السلام عليكم
علمني المنتدي ان اكون حراً في التعبير وان لا اسكت عن الحق فساكت عن الحق شطان اخرس
التضييق على المسلمين في ألمانيا بدعوى مكافحة الإرهاب وفرص مستقبل أفضل
على الصعيد الإعلامي وعلى صعيد تشريعات القوانين ازداد التضييق على المسلمين في ألمانيا منذ التفجيرات في نيويورك وواشنطون يوم 11/9/ 2001م ولكن تبقى فرص مستقبل أفضل قائمة عبر التعايش شعبيا والتعاون إسلامياً.
الخوف.. والانزعاج.. وانعدام الثقة .. تلك هي ردود الفعل التي انتشرت بين المسلمين في الأيام التالية للتفجيرات في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتلك هي الكلمات التي كانت تتحدث بها إحدى الطالبات المتحجبات عن تجربتها الشخصية بتوازن وهدوء أمام الطلبة والطالبات الألمان غير المسلمين في لقاء نظمه عدد من الطلبة المسلمين من جنسيات وكليات مختلفة في جامعة بون في ألمانيا ، ودعوا فيه إلى الحوار حول أوضاع المسلمين في المجتمع الألماني.
قبل هذا اللقاء بيوم واحد كانت رابطة الطلاب المسلمين في جامعة " كولونيا القريبة من مدينة "بون" قد نظمت محاضرة مشابهة لمناقشة آثار ما حدث يوم 11/9/2001م، على حياة المسلمين في ألمانيا . وتأتي هذه المحاضرات كحلقة في سلسلة من النشاطات المختلفة يقوم بها حالياً بعض المسلمين الناشطين في ميادين الحوار مع فئات مختلفة من المجتمع الألماني ، للتواصل ومخاطبة الناس وتوعيتهم بحقيقة الدين الإسلامي وواقع المسلمين وقضاياهم . فإلى جانب ما انتشر من مخاوف ، ومن مشاعر عدم الارتياح إزاء المسلمين منذ تلك الضربات على المدن الأمريكية ، يلاحظ ظهور رغبة كبيرة داخل المجتمعات الغربية لمعرفة المزيد عن الإسلام والمسلمين.
الرأي العام ودور " التشويه " الإعلامي
تحاول وسائل الإعلام تغطية رغبة الجمهور في معرفة المزيد عن المسلمين بتقديم عدد كبير من المقالات حول الإسلام والعالم الإسلامي ، لكن يبقى معظم هذه المقالات سطحيا وبمضمون يشوّه صورة الإسلام والمسلمين غالباً ، ويشكل مصدر إضرار بهم ، دون أن يساهم في نشر مفاهيم وتصورات أفضل عنهم . ومن جهة أخرى يلاحظ أنه رغم الاستعانة " بخبراء غير مسلمين " للكلام عن قضايا المسلمين ولتفسير ما يحدث في العالم الإسلامي أو التعليق عليه ن فقد ازداد الاهتمام بتقديم وجهة نظر المسلمين أيضاً والاستعانة بالمسلمين المقيمين في ألمانيا لإبراز قضاياهم ومواقفهم . وتسعى وسائل الإعلام للتمييز بين من يطلق عليهم وصف " مسلمين معتدلين" من جهة ، ووصف " مسلمين أصوليين" من جهة أخرى ، ومعظم هؤلاء يتعاطفون مع " أسامة بن لادن" ،وهذا ما ينعكس في الموقف الحالي لدى المسؤولين السياسيين في ألمانيا.
