عرض مشاركة واحدة
  #1298  
قديم 26-07-2025, 07:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,770
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرحمن
الحلقة (1298)
صــ 51 الى صــ60




القول في تأويل قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) }
القول في تأويل قوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) }
يقول تعالى ذكره: فيومئذ لا يسأل الملائكة المجرمين عن ذنوبهم، لأن الله قد حفظها عليهم، ولا يسأل بعضهم عن ذنوب بعض، ربهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) يقول تعالى ذكره: لا يسألهم عن أعمالهم، ولا يسأل بعضهم عن بعض وهو مثل قوله: (وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) ، ومثل قوله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: (لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) قال: حفظ الله عزّ وجلّ عليهم أعمالهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) قال: كان مجاهد يقول: لا يسأل الملائكة عن المجرم يعرفون بسيماهم.
حدثنا محمد بن بشار، وقال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام عن قتادة (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) قال: قد كانت مسألة ثم ختم على ألسنة القوم، فتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين، -التي أنعم عليكم من عدله فيكم، أنه لم يعاقب منكم إلا مجرما-. (1)
وقوله: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ) يقول تعالى ذكره تعرف الملائكة المجرمين بعلاماتهم وسيماهم التي يسوّمهم الله بها من اسوداد الوجوه، وازرقاق العيون.
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور عن معمر، عن الحسن، في قوله: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ) قال: يعرفون باسوداد الوجوه، وزُرقة العيون.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ) قال: زرق العيون، سود الوجوه.
وقوله: (فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ) ، يقول تعالى ذكره: فتأخذهم الزبانية بنواصيهم وأقدامهم فتسحبهم إلى جهنم، وتقذفهم فيها
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما معشر الجنّ والإنس -التي أنعم عليكم بها من تعريفه ملائكته أهل الإجرام من أهل الطاعة منكم، حتى خصوا
(1)
لعله سقط من قلم الناسخ كلمة "تكذّبان" ، التي اعتاد المؤلف أن يختم بها مثل هذا التعبير فيما مضى منقول الله سبحانه (فبأيّ آلاء ربكما تكذّبان) ؟

بالإذلال والإهانة المجرمين دون غيرهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45) }
يقول تعالى ذكره: يقال لهؤلاء المجرمين الذين أخبر جلّ ثناؤه أنهم يعرفون يوم القيامة بسيماهم حين يؤخذ بالنواصي والأقدام: هذه جهنم التي يكذّب بها المجرمون، فترك ذكر "يقال" اكتفاء بدلالة الكلام عليه منه، وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (وهذه جهنم التي كنتما بها تكذّبان تصليانها، لا تموتان فيها ولا تحييان) . (1)
وقوله: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول تعالى ذكره: يطوف هؤلاء المجرمون الذين وصف صفتهم في جهنم بين أطباقها (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول: وبين ماء قد أسخن وأغلي حتى انتهى حرّه وأنى طبخه، وكل شيء قد أدرك وبلغ فقد أنى، ومنه قوله: (غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) يعني: إدراكه وبلوغه، كما قال: نابغة بني ذُبيان:
ويُخْضَب لِحْيَةٌ غدَرَتْ وخانَتْ بأحمَرَ مِنْ نَجيع الجَوْفِ آني (2)
(1)
ذكر الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة 24059 صفحة 321) قراءة عبد الله، وزاد فيها بعد قوله: (تحييان) : تطوفان. اهـ. و "تطوفان" : هي بدء الآية التي بعدها: (يطوفون بينها.... إلخ) .

(2)
البيت لنابغة بني ذبيان (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي 194) من قصيدة يهجو بها يزيد بن عمرو بن الصعق الكلابي في قصة ذكرها شارحه في 193 عند بدء القصيدة، (وانظر شرح الأعلم، والوزير أبي بكر البطليوسي على الأشعار الستة، والجزء الأول من خزانة الأدب الكبرى، لعبد القادر البغدادي 204 - 205) وقال شارح البيت: نجيع الجوف: الدم الخالص. والآنى: الشديد الحرارة، وهو الذي بلغ أناه. اهـ. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 173 - ب) : عند قوله تعالى: (وبين حميم آن: بلغ أناه في شدة الحر. اهـ.

