عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-08-2025, 10:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,714
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ هُودٍ
المجلد العاشر
الحلقة( 371)

من صــ 256 الى صـ 270





فصل:
في قوله تعالى {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} الآية وما بعدها إلى قوله: {أفلا تذكرون} ذكر سبحانه الفرق بين أهل الحق والباطل وما بينهما من التباين والاختلاف مرة بعد مرة ترغيبا في السعادة وترهيبا من الشقاوة. وقد افتتح السورة بذلك فقال: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} {ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير} فذكر أنه نذير وبشير؛ نذير ينذر بالعذاب لأهل النار وبشير يبشر بالسعادة لأهل الحق. ثم ذكر حال الفريقين في السراء والضراء فقال: {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور} {ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور} {إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير}.

ثم ذكر بعد هذا قصص الأنبياء وحال من اتبعهم ومن كذبهم كيف سعد هؤلاء في الدنيا والآخرة وشقي هؤلاء في الدنيا والآخرة فذكر ما جرى لهم إلى قوله: {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك} إلى قوله: {وذلك يوم مشهود}. ثم ذكر حال الذين سعدوا والذين شقوا. ثم قال: {إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة} فإنه قد يقال: غاية ما أصاب هؤلاء أنهم ماتوا والناس كلهم يموتون وأما كونهم أهلكوا كلهم وصارت بيوتهم خاوية وصاروا عبرة يذكرون بالشر ويلعنون إنما يخاف ذلك من آمن بالآخرة فإن لعنة المؤمنين لهم بالآخرة وبغضهم لهم كما جرى لآل فرعون هو مما يزيدهم عذابا كما أن لسان الصدق وثناء الناس ودعاءهم للأنبياء واتباعهم لهم هو مما يزيدهم ثوابا.
فمن استدل بما أصاب هؤلاء على صدق الأنبياء فآمن بالآخرة خاف عذاب الآخرة وكان ذلك له آية وأما من لم يؤمن بالآخرة ويظن أن من مات لم يبعث فقد لا يبالي بمثل هذا وإن كان يخاف هذا من لا يخاف الآخرة؛ لكن كل من خاف الآخرة كان هذا حاله وذلك له آية.
وقد ختم السورة بقوله: {وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون} إلى آخرها كما افتتحها بقوله: {ألا تعبدوا إلا الله} فذكر التوحيد والإيمان بالرسل فهذا دين الله في الأولين والآخرين قال أبو العالية: كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين. ولهذا قال: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} و {أين شركائي الذين كنتم تزعمون} هو الشرك في العبادة وهذان هما الإيمان والإسلام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ تارة في ركعتي الفجر سورتي الإخلاص وتارة بآيتي الإيمان والإسلام فيقرأ قوله: {آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية فأولها الإيمان وآخرها الإسلام ويقرأ في الثانية: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله} فأولها إخلاص العبادة لله وآخرها الإسلام له.
وقال: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} ففيها الإيمان والإسلام في آخرها وقال: {الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين} {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}.
(وقيل ياأرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين (44)
قيل: أراد بالسماء المطر أي: يا مطر انقطع وليس كذلك بل الإقلاع الإمساك أي: يا سماء امسكي عن الإمطار.

(تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين (49)
[فصل: براهين قرآنية مستقلة على نبوته صلى الله عليه وسلم]
والقرآن - نفسه - قد بين من آيات نبوته وبراهين رسالته أنواعا متعددة مع اشتمال كل نوع على عدد من الآيات والبراهين، مثال ذلك: إخباره لقومه بالغيب الماضي الذي لا يمكن بشرا أن يعلمه إلا أن يكون نبيا، أو يكون ممن تلقاه عن نبي، وقومه يعلمون أنه لم يتعلم ذلك من بشر، ولا من أهل الكتاب، ولا غيرهم. وهذا نوعان:
منه: ما كان يسأله عنه المشركون وأهل الكتاب ; لينظر هل هو نبي أم لا؟
وكان قومه يرسلون إلى أهل الكتاب، البعيدين عنهم، مثل من كان بالمدينة، وغيرها من أهل الكتاب، يطلبون منهم ما يسألونه عنه، فيرسلون إليهم ليسألوه عن ذلك، ويمتحنون بذلك هل هو نبي أم لا؟

ومنه: ما كان الله يخبره به ابتداء، ويجعله علما وآية لنبوته، وبرهانا لرسالته، مع ما في ذكر هذه القصص من الاعتبار لأمور أخرى، فكان كل من هذين النوعين دليلا وعبرة على نبوته، من طريقين، فكان دليلا وعبرة على نبوته من جهة إخباره بالغيب، الذي لا يعلمه إلا نبي، وكانت عبرة بما فيها من أحوال المؤمنين والكافرين التي توجب اتباع سبيل المؤمنين الذين اتبعوا مثله، وتجنب سبيل الكافرين الذين خالفوا مثله، وحكم الشيء حكم
نظيره. فإذا كان من كان مثله ومثل من اتبعه سعيدا، وحال من خالف مثله ومثل من اتبعه شقيا، كان في هذا دلالة وعبرة توجب اتباعه، وتنهى عن مخالفته، وهذا - أيضا - دليل على نبوة من قبله من الأنبياء من وجهين: من جهة أنه أخبر بمثل ما أخبروا به، من غير مواطأة بينهم وبينه، ولا تشاعر، لم يأخذوا عنه، ولم يأخذ عنهم.