من ناحية أخرى يتمسك الإعلام الألماني بحبل واحد فيما يتعلق بتقديم الأخبار حول " الحرب ضد الإرهاب والضربات التي تشنها الولايات المتحدة على أفغانستان ، فهو يتبنى دون تمحيص أو نقد تقديم العرض والتفسير الرسمي الأمريكي لمجرى الأحداث ، بما في ذلك استخدام مصطلحات وتعابير خطيرة دون تمييز ، مثل "الحرب ضد الإرهاب " وتقديم مفاهيم مشوهة متضمنة لمعاني عدوانية ، مثل وصف المسلمين " بجنود الرب" ، أو الحديث عن ضرروة الدفاع عن الحضارة الغربية " أو تعبير "النائمين " بمعنى الأفراد الذين لا يلفتون الأنظار إليهم ولكن سبق إعدادهم للقيام فجأة بعمل إرهابي ، وهكذا فيؤدي استخدام هذه التعابير بصورة مستمرة ، مع ضعف عرض حقيقة الأحداث الجارية ، وتبني وجهة نظر إعلامية ضمن نسق واتجاه معين .. يؤدّي ذلك كله إلى ترسيخ مشاعر الخوف والخطر وعدم الشعور بالأمن حيال المسلمين ، وهذا ما يؤدي بالضرورة أيضاً إلى نشر نوع من الكراهية والارتباك في العلاقات معهم داخل المجتمع.
خبراء الأمن :" الإرهاب الإسلامي يهدد ألمانيا"
ويفاقم الخطر ويزيد مشاعر الخوف تجاه المسلمين المقيمين في ألمانيا أيضاً ، تعامل أجهزة الأمن الألمانية مع موضوع " الإرهاب" ؛ وقد اتضح ذلك مثلاً في اللقاء الخريفي للمخابرات الألمانية الذي عقد في بداية شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي تحت عنوان : " تحديات الإرهاب الإسلامي للمجتمع الدولي"، إذ أكد رئيس المخابرات الألمانية الاتحادية " كاونديا" وغيره أن احتمال " أن يشن إرهابيون إسلاميون في ألمانيا ضربة عدوانية " على الدولة احتمال وارد وقريب جداً . وفي هذا الإطار ناقش الخبراء من أجهزة الأمن والاستخبارات مواضيع مثل منظمة " القاعدة" وعدد نشطائها ومدى خطرها وانتشار خلايا إرهابية إسلامية في ألمانيا ، ثم طرح السؤال حول إمكانية حدوث ردود فعل عنيفة من قبل أتباع بن لادن داخل ألمانيا في حالة اعتقاله أو اغتياله .. وما شابه ذلك . وهذا التأكيد ، أن ألمانيا يمكن أن تكون هدفاً لضربات إرهابية إسلامية ، لا يرتكز إلى براهين محددة ، وإنما يعتمد على تكهّنات وتخمينات نظرية غير ثابتة ، بينما من الثابت أنّ "الخبراء" لا يستطيعون الجواب على أسئلة محددة عديدة ، مثل عدد الإرهابيين الموجودين على الأراضي الألمانية ، أو الأماكن التي يمكن أن تتعرّض لضربات إرهابية ، وما الذي يمكن أن يسببها ، بل على النقيض من ذلك كانت أجهزة الأمن تؤكدّ في مناسبات عديدة ، أنه من الصعب جداً بل أنها غير قادرة إطلاقا على تسليط الضوء على التنظيمات أو المجموعات الإسلامية داخل ألمانيا.. وهو ما يعني عدم وجود أدلة " على ذلك.
ويعاني المسلمون حالياً أكثر من سواهم من عجز أجهزة الأمن الألمانية عن تقدير الأمور التي تتعلق بالمسلمين بصورة قويمة ، ومن طريقة عمل الخبراء ورجال الأمن المبنية على تخمينات وتعليمات من أجهزة الأمن الأمريكي . فمن ناحية تشكل الإجراءات الأمنية الغير متوازنة ضد العديد من المسلمين ، مثل " التحقيقات الجماعية المنظمة " التي لجأت إليها السلطات لمحاربة ما تسميه " هيكلية الإرهاب " داخل ألمانيا.. تشكل هذه الإجراءات انتهاكات واضحة غير مسبوقة للحقوق الشخصية والمدنية الراسخة في الدستور الألماني . ومن ناحية أخرى فإن عملية تشديد السياسة الداخلية والأمنية الألمانية في إقرار إجراءات وقوانين جديدة لمكافحة الإرهاب تشكل إضرار كبيرا بحياة العرب والمسلمين في هذه الدولة وتضعهم في موقف حرج.
