عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 06-09-2025, 03:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مائدة الصحابة

من مائدة الصحابة

عبدالرحمن عبدالله الشريف

عثمانُ بنُ عفَّانَ رضي اللهُ عنه

اسمُه ومولدُه:
هو: عثمانُ بنُ عفَّانَ بنِ أبي شالعاصِ بنِ أُمَيَّةَ، يلتقي نَسَبُه معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الجدِّ الثَّالثِ "عبدِ مَنَافٍ". وُلِدَ في الطَّائفِ بعدَ عامِ الفيلِ بسِتِّ سنواتٍ.

سيرتُه ومناقبُه:
كان عثمانُ رضي اللهُ عنه جميلًا، ليس بالقصيرِ ولا بالطَّويلِ، أسمرَ، رقيقَ البَشَرةِ، كَثَّ اللِّحيةِ، كثيرَ الشَّعَرِ، وكان مِن أكثرِ النَّاسِ حياءً وأشدِّهم خجلًا؛ قال عنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟»[1].

لُقِّبَ بذي النُّورينِ؛ لأنَّه تزوَّج بِنْتَيْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُقَيَّةَ وأُمَّ كُلْثُومٍ.

وكان رضي اللهُ عنه مِن أَعْبَدِ الصَّحابةِ، وأكثرِهم روايةً للحديثِ، وأكثرِهم تلاوةً للقرآنِ؛ وكان يقولُ: "لو طَهُرَتْ قلوبُنا لَمَا شَبِعَتْ مِنْ كلامِ اللهِ عزَّ وجلَّ"[2].

وكان عثمانُ رضي اللهُ عنه مِن تُجَّارِ الصَّحابةِ، سخَّر مالَه في السَّخاءِ والإنفاقِ في سبيلِ اللهِ، فعندَما قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ وجَد أنَّ الماءَ العَذْبَ قليلٌ، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلُ فِيهَا دَلْوَهُ مَعَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ؟»[3]، فاشتراها عثمانُ رضي اللهُ عنه مِنَ اليهوديِّ بعشرينَ ألفَ درهمٍ، وجعلها للغنيِّ والفقيرِ وابنِ السَّبيلِ.

وبعدَ أنْ بنى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مسجدَه، وضاقَ المسجدُ بالنَّاسِ، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَشْتَرِي بُقْعَةَ آلِ فُلَانٍ فَيَزِيدُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ؟»[4]، فاشتراها عثمانُ مِن صُلْبِ مالِه بخمسةٍ وعشرينَ ألفَ درهمٍ.

وفي غزوةِ تَبُوكَ جهَّز عثمانُ جيشَ العُسْرةِ، فحمَل على ألفِ بعيرٍ ومئةِ فرسٍ، وجهَّزها أتمَّ جَهازٍ، حتَّى لم يَفقِدوا عِقالًا ولا خِطامًا، وجاء إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعشرةِ آلافِ دينارٍ، فصَبَّها بينَ يديه، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ»[5].


تولَّى عثمانُ بنُ عفَّانَ رضي اللهُ عنه الخلافةَ بعدَ عمرَ رضي اللهُ عنه، فكان الخليفةَ الثَّالثَ مِنَ الخلفاءِ الرَّاشدين، وقام في خلافتِه بأعمالٍ عظيمةٍ:
منها: أنَّه جمَع القرآنَ في مصحفٍ واحدٍ، ونسَخ منه أربعَ نُسَخٍ، ووزَّعها على الأمصارِ، وأمَرَهم بإحراقِ ما سِواها مِنَ المصاحفِ.

ومنها: أنَّه قامَ بتوسعةِ الـحَرَمَيْنِ، وإعادةِ بنائِهما بالحجارةِ.

ومنها: استكمالُ الفتوحاتِ الَّتي بدأتْ أيَّامَ عمرَ بنِ الخطَّابِ، ففُتِحَتِ الإسكندريَّةُ، وأفريقيا، وقُبْرُصُ، واتَّسَعَتْ في عهدِه البلادُ الإسلاميَّةُ في الشَّرقِ والغربِ.

وفاتُه:
في يومِ الجمعةِ الموافقِ 18 من شهرِ ذي الحِجَّةِ سنةَ 35هـ، هجم على دارِ عثمانَ عددٌ مِنَ الـمُتَمرِّدِينَ الـمُتأثِّرينَ بفتنةِ عبدِ اللهِ بنِ سبأٍ اليهوديِّ، فأصابوا أربعةً مِنْ شُبَّانِ قريشٍ أثناءَ دفاعِهم عنه، وكان قد أحسَّ بالأجلِ، وأعتقَ عشرين مملوكًا، وقال: "إنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم البارحةَ في المنامِ، ورأيتُ أبا بكرٍ وعمرَ، وإنَّهم قالوا لي: (اصْبِرْ فإنَّك تُفطِرُ عندَنا القابلةَ)"، ثُمَّ نَشَرَ المصحفَ، فقُتِلَ وهو بينَ يديه[6].

ودُفِنَ في البقيعِ، وكان عُمُرُه حينئذٍ 82 سنةً.


[1] أخرجه أحمدُ (26466).
[2] البداية والنِّهاية (7/ 214).
[3] رواه التِّرمذيُّ (3703).
[4] رواه التِّرمذيُّ (3703).
[5] رواه التِّرمذيُّ (3701).
[6] سير أعلام النُّبلاء (1/ 204).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.78%)]