
27-07-2025, 12:05 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المنافقون
الحلقة (1332)
صــ 391 الى صــ400
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) قال: يجتنون بها، قال ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) يقول: حلفهم بالله إنهم لمنكم جنة.
وقوله: (جُنَّةٍ) : سترة يستترون بها كما يستتر المستجنّ بجنته في حرب وقتال، فيمنعون بها أنفسهم وذراريهم وأموالهم، ويدفعون بها عنها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (جُنَّةٍ) ليعصموا بها دماءهم وأموالهم.
وقوله. (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) يقول: فأعرضوا عن دين الله الذي بَعَث به نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وشريعته التي شرعها لخلقه (إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يقول: إن هؤلاء المنافقين الذين أتخذوا أيمانهم جنة ساء ما كانوا يعملون في اتخاذهم أيمانهم جُنة، لكذبهم ونفاقهم، وغير ذلك من أمورهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) }
يقول تعالى ذكره: إنهم ساء ما كانوا يعملون هؤلاء المنافقون الذين اتخذوا أيمانهم جُنة من أجل أنهم صدّقوا الله ورسوله، ثم كفروا بشكهم في ذلك وتكذيبهم به.
وقوله: (فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) يقول: فجعل الله على قلوبهم خَتما بالكفر عن الإيمان؛ وقد بيَّنا في موضع غير هذا صفة الطبع على القلب بشواهدها، وأقوال أهل العلم، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) يقول تعالى ذكره: فهم لا يفقهون صوابًا من خطأ، وحقًّا من باطل لطبع الله على قلوبهم.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) أقروا بلا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقلوبهم منكِرة تأبى ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) }
يقول جلّ ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وإذا رأيت هؤلاء المنافقين يا محمد تعجبك أجسامهم لاستواء خلقها وحسن صورها (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) يقول جلّ ثناؤه: وإن يتكلموا تسمع كلامهم يشبه منطقهم منطق الناس (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) يقول كأن هؤلاء المنافقين خُشُب مسنَّدة لا خير عندهم ولا فقه لهم ولا علم، وإنما هم صور بلا أحلام، وأشباح بلا عقول.
وقوله: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) يقول جلّ ثناؤه: يحسب هؤلاء المنافقون من خُبثهمْ وسوء ظنهم، وقلة يقينهم كلّ صيحة عليهم، لأنهم على وجل أن يُنزل الله فيهم أمرا يهتك به أستارهم ويفضحهم، ويبيح للمؤمنين قتلهم
وسبي ذراريهم، وأخذ أموالهم، فهم من خوفهم من ذلك كلما نزل بهم من الله وحي على رسوله، ظنوا أنه نزل بهلاكهم وعَطَبهم. يقول الله جلّ ثناؤه لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هم العدوّ يا محمد فاحذرهم، فإن ألسنتهم إذا لَقُوكم معكم وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم عين لأعدائكم عليكم.
وقوله: (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) يقول: أخزاهم الله إلى أيّ وجه يصرفون عن الحقّ.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، وسمعته يقول في قول الله: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ) ... الآية، قال: هؤلاء المنافقون.
واختلفت القراء في قراءة قوله: (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة خلا الأعمش والكسائي (خُشُبُ) بضم الخاء والشين، كأنهم وجهوا ذلك إلى جمع الجمع، جمعوا الخشبة خشَابا ثم جمعوا الخِشاب خُشُبا، كما جمعت الثَّمرةُ ثمارا، ثم ثُمُرًا. وقد يجوز أن يكون الخُشُب بضم الخاء والشين إلى أنها جمع خَشَبة، فتضم الشين منها مرة، وتُسكن أخرى، كما جمعوا الأكمة أكمًا وأكمًا بضم الألف والكاف مرة، وتسكين الكاف لها مرة، وكما قيل: البُدُن والبُدْن، بضم الدال وتسكينها لجمع البَدنة، وقرأ ذلك الأعمش والكسائي (خُشْبُ) بضم الخاء وسكون الشين.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وتسكين الأوسط فيما جاء من جمع فُعُلة على فُعْل في الأسماء على ألسن العرب أكثر وذلك كجمعهم البدنة بُدْنا، والأجمة أُجْما.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) }
يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء المنافقين تعالوا إلى رسول الله يستغفر لكم لووا رءوسهم، يقول حرّكوها وهزّوها استهزاء برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وباستغفاره وبتشديد الواو من (لَوَّوْاْ) قرأت القرّاء على وجه الخبر عنهم أنهم كرّروا هز رءوسهم وتحريكها، وأكثروا، إلا نافعًا فإنه قرأ ذلك بتخفيف الواو (لَوَوْا) على وجه أنهم فعلوا ذلك مرّة واحدة.
