الموضوع: أدب المعصية
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-03-2007, 03:42 PM
الصورة الرمزية ريحانة دار الشفاء
ريحانة دار الشفاء ريحانة دار الشفاء غير متصل
مراقبة قسم المرأة والأسرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 17,017
الدولة : Egypt
افتراضي

بسم الله نكمل على بركه الله

ثانياً : الذنب المعتاد .
وهو فقه أخصّ من سابقه .
إذ أنه قد يُتوهم أن مشاهد العبودية المترتبة على الوقوع في المعصية والذنب إنما تكون حين يقع الذنب مرة واحدة !
فجاء هذا الفقه النبوي ليبين أن هذه العبودية تتجدد وتكون كلّما وقع الذنب .
ثبت في الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم :
- " إن عبداً أصاب ذنباً ـ وربما قال : أذنب ذنباً ـ فقال : رب أذنبت ذنباً ـ وربما قال " أصبت ـ فاغفر ، فقال ربه : أعَلِِم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ؛ ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً ـ أو أذنب ذنباً ـ فقال : رب أذنبت ـ أو أصبت آخر ـ فاغفره ، فقال : أعَلِم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ! ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً ـ وربما قال : أصاب ذنباً ـ فقال : رب أصبت ـ أو قال : أذنبت ـ آخر فاغفره لي فقال : أعَلِم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ! ثلاثاً فليعمل ما شاء " رواه البخاري ومسلم .

- " ما من مؤمن إلا و له ذنب، يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه، حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتنا، توابا، نسيا، إذا ذكر ذكر" صحيح الجامع 5735

فتأمل قوله : " فليعمل ماشاء " طالما أنه يستشعر عظم ذنبه وعظمة ربه فيتوب إليه ويؤوب فإن ذلك لا محالة مطهر له من ذنبه حاجز له عن أن يصرّ عليه .
وطالما أن ذلك يحقق له هذه الأنواع من العبودية لله فإن ذلك حقاً هو الحالة السلوكية الواقعية - المثالية - للبشر في الأرض .
" يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم "

ثالثاً : العفو عن حديث النفس والخواطر .
فإنه لما كانت النفس مفطورة على الخطأ ركّب الله فيه خواطر تعتور فكره وهي إما خواطر رحمانية أو شيطانية أو نفسانية .
ولمّأ كان العبد غير قادر على أن يحجم خواطره من أن تخطر على باله وفكره فقد عفى الله تعالى عن ذلك .
جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به نفسها مالم تكلم به أو تعمل به "
بل أعظم من ذلك فإن الانتهاء عن داع النفس والخاطرالسيء يورث أجراً من الله الكريم المنان . فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من همّ بالسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة " .

رابعاً : الذنوب سبب الهلاك والإهلاك .
وذلك حين لا تتحقق الواقعية - المثالية - من هذا القضاء والقدر ..
حين لا يتحقق " الاستغفار " والعبودية لله ..
حين تحدث المعصية إرتكاساً وعمىً ..
حين لا يورّث الذنب ذلاً وخضوعاً . .
حينها يستحقون الهلاك ويقع الإهلاك . .

إن الله جل وتعالى إنّما قدر هذه الذنوب والمعاصي لتحدث أثراً إيجابياً في واقع الحياة والسلوك من معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وتحقيق العبودية له .
أمّأ حين تكون طغياناً وجبروتاً واستهزاءً واستعجالاً للعذاب . .
تكون هي رجسة الشيطان ، وذلك لا يكون إلا ممن تسلّط عليه إبليس فملك منه لبّه وعقله وفؤاده - أجارنا الله وإياكم من ذلك - .

تلك أربع قواعد في فقه الذنب والمعصية . فكن منها على بصيرة وعلم .

يتبع


__________________

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.16%)]