عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-08-2025, 02:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,234
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها

أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (2) التكفير والهجرة «جماعة المسلمين»


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
استكمالا للحديث الذي بدأناه في الحلقة السابقة عن فكر جماعة (شكري مصطفى) التي عُرفت إعلامياً باسم (التكفير والهجرة)، وهي أقدم جماعات التكفير في مصر وهي النبتة السوداء التي انقسمت على نفسها وتشرذمت إلى جماعات وطوائف وفرق تكفر بعضها بعضا وتلعن بعضها بعضا كعادة أهل البدع، وربما انطفأت جماعات أو ماتت ولكن يبقى الفكر حياً لا يموت، تتوارثه أجيال أخرى، وتتلقف رايته قيادات جديدة، تزيد وتنقص، وتتسمى بأسماء وتتصف بصفات ولكن جوهر الفكر واحد مع تعدد الأشكال وتنوع المسميات، نتكلم اليوم عن موقفهم من القضايا الأصولية:
1) يعتقدون عدم حجية الإجماع ويكفرون من يعتقد حجيته؛ لأنه في زعمهم قد اتخذ العلماء آلهة وأرباباً من دون الله:-
جاء في رسالة التوسمات: «الإجماع ليس حجة، وإنما الحجة في مستنده إن ظهر لنا، وإن لم يظهر فلا يصح أن يشرع لنا الرجال ديناً ثم نطيعهم فيكونون آلهة وأرباباً من دون الله».
2) يعتقدون أن جماعتهم أفضل من جيل الصحابة بزعم أن النبي قال «أجر أحدهم بخمسين من أجر الصحابة»، وأنهم هم الجماعة الوحيدة المسلمة في العالم، وأن الجماعات المنتسبة إلى الإسلام جميعها كاذبة فيما تدعى:-
كما جاء في الحجيات عن جماعة آخر الزمان: «وقد اجتباهم الله تبارك وتعالى أيضاً، وخصهم من فضله حتى قال رسول الله لأجر الواحد منهم بخمسين منكم -أي الصحابة-».
في المسائل المنهجية والحركية:-
1) تطاولهم على العلماء واستخفافهم بعلمهم بل وتكفيرهم:-
فمن ذلك ما جاء في رسالة (إجمال تأويلاتهم وإجمال الرد عليها) : قالوا عن النووي رحمه الله: «ولكن النووي ونظائره يقدمون العام على الخاص والمطلق على المقيد، وكل شيء على شيء نصراً لمذاهبهم الباطلة واتباعاً لسلفهم من اليهود والنصارى الذين قالوا: {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة}»، وقالوا عن الخطابي رحمه الله-: «إنما الخطابي يكذب كدأبه في الكذب، وكذا النووي الصوفي الكذاب كدأب إخوانه من المتصوفة الكذابين على الله ورسوله».
2) اعتزال المجتمع والخروج إلى الصحراء واعتقاد وجوب الهجرة من دار الكفر وهي أي بلد لا تحكم بالشريعة، والاعتقاد في شكري بأنه المهدي المنتظر:-
وقد سلك شكري مُصطفى في تحقيق ذلك سُبلاً منها: جمع أموال أفراد جماعته وحلياهم وذهبهم، وتسفير بعضهم إلى بعض الدول العربية مثل الأردن واليمن والسعودية والجزائر، وكذلك اليونان (اعتقادا منه أنها أرض أهل الكهف) لجمع الأموال، ولاختيار أنسب أرض يخرجون إلى جبالها فيما بعد ليعودوا منها العودة الكبرى لقتال الكافرين من المسلمين وبسط نفوذه عليهم بوصفه لنفسه أنه المهدي المُنتظر، وأمير آخر الزمان.
ووقع اختياره على (اليمن) لكثرة ما ورد في مناقبها من روايات نبوية في البخاري ومسلم وغيرهما.