يعني: مدرك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول: انتهى حرُّه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول: غلى حتى انتهى غليه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) قال: قد بلغ إناه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: الآني الذي قد انتهى حرّه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا شبيب، عن بشر، عن عكرِمة، عن ابن عباس (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) قال: الآني: ما اشتدّ غليانه ونضجه.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (حَمِيمٍ آنٍ) : هو الذي قد انتهى غَلْيه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) قال: أنى طبخها منذ يوم خلق الله السموات والأرض.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يقول: حميم قد أنى طبخه منذ خلق الله السموات والأرض.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن (حَمِيمٍ آنٍ) يقول: حميم قد آن منتهى حره.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (حَمِيمٍ آنٍ) قال: قد انتهى حرّه.
وقال بعضهم: عنى بالآني: الحاضر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) قال: يطوفون بينها وبين حميم حاضر، الآني:الحاضر.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول: فبأيّ نعم ربكما معشر الجنّ والإنس التي أنعمها عليكم -بعقوبته أهل الكفر به، وتكريمه أهل الإيمان به - تكذّبان.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) }
يقول تعالى ذكره: ولمن اتقى الله من عباده -فخاف مقامه بين يديه، فأطاعه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه - جنتان، يعني بستانين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عن تأويله، غير أن معنى جميعهم يقول إلى هذا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: وعد الله جلّ ثناؤه
المؤمنين الذين خافوا مقامه، فأدَّوا فرائضه الجنة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) يقول: خاف ثم اتقى، والخائف: من ركب طاعة الله، وترك معصيته.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن مجاهد، في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ، هو الرجل يهم بالذنب، فيذكر مقام ربه فينزع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن منصور، عن مجاهد، قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: الرجل يهمّ بالذنب فيذكر مقامه بين يدي الله فيتركه، فله جنتان.
قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: الرجل يهمّ بالمعصية، فيذكر الله عزّ وجلّ فيدعها.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: في الذي إذا همّ بمعصية تركها.
حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثنا إسحاق بن منصور، عن مجاهد، قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: هو الرجل يهمّ بمعصية الله تعالى، ثم يتركها مخافة الله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: يذنب الذنب فيذكر مقام ربه فيدعه.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم في هذه الآية (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: إذا أراد أن يذنب أمسك مخافة الله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: إن المؤمنين خافوا ذاكم المقام فعملوا له، ودانوا له، وتعبَّدوا بالليل والنهار.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، قال: ثنا قتادة، في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: إن لله مقاما قد خافه المؤمنون.
حدثني محمد بن موسى، قال: ثنا عبد الله بن الحارث القرشيّ، قال: ثنا شعبة بن الحجاج، قال: ثنا سعيد الجريريّ، عن محمد بن سعد، عن أبي الدرداء، قال، قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإنْ زَنى وسَرقَ وإنْ رَغِمَ أنْف أبي الدَّرْداء "."
وحدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن عطاء بن يسار، قال: أخبرني أبو الدرداء أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قرأ يوما هذه الآية (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ، فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ قال: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال فقلت: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق؟ قال: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال: "وَإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ رَغْمَ أنْفِ أبي الدَّرْدَاءِ" .
حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي بكر، عن أبي موسى، عن أبيه، قال: حماد لا أعلمه إلا رفعه في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: جنتان من ذهب للمقرّبين أو قال: للسابقين، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، قال: ثنا سيار، قال: قيل لأبي الدرداء في هذه الآية (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) فقيل:
وإن زنى وإن سرق، فقال: وإن زنى وإن سرق.
وقال: إنه إن خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن ابن المبارك، عن سعيد الجريريّ، عن رجل، عن أبي الدرداء (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) فقال: أبو الدرداء: وإن زنى وإن سرق، قال: "نعم، وإن رغِمَ أنْفُ أبي الدرداء" .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن الصلت، عن عمرو بن ثابت، عمن ذكره، عن أبي وائل، عن ابن مسعود في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: وإن زنى وإن سرق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: جنتا السابقين، فقرأ (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) ، فقرأ حتى بلغ (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) ، ثم رجع إلى أصحاب اليمين، فقال: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) ، فذكر فضلهما وما فيهما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال: مقامه حين يقوم العباد يوم القيامة، وقرأ (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) وقال: ذاك مقام ربك.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما أيها الثقلان -التي أنعم عليكم بإثابته المحسن منكم ما وصف جلّ ثناؤه في هذه الآيات - تكذّبان.
وقوله: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يقول: ذواتا ألوان، واحدها فن، وهو من قولهم: افتن فلان في حديثه: إذا أخذ فى فنون منه وضروب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن
عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قال: ذواتا ألوان.
حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: ثنا عبد الله بن النعمان، عن عكرِمة (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قال: ظل الأغصان على الحيطان، قال: وقال الشاعر:
ما هاجَ شَوْقَكَ مِنْ هَدِيل حَمامَة تَدْعُو على فَنن الغُصُونِ حَماما
تَدْعُوا أبا فَرْخَين صَادَفَ ضاريا ذا مِخْلَبين مِنَ الصُّقُّورِ قَطاما (1) .
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قال: ذواتا ألوان.
قال: ثنا مهران، عن أبي سنان (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قال: ذواتا ألوان.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يقول: ألوان من الفاكهة.
وقال آخرون: ذواتا أغصان.
* ذكر من قال ذلك:
(1)
لم أقف على قائل البيتين وأنشد ابن بري في (اللسان: هدر) البيت الأول منهما، ولم ينسبه قال صاحب اللسان عن ابن سيده في المحكم: الهديل: صوت الحمام، وخص بعضهم به وحشها، كالدباسي والقماري ونحوهما، هدل يهدل هديلا. وأنشد ابن بري:.... البيت قال: وقد جاء الهديل في صوت الهدهد. اهـ. والفنفن الغصن المستقيم طولا وعرضا. وقيل الغصن: القضيب، يعني المقضوب، والفنن: ما تشعب منه. والجمع: الأفنان ثم والأفانين.

