عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27-07-2025, 10:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ التكاثر
الحلقة (1419)
صــ 571 الى صــ580





تفسير سورة القارعة




بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) } .
يقول تعالى ذكره: (الْقَارِعَةُ) : الساعة التي يقرع قلوب الناس هولُها، وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة لا ليل بعدها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (الْقَارِعَةُ) من أسماء يوم القيامة، عظَّمه الله وحذّره عباده.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قي قوله (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ) قال: هي الساعة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ) قال: هي الساعة.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، قال: سمعت أن القارعة والواقعة والحاقة: القيامة.
وقوله: (مَا الْقَارِعَةُ) يقول تعالى ذكره معظما شأن القيامة والساعة التي يقرع
العباد هولها: أيّ شيء القارعة، يعني بذلك: أيّ شيء الساعة التي يقرع الخلق هولها: أي ما أعظمها وأفظعها وأهولها.
وقوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد أيّ شيء القارعة.
وقوله: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) يقول تعالى ذكره: القارعة يوم يكون الناس كالفراش، وهو الذي يتساقط في النار والسراج، ليس ببعوض ولا ذباب، ويعني بالمبثوث: المفرّق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) هذا الفراش الذي رأيتم يتهافت في النار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) قال: هذا شَبَه شبهه الله، وكان بعض أهل العربية يقول: معنى ذلك: كغوغاء الجراد، يركب بعضه بعضا، كذلك الناس يومئذ، يجول بعضهم في بعض.
وقوله: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) يقول تعالى ذكره: ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش؛ والعِهْن: هو الألوان من الصوف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) قال: الصوف المنفوش.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: هو الصوف. وذُكر أن الجبال تسير على الأرض وهي في صورة الجبال كالهباء.
وقوله: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) يقول: فأما من ثقُلَت موازين حسناته، يعني بالموازين: الوزن، والعرب تقول: لك عندي درهم بميزان درهمك، ووزن درهمك، ويقولون: داري بميزان دارك ووزن دارك، يراد: حذاء دارك. قال الشاعر:
قدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقائِكُمْ ذَا مِرَّة ... عِندِي لِكُلِّ مُخاصِمٍ مِيزَانُهُ (1)
يعني بقوله: لكلّ مخاصم ميزانه: كلامه، وما ينقض عليه حجته. وكان مجاهد يقول: ليس ميزان، إنما هو مثل ضرب.
حدثنا بذلك أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) يقول: في عيشة قد رضيها في الجنة.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) يعني: في الجنة.
وقوله: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) يقول: وأما من خفّ وزن حسناته، فمأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه في جهنم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) وهي النار هي مأواهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) قال: مصيره إلى النار، هي الهاوية. قال قتادة: هي كلمة عربية، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد، قال: هوت أمه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله الأعمى، قال: إذا مات المؤمن ذُهب بروحه إلى أرواح المؤمنين، فيقولون: روّحوا أخاكم، فإنه كان في غمّ الدنيا؛ قال: ويسألونه ما فعل فلان؟ فيقول: مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون: ذهبوا به إلى أمِّه الهاوية.
حدثني إسماعيل بن سيف العجلي، قال: ثنا عليّ بن مُسْهِر، قال: ثنا إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) قال: يهوون في النار على رءوسهم.
(1)
الحديث 175 - هو الحديث السابق بإسناد آخر. وهذا الإسناد جيد إلى الحارث الأعور، ثم يضعف به الحديث جدا، كما قلنا من قبل.

ومحمد بن سلمة: هو الباهلي الحراني، وهو ثقة، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره، وأخرج له مسلم في صحيحه، مات سنة 191. وشيخه أبو سنان: وهو سعيد بن سنان الشيباني، وهو ثقة، ومن تكلم فيه إنما يكون من جهة خطئه بعض الخطأ، وقال أبو داود: "ثقة من رفعاء الناس" ، وأخرج له مسلم في الصحيح. وعمرو بن مرة: هو المرادي الجملي، ثقة مأمون بلا خلاف، قال مسعر: "عمرو من معادن الصدق" . وأبو البختري - بفتح الباء الموحدة والتاء المثناة بينهما خاء معجمة ساكنة: هو سعيد بن فيروز الطائي الكوفي، تابعي ثقة معروف.
حدثنا ابن سيف، قال: ثنا محمد بن سَوَّار، عن سعيد، عن قتادة (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) قال: يهوي في النار على رأسه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) قال: الهاوية: النار، هي أمُّه ومأواه التي يرجع إليها، ويأوي إليها، وقرأ: (وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ) .
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) وهو مثلها، وإنما جعل النار أمَّه، لأنها صارت مأواه، كما تؤوي المرأة ابنها، فجعلها إذ لم يكن له مأوى غيرها، بمنزلة أمّ له.
وقوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد ما الهاوية، ثم بَيَّن ما هي، فقال: (نَارٌ حَامِيَةٌ) ، يعني بالحامية: التي قد حميت من الوقود عليها.



تفسير سورة ألهاكم



بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) } .
يقول تعالى ذكره: ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم، وعما ينجيكم من سخطه عليكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) قال: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعدّ من بني فلان، وهم كلّ يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا.
ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كلام يدلّ على أن معناه التكاثر بالمال.
* ذكر الخبر بذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن
مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن أبيه أنه انتهى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) قال: "ابن آدم، ليس لك من مال إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبِست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت" .
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا آدم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن أُبيّ بن كعب، قال: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن: "لو أن لابن آدم واديين من مال، لتمنى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب" حتى نزلت هذه السورة: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) إلى آخرها. وقوله صلى الله عليه وسلم بعقب قراءته "ألهاكم" ليس لك من مالك إلا كذا وكذا، ينبئ أن معنى ذلك عنده: ألهاكم التكاثر: المال.
وقوله: (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) يعني: حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها؛ وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأن الله تعالى ذكره، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور وعيدا منه لهم وتهدّدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عطية، عن قيس، عن حجاج، عن المنهال، عن زِرّ، عن عليّ، قال: كنا نشكّ في عذاب القبر، حتى نزلت هذه الآية: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) ... إلى: (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) في عذاب القبر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، عن عنبسة، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن زِرّ، عن عليّ، قال: نزلت (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) في عذاب القبر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن الحجاج، عن المنهال بن عمرو، عن زِرّ، عن عليّ، قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر، حتى نزلت: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) .
وقوله: (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني تعالى ذكره بقوله: كلا ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، أن يُلْهِيَكُم التكاثر.
وقوله: (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يقول جلّ ثناؤه: سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، أيها الذين ألهاهم التكاثر، غبّ فعلكم، واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعة الله ربكم.
وقوله: (ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يقول: ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا أن يلهيكم التكاثر بالأموال، وكثرة العدد، سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، ما تلقون إذا أنتم زرتموها، من مكروه اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر. وكرّر قوله: (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) مرتين، لأن العرب إذا أرادت التغليظ في التخويف والتهديد كرّروا الكلمة مرتين.
ورُوي عن الضحاك في ذلك ما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك (كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) قال: الكفار (ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) قال: المؤمنون. وكذلك كان يقرأها.
وقوله: (كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) يقول تعالى ذكره: ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، أن يلهيكم التكاثر أيها الناس، لو تعلمون أيها الناس علما يقينا، أن الله باعثكم يوم القيامة من بعد مماتكم من قبوركم ما ألهاكم التكاثر عن طاعة الله ربكم، ولسارعتم إلى عبادته، والانتهاء إلى أمره ونهيه، ورفض الدنيا إشفاقا على أنفسكم من عقوبته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]