أقوى حوار بين مجاهد وشيخ من مشائخ آخر الزمان
بسم الله الرحمن الرحيم
دخل شاب يعلو وجهه الحياء , عليه أثار الطاعة , أحد المساجد الكبيرة فوجد حلقة علم كبيرة , يتوسطها شيخ قارب الخمسين من عمره أو تجاوزها بقليل , وهو يشرح في أحد الكتب , وحوله الطلاب يكتبون عنه ما يقول , فوقف على الحلقة فأشار عليه الشيخ بأن يجلس ..
فقال الشاب : لم آتي لأجلس ..
فقال الشيخ : ماذا تريد ..
قال الشاب : أريد أن أسألك سؤالاً ..
فقطع الشيخ درسه , وقال : تفضل أسئل ..
فقال الشاب : ما الحل ؟ ..
فقال الشيخ : أي حل ؟ ..
قال الشاب : حل ما نحن فيه من الذل والهوان الذي نعيشه , والمآسي والجراح التي في كل بقاع الإسلام , وجموع الصليبيين نزلت في بلاد المسلمين , وبدأت الحرب الصليبية الجديدة ..
فتفاجأ الشيخ بهذا السؤال , فسكت برهة ثم قال : اعلم أن الله أرسل محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين , وأعطاه نوراً يهدي به من يشاء , وقد أمره أن يبلغ دينه بالحكمة والموعظة الحسنة , وأن يدفع بالتي هي أحسن , لكي يكسب قلوب أعداءه فيدخلون في هذا الدين و فعلينا أن نسير على طريقه في الدعوة وإيجاد طرق كثيرة لإيصال الدين لغير المسلمين ..
فقال الشاب : فأين الجهاد ؟ ..
قال الشيخ : الجهاد فريضة وشعيرة من شعائر الدين عظيمة ومن أنكرها فهو كافر ..
قال الشاب : إذاً لماذا لا نجاهد في سبيل الله وندفع العدو عن بلاد المسلمين ..
قال الشيخ : لكن الجهاد له شروط , إذا تحققت بدئنا الجهاد , وأيضاً لابد من التكافؤ بيننا وبين أعدائنا ..
قال الشاب : لا أعرف أحدا من أهل العلم قال أنه يجب أن يكون للجهاد شروط إذا كان الجهاد دفعا للعدو الصانل المفسد للدين والدنيا , بل قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : " أما العدو الصانل الذي يفسد الدين والدنيا ليس أوجب بعد الأيمان من دفعه " , وحالنا الآن هي جهاد دفع ومن وضع الشروط فعليه أن يثبت بالدليل أن جهاد اليوم ليس جهاد دفع , والشروط التي وضعت الآن هي في جهاد الطلب فقط , ثم من قال أنه يجب أن يكون بيننا وبين الكفار تكافؤ في العدد والعدة هذا القرآن بين أيدينا , قال تعالى : (( وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين ، وإن يكن منكم ألفاً يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين )) , وقال تعالى : (( قد كان لكم في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رئي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار )) , وقال تعالى : (( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) , وهذه سرايا النبي صلى الله عليه وسلم , وغزواته لم يتحقق فيها التكافؤ الذي ذكرت , فهذه بدر وأحد والخندق ومؤتة , وغيرها شاهدة أنه لا يجب التكافؤ , بل إن الكثرة كانت أحد أسباب الهزيمة في غزوة حنين , قال تعالى : (( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا )) فنحن نقاتل العدو بالإيمان الذي في صدورنا , وثقتنا بنصر الله لجنده , قال تعالى : (( إن تنصروا الله ينصركم )) , وقال تعالى : (( وإن جندنا لهم الغالبون )) فمن أين أتت مقولة أنه لابد من التكافؤ ..
قال الشيخ : لكن نحن لا يوجد عندنا أسلحة متطورة , ولا يوجد لدينا أماكن للتدريب ..
