عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-02-2006, 02:16 AM
الصورة الرمزية د / أحمد محمد باذيب
د / أحمد محمد باذيب د / أحمد محمد باذيب غير متصل
استاذ الباطنة والاورام المشارك بكلية الطب جامعة حضرموت
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
مكان الإقامة: اليمن
الجنس :
المشاركات: 2,034
الدولة : Yemen
افتراضي زلزال حماس: القراءة الأردنية

محمد أبو رمان 1/1/1427
31/01/2006
حظي الانتصار الساحق الذي حققته حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بجدل إعلامي وسياسي أردني فريد، وأصبح حديث الصالونات السياسية والصحف اليومية. ويعود هذا الاهتمام الأردني الكبير لعدة أسباب أبرزها التقاطع الديمغرافي الأردني- الفلسطيني وامتزاج الأصول والاهتمامات والعلاقات بين الشعبين من ناحية، وللقرب الجغرافي من ناحية ثانية، ولما هناك من سيناريوهات مستقبلية تربط الأردن بفلسطين من ناحية ثالثة.
المواقف الأردنية على الصعيد العام شهدت تباينا ملحوظا. فقد رحبت الحكومة الأردنية بحذر بانتصار حماس ، وأكدت احترامها لقرار الشعب الفلسطيني، إلا أن هناك إشارات متعددة صدرت عنها تضعها في إطار المراقب لتطور الأمور. أما على صعيد القوى السياسية فاختلف الموقف من انتصار حماس تبعا للرؤى الأيدلوجية والاصطفافات السياسية من قضية التسوية والصراع في المنطقة. شعبيا كان هناك ترحيب عام مصاحب لتبادل الرسائل الساخرة على الأجهزة المحمولة. أما جماعة الإخوان المسلمين فقد رحبت بفوز حماس ودعت الحكومة إلى إعادة النظر بموقفها من الحركة ومن قياداتها التي أخرجها الأردن عام 1999.
الموقف الرسمي الأردني من حركة حماس تحكمه اعتبارات متعددة. أولها الموقف من التسوية، ففي حين تقف الحكومة الأردنية بكل ثقلها خلف مشروع التسوية واستئنافه، وتدفع باتجاه الضغوط الأميركية على الأطراف المختلفة، وتتحالف بذلك مع الموقف المصري بدرجة أولى. فإن موقف حماس الرسمي – إلى الآن- يقع في الخندق المقابل، إذ ما زالت الحركة ترفض التسوية الحالية - بالرؤية الإسرائيلية الأمريكية- لأنها لا تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المغتصبة ، و هي في ذلك تتقاطع مع الخندق الإيراني- السوري. من ناحية أخرى فإن الأردن كان قد طرد قادة حماس عام 1999 وأغلق مكاتبها وقطع اتصالاته معها، معتبرا أن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وبقيت جماعة الأخوان المسلمين في الأردن على حالة من الشد والجذب مع الحكومة مطالبة بعودة قيادات حماس إلى الأردن.
الإشكاليات السابقة وغيرها انعكست بكثافة ملحوظة على مقالات الرأي في الصحف الأردنية. فأحد أبرز الموضوعات التي تناولها الكتاب قضية العلاقة مع حركة حماس إذ دعا عدد منهم إلى إعادة بناء الجسور مع الحركة، والتي ستمثل في الأيام القريبة القادمة الحكومة الفلسطينية، فكتب فهد الخيطان في صحيفة العرب اليوم: "ينتظر الأردن تشكيل الحكومة ليختبر وجهة حماس في المستقبل لكنه منذ الآن مستعد لفتح قنوات الاتصال مع حماس كحكومة ومكون رئيسي في السلطة". بل ذهب "باسم سكجها "في صحيفة الدستور إلى أنّ طرد قادة حماس من الأردن كان خطأ استراتيجيا كبيرا " لا نريد إعادة فتح جراح الماضي، ولكن هذا كلام لا بدّ من قوله، فما حصل قبل أعوام من شدّ وجذب بين الحكومة الأردنية آنذاك، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، كان خطأ سياسياً استراتيجياً، ولا بدّ من العودة عنه، فقد باتت هذه الحركة الحكومة الفلسطينية، وعمّدها الشعب ممثلاً له في المرحلة المقبلة، ولو كان لدى مطبخنا السياسي في ذلك الوقت رؤية مستقبلية، وخططا بديلة، لوضع ما حصل فعلاً واحداً من الاحتمالات الممكنة التحقيق".
