[بشرى المغرب]

ظلمات الليل تكتنف قامته القصيرة النحيلة’ وهو يسير مطرق الرأس , وئيد البخطى في ذلك الطريق الموحش الطويل .......... بين الفينة والاخرى تمرق امامه سيارة تضيئ وجهه المسنون ’ المنقبض ملامحه , ذا العينين الحزينتين , والشفتين المنفرجتين عن ابتسامة جامدة بلهاء . ويبدو سرواله الحائل اللون ’ وقميصه الخشن الذي ينفتح في اهمال عن رقبته أعلى صدره ,رغم الجو البارد الذي يسربل ليالي الخريف.........
لقد انتهى كل شيء بالنسبة إليه ...تحطمت تلك الاماني الغالية التي كانت ترافق نبضات قلبه , وخمدت جذوة الامل والطموح بين حناياه, فخيم على نفسه ظلام رهيب كديجور ذلك القلب الذي انضم الى الابد على جثة والده العجوز ... كان عائدا الى البيت على دراجته القديمة , بعد ان قضى سحابة يومه , كالعادة يكد ويشقى من اجل لقمة عيش, وإذا بسيارة تدوس جسمه الواهن , وتجعل حدا لكفاحه الشاق الطويل ويطل قمر تلك الليلة مزدهيا من خلال كوة ضيقة على بيت حقير يضم امرأة واكفة الدموع , وفتاة محمرة الجفون , وفتى تائه النظر يربت في حنان على رأس اخيه الصغير الذي توسد ركبته ونام بعد ان اوهموه جميعا بان اباه العزيز مسافر وبانه سيعود.... ان هذه الصورة القاتمة الحزينة ,تتراءى له الان مع عشرات الصور المؤلمة وهو يسير وحيدا مطرق الرأس , وئيد الخطى في ذلك الطريق الطويل