والصواب من القول في ذلك قراءة من شدّد الواو لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
وقوله: (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) يقول تعالى ذكره: ورأيتهم يُعْرضون عما دُعوا إليه بوجوههم (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) يقول وهم مستكبرون عن المصير إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليستغفر لهم، وإنما عُنِي بهذه الآيات كلها فيما ذُكر، عبدُ الله بن أُبيّ ابن سَلُول، وذلك أنه قال لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ) فسمع بذلك زيد بن أرقم، فأخبر به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فدعاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فسأله عما أخبر به عنه، فحلف أنه ما قاله، وقيل له: لو أتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فسألته أن يستغفر لك، فجعل يلوي رأسه ويحرّكه استهزاء، ويعني ذلك أنه غير فاعل ما أشاروا به عليه، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه هذه السورة من أوّلها إلى آخرها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وجاءت الأخبار.
* ذكر الرواية التي جاءت بذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا إسرائيل، عن أَبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال: "خرجت مع عمي في غزاة، فسمعت عبد الله بن أُبيّ ابن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذلّ؛ قال: فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأرسل إليّ،"
فحدثته، فأرسل إلى عبد الله عليًّا رضي الله عنه وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، قال: فكذّبني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وصدّقه، فأصابني همّ لم يصبني مثله قطّ؛ فدخلت البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذّبك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومقتك، قال: حتى أنزل الله عزّ وجلّ (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) قال: فبعث إليّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقرأها، ثم قال: "إن الله عزَّ وَجَلَّ قَدْ صَدَّقَكَ يا زيد" .
حدثنا أبو كُرَيْب والقاسم بن بشر بن معروف، قال: ثنا يحيى بن بكير، قال: ثنا شعبة، قال الحكم: أخبرني، قال: سمعت محمد بن كعب القرظيّ قال: سمعت زيد بن أرقم قال: لما قال عبد الله بن أُبيّ ابن سلول ما قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ) قال: سمعته فأتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فذكرت ذلك، فلاقى ناس من الأنصار، قال: وجاء هو فحلف ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت قال: فأتاني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أو بلغني، فأتيت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: "إنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ صَدَّقَكَ وَعَذَرَكَ" قال: فنزلت الآية (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ) ... الآية.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا هاشم أبو النضر، عن شعبة، عن الحكم، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، قال: سمعت زيد بن أرقم يحدّث بهذا الحديث.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن محمد بن كعب القرظي، عن زيد بن أرقم، قال: "كنا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في غزوة، فقال عبد الله بن أُبيّ بن سلول (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ) قال: فأتيت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبرته، فحلف عبد الله بن أُبيّ إنه لم يكن شيء من ذلك، قال: فلامني قومي وقالوا: ما أردتّ إلى هذا، قال: فانطلقت فنمت كئيبًا أو حزينًا، قال:"
فأرسل إليّ نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو أتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: "إنَّ الله قَدْ أنزلَ عُذْرَكَ وَصَدَّقَكَ" ، قال: ونزلت هذه الآية: (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) ... حتى بلغ (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ) .
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عديّ، قال: أخبرني ابن عون، عن محمد، قال: "سمعها زيد بن أرقم فرفعها إلى وليه، قال: فرفعها وَليه إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: فقيل لزيد: وَفَتْ أذنك" .
حدثنا أحمد بن منصور الرّمَادي، قال: ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال: ثني أبي، قال: ثني بشير بن مسلم "أنه قيل لعبد الله بن أُبيّ ابن سلول: يا أبا حباب إنه قد أنزل فيك آي شداد، فأذهب إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يستغفر لك، فلوى رأسه وقال: أمرتموني أن أومن فآمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد" .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة "(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا) ... الآية كلها قرأها إلى (الْفَاسِقِينَ) أنزلت في عبد الله بن أُبيّ، وذلك أن غلامًا من قرابته انطلق إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فحدّثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام، فلاموه وعَذَلوه وقيل لعبد الله: لو أتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فجعل يلوي رأسه: أي لستُ فاعلا وكذب عليّ، فأنزل الله ما تسمعون" .
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ) قال: عبد الله بن أُبَيّ، قيل له: تعالَ ليستغفر لك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلوى رأسه وقال: ماذا قلت؟.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: قال له قومه: لو أتيت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فاستغفر لك، فجعل يلوي رأسه، فنزلت فيه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ) .
القول في تأويل قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: سواء يا محمد على هؤلاء المنافقين الذين قيل لهم تعالوا يستغفر لكم ر سول الله (أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ) ذنوبهم (أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) يقول: لن يصفح الله لهم عن ذنوبهم، بل يعاقبهم عليها (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) يقول: إن الله لا يوفِّق للإيمان القوم الكاذبين عليه، الكافرين به، الخارجين عن طاعته.
وقد حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) قال: نزلت هذه الآية بعد الآية التي في سورة التوبة (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) [التوبة: 8] فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "زيادة على سبعين مرّة، فأنزل الله (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) ."
القول في تأويل قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) }
يقول تعالى ذكره (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ) يعني المنافقين الذين يقولون لأصحابهم (لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ) من أصحابه المهاجرين (حَتَّى يَنْفَضُّوا) يقول: حتى يتفرّقوا عنه.
وقوله: (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) يقول: ولله جميع ما في السموات والأرض من شيء وبيده مفاتيح خزائن ذلك، لا يقدر أحد أن يعطي أحدًا شيئًا إلا بمشيئته (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) أن ذلك كذلك، فلذلك يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى ينفضوا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|