في سياق آخر اتخذ بعض الكتاب من هذه المناسبة مجالا لتوجيه النقد الحاد لحركة فتح محملا إياها المسؤولية الكبرى عما وصلت إليه الأمور وعن الانتصار الساحق لحماس. في هذا السياق كتب صالح القلاب (في صحيفة الرأي) قائلاً: " لقد «زهق» الفلسطينيون حركة (فتح) وملوا تصرفاتها وانقساماتها، فنحو العشرة أعوام التي كانت فيها هذه الحركة هي حزب السلطة الوطنية الحاكم الوحيد الأوحد ، على غرار الأحزاب الشمولية في بعض الدول العربية ، بقيت الأمور تسير من سيئ إلى سيئ". وإذا كان القلاب وعدد من الكتاب قد حملوا السلطة وفتح والفساد مسؤولية الانتصار التاريخي لحماس، فقد ذهب فهد الفانك في مقاله في الرأي إلى اتجاه آخر في التحليل محملا الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية عما حدث، ليس فقط لعرقلة مشروع الرئيس محمود عباس والدفع باتجاه تأزيم الموقف الفلسطيني، بل لصدور عدة إشارات منهما دفعت إلى انتصار حماس: " أميركا مثلا سئمت من السلطة الفلسطينية بقيادة فتح لأنها ضعيفة، وأرادت الحصول على سلطة قوية يمكن التعامل معها، وتستطيع أن تتعهد بالتزامات حيوية وتفي بها، ومع ذلك أعلنت قبل الانتخابات رفضها للتعاون مع أية حكومة تشارك فيها حماس، وهي تعلم أن إعلانها هذا يخدم حماس انتخابيا، ثم تطوعت بالكشف عن تقديم مليوني دولار لتمويل حملة مرشحي فتح لإظهارهم بمظهر العملاء والقضاء على ما قد يكون تبقى لهم من شعبية. وكانت أميركا قد أسهمت في تمييع القضية الفلسطينية واختزالها بموضوع واحد هو أمن إسرائيل وتفكيك المنظمات (الإرهابية)"
كما لم يغب سؤال الإسلام السياسي واندماجه في العملية الديمقراطية عن تعليقات الكتاب، عبد الله أبو رمان كتب (في الرأي) بعنوان "الوهم التركي" رافضا مقارنة التجربة التركية بتجارب الإسلام السياسي في الشرق العربي، معتبرا أن "التجربة التركية" نمت ونضجت في بيئة ديمقراطية- واضحة فرضت شروطها على مسار الإسلام السياسي هناك، بينما المشرق العربي ما زالت حركاته الإسلامية تائهة بين مرجعيات مختلفة بعضها يقوم على تكفير النظم الحاكمة، يقول أبو رمان: " تبدو تجربة الإسلام السياسي، بنسخته العربية، مختلفة تماما، من حيث الشكل والمضمون، عن أية تجربة أخرى، وعلى وجه الخصوص عن التجربة التركية.. فالحركات الاسلامية في الوطن العربي ما زالت رهينة للفكر «الجهادي» وتنظر الى الأنظمة القائمة بعين الريبة على أحسن تقدير"..
واقترن الحديث عن انتصار حماس بدور جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، واحتمالات تحقيق انتصار مماثل في الانتخابات النيابية القادمة. وقد اعتبر عدد من الكتاب أن القانون الانتخابي ( الجمع بين نظام القائمة والصوت الفردي) الذي طبق في فلسطين كان أحد أسباب الفوز الكاسح لحماس، محذرين الحكومة الأردنية من تطبيق هذا القانون والإبقاء على القانون الانتخابي الحالي الذي صمم لتحجيم الإخوان المسلمين، وفي الوقت الذي رفض فيه جميل النمري (في صحيفة الغد) هذا الموقف، أقر باتر وردم (في الدستور) أن هناك تيارا سياسيا أردنيا سيستثمر هذا الزلزال في فلسطين لدفع مشروع الإصلاح السياسي إلى الوراء. بينما يقف نبيل غيشان (في العرب اليوم) بين الموقفين، محذرا من قوة الإخوان الأردنيين وداعيا الدولة إلى عدم ترك المجال الديني لهم، ومصرا، في الوقت نفسه، على الخيار الديمقراطي والسماح للحركة بالمشاركة والنشاط السياسي:" أنا لا أدب الصوت عاليا من أجل حث الدولة لمنع وصول جماعة الإخوان المسلمين الأردنيين إلى مواقع متقدمة في البرلمان المقبل, فهذا أمر غير ديمقراطي لا يمكن أن أتورط فيه, لكن لا بد من دعوة الدولة لتصحوا من غيبوبتها وأن لا تترك مجالا للآخرين أن يأخذوا دورها الاجتماعي والديني مما يوصلهم إلى دورها السياسي".




رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.85 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.54%)]