عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 23-05-2007, 04:45 PM
الصورة الرمزية ! ابــو أيهــم !
! ابــو أيهــم ! ! ابــو أيهــم ! غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: غربة الذكريات ..
الجنس :
المشاركات: 2,768
Icon1

الإشارة إلى العملات الاسمية التي كان الفقهاء يستعملونها كالدينار الجيشي والدراهم السوداء وهي تقابل اليوم حقوق السحب الخاصة.
خامساً - أدوات القياس: وهي الموازين والأوزان والمقاييس والمكاييل وغيرها. وقد اهتم فقه المعاملات بعدالتها ودقتها فضبط المثمنات من موزونات ومقيسات ومكيلات ، والأثمان من الدنانير والدراهم والفلوس ، والأسعار النقدية والسلعية ووضع أسساً عادلة لاستمرار التوازن بين العرض والطلب ، فضلاً عن الدور الذي يقوم به المناخ الاجتماعي الملائم الذي تربى عليه المسلم منذ نعومة أظافره.
سادساً - البائعون والمبتاعون (المشترون): وهم عماد السوق سواء كانوا تجارا أو مستهلكين. ولما كانت غاية المسلم هي عبادة الله U فإن للسوق أخلاقا على مريديه التخلق بها، كما كان رسول الله e فهو "لم يكن فاحشاً و لا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح"[7]، كما أنه e حث روّاد السوق على استغلال هذا العمل بنية ذكر الله تعالى وتعبده فقال e: "من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة"[ii][8].
ولقد أوجب الشرع الإسلامي على رواد السوق صفاتاً وآداباً وأخلاقاً عليهم التحلي بها وهي:
q الصدق: لقوله e "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء"[iii][9].
q الأمانة: وهي عكس الخيانة ، لقول الله عز وجلّ ) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون([المؤمنون :8] وقوله أيضاً إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها([النساء:58]. وقوله e في الحديث القدسي: "يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما"[iv][10]. ومن المعروف أن الثقة والأمانة المتبادلة بين معاشر التجار هي عماد التجارة وأساسها، فإن شاعت الخيانة أحجم التجار عن التداول فيما بينهم أو قلصوا العمل إلى أدنى الدرجات مما يؤثر على السيولة المالية في السوق ، وسوف يعم التعامل النقدي على غيره من الأنواع وستكثر النزاعات وغالبا ما تضيع الحقوق وتتخلخل الحياة الاقتصادية في المجتمع كله.
q الإفصاح: لقول رسول الله e "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدق البيعان وبيّنا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا فعسى أن يربحا ربحا ويمحقا بركة بيعهما"[v][11]. ومحق البركة قد يكون بضياع الربح أو رأس المال أو كليهما معاً أو قد يصاب صاحبهما بمرض أو داء يذهب بما لديه.
q النصح:لقول رسول الله e"الدين النصيحة"[vi][12]. وبالنصح تجاوز الإسلام ما وصلت إليه الأمم في أدبياتها المحاسبية، لأن النصيحة تعني تجاوز حد الإفصاح الذي يقصد به عدم إخفاء بيانات قد تؤدي بالطرف الآخر إلى اتخاذ قرارات خاطئة. فالمسلم مأمور بإبداء النصح، وفي هذا دعم للسلوك الفردي من خلال إبداء رأيه على شكل اقتراحات وهذه درجة أعلى في سلم الصدق والإفصاح.
q البرّ: قسّم رسول الله e التجار إلى صنفين إثنين إما فاجر وإما تقيّ برّ، فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبرّ وصدق"[vii][13]، والبرّ درجة إيمانية أعلى يوصف بها المحسن في عمله.
q الاعتدال في الربح: كان عليّ بن أبي طالب tيتجول في أسواق الكوفة ويقول: "معاشر التجار خذوا الحق تَسلموا ، ولا تردّوا قليل الربح فتحرموا كثيره". وهذه دعوة لزيادة معدلات دوران رأس المال بعدم المغالاة في رفع الأسعار خاصة إن كان المال المتجر به كثيراً . كما يقول ابن خلدون: "وهذا الربح بالنسبة إلى أصل المال يسير إلا أن المال إذا كان كثيراً عظم الربح لأن القليل في الكثير كثير"[viii][14]0
q المسامحة: وهي مفهوم يتسامى بالإنسان إلى درجة أخلاقية وروحية عالية. فالمسامحة نوع من أنواع الكرم مطلوب من البائع والشاري وقاضي الدين. ولقد خاطب رسول الله e البائع قائلاً: "زن وأرجح"[ix][15]. وأمر قاضي الدين بالإحسان في أدائه فقال: "خيركم أحسنكم قضاء"[x][16]. كل ذلك دون شرط مسبق حتى لا يتحول الإحسان إلى ربا. وقد يكون الإحسان على شكل مكافأة مالية أو كلمة شكر أو دعاء أو هدية. ولا يخفى على أحد ما لهذا التصرف من أثر اجتماعي حسن بعيد المدى ، فهو يشجع الناس على مساعدة بعضهم البعض ، إضافة إلى أثرها في تقليص الغش والغبن والاحتيال إلى الحد الأدنى. أما إعسار الطرف المدين عن السداد فقد حث الله Uالدائن على الانتظار بقوله: )وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون([البقرة:282] ويبين أن التصدق على المعسر بالدين المعدوم أو المشكوك فيه أفضل في الثواب وأوقع في النفس. وقد شمل هذا كله حديث رسول الله e "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى"[xi][17].أو المشكوك بهأ
