من حتمية نتائجها إلا في الجلسة التالية، فلا تغتر بما تجده من نتائج أثناء الجلسة، فإذا جد جديد فهذا يعني بالضرورة نجاح الجلسة السابقة، وأنها أتت ثمارها، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فهذا يعني أن المعالج أخفق في التشخيص وبالتالي فشل في العلاج، فكثير ممن لا باع لهم في العلاج يخدعهم الجن فيزعم أنه أسلم، وقد يلجأ لحيل ماكرة للنطق بالشهادتين، فيأسر أحد عمار البيت من المسلمين، ويهدده بالاعتداء على أهله إن لم ينطق الشهادتين، فيظن الراقي أن الجني أسلم وخرج، وفي الجلسة التالية يفاجأ بأنه وقع في خدعة سخيفة من الشيطان، أما إن نطق الشهادتين وشفي المريض فهذا الجني صادق في توبته، وهو مسلم حقا، ولو كان منافقا فسيتأثر حتما بالرقية وينكشف أمره من خلال ردود فعله، وهذه هي الطريقة التي نكتشف بها المؤمن من الكافر، وفي الحقيقة أن الشيطان لا يلجأ إلى هذه الخدع مع المعالج القوي أبدا، لأنها مكشوفة لديه، ولكن يفعلها مع السذج والدخلاء على الطب الروحي.
ومثل هذا الإخفاق يعني أن الجلسة غير محصنة، وأن المعالج يفتقد نصرة الجن المسلمين الصالحين والملائكة، إما لسفاهته كراقي، وإما لجهله وضحالة علمه، وخفة تقواه لله تعالى، فالراقي التقي النقي رغم ضحالة وسطحية علمه بالطب الروحي يناصره الجن المسلمين لصلاحه وإخلاصه وقبول دعائه لا لسعة علمه، ويعينونه بفضل الله تعالى ولو دون أن يدري بوجودهم، وهم أشد نصرة للمعالج العالم الورع التقي، فينضم إليه أكابر الجن المسلمين لتنفيذ المهمات العظمى المتعلقة بالصالح العام للأمة من خلال علاج المريض، لأن تقواه أولا ثم سعة علمه يوفران لهم الحماية المطلوبة من أي اعتداء غاشم ينصب عليهم، وبالتالي يقومون بواسطته بتوجيه ضربات إستراتيجية للسحرة نصرة لهذا الدين وليس لمرج علاج مريض فقط.
وهناك حالات عالجتها كانت شديدة التعقيد والتركيب، وحضر نفر من الجن المسلمين، فأقروا بأنهم كانوا يجاهدون مع الراقي الفلاني الذي ذهبت إليه المريضة، ولأنه رجل صالح ولأنها امرأة صالحة فإنهم جاهدوا مع المريضة حتى يسر الله لها أن تلتقي بي وأعالجها، وقالوا: هو رجل تقي مستجاب الدعاء لكن ليس لديه العلم الكافي حتى ينجز الحالة، لكننا معه نعينه بما نستطيع على قدر علمه، إذا فالجن المسلمين يعينون المعالج على قدر سعة علمه فقط، وتقواه سبب هام من أسباب حصانتهم ضد الشياطين تتيح لهم الهجوم وإحراز النصر بإذن الله تعالى.
وهذه النصرة التي ذكرناها نجدها قد تمت مع أخينا (الراقي المصري)، لأنه تقيد بالتحصين والتركيز في دعائه، رغم أنه لم يدعو بدعاء خاص موجه، لكن مجرد استغاثته بالله تبارك وتعالى، دفعت الجن المسلمين لنصرته ونصرة المريض، فهو بذلك قد وفر لهم الحماية المطلوبة دون أن يتعمد بذلك حضور الجن المسلمين، ولو دعا بدعاء خاص موجه لانتهت الجلسة كلها في دقائق معدودة ولم تستغرق كل هذا الوقت حتى صارت قصة تسرد، ولكنه أبلى بلاء حسنا بفضل الله تعالى.
وفي هذه الحالة سنجد أن المريض طرأت عليه مستجدات فصار (يعاني الآم في جميع أنحاء جسده .. وارق وأحلام مزعجه)، والمريض هنا جاء لزيارة عارضة وسوف يرجع إلى بلده عاجلا أو آجلا، لذلك فإهمال متابعة المريض أولا بأول قد يطيل فترة العلاج، لأن المعالج لو تأخر عن متابعة المريض فسوف يفاجأ بهذه المستجدات بعد فوات الوقت، لأن التغيرات التي تطرأ هي مؤشر لمدى نجاح الجلسة السابقة، وبالتالي تسهم في تعديل الجلسة التالية، وطالما أن الجلسة السابقة حققت نتائجها فيتحتم على المعالج متابعة الخطوة التالية في العلاج على أساس نتائج الجلسة السابقة، فمن الممكن أن تنتهي أسحار في الجلسة السابقة، وهذا قد يعني أحيانا أن تظهر بعدها مباشرة أسحار كانت خفية في الجلسة التالية، فطالما انكشف السحر فلا داعي لتضييع الوقت وإهداره، فيجب التعامل معه والتخلص منه بأسرع وقت ممكن.
هذا ما يحضرني في الدرس الثاني، وإن كان الكلام يطول أكثر من هذا، (فما قل وأجدى خير مما كثر وألهى)
هذا والله اعلم