السلام عليكم
الموضوع: الامن الفردي
جدلية الامن وحقوق الانسان في عالم الارهاب
تعود الجذور الحديثة لفكرة حقوق الانسان الى النصوص التقليدية التي ظهرت في القرن االثامن عشر كالاعلان الأمريكي للإستقلال وإعلان الثورة الفرنسية لحقوق الإنسان والمواطن، والإعلان العالمي لحقوق الاسنان 1948، ويري Richard Bauman بأن أصل الفكرة الحديثة لحقوق الانسان تعود الى تقاليد وتعاليم الجمهورية الرومانية القديمة.
وفي عصور العبودية كان الإنسان يعامل معاملة وحشية بربرية، حيث كانت تسود شريعة الغاب. وهذا ما دعا Bauman الى تحديد التقاليد الفلسفية والفقهية التي شجعت على تلك الوحشية، وذلك من خلال وصفة للإنسانية الرومانية في التعامل مع الإنسان .
ويرى البعض ضرورة تذكر دراسة هنري رينولدز والتي كانت بعنوان This Whispering in our Hearts والتي وثقت للكثير من الاصوات الحرة المسؤولة التي اعلنت في القرن الأول لإستيطان البيض في استراليا، ونادت بحقوق الأنسان في وقت كانت العبودية والإبادة الجماعية العنوان المميز له.
وفي العصور الرومانية، كانت هناك حالة من الشجبب والإستنكار العام للوحشية والعبودية والتي استمرت الى القرن الخامس(ميلادي) وهو ما يعني مجئ الامبراطور المسيحي قسطنطين.
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه الفقهاء الرومان على صعيد مؤسسة العبودية، إلا أنه لا يوجد دليل واضح أنها لم يتم تحديها من قبل أعضاء الطبقة الحاكمة خلال الفترة الكلاسكية(1) ويظهر ذلك بوضوح من خلال محاولة أول أمبراطور مسيحي روماني لتنظيم معاملة العبيد:
"إذا ضرب السيد العبد بقضيب أو سوط خفيف، أو وضعه في الاغلال، ومات العبد، فأنه لا يترتب على موت العبد أي مسؤولية جنائية، ولكن يكون مذنبا/ مجرما بجريمة القتل العمد Homicide إذا قام بقتل العبد بصورة عمدية مقصودة أو أذا شنقه ...... أو ألقاه من مكان عال، أو اخضعه الى عقوبات علنية بقطع أطرافه بأدوات معدنية وحرقه حيا، أو التعذيب حتى الموت، أما الإصلاح التأديبي والذي لا يرمي إلى قتل العبد، ولكن لتحســين سلوكه فلم يكون معاقبا عليه"(2). ولعبت الفلسفة الرواقية Stoic Philosophyلاحقا دورا غاية في الاهمية في القضاء على نظام العبودية الذي كان سائدا في ذلك الوقت بأعتباره اكثر الممارسات وحشية وانتهاكا لحقوق الانسان.
وفي هذا الاطار، ننوه الى أن الفيلسوف Seneca كان من اكثر الفلاسفة تأييداً لمبدأ عالمية حقوق الانسان والذي يفيد بأن الانسان يعيش مع الاخرين ضمن مجتمع تحكمه مجموعة من القيم،وبالتالي اتحاد النظرة إزاء وحدة اصول العرق الإنساني. وأكد هذا الفيلسوف على أن جميع البشر هم أقارب بالدم، وأنهم خلقوا بفضل الطبيعة من مصدر واحد ولأجل هدف ذاته. ومن هذا المنطلق يرفض الفيلسوف Seneca فكرة ونظام العبودية، وذلك لسبب بسيط وهو وحدة الاصل البشري.
ويقول بيومان أن أهم الانجازات المبكرة على صعيد حقوق الانسان وحمايتها فيما يعرف بـHumanities Romania. وفي هذا الاطار يوجز بيومان هذه الانجازات على النحو التالي:
• سن نصوص قانونية للنفي الطوعي كبديل عن عقوبة الإعدام.
