من مائدةُ العقيدةِ
عبدالرحمن عبدالله الشريف
مصادرُ التَّلقِّي
أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ لهم مصادرُ للتَّلقِّي، يأخذون منها دينَهم، ويعلمون بها مرادَ ربِّهم.
وهي ثلاثةُ مصادرَ:
المصدرُ الأوَّلُ: كتابُ اللهِ تعالى.
المصدرُ الثَّاني: سُنَّةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّحيحةُ.
المصدرُ الثَّالثُ: إجماعُ السَّلفِ الصالحِ.
فهذه الثَّلاثةُ هي مصادرُ التَّلقِّي، وموردُ التَّشريعِ، وأساسُ دينِ الإسلامِ، والـحُجَّةُ في ثبوتِ عقائدِه وعباداتِه وأخلاقِه وآدابِه، وهي مِنْ خصائصِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، فهم لا يَتَلَقَّوْنَ عقيدتَهم إلَّا مِنْ ركنٍ قويٍّ، وبرهانٍ راسخٍ، لا مِنَ الأهواءِ والآراءِ والمناماتِ ونحوِها.
والدَّليلُ على ثبوتِ هذه المصادرِ الشَّرعيَّةِ:
قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [الشورى: 10]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
والدَّليلُ على حُجِّيَّةِ إجماعِ السَّلفِ:
قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
ويُرادُ بالسَّلفِ: أهلُ القرونِ الثَّلاثةِ الأولى، المذكورون في حديثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»[1].
فأهلُ السُّنَّةِ يُجِلُّونَ سلفَهم الصالِحَ، ويرجعون إلى أقوالِهم وفهمِهم في فهمِ الدِّينِ ونصوصِه، خاصَّةً الصَّحابةَ رضي اللهُ عنهم، فهم خيرُ النَّاسِ، وأقربُهم إلى مَعِينِ النُّبُوَّةِ الصَّافي، وأعلمُ النَّاسِ بمرادِ اللهِ ومرادِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، لا سِيَّما بعدَ ما كثُرتِ البدعُ، وقلَّ العلمُ، وفسَدتِ الأفهامُ، وهُجِرَتِ السُّنَّةُ.
ثمرةُ معرفةِ مصادرِ التَّلقِّي:
• تعظيمُ النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ، والانقيادُ لها.
• السَّلامةُ مِنَ التَّناقضِ والاضطرابِ النَّاتجِ عنِ اختلافِ المصادرِ.
• صحَّةُ فهمِ النُّصوصِ، والوصولُ إلى مرادِ اللهِ تعالى ومرادِ رسولِه صلى الله عليه وسلم.
• النَّجاةُ مِنَ الانحرافاتِ العَقَدِيَّةِ والعمليَّةِ التي يُسبِّبُها اتِّباعُ الهوى والشَّيطانِ.
[1] رواه البخاريُّ (6429).