المرأة والأسرة – 1277
الفرقان
أهلية المرأة للتكليف وتحمُّل المسؤولية
كما أن الإسلام ضمن للمرأة حقوقًا، فكذلك فرض عليها واجبات هي مطالَبة بأدائها والقيام بها؛ فالله -سبحانه وتعالى- جعل المرأة أهلًا للتكليف وتحمُّل المسؤولية، وهذه الأهلية هي مناط تكريم للمرأة المسلمة، مثلها في ذلك مثل الرجل، فالنساء شقائقُ الرجال، وهي مساوية للرجل في أصول التكاليف الشرعية؛ من عبادة الله، وتوحيده، والإيمان به، وتعلُّم ما يلزمها من أمور دينها، وطاعة زوجها، وتربية أبنائها، ونحو ذلك من الواجبات الأخرى.
عندما قالت أم سلمة زوجُ النبي - صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنها-: يا نبي الله، ما لي أسمع الرِّجالَ يُذكَرون في القرآن، والنساء لا يُذكَرْنَ؟ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 35)، يقول الإمام ابن كثير -رحمه الله-: وقوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} خبرٌ عن هؤلاء المذكورين كلِّهم أن الله -سبحانه- قد أَعَدَّ لهم؛ أي: هيَّأَ لهم مغفرة منه لذنوبهم، وأجرًا عظيمًا، وهو الجنة»، وقال -سبحانه-: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} (النساء: 124)، قال ابن كثير: «شرع -سبحانه- في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قَبول الأعمال الصالحة من عباده ذُكْرانِهم وإناثهم، بشرط الإيمان، وأنه سيُدخِلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدارَ النَّقِير، وهو النُّقرة في ظهر نواة التمر، وقال عند تفسير قوله -تعالى-: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34): {فَالصَّالِحَاتُ}: أي من النساء، {قَانِتَاتٌ} قال ابن عباس: يعني مطيعات لأزواجهن، {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غَيْبتِه في نفسها وماله، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير النساء امرأةٌ إذا نظَرتَ إليها سرَّتْك، وإذا أمَرتَها أطاعتْك، وإذا غِبتَ عنها حَفِظتْك في نفسها ومالك». أساس التربية السليمة للأبناء
من أسس التربية السليمة للأبناء إيجاد أجواء الوئام والحب داخل الأسرة، وتيسير سبل أداء الطاعات والالتزام بها، وأن يكون هَمُّ الأبوين فضلا عن واجبات النفقة والكسوة؛ التربية على القيم، وبناء الوعي وإيصال المعارف الدينية الأساسية تدريجيا مع مراعاة المراحل العمرية، فإذا كانت الأسرة في الماضي تركز على تعليم الأبناء قيما أساسية مثل الاحترام والطاعة والعمل الجاد، مما أدى إلى تعزيز الروابط العائلية والمجتمعية، فقد تغيرت في زماننا أساليب التربية وتحدياتها؛ بسبب التطورات التكنولوجية وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي يتطلب بذل جهود أكثر من أجل التوازن المطلوب بين تبني التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الأساسية. دور المرأة في غرس القيم
إن تربية الأجيال على القيم هي العنصر الأساس لتحقيق الاستقرار الأسري وتماسك مكونات المجتمع، وللمرأة المسلمة دور أساس في غرس هذه القيم والمبادئ الأخلاقية في نفوس الأجيال؛ فهي التي تعلمهم التمييز بين الصواب والخطأ، وتوجههم نحو التصرفات السليمة التي تتماشى مع القيم الاجتماعية، ومع تعاليم ديننا الحنيف. المرأة المسلمة ومنظومة القيم