• سن نصوص قانونية تسمح للأشخاص من غير الرومان لتظلم من جور الحكام، وهو ما يشمل إنشاء محاكم خاصة متخصصة للفصل في قضايا الفساد في روما.
• الإعتراف بحرية الرأي والتي لم تكن تحظي بأي احترام أو أهتمام في ظل النظام الأمبراطوري المستبد.
• اقرار القوانين الرومانية بمفهوم الإنسانية والتأكيد على مبدأ المساواة، الامر الذي ساهم في مراجعة جميع العقوبات التي كانت تنص عليها القوانين الرومانية والتي أتسمت بدرجة شديدة من القسوة واللأنسانية،
• صبغ نوع من المرونة على التشريعات الرومانية وبالقدر الذي يسمح بمعاملة الاجانب كالمواطنين الرومان.
• وضع القيود على الممارسات التي كانت تستهدف توطيد الأغراض والتقاليد العبودية.
أولا
مناهضة الإرهاب: الأمن وحقوق الإنسان
1. التحـرر من الخوف وحق الانسان في الأمن
تعتبر مبادئ روزفلت الأربعة حول الحرية حجر الزاوية في المساهمة في تطوير نظام حقوق الإنسان الذي ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فالتحرر من الحقوق ربما ينظر له على أنه ترجم عمليا إلى مفهوم الحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ولكن مع ذلك فأنه عندما نتحدث عن التحرر من الخوف ، فأن روزفلت ينسبه إلى السيطرة العسكرية، وليس لحقوق الإنسان أو الأمن الفردي.
ومع ذلك تبقى فكرة التحرر من الخوف فكرة غامضة وصعبة الفهم. ولكن هل يعتبر التحرر من الخوف في حد ذاته حق من حقوق الإنسان؟
تهتم حقوق الانسان وبشكل مباشر بالأمن الفردي، وبالتالي فأن فكرة (الأمن) هي في ذاتها حق من حقوق الإنسان، فالمادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد على حق الإنسان في الحياة، والحرية والأمن.
ولكن ماذا نعني بمفهوم الأمن Security كأحد حقوق الإنسان؟ المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تتضمن وبشكل غير قابل للتجزئة ثلاثة أنواع مختلفة من الحقوق: الحق في الحياة، (حق الإنسان في أن لا يهدد في حياته وسلامة جسده) والحرية الشخصية (حق الانسان في التنقل) والحق في الامن الشخصي (حق الانسان في عدم الاعتقال او القبض بشكل غير قانوني او تعسفي) . ومن ثم فأن الحق في الأمن بموجب المادة الثالثة من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان يضع على الدولة الإلتزام بأن لا تتدخل في السلامة الشخصية للفرد.
وبالرجوع الى روح الإعلان العالمي لحقوق الأنسان، يذكرنا " لارس أدم روف " أنه أثناء مناقشة مسودة المادة الثالثة من الإعلان تم رفض الاقتراح بشأن تضمين المادة عبارة حماية الـIntegrity .
ورفض الاقتراح البلجيكي ايضا والذي كان ينص على تضمين المادة الثالثة عبارة "respect for the physical and moral of his person".
ومع ذلك كان الرأي الغالب الذي دعم من الوفد الفرنسي مع اختيار كلمة " الأمن " بأعتبارها أكثر شمولية من اي تعبير أخر. وفي نهاية المطاف تم تبني الصيغة الحالية للمادة الثالثة وبموافقة 36 عضوا ودون أى أعتراض، وتغيب 12 عضوا عن التصويت.
