عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2007, 03:28 PM
rabie10 rabie10 غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: wsalt
الجنس :
المشاركات: 143
الدولة : France
Lightbulb الدعوة إلى الله في كتاب الله

حظيت الدعوة إلى الله تعالى باهتمام كبير من قبل كتاب الله عز وجل. فقد وردت - بصيغة الفعل أو الاسم- مضمومة إلى الله إحدى عشرة مرة. وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَن اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ.﴾ ، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيء إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا الَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ . وورد فعل الدعوة مضموما إلى ما يُقَرّب إلى الله أو ما ينتج عن ذلك حوالي ثماني عشرة مرة. وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿أُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم﴾ . كما تعددت في القرآن الكريم عبارات أخرى من الأسرة المفهومية للدعوة إلى الله من مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والنصيحة، والجهاد...مما يدل على عظم شأنها وسمو مكانتها. فالأمر الذي يتحدث عنه القرآن الكريم مرارا وبمختلف الصيغ، آمرا به تارة، ومبرزا قيمته تارة ، ومشيدا بفاعله تارة ، ومعنفا تاركه أخرى... كل ذلك دال على شرفه، وموجه إلى الاهتمام به بالقدر الذي اهتم به القرآن الكريم. فورود ألفاظ القرآن الكريم مناسب لأثرها في واقع الإنسان.
هذا إجمالا، فإذا نظرنا في الآيات الكريمة التي ورد فيها الحديث عن الدعوة فيمكن تسجيل فائدتين بارزتين كافيتين لبيان ما نحن بصدده.
الأولى: الدعوة إلى الله تعالى سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه.
قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.﴾
إن قضية المسلم الكبرى بعد الإيمان بالله تعالى هي معرفة السبيل المؤدية إلى مرضاته وجنته، ولا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبرز ما تُعْرَفُ به هذه السبيل هو الدعوة إلى الله والدلالة عليه سبحانه، وأن الإتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم يقتضي القيام بها. بمعنى العمل على استمالة الناس إلى دين الله تعالى وتقريبهم إلى ربهم سبحانه بلسان المقال أو الحال .
فالدعوة إلى الله هي وظيفة الرسول عليه الصلاة والسلام الرئيسة. فبعد أن أُخبر بالرسالة وأمر أن يقرأ ما أنزل عليه، كان أمر الله له بالدعوة والتبليغ. فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ﴾ . فقام عليه السلام فبلغ، وبشر وأنذر، ودعا قومه إلى الخير الذي أنزله الله عليه. ولما كثر المعاندون له، الجاحدون لدعوته، وازدادوا نفورا وكفورا، أمره الله تعالى أن يصبر على مخالفتهم وعنادهم وأن يعمل مجاهدا لهم بالقرآن الكريم، فقال سبحانه:﴿فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ . وسماه الله تعالى "داعيا إلى الله" لثبات صفة الدعوة فيه وسموها، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيء إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ ، ولما كمل الدين وتمكن، كان ذلك إيذانا بانتهاء وظيفته عليه السلام فنزل قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾
علاوة على ذلك تنبه الآية الكريمة من سورة يوسف على أن الدعوة إلى الله ليست وظيفته عليه السلام وحده، وليست وظيفته ووظيفة العلماء من أمته فحسب، وليست مسؤوليته ومسؤولية الحكام من ملته لا غير... وإنما هي وظيفته ووظيفة كل متبع له عليه السلام ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾. فكأن الآية الكريمة تفيد أن لا اتباع لرسول الله عليه السلام يُعتبر ما لم يتحقق فعل الدعوة إلى الله. فالقيام بتبليغ رسالة الله من صفات المسلم اللازمة له.
الثانية: الدعوة إلى الله مقدمة على غيرها.
الملاحظ كذلك أن الدعوة إلى الله تعالى وردت في الآية الكريمة من سورة يوسف مقدمة على غيرها. ولعل ذلك يرجع إلى أمرين:
الأول: كون الدعوة إلى الله تعالى أفضل الأعمال وأعظمها أجرا عند الله. فإنه لا قول يفضل كلمة الدعوة، إذ لا ثمرة أجود من ثمرتها. قال تعالى: ﴿وَمَن اَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِن الْمُسْلِمِينَ﴾ . فأثر الدعوة يتعدى الفرد إلى غيره، فهي نقل للسعادة إلى الإنس جميعهم، بل إلى الكون بكل مخلوقاته. وخيرها لا ينقطع بموت الداعية بل يستمر إلى ما يشاء الله... فالدعوة امتداد في الإنسان وإسعاد للخلق إنسه وحيوانه وجماده، وامتداد في الزمان. قال عليه السلام: ﴿مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ﴾ . ولعل هذا هو السر فيما يُكرم به الداعية إلى الله من دعوات واستغفار المخلوقات. عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِليّ قالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا: عَابِدٌ والآخرُ عَالِمٌ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام:﴿إِنّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ، حَتّى النّمْلَة في جُحْرِهَا وَحَتّى الْحُوت لَيُصَلّونَ عَلَى مُعَلّمِ النّاسِ الْخَيْرَ﴾
الثاني : كون الدعوة إلى الله تعالى سبيل كل خير. قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُومِنُونَ بِاللَّهِ﴾ . فقُدمت الدعوة على الإيمان وغيره في الذكر لأنها سبيل التمكين للإيمان وللعمل الصالح، وسبيل الحفاظ عليهما. كما أن تعطيل الدعوة سبيل كل شر وكل لعنة. قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى بنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِيسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ .
لذلك لم يكن بدعا أن يعتبرها أبو حامد الغزالي رحمه الله قطب الدين الأعظم، وأن يعدها ابن القيم رحمه الله من أسمى مقامات العبودية.
حاجتنا اليوم:
هذا وإن الدعوة إلى الله تعالى في أمس الحاجة إلى نوعين من الاهتمام:
الأول: الاتجاه نحو عموم المسلمين لإحياء فريضة الدعوة في تدينهم، وجعلهم يحرصون على أدائها والانخراط في صفوفها كل من موقعه وحسب وسعه.
الثاني: الاتجاه نحو من يمكن تسميتهم بالعاملين المتخصصين في ميدان الدعوة. أعني بذلك الخطباء والوعاظ والعلماء. من أجل تكوين منهجي قاصد، يجعلهم في مستوى الرسالة التي يحملونها وفي مستوى التحديات التي يواجهونها.


__________________


أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف "

التعديل الأخير تم بواسطة سامي ; 07-06-2007 الساعة 04:49 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.49 كيلو بايت... تم توفير 0.67 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]