قال الشاب : وهل من الضروري للجهاد أن يكون لدينا أسلحة متطورة , والله يقول : (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) فالله لم يكلفنا مالا نطيق , بل أمرنا أن نعد للجهاد ما نستطيع , ولو كنا لا نستطيع أن نتدرب إلا على رمي الحجارة لعذرنا الله في ذلك , فالله كفيل بأن ينصرنا إذا قمنا بما أمرنا به على أكمل وجه , والله نصر موسى عليه السلام بعصا , ونصر النبي صلى الله عليه وسلم في بدر بحفنة تراب , ونصره في الخندق بالريح , المهم أن يكون عندنا صدق وإعداد بما نستطيع , ثم إذا قمنا بما نستطيع ولم نفرط في شي فالنتيجة بيد الله إن شاء نصرنا وإن شاء غير ذلك , ثم ولله الحمد كل شيء متوفر لك للإعداد من الأسلحة وغيرها , وأماكن التدريب موجودة فالصحاري والجبال كثيرة , ولا يشترط أن يكون التدريب جماعي , بل كل يقوم بما أمره الله حسب استطاعته ..
قال الشيخ : طيب .. إذا تدربت واقتنيت السلاح كما تقول فستتعرض للاعتقال والسجن , ومنع الدروس وتتعطل الدعوة وتضيع جهود سنوات ..
قال الشاب : من يعتقلك ويسجنك ويمنع الدروس ؟ ..
فسكت الشيخ قليلاً ثم قال : الحكومة ..
فقال الشاب : أي حكومة : هل هي الحكومة الأمريكية ؟ ..
قال الشيخ : لا بل هي حكومة بلدنا الذي نحن فيه ..
قال الشاب : لماذا ؟ ..
قال الشيخ : لأنها لا تريد أحدا يتدرب على هذه الأمور ..
قال الشاب : وهل لها طاعة في هذا الأمر ..
قال الشيخ : طاعة ولى الأمر واجبة ..
قال الشاب : في غير معصية الله ..
قال الشيخ : نعم في غير معصية الله ..
قال الشاب : إذا أمرك الله بأمر , وأمرتك الحكومة بأمر فمن تطيع ؟ ..
قال الشيخ : أطيع الله ..
قال الشاب : إذاً لماذا لا تطيع الله في مسألة الإعداد وقد أمرك الله به , ونهتك الحكومة عنه ، والحكومة معطلة للجهاد فهي جمعت بين المنع والتعطيل ..
فسكت الشيخ ، ثم قال : لكن المصلحة تقتضي عدم إثارة الحكومة على الشباب المتدين ..
قال الشاب : لماذا تثور أصلاً ، إذا هم قاموا بما أمر الله به ، أم أنها تنفذ مخططات الصليبيين في منع الجهاد وتعطيله ..
قال الشيخ : ليس لهذا الكلام داعي ..
قال الشاب : هذا الأمر ليس سراً نخشى من إذاعته ، وهو معلن للجميع ، فهذه الصحف والمجلات والقنوات الرسمية وغير الرسمية تجاهر به بل تفتخر به أيضا ، فلماذا نخاف من إعلانه ..
قال الشيخ : نحن نحتاج أن نسير بخط متوازي مع الأحداث , والابتعاد عن أسلوب المواجهة , والحفاظ على مكتسبات الدعوة التي بنيت منذ سنين طويلة , فلو أثيرت هذه الأمور فستتعطل حلقات حفيظ القرآن , ودروس العلم في المساجد , وتغلق التسجيلات الإسلامية , ويمنع الدعاة من إلقاء الخطب , وبهذا نمنع الخير من أمر لا نعلم ما هي عاقبته ..
قال الشاب : أسمح لي أن أبين لك كل نقطة على حدة ..
أما قولك : أن نسير مع الأحداث في خط متوازي , فهذا لا يمكن بحال لأنه مخالف لدين الله , ومخالف لسنن الله في الأرض من المواجهة بين الحق والباطل , قال الله تعالى : (( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا )) , وفي الحديث الصحيح حينما قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم : " ما جاء رجل بمثل ما جئت به إلا عودي " , فلا يمكن أن يسير أولياء الله الداعين إلى الخير والهدى مع أهل الردة والفجور والفسق والزندقة بحال , إلا أن يبيع أهل الخير دينهم لهؤلاء , ويميعوا قضية الولاء والبراء ويرون التعايش مع أمم الكفر النصراني , وهذا هو الذي يجعل الدعوة تسير بخط متوازي مع الأحداث , حيث لا ولاء ولا براء ولا جهاد ولا نبذ للمعبودات من دون الله ولا مفاصلة مع الطواغيت , وهذا لا أعتقد يقوله مسلم إلا من أعمى الله بصيرته ..