هذا الامر ترك الكثير من التساؤلات بدون إجابات، والتي من أهمها هل كان لدى مشرعي الإعلان فهم وتصور شامل لفكرة الأمن؟
2. الأمن الشخصي، الأمن الإجتماعي والعالم الأمن
أن اهم ما يميز المادة الثالثة من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، أنها ترجمة لاحقا إلى عدد من المواثيق والمعاهدات العالمية والإقليمية. وتكاد معظم المواثيق والمعاهدات العالمية والاقليمية الخاصة بحقوق الإنسان تتوفر على المفاهيم الثلاثة المرتبطـة بفكـرة " الأمن " والتي تعبر في مضمونها عن ثلاث مستويات للأمن: الفردي، الاجتماعي والدولي.
ويأتي في مقدمة المفاهيم الخاصة بالأمن، مفهوم الأمن الفردي أو الشخصي والذي وجد اصلا للحد من الصلاحيات الممنوحة للسلطات العامة في الدولة، ومنع استغلال هذه السلطات من إساءة استخدام صلاحياتها وسلطاتها للتدخل في الحريات الأساسية للفرد، وبالتالي توفير الحماية اللازمة له من أية إجراءات تعسفية أو عشوائية قد تتخذها هذه السلطات.
وأهم ما يميـز مفهوم الامن الشخصي أنه يحاكي مسألة " الضمانات الاجرائية " للفرد ضد الاعتقال والتوقيف المخالف للقانون والذي لا يعكس عدالة القضاء.(1)
أما المستوي الثاني من مستويات الامن فهو الأمن الإجتماعي، وهو أحد المفاهيم التي لا تزال تتأرجح بين القبول والرفض بأعتباره حقاً من حقوق الإنسان، وهناك جدل فقهي حول إعطاءه هذه الصفة من عدمها(2).
أما المادة 23 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان فأنها تشير إلى مفهوم الأمن الدوليInternational security وذلك في صيغة الحق الجماعي، وبمضمون هذه المادة، فأن جميع الاشخاص يتمتعون في الحق بالأمن والسلام القومي والدولي.
ومما تقدم، فأنه يلاحظ أن المفاهيم الثلاث المتعلقة بفكرة الأمن تشير إلى مدى أهتمام نظام حقوق الإنسان بمسألة أمن الأفراد والمجموعات. ومع ذلك فإنها لا تخلق مفهوم واضح محدد المعالم إزاء حق الإنسان في الأمن، وهو ما يستدعي اعطاءه قسطا من الاهمية لاسيما في ظل الظروف التي تواجهها الدول في مجابهة الأرهاب والذي أضحى يتهدد حياة الأفراد والمجموعات، فأصبح الإنسان بفعل الأعمال الأرهابية التي لا تعرف توقيت محدد، ولا تميز بين طفل أو أمرأة أو شيخ، ودور العبادة أو غيرها، عمياء تصب جام غضبها على جميع البشر، في الأماكن الخاصة والعامة وفي القطارات والحافلات والطائرات وفي البر والبحر.
ومع إخفاق نظام حقوق الإنسان في التعامل مع مسائل الأمن الفردي والجماعي في العالم، كان لا بد من توفير أليات بديلة للتعامل مع هذه المسألة. ففي عام 1977، عهد لمجلس الأمن الدولي مهمة المحافظة على السلام والإستقرار بموجب نصوص ميثاق الأمم المتحدة. وفي هذا السبيل اتخذت قرارات تأثرت بإختراقات حقوق الإنسان (أثر الإنقلاب العسكري في جنوب أفريقيا أثر مقتل Soweto فـي عــام(1976).
وعلاوة على ذلك، فأن أغلب قرارات مجلس الأمن الدولي على مدار السنوات الماضية، كانت مبنية على مسائل حقوق الإنسان والإنتهاكات الموجهة ضدها في انحاء مختلفة من هذا العالم.
وفي رأينا وبعيدا عن الأصوات التي تقول بسيطرة النفوذ الأمريكي على مطبخ صنع القرار الدولي، فأن هيئة الامم المتحدة ومجلس امنها تقوم بدور حيوي في حماية قيم حقوق الإنسان في الأمن والسلام، والعيش في بيئة خالية من الظلم والإستبداد.