[i]سابعاً - القائمون على السوق[xii][18]: وهم الذين فوضهم ولي الأمر بالإشراف على الأسواق لتأمين العمل بشكل منتظمٍ ، سواء سمي المحتسب كما ورد في الفقه الإسلامي أو وزارة التموين أو وزارة الاقتصاد أو المصرف المركزي أو البورصة أو صندوق الاستثمار أو اللجان المحاسبية الدولية أو غيرها. فحينما هاجر رسول الله eإلى المدينة المنورة فإن أول ما أمر به هو بناء المسجد ثم سأل عن السوق فدلّوه على سوق لليهود فأمر بإشادة سوق خاصة بالمسلمين. فكان المسجد والسوق أول ما بناه رسول الله e في أول دولة إسلامية وفي هذا دلالة واضحة على الاستقلالية الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين. ثم قال e "هذا سوقكم فلا يُنتقص و لا يُضربن عليه خَراج"[xiii][19] مما يدلّ على أن هناك شروطاً يجب توافرها في السوق أولها: عدم إكراه من فيه على شيء مما سنذكره فيما بعد ، وثانيهما: عدم فرض الضرائب عليه. لكن السوق بالرغم من كل ذلك يبقى مرتعاً خصباً لأصحاب النفوس الضعيفة التي لا تقيم وزناً لمفاهيم الخير ولا للقيم السامية فيغتنمون الفرص للقيام بالغش والتدليس والتلاعب. لذلك ضبط الإسلام أشكال البيوع ، وحدد معالم الضعف فيها ووصف لها العلاج المناسب ولفظ الخبيث منها وذلك للمحافظة على سوق سليمة معافاة لا تتأثر بالأزمات الضارة بالحياة الاقتصادية العامة. فأحدث وظيفة المحتسب لمراقبة السوق وأحواله ومنع الغش في البيوع ومحاولات التأثير على الأسعار كتلقي الركبان والنجش ومنع البيوع المحرمة كالربا والغرر. ويُذكر أن عمر بن الخطاب t شاهد في إحدى جولاته جابر بن عبد الله t وبيده درهم "فقال له: ما هذا ؟ فقال: أريد أن أشتري به لأهلي لحما قرموا إليه (أي اشتهوه). فقال عمر : أو كلما اشتهيتم اشتريتم ! ما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لابن عمه وجاره! أين تذهب عنكم هذه الآية ) أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها([الأحقاف:20]"[xiv][20]. ويلاحظ أن عمر t قصد مراقبة السوق وضبط الطلب بغية المحافظة على الأسعار ، وكأنه سعى إلى كبح جماح الغلاء وترشيد الإنفاق. وإنما ذكر الآية الكريمة للتحكم بسلوك الفرد المسلم لأنه ملتزم بشرعه مراعياً للجماعة. وفيه أيضا محاربة للجشع والاستهلاك الإسرافي كونه ربط الشراء بالشهوة. وهذا ما دعا إليه القرآن الكريم حيث نهى عن الإسراف والتقتير ودعا للقوام بينهما بقول الله عز وجل) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما([الفرقان:67].
إذن من أهم مهام محتسب السوق:
◄ تأمين الرضا والحرية لرواد السوق ، لقوله e "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما"[xv][21].
◄ مراقبة الإفصاح والبيان في البيع ، لقوله e فإن صدقا وبيّنا.
◄ التدخل في حال الترويج بالدعاية الكاذبة أي بصفات ليست موجودة أصلاً في السلعة ، لقوله e "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، قال أبو ذر t خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"[xvi][22].
◄ مراقبة الميازين والمكاييل ومنع التلاعب بها لقول الله تعالى )فأوفوا الكيل و لا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها([ الأعراف :85]. وقوله أيضاًوالسماء رفعها ووضع الميزان ، ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان([الرحمن: 7].
◄ تنظيم أعمال الوساطة والسمسرة في السوق وذلك بمنع تلقي الركبان وعدم الكذب وإظهار العيب ونهي بيع الحاضر لباد حتى تتبين جميع الظروف المتحكمة بالعرض والطلب.
◄ تهيئة كل ما يضمن حرية الانتقال والدخول والخروج من السوق وإليها. لذلك قال ابن تيمية في تعريفه: "ورفع الضرر عن الطريق بدفع الحرج عن السابلة من الغادين والرائحين" حفاظا على حرية رواد السوق لتأمين الرضا لهم في اتخاذ القرار الأنسب وحفظ حقوقهم.
◄ منع الاحتكار والبيوع المنهي عنها ، ومعالجة مشكلة التسعير. وهو ما سنتعرض له في المباحث القادمة بشيء من التفصيل.



