عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم يوم أمس, 04:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,714
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام صلاة العاري

[الشَّرْطُ السَّابِعُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: أَحْكَامُ صَلَاةِ الْعَارِي

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

وَالْكَلَامُ فِي مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْعَارِي الْعَاجِزِ عَنِ السُّتْرَةِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيُصَلِّي الْعَارِي قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ اسْتِحْبَابًا فِيهِمَا). أَي: أَنَّ الْعَارِيَ الْعَاجِزَ عَنْ تَحْصِيلِ السُّتْرَةِ يُصَلِّي قَاعِدًا، وَلَا يَتَرَبَّعُ؛ بَلْ يَنْضَامُّ، أَي: يَضُمُّ إحْدَى فَخِذَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كَشْفًا، وَيُومِئ إِيْمَاءً، وَهَذَا اسْتِحْبَابًا فِي الْإِيمَاءِ وَالْقُعُودِ. هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله.


وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَارِيَ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيُومِئ إِيمَاءً اسْتِحْبَابًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا جَازَ.


وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[1].


الْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ بَدَتْ عَوْرَتُهُ.
وَهَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ[2].


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا.
وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، اخْتَارَهَا الآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ[3].


وَاسْتَدَلُّوا:
بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»[4].


وَلِأَنُّهُ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ: فَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْكُهُ.


وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: رَأْيُ ابْنِ عُثَيْمِيْنَ رحمه الله قَوِيٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ: "فَإِنْ كَانَ فِي حَوْلَهِ أَحَدٌ صَلَّى قَاعِدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلَهُ أَحَدٌ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ حَوْلَهُ شَخْصٌ لَا يُبْصِرُ، أَوْ شَخْصٌ لَا يَسْتَحِي مِنِ انْكِشَافِ عَوْرَتِهِ عِنْدَهُ كَالزَّوْجَةِ؛ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا، وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ إِلَى الْحقِّ"[5]، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَوْقِفُ الْإِمَامِ الْعَارِي مِنَ المَأْمُومِينَ الْعُرَاةِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَكُونُ إمَامُهُ وَسَطَهُمْ).

قَالَ فِي (الشَّرْحِ الْكَبِيرِ): "وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً، وَإِمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ؛ إِذِ الْجَمَاعَةُ تُشْرَعُ لِلْعُرَاةِ كَغَيْرِهِمْ"[6]،قَالَ فِي (الْفُرُوعِ): "وُجُوبًا"[7]،قَالَ فِي (الْإِنْصَافِ): "وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ، وَالصَّحِيحُ مِنَ المَذْهَبِ: أَنَّ إِمَامَ الْعُرَاةِ يَجِبُ أَنْ يَقِفَ بَيْنَهُمْ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ"[8]،مَا لَمْ يَكُونُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ.


الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: صَلَاةُ الْعُرَاةِ إِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيُصَلِّي كُلُّ نَوْعٍ وَحْدُهُمْ؛ فَإِنْ شَقَّ صَلَّى الرِّجَالُ، وَاسْتَدْبَرَهُمُ النِّسَاءُ، ثُمَّ عَكَسُوا).

تَصُفُّ النِّسَاءُ عَلَى حِدَةٍ إِذَا كُنَّ عَارِيَّاتٍ، وَالرِّجَالُ عَلَى حِدَةٍ، إِنِ اتَّسَعَ مَحَلَّهُمْ؛ دَرْءًا لِلْفِتْنَةِ؛ فَإِنْ شَقَّ أَنْ يُصَلِّي هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَةٍ وَهَؤُلَاءِ عَلَى حِدَةٍ؛ فَحِينَئِذٍ يُصَلِّي الرِّجَالُ أوَّلًا، وَتَسْتَدْبِرُهُمُ النِّسَاءُ، أَيْ: تَكُونُ ظُهُورُ النِّسَاءِ إِلَى الْقِبْلَةِ -، ثُمَّ إِذَا فَرَغَ الرِّجَالُ مِنَ الصَّلَاةِ صَلَّى النِّسَاءُ، وَالرِّجَالُ مُسْتَدْبِرُونَ لِلنِّسَاءِ.


قَالَ فِي (الْمُقْنِعِ): "وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً صَلَّى كُلُّ نَوْعٍ لِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ صَلَّى الرِّجَالُ، وَاسْتَدْبَرَهُمُ النِّسَاءُ، ثُمَّ صَلَّى النِّسَاءُ، وَاسْتَدْبَرَهُنَّ الرِّجَالُ"[9].


الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَا يَلْزَمُ مَنْ صَلَّى عَارِيًا، ثُمَّ وَجَدَ سُتْرَةً قَرِيبَةً أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ وَجَدَ سُتْرَةً قَرِيبَةً فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ: سَتَرَ وَبَنَى وَإِلَّا ابْتَدَأَ). أَي: إِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةٍ وَهُوَ عُرْيَانٌ، ثُمَّ وَجَدَ سُتْرَةً أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ؛ فَلَا يَخْلُو مِنْ حَالَتَيْنِ:
الْحَالَةُ الأُوْلَى: أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ قَرِيبَةً مِنْهُ.


قَالَ فِي (الرَّوْضِ): "عُرْفًا"[10]،أَي: تُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ؛ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَتِرَ وَيَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهِ، كَأَهْلِ قُبَاءَ لَمَّا عَلِمُوا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ اسْتَدَارُوا إِلَيْهَا، وَأتَمُّوا صَلَاتَهُمْ.


الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً، بِمَعْنَى: أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ الْوُصُولَ إِلَى السُّتْرَةِ إِلَّا بِالِانْتِقَالِ وَالْمَشْي، أَوْ تَكُونَ قَرِيبَةً؛ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَنَاوَلُهَا إِلَّا بِاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ؛ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؛ لِتَحْصِيلِ السُّتْرَةِ، وَيَسْتَتِرُ بِهَا، وَيُبْدَأُ الصَّلَاةَ مِنْ جَدِيدٍ.


وَهُنَا إِشْكَالٌ، وَهُوَ: لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ - وَأَلْزَمْنَاهُ بِالْقِيَامِ وَهُوَ عَارٍ، عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَى الْعَارِي -، ثُمَّ رَأَى ثَوْبًا بِجِوَارِهِ؛ فَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ: أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ إِلَّا بِالِانْحِنَاءِ، وَإِذَا انْحَنَى انْتَقَلَ مِنْ رُكْنٍ إِلَى رُكْنٍ، وَهَذَا الْآنَ زَادَ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ رُكْنٍ تَعَمُّدًا فِي الصَّلَاةِ يُوجِبُ بُطْلَانَهَا [11]؛ وَلِذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَقُولُ: يَرْفَعُ بِقَدَمِهِ الثَّوْبَ، وَيَتَنَاوَلُهُ وَيَلْبَسُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


يتبع،،،

[1] ينظر: نور الإيضاح (ص 53)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 236).

[2] ينظر: المهذب، للشيرازي (1/ 127)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 236).

[3] ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 239)، والمجموع، للنووي (3/ 182، 183)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 237).

[4] أخرجه البخاري (1117).

[5] الشرح الممتع (2/ 187).

[6] الشرح الكبير (1/ 468).

[7] الفروع، لابن مفلح (2/ 54).

[8] الإنصاف، للمرداوي (3/ 242).

[9] المقنع (ص45).

[10] الروض المربع (ص75).

[11] ينظر: منار السبيل في شرح الدليل (1/ 99).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]