4. الإنتقال من مفهوم (أمن الدولة) إلى الأمن الإنسان
لا زالت فكرة (أمن الإنسان) محور الحديث والجدل العالمي إزاء المعنى المتقلب والمتغير لمفهوم الأمن بشكل عام. فالإمن الإنساني كمفهوم جديد متميز تبلور وفقا لنظرة محبوبة الحق Mabbub Ulhaq والتي تضمنها تقرير الأمم المتحدة للتنمية في عام 1994.
لهذا أخذت كندا فكرة الأمن الإنساني وصاغتها كأحد أولويات سياستها الخارجية(1). ووفقا لمبادرة كندا ودول أخرى، تم إنشاء شبكة الأمن الإنساني كتحالف لمجموعة من الدول التي تؤمن بهذه الفكرة والتي تهدف إلى ترسيخ فكرة الأمن الإنساني عالميا(2).
باشرت شبكة الأمن الإنساني أعمالها من خلال المفوضية العليا للأمن الإنساني والتي تم ترأسها من قبل البروفيسور الهندي الدكتور إميراتي سين وساداكو أو قاتو(3).
ويذكر انه رافق مبادرة الامن الانساني إهتمام أكاديمي، وخضعت هذه الفكرة إلى نقاش وعصف أكاديمي مكثف في معظم جامعات ومؤسسات التعليم العالي في انحاء متفرقة من هذا العالم. الجدل الواسع والاهتمام المعمق تمخض عن إنشاء عدد من المراكز والأكاديميات، والبرامج والمعاهد المختصة بالأمن الإنساني(4)، و دور الكتاب العالمي بالابحاث المنشـورة(5) والمقالات المكتوبة(6) حول الأمن الإنساني، بالإضافة إلى عقد الندوات والمؤتمرات المختصة بهذا الشأن عالميا وأقليمياً. ويرى أنصار الأمن الإنساني ان الوقت ملائما لترسيخ مبادرة الأمن الإنساني.
من ناحية أخري، تركزت معظم الانتقادات لفكرة الامن الإنساني على أنها في جوهرها ومضمونها بعيدة كل البعد عن الشمولية. ويقول المعارضون لمفهوم الأمن بأنه لا يمكن أن يمارس بشكل منتج في الواقع العملي والتطبيقي.(7) بالإضافة إلى أن هذه الفكرة لا زالت تنتقص إلى الجانب النظري، وأن العديد من المسائل المتعلقة بتعريف المفهوم لا زالت شائكة.
وفي واقع الحال، تلعب فكرة الأمن الإنساني دورا ايجابيا على صعيد المساهمة في التشجيع على احترام وحماية حقوق الإنسان، وذلك من خلال إدخال وإشراك المجتمعات المدنية، وتبقى المعاهدات الدولية لإزالة الألغام ومؤتمر الأمم المتحدة حول الأسلحة الخفيفة، وكذلك إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ونظام التهديدات غير التقليدية للأمن القومي للدول في إستقرارها وكيانها وكرامة أفرادها، فأن عملية حماية الحدود والمحافظة على الوحدة الإقليمية لا يمكن أن تكون الحدود القصوى لهدف الأمن.
كما أن القيود التي تعاني منها سيادة الدول، وتحرك المجتمع المدني الدولي للدفاع عن المعايير والقيم الدولية، وتشارك وتقاسم السلطة داخل الدولة بين الحكومة وجهات في عالم العولمة المفتوح (...) تترك رسالة واضحة مفادها أن الدولة لم تعود قادرة كما في السابق على إحتكار مفهوم وممارسة الأمن.(1)
4. الحملة العالمية على الارهاب وحقوق الانسان
أثبتت التجارب الأخيرة والتي عقبت أحداث نيويورك والحملة العالمية ضد الإرهاب تقديم الأجندة الأمنية على حساب أحترام حقوق الإنسان.
