عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 11-08-2025, 12:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,785
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مائدة الحديث



من مائدةُ الحديثِ

عبدالرحمن عبدالله الشريف


خَيْرِيَّةُ المؤمنِ القويِّ


عنْ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: "لَوْ أَنِّي فَعَلَتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا"، وَلَكِنْ قُلْ: "قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ"، فَإِنَّ "لَوْ" تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»[1].

الشَّرحُ:
يُخبِرُ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم أنَّ المؤمنينَ يتفاوتونَ في الخيريَّةِ، وفي قُوَّةِ الإيمانِ، وفي محبَّةِ اللهِ تعالى والقيامِ بدينِه، وأنَّهم في ذلك درجاتٌ؛ كما قال تعالى: ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 163]، وأنَّ المؤمنَ القويَّ الإيمانِ نالَ مِنْ تلك الدَّرجاتِ والمراتبِ أعلاها عندَ اللهِ، معَ عدمِ نفيِ الخيريَّةِ عنِ المؤمنِ الضَّعيفِ؛ وذلك لأنَّ المؤمنَ القويَّ نفعُه مُتَعَدٍّ إلى غيرِه، أمَّا الضَّعيفُ فنفعُه قاصرٌ على نفسِه.

ثُمَّ وصَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه بوصيَّةٍ جامعةٍ، فأمرهم بالاجتهادِ في طلبِ الأمورِ النَّافعةِ في دينِهم ودنياهم، معَ الاستعانةِ باللهِ وعدمِ الكسلِ، فإذا فاتَ شيءٌ مِنْ ذلك -بعدَ بذلِ الجهدِ، واستفراغِ الوُسْعِ- فعليه أنْ يَسكُنَ قلبُه إلى قضاءِ الله وقدرِه، وتستريحَ نفسُه، ولا يَنسُبَ ذلك إلى تركِ الأسبابِ الَّتي يظنُّ نفعَها لو فعلها؛ فإنَّ (لو) في هذه الحالِ تفتحُ عملَ الشَّيطانِ بالوساوسِ والأحزانِ، والنَّدمِ والهمومِ، ونقصانِ إيمانِه ورِضْاه بالقدرِ.

ما يُسْتفادُ مِنَ الحديثِ:
1- أنَّ الإيمانَ عندَ أهلِه مُتفاوِتٌ، والواجبُ طلبُ كمالِه وقُوَّتِه.

2- استحبابُ القُوَّةِ والنَّشاطِ في الأعمالِ النَّافعةِ.

3- النَّهيُ عنْ تَنقُّصِ وازدراءِ مَنْ عندَه ضعفٌ في الإيمانِ؛ لثبوتِ الخيرِ في الجميعِ.

4- ينبغي للمسلمِ الحرصُ على ما ينفعُه مِنْ أمورِ الدِّين؛ كطلبِ العلمِ النَّافعِ، والعملِ الصَّالحِ.

5- ينبغي للمسلمِ الحرصُ على ما ينفعُه مِنْ أمورِ الدُّنيا؛ كطلبِ الرِّزقِ لسدِّ حاجتِه وحاجةِ مَنْ يعولُ.

6- وجوبُ الاستعانةِ باللهِ والتَّوكُّلِ عليه وحدَه في جميعِ الأمورِ.

7- وجوبُ بذلِ الأسبابِ النَّافعةِ، دونَ الاعتمادِ عليها أو على نفسِه.

8- وجوبُ الإيمانِ والتَّسليمِ بالقضاءِ والقدرِ، وأثرُ ذلك في استقرارِ حياةِ المسلمِ.

[1] رواه مسلمٌ (2664).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.15 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.98%)]