أما قولك : الابتعاد عن المواجهة , إذاً ما هي فائدة القرآن إذا لم يكن هناك صدع بالحق وتسفيهاً لأحلام الطواغيت , وعيب آلهتهم , وبيان ما هم فيه من ضلال والله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : (( واصدع بما تؤمر )) ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصدع بالتوحيد وأن يأمر قومه بنبذ عبادة الأصنام وعبادة الله وحده , ولماذا أُُُخُرج النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين من ديارهم إلا بسبب المواجهة والصدع بالتوحيد , فلم يرضى منهم الكفار ذلك ولن يرضى الطواغيت إلا بالطرد والسجن والقتل لكل من عاب آلهتهم وسفه أحلامهم , ولست أقصد هنا المواجهة المسلحة فهذه لها شروطها , ولكن بيان العقيدة الصحيحة في الأحداث وعدم الخوف ودس الرؤوس في التراب وتحمل الأذى في سبيل الله والصدع بالحق , لأن السكوت رضا بالباطل وتلبيس على الأمة في دينها , والعلماء هم أولى من يصدع بالحق لأنهم هم ورثة النبوة ..
أما قولك : والمحافظة على مكتسبات الدعوة , والله أني لأعجب كأن أهل العلم لم يقرؤوا القرآن , ولم يعلموا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي وكيف كان يصدع بالتوحيد ، وبيان بطلان عبادة الأصنام , وغالب ما نزل في العهد المكي من القرآن الكريم كان حول العقيدة والصبر على الدعوة وتحمل الأذى في سبيل الله , وبيان سير الأنبياء في الصدع بالحق , وقد تكررت قصة موسى عليه السلام مع فرعون لبيان منهج الطغاة في التعامل مع الدعاة والمصلحين , فكيف نترك طريقه الأنبياء ونحكم عقولنا , ثم ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم منكم في كيفية مواجهه الأحداث التي مرت عليه , وهو يقدر على أن يجعل له تحت ظلال الكعبة حلقه علم , ويغض الطرف عن الأصنام حول الكعبة , ويدعو صناديد قريش الصادين عن ذكر الله والقامعين للصالحين والمؤذين للمؤمنين بالحكمة وتغليب جانب المصلحة والمحافظة على مكتسبات الدعوة ولم يضطر إلى المواجهة حتى ضرب وجهه ووضع سلا الجزور على ظهره وخنق بردائه حتى كادت تزهق نفسه , وعذب أصحابه بصنوف العذاب والأذى وعندما وقفت قوافل الداخلين في الإسلام أمر من ربه بالهجرة والمفاصلة وعند استقراره في المدينة سل السيف على قومه وأرغم أنوفهم ..
وهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هل قالوا نبقى في المدينة ونحافظ على مكتسبات الدعوة وقد جاهدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم , بل إنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم دخلوا أعظم دولتين في ذلك الوقت , ووصلوا إلى حدود الصين وأطراف فرنسا فأين نحن منهم إذا كنا ندعي أنا أتباع السلف الصالح , أم أنا نتبعهم في كل شيء إلا في هذا الأمر , والله تعالى يقول : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر )) فالذين يرجون الله واليوم الآخر وما فيه من نعيم للمتقين هم الذين يضحون بكل شي في سبيل الله والجهاد في سبيله ويتحملون صنوف الأذى لتبليغ دين الله وإخراج العباد من عبادة غير الله لعبادة الله وحده , وأعظم مكسب للدعوة إنقاذ الناس من عذاب الله وفي الحديث : " يأتي النبي ومعه الرجلان ويأتي النبي وليس معه أحد " أليس إنقاذ هذين الرجلين من النار مكسب مع أن الداعي نبي وليس شخص عادي أي أنه مؤيد بالوحي ولم يسلم غيرهما من أمة ذلك النبي المذكور في الحديث ..