وبالفعل فقد أمر رجاله بالذهاب إلى (المنيا) لتنفيذ أولى خطوات هجرته عن المجتمع، وللتدريب على الحياة البدوية الصحراوية، استعدادا للتسلل منها إلى جنوب مصر، ومنها إلى الجانب الآخر من البحر الأحمر ثم إلى جبال (اليمن)، إلا أن أجهزة الأمن اكتشفت أمر رجاله بالصعيد في منتصف 1973، وتم اعتقالهم، ولكنهم خرجوا ضمن الخارجين بالعفو الرئاسي العام احتفالا بنصر أكتوبر 73.
3) الدعوة إلى ترك التعليم والإبقاء على الأمية ومنع الناس من دخول المدارس والمعاهد والجامعات، ولا يقتصر الأمر على جامعات العلوم الدنيوية فقط بل يمتد إلى المعاهد والكليات الإسلامية؛ لأنها من مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن إطار مساجد الضرار:-
جاء في رسالة التوسمات: «فلم تتعلم –أي جماعة الصحابة – الدين للدنيا، ولم يكونوا يتعلمون لعمارة الأرض وبناء الدور فتلك صفة الكافرين (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا). حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهل أثر تأبير النخل، ويقول نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، فلابد أن نكون أميين مثلهم نوجه كل جهدنا ووقتنا لتعلم الكتاب والحكمة وما دون ذلك فهو ضلال مبين، ومتى يتعلم الإسلام من أمضى أكثر من نصف عمره في تعلم الجاهلية، ومن أجل هذا نقول: إن الدعوة إلى محو الأمية فكرة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام. ووجود من يقرأ ويكتب بيننا لا ينفى أننا نحن أمة أمية طالما نوجه كل وقتنا لتعلم الإسلام».
4) الموقف من إقامة الخلافة:-
يعتقدون أن النصر الجاد للجماعة المؤمنة هو أن تعبد الله، وألا تتدخل في أي صراع؛ لأنه يستحيل أن تتفوق هذه الجماعة المؤمنة مادياً وعسكرياً على الجاهلية، ولكن الله يقدر أن تدخل الجاهلية في معارك طاحنة مع بعضها بعضا لتفني نفسها وتدمر الأرض بمن عليها وتبقى القوة المؤمنة تقيم دولة الإسلام على أنقاض دولة الكفر.
4- قضية اغتيال الشيخ الذهبي – رحمه الله
ولد الذهبي رحمه الله في قرية مطوبس بكفر الشيخ عام 1915، حفظ القرآن في أول حياته وكان أول دفعته في الشهادة العالمية التي حصل عليها في الشريعة، ثم حصل على الدكتوراه في التفسير والحديث ليعمل بعد ذلك مدرسا بكلية أصول الدين التي تدرج بها حتى صار عميدا لها ثم وزيرا للأوقاف وشؤون الأزهر قبل اغتياله بنحو عامين.
جاء الذهبي في وقت تنتشر فيه الأفكار المنحرفة من الغلو والتطرف والتكفير، وكان من واجبه أن يتصدى لهذه الأفكار وأن يبين فسادها للناس حتى يحمى المجتمع من شرورها، ففكر الذهبي في أن يصدر كتابا يحذر فيه الشباب من خطورة الانسياق وراء مثل هذه الأفكار، وصدر الكتاب تحت عنوان: (قبس من هدي الإسلام) وكتب الذهبي في مقدمته قائلا «يبدو أن فريقا من المتطرفين الذين يسعون في الأرض فسادا ولا يريدون لمصر استقرارا قد استغلوا في هذا الشباب حماس الدين فأتوهم من هذا الجانب وصوروا لهم المجتمع الذي يعيشون فيه بأنه مجتمع كافر تجب مقاومته، ولا تجوز معايشته؛ فلجأ منهم من لجأ إلي الثورة والعنف، واعتزل منهم من اعتزل جماعة المسلمين وآووا إلى المغارات والكهوف، ورفض هؤلاء وأولئك المجتمع الذي ينتمون إليه؛ لأنه في نظرهم مجتمع كافر» وجاء ضمن محتويات الكتاب أن الإسلام ينتشر بالدعوة الهادئة والإقناع وليس الإرهاب ولابد من تنقية تراثنا من شوائب التخريف والتضليل وتعرية كل حملات الدس والتأويلات المغرضة التي تعرضت له على مدى التاريخ.