وما معتقل (غوانتانمو) الا شاهد على حالة التراجع التي يشهدها ملف حقوق الإنسان عالمياً، أن حالة السعار العالمي والأمريكي خاصة في التصميم على إجتثاث جذور ما يسمي بالارهاب الذي تمارسه الجماعات الاسلامية المتشددة، وهو ما دفع الولايات المتحدة الى أن توحه ألتها الحربية لإحتلال أفغانستان والعراق وأرتكاب أبشع الجرائم ضد حقوق الإنسان على يد القوات الأمريكية في هذه البلدان.
ولا يمكن لاي أنسان حر شريف في هذا العالم ان تنسي ذاكرته ابشع صور الهمجية والبربرية الامريكية في سجن أبو غريب العراقي، تلك الجريمة التي هزت كيان وضمير البشرية جمعاء.
وعلى الرغم من الأخطاء التي ترتكب هنا وهناك على صعيد حماية حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لا يمكن أن يقاس عليه في التطبيق العام. ونشير هنا إلى أن نظرية حقوق الإنسان ذاتها، تسمح بفرض بعض القيود على تطبيقاتها في ظل توافر حالات وظروف استثنائية خاصة في أزمان الحروب والطوارئ.
وتجدر الملاحظة الى أن مسألة وجوب إحترام حقوق الإنسان ليست من المسائل المطلقة، حيث تكون في ظروف أستثنائية قابلة للتجميد أو التوقيف.ومهما يكن من امر التنازل عن بعض الشروط الخاصة باحترام حقوق الانسان في حال تعارضها مع اعتبارات المحافظة على الامن والاستقرار، فأنها وفي جميع الاحوال يجب ان لا تكون اقل من الحد الادني لحفظ الكرامة البشرية للانسان وادميته.
وفي القانون الدولي، يمكن تتبع هذا المفهوم في المادة 29(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان(1)، وإعلان برشلونة(2) الذي حمل عنوان "الشراكة السياسية والأمنية، وبناء منطقة سلام وإستقرار مشتركة" ويذكر أن فقرات هذا الاعلان تعالج بشكل مباشر وغير مباشر قضايا حقوق الإنسان. وهذا ما أكدت عليه الفقرة التالية من هذا القسم "ويعرب المؤتمرون عن اقتناعهم بأن السلام والإستقرار والأمن في إقليم البحر الأبيض المتوسط يشكل مصدرا مشتركا للقوة، يتعهدون بالعمل من أجل دعمه وتقويته بكل السبل المتاحة المتوفرة لهم. وفي سعيهم لتحقيق هذا الهدف يعربون عن موافقتهم على إدارة المبادئ الأساسية للقانون الدولي ويعيد تأكيد عدد من الأهداف المشتركة المرتبطة بقضايا الإستقرار الداخلي والخارجي).
وفيما يتعلق بمسألة الأمن الدولي وحقوق الإنسان، قدم الإعلان باكورة من الإلتزامات والتي في مقدمتها الإلتزام بالعمل بما ينسجم مع قيادة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الأنسان، والمواثيق والمعاهدات الدولية، تطوير حكم القانون والديمقراطية في كل مناحي الحياة، إحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وضمان الممارسة الشرعية والفعالة لتلك الحقوق والحريات، إعطاء مزيد من الإهتمام لتبادل المعلومات حول الإختلاف والتعددية وتدعيم التسامح بين مختلف جماعات المجتمع، ومحاربة ظواهر التعصب والعنصرية وكراهية الأجانب، إحترام المساواة في السيادة وكل الحقوق المتأصلة في السيادة، والوفاء عبر قناعة حقيقية بالإلتزامات التي يفرضها القانون الدولي، استخدام القوة والتهديد بها، والإتفاق على محاربة الأرهاب.(3)
6. مساهمة حقوق الانسان في مسائل الأمن
أضحت مسألة خلق نوع من التوازن بين الأرهاب وضرورات مكافحته وأحترام حقوق الإنسان وحتمية تنفيذ الإلتزامات الدولية بشأن تحقيق الحد الإدنى لاحترامها من أعقد الأمور التي تواجه عالم اليوم. وينبع هذا التعقيد من واقع الحال الذي يعيشه عالم الخوف والقتل والدمار الذي تفرضه الإيدلوجيات الإرهابية المتطرفة.