وكل منهما أخبر عن الله بأخبار مفصلة، يمتنع الاتفاق عليها عادة إلا بتواطؤ، فإذا لم يكن تواطؤ وتشاعر، وامتنع اتفاق ذلك من غير مواطأة، علم أن كلا من المخبرين صادق، قال تعالى:
{لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} [يوسف: 7].
وقص قصته في السورة، إلى أن قال:

{ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون - وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين - وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين - وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون - وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 102 - 106].
إلى قوله:
{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين - وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون - حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين - لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [يوسف: 108 - 111].
وقال تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا} [الكهف: 83].
وقال:
{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85].
وقال:

{أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا} [الكهف: 9].
وقال تعالى لما قص قصة نوح من سورة هود، وهي أطول
ما قصه في قصة نوح:
{تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} [هود: 49].

فذكر سبحانه أن هذا الذي أوحاه إليه من أنباء الغيب، ما كان يعلمه هو ولا قومه من قبل هذا. فإذا لم يكن قومه يعلمون ذلك لا من أهل الكتاب، ولا من غيرهم، وهو لم يعاشر إلا قومه، وقومه يعلمون ذلك منه، ويعلمون أنهم لم يكونوا يعلمون ذلك، ويعلمون - أيضا - أنه هو لم يكن تعلم ذلك، وأنه لم يكن يعاشر غيرهم، وهم لا يعلمون ذلك، صار هذا حجة على قومه، وعلى من بلغه خبر قومه، ومثل ما أخبرهم عن قصة آدم، وسجود الملائكة له، وتزيين إبليس له حتى أكل من الشجرة، وهبط هو وزوجه.
وأخبرهم عن قصة نوح ومكثه فيهم ألف سنة إلا خمسين
عاما، وهذا في التوراة الموجودة بأيدي أهل الكتاب: مقدار لبثه في قومه قبل الغرق وبعده.

وأخبرهم عن قصة الخليل، وما جرى له مع قومه، وإلقائه في النار، وذبح ولده، ومجيء الملائكة إليه في صورة ضيفان، وتبشيره بإسحاق ويعقوب، وذهاب الملائكة إلى لوط، وما جرى للوط مع قومه، وإهلاك الله مدائن قوم لوط، وقصة إسرائيل مع بنيه ; كقصة يوسف، وما جرى له بمصر، وقصة موسى مع فرعون، وتكليم الله إياه مرة بعد مرة، وآياته كالعصا، واليد البيضاء، والقمل، والضفادع، والدم، وفلق البحر، وتظليل الغمام على بني إسرائيل، وإطعامهم المن والسلوى، وانفجار الماء من الحجر اثنتي عشرة عينا لسقيهم وعبادتهم العجل، وقتل بعضهم بعضا لما تاب الله عليهم، وقصة البقرة، ونتق الجبل فوقهم، وقصة داود، وقتله لجالوت، وقصة الذين خرجوا
من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم، وقصة الذي أماته الله مائة عام، ثم بعثه، وغير ذلك من أحوال بني إسرائيل.

إلى أن ذكر قصة زكريا وابنه يحيى، وعيسى ابن مريم، وأحوال المسيح وآياته، ودعائه لقومه، والآيات التي بعث بها، وتفاصيل ذلك، وذكر قصة أصحاب الكهف، وقصة ذي القرنين، وغير ذلك من قصص الأنبياء والصالحين والكفار مفصلة مبينة بأحسن بيان وأتم معرفة، مع علم قومه الذين يعرفون أحواله من صغره إلى أن ادعى النبوة: أنه لم يتعلم هذا من بشر، بل لم يجتمع هو بأحد من البشر يعرف ذلك، ولا كان عندهم بمكة من يعرف ذلك، لا يهودي ولا نصراني، ولا غيرهم.
فكان هذا من أعظم الآيات والبراهين لقومه بأن هذا إنما أعلمه به وأنبأه به الله، ومثل هذا الغيب لا يعلمه إلا نبي، أو من أخذ عن نبي، فإذا لم يكن هو أخذه عن نبي، تعين أن يكون نبيا.

، ثم سائر أهل الأرض يعلمون أنه لم يتعلم ذلك من بشر، من طرق:
أحدها: أن قومه المعادين له، الذين هم من أحرص الناس على
القدح في نبوته، مع كمال علمهم - لو علموا أنه تعلم ذلك من بشر - لطعنوا عليه بذلك وأظهروه، فإنهم - مع علمهم - بحاله يمتنع أن لا يعلموا ذلك لو كان، ومع حرصهم على القدح فيه، يمتنع أن لا يقدحوا فيه، ويمتنع أن لا يظهر ذلك.