لا شك أن المرأة المسلمة لها دور كبير ومؤثر في بناء منظومة القيم داخل الأسرة؛ فهي التي تعين أبناءها على فهم المعايير الأخلاقية والاجتماعية، كالصدق والاحترام والمسؤولية، وتعينهم على تشكيل سلوكهم وبناء شخصيتهم، وتسعى لغرس تلك القيم والأخلاق في نفوسهم ومنها: توقير الكبير واحترام الصغير، والتعاون، والمشاركة، وتحمّل المسؤولية، وهي التي تعلم الأبناء مهارات التفكير وحل المشكلات والإبداع وزيادة ثقتهم بأنفسهم إيجابيا، وكيف يتعامل مع المحيط العام من حوله كالأصدقاء والأقارب والأقران في المدرسة. رسالة إلى فتاة الجامعة
اعلمي يا بُنيتي، أنك في مرحلة جديدة من مراحل حياتك ستواجهين مجتمعًا جديدًا عليك، وخير ما تتزوَّدين به لهذه المرحلة ولكل مراحل حياتك هو: زاد التّقوى والإيمان كما قال -سبحانه-: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ} (البقرة: 197)؛ فإيمانك بالله هو بوصلتك وخارطة طريقك، وهو دستورك الذي ينظِّم علاقاتك وصِلاتك بالآخرين، وإنَّ تقواك هي منهج حياتك، وصِمام أمانك، وسرُّ قوتك، وهي من ستصونك وتحميك. واعلمي يا بُنيتي، أنك تحملين على عاتقك رسالةً عظيمة هي رسالة العلم، فاعملي على صيانة الأمانة بمسؤولية، واحذري الشِّعارات التي تبثُّ سمومَ أفكارها التَّحرُّرية والتَّغريبيَّة، لتَصْرِفك عن رسالتك العلمية، ولكي ينزعوا عنك حشمتك ووقارك، وأدبك وحياءك! فالإسلام هو من منحك الحرِّيَّة الحقيقية والمساواة العادلة. واعلمي يا بُنيتي، أن تاجك هو الحَياء، وعلامَةُ إيمانِك التُّقى والعَفاف، فَلْيَكُن مظْهَرُكِ منسجمًا مع رسالتك العلمية، ولْيَكُنْ لباسُكِ الحجاب الشَّرعي السَّابغ الذي يعكس معدن جوهرك، ومرآة طُهْرِك وعِفَّتِك، وتجنَّبي مظاهر التَّبَرُّج والسُّفور، وكما هو شأن مظهَرِك كذلك شأن سُلوكِك وتصرُّفاتِك ينبغي أن تكون منسجمةً مع مظهرك ولباسك، لا يناقِضُه ولا يسيءُ لسمعتِك ولا لدينِك. مفاهيم لابد من العِلم بها
من المفاهيم التي يجب على المرأة المسلمة فقه معناها: مفهوم العقيدة، وهي تعني ما عقد عليه القلب والضمير، وما تديَّن به الإنسان واعتقده، والعقيدة الإسلامية تعني المفاهيم الثابتة التي يجب الإيمان بها أولا وقبل كل شيء، إيمانًا لا يرقى إليه شك، ولا تؤثر فيه شبهة، وهي الركن الأساس الذي بدأ الإسلام به في تكوين شخصية المسلم، ومن طبيعتها تضافر النصوص الواضحة على تقريرها، وهي تمثل الجانب العلمي الذي يقيم عليه المسلم عبادته وسلوكه وعمله كله، ومرتكزها هو الإيمان بأصول العقائد التي أمرنا الله بالإيمان بها، وحددها رسوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل -عليه السلام- في تعريفه للإيمان. أهمية العقيدة للمرأة المسلمة
تتجلى أهمية العقيدة للمرأة المسلمة في كونها أساس الطمأنينة النفسية، التي تُحررها من عبودية غير الله، وتدفعها إلى العمل الصالح، وتُكسبها الاستقامة على منهج الله، وتحميها من الضلال والفتن؛ فالعقيدة الصحيحة هي المصدر الذي تستمد منه المرأة قوتها، وتُوجّه من خلاله حياتها، وتؤدي به دورها الفعال في بناء أسرتها ومجتمعها، كما أن العقيدة الصحيحة تجلب الطمأنينة والانشراح للقلب والنفس؛ حيث تجعلها راضية ومستقرة، والعقيدة الصحيحة تدفع المرأة لأداء دورها الفعال في أسرتها ومجتمعها، أمّا مربية، وزوجة صالحة، ومشاركة في بناء المجتمع. شروط الحِجاب الشرعي
- استيعاب جميع البَدَن إلا ما استُثْنِي، وهو الوجه والكفَّان.
- ألاَّ يكون زينة في نفسه.
- ألاَّ يكون شفَّافًا.
- أنْ يكون فضفاضًا غير ضيِّق.
- ألاَّ يكون مُبخَّرًا مطيَّبًا.
- ألاَّ يشبه لباس الرِّجال.
- ألاَّ يشبه لباس غير المسلمات.
- ألاَّ يكون لباس شُهْرة.