وفي ظل الظروف الراهنة التي يعيشها العالم في مواجهة موجات العنف والتطرف والقتل في كل مكان وعلى يد العديد من المجموعات المتشددة الاسلامية منها والمسيحية واليهودية والهندوسية وغيرها من المجموعات السياسية والايدلوجية الاخري، ذهبت محاولات العالم المتحضر في المحافظة على حقوق الانسان وصونها ادراج الرياح، واضحي الانسان مضطهد لكونه مجرد مشتبه فيه او متهم بالانتماء الى ايا من هذه الجماعات. والإرهاب الذي ذاقت البشرية مآسيه في السنوات الماضية رجح كفة الاعتبارات الامنية والاجراءات القانونية المشددة على اعتبارات حماية واحترام حقوق الانسان.
فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام1948، الذي يعتبر قانون دول عرفي يلزم جميع الدول بإتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة الأرهاب وعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالتزامات مجلس الأمن الدولي بتقديم المجرمين المتورطين بإرتكاب جرائم وأفعال إرهابية إلى العدالة، فالأعلان العالمي لحقوق الإنسان يلزم الدول الاطراف بأن تحمي أي شخص من التعذيب، العقاب أو المعاملة الوحشية، واللانسانية والمهنية(1)، بالإضافة إلى تحريم الإعتقال والتوقيف والنفي التعسفي(2). ويفرض الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الإلتزامات على الدول بضرورة أحترام مبادئ الشرعية القانونية وأن تضمن لكل فرد مبدأ قرينة البراءة الذي يفيد بأن المتهم بريء الى ان تثبت إدانته بموجب القانون وفي محاكمة عادلة يتمتع فيها بكامل الضمانات القانونية في الدفاع عن نفسه.(3)
أما العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية 1966 فأنه يحتوى على نصوص مفصلة، أهمها تلك المتعلقة بظروف الإعتقال والتوقيف(4)، والإجراءات القانونية والضمانات الواجب توافرها في المحاكمة العادلة(5).
وعلى خلاف الإعلان العالمي لحقوق الانسان فأن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تتضمن نصوصاً صريحة حول حالات الطوارئ Emergency Situations حيث تؤكد المادة 1/4 من العهد للدول على أنه في زمن الطوارئ العامة التي تهدد حياة الشعب وكينونة مؤسساته الرسمية يمكن للدول الأطراف أن تتحلل من إلتزاماتها في حدود لا تخالف قواعد القانون الدولي، وضمن سياسات غير منحازة.
أن إلتزام الدول بإحترام حقوق الإنسان الخاصة بعدم اخضاع أي انسان للتعذيب أو العقاب والمعاملة الوحشية، واللأنسانية يعتبر التزاما مطلقا(1)، لهذا فأنه إلتزام بإحترام مبدأ الشرعية القانونية(2). كما أن الحق في الحياة هو حق غير قابل للإنتقاص، على الرغم من أن العهد لا يحرم عقوبة الإعدام(3)، وفي الإطار ذاته فأن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يتضمن أية نصوص أخرى لا عدل الدول التحلل من التزاماتها بشأن ظروف الإعتقال والتوقيف، وحقوق الإجراءات القانونية الشرعية والسليمة، والضمانات الواجب توافرها في المحاكمات العادلة.
وفي غياب مثل هذه النصوص الصريحة التي تمنع الدول من التحلل من التزاماتها إزاء مسائل حقوق الإنسان، فأنه يبدو أن من حق الدول التحلل من التزاماتها إذا كان من شأن الإرهاب أن يخلق حالة من الطوارئ التي قد تهدد الشعب في حياته ومصيره(4).
