عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23-05-2007, 02:34 PM
الصورة الرمزية أمة الحق
أمة الحق أمة الحق غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
مكان الإقامة: فلسطين الصامدة وافتخر
الجنس :
المشاركات: 980
الدولة : Palestine
افتراضي الفصل الثالث ( فما نحن اذن ما الأنسان) قسمته لقسمين اليكم الجزء الاول

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فما نحن اذن؟ ما الانسان؟


الانسان مخلوق متميز، فيه شيء من الملائكة وشيء من الشياطين، وشيء من البهائم والوحوش، فاذا استغرق في العبادة، وصفا قلبه إلى الله عند المناجاة، وذاق حلاوة الايمان في لحظات التجلي، غلبت عليه في هذه الحال الصفة الملكية، فأشبه الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
فاذا جحد خالقه، وأنكر ربه، فكفر به، أو أشرك معه في عبادته غيره، غلبت عليه في هذه الحال الصفة الشيطانية.
واذا عصف به الغضب، فأوتر أعصابه، وألهب دمه، وشد عضلاته، فلم يعد له امنية الا ان يتمكن من خصمه فيعضه بأسنانه، وينشب فيه أظافره، ويطبق على عنقه بأصابعه، فيخنقه خنقاً ثم يدعسه دعسا، غلبت عليه في هذه الحال الصفة الوحشية، فلم يبق بينه وبين النمر والفهد كبير فرق، واذا عضه الجوع، وبرّح به العطش، وانحصرت آماله، في رغيف يملأ معدته، وكأس تبل صداه أو تملكته الشهوة، وسيطرت على نفسه (الرغبة الجنسية) فغلا بها دمه، واشتعلت بها عروقه، وامتلأ ذهنه بخيالات الشبق وأمانيه، غلبت عليه في هذه الحال الصفة البهيمية، فكان كالفحل أوالحصان، أو ما شئت من أصناف الحيوان.
هذه حقيقة الانسان، فيه الاستعداد للخير، والاستعداد للشر، أعطاه الله الأمرين، ومنحه العقل الذي يميز به بينهما، والارادة التي يستطيع بها أن يحقق احدهما، فان أحسن استعمال عقله في التمييز، وأحسن استعمال ارادته في التنفيذ، ونمّى استعداده للخير، حتى تخلق به وأنجزه، كان في الآخرة من السعداء. وان كانت الاخرى، كان من المعذبين.
صحيح أن النفس مطبوعة على الحرية، والدين قيد، ولكن لا بدّ من هذا القيد، ولو تركناها تأتي الفواحش كما تشاء انطلاقا من طبع الحرية فيها، لصار المجتمع (مارستانا) كبيراً، لأن الحرية المطلقة للمجانين. المجنون يفعل كل ما يخطر على باله، يمشي في الطريق عارياً، ويركب على كتفي سائق السيارة العامة، ويستحسن ثوبك فيأخذه من فوق كتفيك، وتعجبه بنتك فيطلبها منك بحق الغرام، لا بشرعة الاسلام.
المجنون هو الحر الحرية المطلقة، وأما العاقل، فان عقله يقيد حريته. وما العقل؟ انه قيد، ان لفظه مشتق من الاصل الذي اشتق منه (العقال) أي الحبل، الذي يقيد به الجمل. والحكمة، قريب معنا، من (حَكَمة الدابة) وهي كذلك قيد، والحضارة قيد، لأنها لا تدعك تفعل ما تريد، بل توجب عليك مراعاة حقوق الناس وأعراف المجتمع. والعدالة قيد، لأنها تضع نهاية لحريتك، حيث تبدأ حرية جارك.
ثم ان المعاصي لذيذة، لأنها توافق طبيعة النفس، انك تجد لذة في سماع الغيبة والمشاركة فيها، لأنها تشعرك بأنك خير من هذا الذي يذكرونه بالسوء وأفضل. والسرقة لذيذة لأن فيها امتلاك المال بلا كد ولا نصب، والزنا لذيذ لأن فيه إعطاء النفس هواها، وانالتها مشتهاها، والغش في الامتحان لذيذ، لأنه يوصل إلى النجاح بلا جهد، والهرب من الواجب – مهما كان – لذيذاً على النفس، لأن فيه الراحة والكسل.
ولكن الانسان حين يفكر ويستعمل عقله، يجد أن هذه الحرية المؤقتة لا تساوي ما بعدها من سجن في جهنم طويل، وهذه اللذة المحرمة، لا تعدل ما بعدها من العذاب.

تبع بالقسم الثاني من هذا الفصل


__________________
--أختكم وسام الفلسطينية مرت من هنا--
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.15 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.98%)]