ويبدو أن الجماعة أرادت أن تؤدب الشيخ الذهبي فقامت باختطافه للتهديد بقطع رأسه في حالة عدم الاستجابة لطلباتهم التي تمثلت في إخلاء سبيل رموز الجماعة من المعتقلات.
وقامت الجماعة بتنفيذ عملية الاغتيال، وتلقي الشيخ الذهبي طلقتين في رأسه وهو معصوب العينين ومقيد اليدين ومستقر فوق السرير.
موقف الدعوة السلفية من الحادث
تحركت الدعوة السلفية تندد وتستنكر هذا الفعل الإجرامي، فخرجت في مسيرة في شوارع الإسكندرية رفعت فيها لافتات لا للتكفير ولا للعنف، وتواجد أبناء الدعوة في الشوارع ووسائل المواصلات ليوضحوا للناس أن هذه الجماعة منحرفة الفكر وأن الدين منها براء، وأنه ليس هناك ربط بين اللحية أو الالتزام وبين انتهاج العنف أو تكفير المجتمع وغير ذلك من المعاني، وقد شارك في هذه الفاعليات فضيلة الشيخ ياسر برهامي وفضيلة الشيخ حسن عمر وغيرهم من الإخوة والمشايخ حفظهم الله جميعاً.
5- جهود الدعوة السلفية في مواجهة هذه البدعة
الدعوة السلفية – بفضل الله – هي التي تحملت وحدها عبء مقاومة هذا الفكر ومهاجمته؛ حيث إنها كانت الجماعة الوحيدة المؤهلة علمياً وفكرياً للرد على شبهاتهم وتفنيد أقوالهم، وقد كان من ثمرات ذلك أن عصم الله الدعوة الإسلامية بمصر من أن تتلوث بهذه اللوثة أو أن يُشتهر عنها أنها تعادي المجتمع أو تكفره.
وقد اعتمدت الدعوة في مواجهة هذا التيار على عدد من الوسائل منها:-
المناظرات الفكرية: وكان من أهم نتائجها الإيجابية أنها جعلت كثيراً من الشباب الذي انخدع بدعاويهم يتخلى عنهم ويعود إلى صوابه ورشده، ومن ظل متمسكاً بمذهبه ومعانداً للحق لم يدم له المجال طويلاً؛ حيث انكشف جهله وظهرت للناس حقيقته، وقد كانت هذه المناظرات تتم في مساجدهم وقراهم وأماكن تجمعاتهم وكانت تنتهي بانسحابهم وانقطاعهم بفضل الله تعالى.
المحاضرات العلمية: تبنت الدعوة السلفية خط تحصين الشباب من هذه البدع، فقامت بعقد عدد من الدورات العلمية والدروس المنهجية لشباب الصحوة، حتى يتعرفوا على هذه الأفكار بدقة ومباشرة، ومن ذلك سلسلة شرح قضايا الإيمان والكفر للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وقام بشرح هذه المسائل الدكتور ياسر برهامي في سلسلة بالعنوان نفسه أيضاً، كما قام بتدريسها في سلسلة مستفيضة ومطولة الشيخ عبد المنعم الشحات، وأيضاً قام الشيخ ياسر برهامي بنقد هذه الأفكار أثناء شرحه لكتاب فضل الغني الحميد وكتاب فتح المجيد، وكل هذه السلاسل متوفرة على مواقع الدعوة على الإنترنت بحمد الله تعالى.
الرسائل والكتب: منها المطول ومنها المختصر فعلى سبيل المثال كتاب مسائل الإيمان والكفر للشيخ عادل نصر وهو يقع في مجلدين، وكتاب العذر بالجهل والرد على بدعة التكفير للدكتور أحمد فريد وهو رسالة صغيرة، وعدد من مؤلفات الدكتور ياسر برهامي منها الرد على ظاهرة الإرجاء وكتاب لا إله إلا الله كلمة النجاة وكتاب فضل الغني الحميد وغيرها من الكتب والرسائل.



اعداد: أحمد الشحات





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.03 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]