وفي هذا السياق اوضحت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة انه في حالات الطوارئ تصبح قواعد القانون الدولي الإنساني قابلة للتطبيق.(5) زيادة على ذلك، حتى لو كانت هذه الحقوق قابلة للانتقاص، ويجب الأخذ بعين الاعتبار في هذا الشأن المعايير القياسية التي يفرضها القانون الدولي، حيث أن تصنيف هذه المعايير تتجاوز في حدودها قائمة النصوص الغير قابلة للتحلل والإنتقاص في العهد الدولي للحق في المدنية والسياسية(6). إضافة الى ذلك، فإن من الضروري الأخذ بعين الاعتبار النصوص التي تحرم (الجرائم ضد البشرية) والتي تضمنها نظام روما الأساسي لعام 1998 المنشيء للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة(7) وبالتالي تكون الجنة الدولية قد توصلت إلى نتيجة مفادها، القبول بتحلل الدول من بعض التزاماتها الخاصة بإحترام حقوق الإنسان في حال مجابهتها للارهاب.
وترى اللجنة أنه في جميع الظروف ووفقا للإعتبارات السابقة يجب (أن يعامل جميع الأشخاص الذين حرموا من حريتهم بإنسانية وبما ينسجم مع الكرامة الإنسانية(8)) والتوقيف السري غير قانوني مهما كانت الظروف(9). ومن ثم تكون الدول ملزمة بمنع اي أنتهاك لنصوص العهد للدول للحقوق المدنية والسياسية (10).
ووفقا لما سبق ذكره قررت اللجنة الدولية بأنه تم تضمين العناصر الأساسية لحق الشخص في الحصول على محاكمة عادلة بشكل صريح في القانون الدولي الإنساني خلال فترات الصراع المسلح، ومن ثم فأنها لا تجد أي مبرر للتحلل من توفير هذه الضمانات خلال حالات الطوارئ .... كما أن مبادئ الشرعية القانونية ومبدأ سيدة القانون The rule of law تتطلب ايضا ضرورة احترام المتطلبات الأساسية للمحاكمة العادلة أثناء حالة الطوارئ. وبالتالي فأن المحاكم المختصة وحدها المخولة لمحاكمة وإدانة الأشخاص عن ارتكاب الافعال الإجرامية، ويجب أحترام قرينة البراءة.... فالحق في أتخاذ الإجراءات القانونية أمام المحكمة لتمكنها من الفصل في الدعاوي دون مماطلة أو تأخير ووفقا للتوقيف القانوني السليم، ويجب أن لا يلغي من قبل الدولة الطرف في المعاهدة للتحلل من الالتزامات التي يفرضها العهد الدول للحقوق المدنية والسياسية.
ويلاحظ أن من أهم القرارات التي أتخذتها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ذلك المتعلق بضرورة مراعاة المعايير العالمية والدولية الخاصة بالمحافظة على كرامة وإنسانية الأشخاص الذين حرموا من حرياتهم بسبب ممارسة السلطات العامة في الدولة لصلاحياتها في مجابهة ومحاربة الإرهاب، واكدت اللجنة على وجوب توفير هذه الحماية في كافة الظروف والأماكن والأزمات. ويلاحظ أن هذه الحقوق لم يتضمنها العهد الدولي وحده بل تم النص على وجوب احترامها في العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية.(1)
والى جانب الإهتمام بالأمن القومي، فأن القانون الدولي لحقوق الإنسان أهتم بمسألة الأمن الفردي أو الشخصي Personal Security، فمن المتفق عليه أن الأمن الشخصي في جوهره يعتبر من أهم حقوق الإنسان. وتؤكد المادة الثالثة
__________________
متي ستفيقو من نومكم بعد ماذا بعد ان ينتهكو اعراضكم ونتهكوها استيقظو يا امة المليار بل اكثر لن تنفعكم امريكا ولا غيرها ستموتون وتوضعون في القبور بوحدكم
فلسطين اني احبكي حب لا حب بعده
|