عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 04-11-2025, 02:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,687
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مائدة الحديث

من مائدةُ الحديثِ

عبدالرحمن عبدالله الشريف

الحث على العفو والتواضع


عنْ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ»[1].

الشَّرحُ:
تضمَّن هذا الحديثُ فضلَ ثلاثٍ مِنْ أجلِّ العباداتِ:
الأولى: الصَّدقةُ، وأنَّها لا تَنقُصُ المالَ؛ بلْ هي زيادةٌ له وبركةٌ ونماءٌ، وحِرْزٌ له ووقايةٌ مِنَ الآفاتِ.

الثَّانيةُ: العفوُ عنْ أخطاءِ المسيئين، وأنَّه لا يُؤدِّي إلى الذُّلِّ، بلْ هو عينُ العِزِّ، فمَنْ عُرِفَ بالعفوِ وتركِ المؤاخذةِ والمعاتبةِ، فإنَّه يَسُودُ ويَعظُمُ في القلوبِ، ويزدادُ عِزَّةً وكرامةً في الدُّنيا والآخرةِ.

الثَّالثةُ:التَّواضعُ، وأنَّه ليس ذُلًّا كما يتصوَّرُه النَّاسُ، بلْ إنَّ اللهَ تعالى يرفعُ صاحبَه؛ فكلُّ مَن تذلَّل للهِ، وانكسر بينَ يديه، وكان لَيِّنَ الجانبِ للخلقِ، قريبًا منهم، سهلَ الطِّباعِ معَهم؛ فإنَّ اللهَ تعالى يزيدُه رفعةً في الدُّنيا، ومحبَّةً في القلوبِ، ودرجاتٍ عَلِيَّةً في الجنَّةِ.

فجمع هذا الحديثُ أبوابَ الإحسانِ كلَّها: مِنَ الصَّدقةِ والعفوِ والتَّواضعِ، فهذا مُحسِنٌ في مالِه ودفعِ حاجاتِ المحتاجين، وهذا مُحسِنٌ بالعفوِ عنْ جناياتِ المسيئين، وهذا مُحسِنٌ بحِلْمِه وتواضعِه وحُسْنِ خُلُقِه معَ النَّاسِ أجمعينَ، والثَّلاثةُ قد وسِعوا النَّاسَ بأخلاقِهم وإحسانِهم، فرفعهم اللهُ في الدُّنيا، معَ ما يَدَّخِرُه لهم مِنَ الثَّوابِ في الآخرةِ.

ما يُسْتفادُ مِنَ الحديثِ:
1- فضلُ الصَّدقةِ، وبيانُ أثرِها على المسلمِ في نفسِه ومالِه.

2- فضلُ العفوِ والصَّفحِ والدَّفعِ بالَّتي هي أحسنُ، وأنَّه سببٌ لحصولِ العِزَّةِ والشَّرفِ.

3- فضلُ التَّواضعِ، وهو الرِّفعةُ في الدُّنيا بينَ العبادِ، معَ الأجرِ الكبيرِ في الآخرةِ.

4- أنَّ الفضلَ الموعودَ لِمَنْ عمِل تلك الأعمالَ مُخلِصًا للهِ، لا رياءً؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ».

5- أنَّ العِزَّةَ والرِّفعةَ بيدِ اللهِ سبحانه وتعالى يُعطِيها مَنْ يشاءُ.

[1] رواه مسلمٌ (2588).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.98%)]