وقال عكرمة في قوله تعالى: (ذواتا أفنان) قال: ظل الأغصان على الحيطان. وقال أبو الهيثم: فسرها بعضهم ذواتا أغصان وفسره بعضهم: ذواتا ألوان، واحدها حينئذ: فن، وفنن. قال أبو منصور: واحد الأفنان، إذا أردت بها ألوان فن. وإذا أردت بها الأغصان: فواحدها فنن. اهـ.
وقال في قطم: والقطامي: الصقر، ويفتح. وصقر قطام (كسحاب) وقَطامي وقطامي (بفتح أوله وضمه) : لحم. قيس يفتحون، وسائر العرب يضمون، وقد غلب عليه اسما، وهو مأخوذ من القطم، وهو المشتهى: اللحم وغيره.اهـ.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل من أهل البصرة، عن مجاهد (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قال: ذواتا أغصان.
وقال آخرون: معنى ذلك: ذواتا أطراف أغصان الشجر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يقول: فيما بين أطراف شجرها، يعني: يمسّ بعضها بعضا كالمعروشات، ويقال: ذواتا فضول عن كل شيء.
وقال آخرون: بل عنى بذلك فضلهما وسعتهما على ما سواهما.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يعني: فضلهما وسعتهما على ما سواهما.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قال: ذواتا فضل على ما سواهما.
وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكما بإثابته هذا الثواب أهل طاعته - تكذّبان.
القول في تأويل قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) }
يقول تعالى ذكره في هاتين الجنتين عينا ماء تجريان خلالهما، فبأيّ آلاء ربكما تكذّبان.
وقوله: (فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ) يقول تعالى ذكره: فيهما من
كلّ نوع من الفاكهة ضربان، فبأي آلاء ربكما -التي أنعم بها على أهل طاعته من ذلك تكذّبان.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]