ثم إن مكتسبات الدعوة ليست بأهم من الصدع بالتوحيد فأي فائدة في شريط أو كتيب أو مجلة لا تذكر توحيد الله خالصا وان دعت إليه فمن طرف خفي , وتنظيراً لا تطبيقاً, ثم إني سائلك بالله هل مكتسبات الدعوة إلي تتحدث عنها في ازدياد أم في تناقص والواقع يشهد كل يوم انتكاسه جديدة لمكتسبات الدعوة , وقلت : نمنع الخير لأمر لا ندري ما عاقبته , أقول إن الله لما أمر بالجهاد والإعداد ومواجهة طواغيت الأرض ، يعلم النتيجة مسبقاً وما ستئول إليه الأحداث , ونحن وعدنا بالنصر إذا قمنا بأمر الله , أما النتيجة فبيد الله ينصر من يشاء ويذل من يشاء , والله يعلم أن في الجهاد ومواجهة الطواغيت , القتل والدمار والأسر والسجن والتعذيب , والأمر بيده وحده , ونحن لسنا مطالبون بالنتيجة بل مأمورون بالقيام بما نستطيع , والله يقول لنبيه : (( وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب )) , وهؤلاء أصحاب الأخدود احرقوا جميعاً بالنار لما أمنوا وجعل الله ذلك العذاب فوزاً كبيراً , فنحن علينا القيام بالأمر والله المتصرف بملكه ثم نحن موعودون بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة ..
قال الشيخ : يبدو أنك متحمس ولا تدرك الأمور جيداً ..
قال الشاب : إذا كان حماسي منضبط بالضوابط الشرعية فهو محمود , وماذا تقول في حماس عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب , حينما قالا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في دار الأرقم بن أبي الأرقم أخرج بنا نطوف بالبيت , فخرجوا في صفين والنبي صلى الله عليه وسلم بينهما , فأما إدراك الأمور فكل سيدّعي أنه مدرك للأمور كما تدعي ولكن الضابط في ذلك ما وافق الأدلة الشرعية وكان اتقى لله وأنفع للخلق ..
قال الشيخ : أنت تطالبنا أن نخرج للجهاد , فمن يربي الناس ويعلمهم دينهم إذا خرجنا وتركنا الساحة للمنافقين والعلمانيين ؟ ..
قال الشاب : لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من غزواته ولم يقل كما قلت لمن نترك تربية الناس علما أن المدينة في وقته كانت مليئة بالمنافقين والمتآمرين على الدين الجديد , وكان فيها أيضا اليهود وهم يحيكون المؤامرات ضد الإسلام فهل أنتم أحرص على الدين من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام وهم أتقى لله ممن جاء بعدهم فكيف تقولون بقول لم يقله خير القرون , ثم أن الله حافظ دينه , والجهاد متعين في هذا الوقت ولا يعقل أن تجلس تدرس والأمة تباد وتقتل وتنتهك أعراض الحرائر من المسلمات , والإسلام جاء لحفظ الضرورات الخمس , والبلد هنا مليء بالعلماء وطلبة العلم وديار المسلمين تنتشر فيها البدع والخرافات والشركيات خصوصا ما كان تحت الاستعمار الشيوعي ولا يوجد بها إلا القلة من العلماء ..
فلماذا لا تخرج وتعلم الناس هناك وتجاهد بنفسك وعلمك فيكون لك الأجر مضاعف أم أن التعليم لا يكون إلا في بلدك والصحابة تفرقوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في أطراف الدنيا يعلمون الناس أمور دينهم , أم أنهم قدوة لنا إلا في هذه والجهاد ومعلوم أنه من المتعذر قدوم أولئك المسلمين لطلب العلم في بلاد الحرمين لأسباب لا تخفى عليك , وأهل تلك البلاد متعطشون للعلم ومعرفة أمور دينهم وهذا مشاهد من واقعهم , فالنفع هناك أعظم وفي هذه الحالة التعين على العلماء أوجب من غيرهم ..