المبحث الثاني


الاحتكار

الاحتكار هو "إشتراء الطعام ونحوه وحبسه إلى الغلاء"[xvii][23]، أو "رصد الأسواق انتظارا لارتفاع الأثمان"[xviii][24]، أو "إشتراء القوت وقت الغلاء وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق"[xix][25]، أو "كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار"[xx][26]. وقد نهى رسول الله e عن الاحتكار بقوله: "لا يحتكر إلا خاطئ"[xxi][27]. وشدد على عدم التضييق على الناس بأقواتهم فقال "من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه"[xxii][28]. وحث على الجلب وهو عكس الاحتكار فقال: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون"[xxiii][29]. و للغزالي نظرة شاملة في تفسير الإتجار بالأقوات الضرورية بقصد احتكارها ، وبين أن الإنسان أهم من المال. فذكر في كتابه إحياء علوم الدين أن "التجارة في الأقوات مما لا يُستحب لأنه طلب ربح، والأقوات أصول خلقت قواما، والربح من المزايا، فينبغي أن يطلب الربح فيما خلق من جملة المزايا التي لا ضرورة للخلق إليها"[xxiv][30].
والاحتكار سواءً كان على مستوى الفرد أو الجماعة أو المنظمات فهو منهي عنه (كسلوك بعض النقابات أو الاتحادات المهنية كالكارتل[xxv][31] والتروست[xxvi][32]) مما يتوجب على القائم بأعمال السوق منعه. وهذا ما بيّنه ابن تيمية بقوله: فمنع البائعين الذين تواطؤوا على أن لا يبيعوا إلا بثمن قدروه أولاً ، وكذلك منع المشترين إذا تواطؤوا على أن يشتركوا فيما يشتريه أحدهم حتى يهضموا سلع الناس أولاً[xxvii][33]. وذكر أيضا الاحتكار الصناعي والزراعي والإنشائي فقال:"ومن ذلك أن يحتاج الناس إلى صناعة ناس مثل حاجة الناس إلى الفلاحة والنساجة والبناية". ووصف هذا السلوك بالعدوان وهو أعظم من التعدي على سوق بعينه كتلقي الركبان أو بيع النجش.
ويترتب على القائم بأعمال السوق التصدي لمثل هذه التكتلات، كما يترتب عليه إجبار الناس على القيام بمثل هذه الأعمال لكفاية الناس من الحاجة لغيرهم. وهذا يعتبر من ضوابط إدارة السوق والمنظمات التسويقية. فقد روي أن عمر بن الخطاب t دخل السوق ذات مرة ولم ير فيه إلاّ النبط (الأجانب)، فلما اجتمع الناس أخبرهم بذلك وعذلهم (لامهم) في ترك السوق. فقالوا: إن الله أغنانا عن السوق بما فتح علينا. فقال t: والله لئن فعلتم (أي تركتم السوق) ليحتاج رجالكم إلى رجالهم ونساؤكم إلى نسائهم. وهذا دلالة على مدى تدخل القائم على السوق فهو يحلل ويتوقع فينصح ويرشد خشية الوقوع في المفاجآت. ولقد أدرك عمر t مدى أهمية استقلالية الأسواق فقال مقالتهتي

يتبـــــــــــــــــــــــــع
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.41 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.05%)]