أصابع الاتهام ضد المسلمين
يقع حالياً العديد من الناس الأبرياء في شراك شبكة المحققين مثل ما حدث مع حال ثلاثة من المسلمين الذين اعتقلوا في إطار عملية ليلية قامت بها أجهزة الأمن الألمانية ، وكان هؤلاء عبارة عن بريطانيين وشخص آخر يحمل الجنسية الأردنية ، وقد جاءوا إلى ألمانيا كزوار يمثلون دار نشر إسلامية مشاركة في معرض الكتاب الذي أقيم في مدينة فرانكفورت وأقاموا بشكل طبيعي في شقة سكنية عند أصحاب لهم . ولكن نتيجة بلاغ من أحد الجيران الذي رأى أحد الرجال يحمل صناديق إلى البيت ، قامت الشرطة بتفتيش مكان السكن واعتقال من فيه .. وتبين لاحقاً خطأ هذا الإجراء إذ كانت الصناديق تحتوي على كتب خاصة بالمعرض فقط .
ولا يعتبر هذا الحدث والتصرفات المتسرعة من جانب السلطات حالة استثنائية ، فقد صرح المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أن العديد من العائلات المسلمة قد توجهت إليهم بشكاوى حول اقتحام بيوتهم في الليل واعتقال بعضهم لعدة أيام دون سبب ، أو دون ذكر أي تهم ثابتة ضدهم ، وتشكل هذه الممارسات سابقة في تاريخ الأمنية الألمانية .
كذلك يدين المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أسلوب التحقيق الجماعي المنظم ومعاييره ، لأنه يؤدي إلى إيقاع ظلم بالمسلمين والعرب خصوصاً . وحسب اتفاق توصل إليه وزراء داخلية الولايات الألمانية في اجتماع لهم ، كان هذا هو الأسلوب المعتمد للبحث عن " إرهابيين إسلاميين " على الأراضي الألمانية ، أو كما صرحت وزارة الداخلية الألمانية في برلين ، وهو أسلوب يتبع بهدف العثور على من أطلق عليهم " النائمين" ,لكنّ السؤال المهم هنا ، عمن يشكل ( الآن ) هدفاً للتحقيقات؟ وكيف باتت تشمل بالضرورة أناس أبرياء ..ففي مدينة " دارم شتادت" الألمانية مثلاً قام مركز الشرطة الجنائية لولاية " هسن " بالطلب من جميع الجامعات بتزويده بكل المعلومات المتوفرة عن الطلاب الذين يدرسون أي مواد فنية أو علمية وعن تحديد أصولهم من البلدان الإسلامية ، وتكرر ذلك في جامعات أخرى ، حيث ركزت عملية التحقيق على طلاب عرب أو مسلمين ، ومن تتراوح أعمارهم بين 19-40 عاماً ، فأصبح هؤلاء الطلاب يشعرون بوطأة هذه الإجراءات عليهم ؛ وحسب تصريح مجلس الطلبة في جامعة برلين مثلاً فإن الطلاب العرب أو ذي الملامح العربية أصبحوا يشكون من عدم الحصول على عمل إلى جانب الدراسة ، ويشعرون بالتمييز ضدهم ، ويفتقدون الإحساس بالأمن .
ولذلك يعارض بعض مجالس الطلاب إجراءات السلطات ، وتحذّر الجامعات من المشاركة في " العمليات القائمة على دوافع عنصرية" ،كتلك التي تقوم بها مراكز الشرطة والاستخبارات . ويفسر أستاذ الحقوق في جامعة " درام شتادت" بروفيسور " بودليش " هذه الإجراءات بأنها محاولة من جانب الدولة لإثبات أنها " قادرة على التصرف في جو فوضوي " . لكن هذه المحاولة لتهدئة الأجواء باللجوء إلى التحقيق الجماعي تؤدي كما يقول إلى اتهام جماعي للأجانب . ومن الملاحظ أن الطلاب المسلمين يشعرون بالحيرة حيال هذه الإجراءات ، وهم يعبرون عن مخاوفهم ، بصورة تظهر أيضاً عدم قدرتهم على التصرف فكثير منهم مقيم في ألمانيا بنيّة الدراسة فقط ،ولا يريد سوى الحصول على الشهادة الجامعية ،فلا يعرف شيئاً عن " حقوقه " في البلد المضيف.