قال الشيخ : ولكني لا أستطيع أن أذهب لأني مرتبط بدروس ومحاضرات في الجامعة ولي نشاط في مكتب الدعوة وأفتي الناس عن طريق الهاتف يوميا , وأنا مشرف على أحد المواقع الإسلامية في الإنترنت , فبذهابي للجهاد ستتعطل هذه الأعمال ويحرم الناس الخير وغيري يقوم بالجهاد مع علمي بفضل الجهاد ومنزلته في الإسلام ..
قال الشاب : لم أجد في ما ذكرت من الأعذار أنها وردت في القرآن الكريم من الأعذار الشرعية المقعدة عن الجهاد ، والأمر بسيط جدا فبإمكانك إذا ذهبت للجهاد أن تقيم دروس ومحاضرات ، وتبدأ الدعوة في بلاد المسلمين المنكوبة ، وهناك الحرية أعظم من بلدك التي تعد عليك الأنفاس , ثم هذه حجج من لا يريد الذهاب للجهاد فهل أنت أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان المعلم ، والمربي , وإمام الصلاة وخطيب المسجد ، والمصلح بين المتخاصمين , وعاقد الأنكحة , والداعية , والقاضي , وقائد الجيش , والمكاتب للملوك , والراد على حجج اليهود , وإذا نادى داعي الجهاد يكون في المقدمة , وهل أنت أفضل من أبي بكر وعمر والصحابة الكرام , فإنهم إذا سمعوا داعي الجهاد نفروا ولم يلتفتوا إلى الوراء وتضحياتهم معروفة , أم أن سيرتهم فقط للقراءة والمتعة وتقطيع الأوقات وتسلية شباب الصحوة المخدر بالحكمة والمصلحة , وهل العلماء المتعذرين بهذه الأعذار يرغبون بأنفسهم عن طريق لم يرغب به النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم بأنفسهم , بل بذلوا النفس والنفيس في هذا الطريق ..
قال الشيخ - وقد بدأ الغضب عليه وبدأ العرق يتصبب من جبينه وهو يرى أنه أحرج أمام طلابه- : أنت مجادل ..
قال الشاب : حق أم باطل ؟ ..
قال الشيخ : أشتم من كلامك أنك تنتقص العلماء وتعيب عليهم القعود ..
قال الشاب بلهجة الواثق بالله : معاذ الله أن أنتقص العلماء الصادقين المجاهدين المضحين لدينهم ..
أما قولك أني أنتقص العلماء فليس لأحد قدسية ولا عصمة ماعدا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما غيره فمن أصاب فله منا الاحترام والتقدير , ومن أخطأ منهم فينظر إن كان عن اجتهاد منه ولم يخالف نصا شرعيا فهو معذور مأجور , أما من أخطأ منهم وحرف النصوص الشرعية لخدمة أغراضه والتلبيس على المسلمين , وترسيخ حكم الطغاة والمتجبرين في الأرض , وأصر بعد المناصحة وإقامة الحجة فلا نعمت عينيه ولا كرامة , فهو مثل علماء اليهود الذين يكتمون الحق وهم يعلمون ..
أما قولك أني أعيب على العلماء القعود عن الجهاد , فأين أنت من قول الله عز وجل للصحابة الكرام وهم خير القرون : (( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل , إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير )) فأي الفريقين أحق بالعذاب هل هم الذين خرجوا من ديارهم وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله وبذلوا كل شيء لنصرة هذا الدين من الصحابة الكرام , أم العلماء الذين تركوا الجهاد وقعدوا مع الخوالف ورضوا بالحياة الدنيا الفانية , وهم يرون العدو الصليبي يلتهم بلاد المسلمين بلدا تلو بلد وهم لا يحركون ساكنا حتى النصرة باللسان لم يقوموا بها كأن الأمر لا يعنيهم إذا سلمت لهم دنياهم ..
التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 10-05-2011 الساعة 10:31 PM.
|