الثاني: أنه قد تواتر عن قومه أنهم كانوا يقولون: إنه لم يكن يجتمع به من يعلمه ذلك.
الثالث: أنه لو كانت هذه القصص المتنوعة قد تعلمها من أهل الكتاب - مع عداوته لهم - لكانوا يخبرون بذلك، ويظهرونه، ولو أظهروا ذلك لنقل ذلك وعرف، فإن هذا من الحوادث التي تتوفر الهمم والدواعي على نقله.
الرابع: أنه حيث بعث كان الناس إما مشركا وإما كتابيا، فلم يكن هناك أحد على الدين الذي دعا إليه، وقد علم الناس بالتواتر أن المشركين - من قريش وغيرهم - لم يكونوا يعرفون هذه القصص، ولو قدر أنهم كانوا يعرفونها فهم أول من دعاهم إلى دينه فعادوه وكذبوه، فلو كان فيهم من علمه، أو يعلم أنه تعلم من غيره لأظهر ذلك.
الخامس: أن مثل هذا لو كان، فلا بد أن يعرفه - ولو خواص الناس - وكان في أصحابه الذين آمنوا به من يعرف ذلك، وكان ذلك
يشيع، ولو تواصوا بكتمانه كما شاع ما كتم من أمر الدول الباطنية، ولكان خواصه في الباطن يعلمون كذبه، وكان علمهم بذلك يناقض تصديقه في الباطن كما عرف في مثل ذلك.

فكيف، وكان أخص أصحابه وأعلمهم بحاله أعظمهم محبة وموالاة؟ بخلاف حال من يبطن خلاف ما يظهر، فإن خواص أصحابه لا يعظمونه في الباطن.
فإنه علم الناس أن قومه الذين كانوا معادين له غاية العداوة، وكانوا يطلبون القدح في نبوته بكل طريق، يعلمون أنه لم يكن عندهم بشر يعلمه مثل هذا، وأنه لم يكن في قومه ولا بلده من يعرف هذا.
علم الناس ما علمه قومه أن هذا أنبأه به الله، وكان هذا من أعلامه وآياته وبراهينه، وهذا مما يبين الله في القرآن أنه من آياته، وأنه حين أخبر قومه بهذا - مع تكذيبهم وفرط عداوتهم له - لم يمكن أحدا منهم أن يقول له: بل فينا من كان يعلم ذلك، وأنت كنت تعلم ذلك، وقد تعلمته منا أو من غيرنا. فكان إقرارهم بعدم علمه وعلمهم،
ومع فرط عداوتهم له، آية بينة لجميع الأمم أنه لم يكن هو ولا هم يعلمون ذلك.

ولهذا لما كان بعضهم يفتري عليه فرية ظاهرة، كانوا كلهم يعلمون كذبه، وإذا اجتمعوا وتشاوروا في أمره يعرفون أن هذا كذب ظاهر عليه كما كان بعضهم يقول: إنه مجنون، وبعضهم يقول: إنه كاهن، وبعضهم يقول: إنه ساحر، وبعضهم يقول: إنه تعلمه من بشر، وبعضهم يقول: أضغاث أحلام.
فحكى الله أقوالهم، مبينا لظهور كذب من قال ذلك، وأنه قول ضال حائر، قد بهره حال الرسول، فحار، فلم يدر ما يقول، كما قال تعالى:
{تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا - الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا - واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا - وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا - وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا - قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما} [الفرقان: 1 - 6].

فأخبر عمن قال ذلك، وهم يعلمون أن هذا من أظهر الكذب، فإن هذه القصص المذكورة في القرآن، لم يكن بمكة من يعرفها، فضلا عن أن يمليها كما قال:
{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: 48].
وقال:
{ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} [هود: 49].
ولهذا قال:

{أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض} [الفرقان: 6].
فأخبر أن هذا من علم من يعلم السر، إذ كان البشر لا يعلمون ذلك إلا من جهة أخبار الأنبياء، وليس بمكة من يعلم ما أخبرت به الأنبياء.
، ثم ذكر ما اقترحوه فقال:

{وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا - أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا - انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا} [الفرقان: 7 - 9].
أمر بالنظر في كيفية ما ضربوه من الأمثال، حيث شبهوه بمن يظهر الفرق بينه وبينه ظهورا لا يخفى على الناظر ; ولهذا قال:
{فضلوا فلا يستطيعون سبيلا} [الفرقان: 9].
إذ كان ظاهرا أن هذا ضلال عن طريق الحق، فلا يستطيع الضال عن طريق الحق إليه سبيلا.

وقال تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم - إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون - إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون - وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون - قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين - ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} [النحل: 98 - 103].
فأخبر عما افتراه بعضهم، من قوله: إنما يعلمه هذا القرآن بشر.

وكان بمكة مولى أعجمي لبعض قريش، قيل: إنه مولى لبني الحضرمي، والنبي لا يحسن أن يتكلم بلسان العجمي، وذاك لا يحسن أن يتكلم بهذا الكلام العربي. فلما قالوا: إنه افترى
هذا القرآن، وأنه علمه إياه بشر قال تعالى:
{لسان الذي يلحدون} [النحل: 103].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]