عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 26-07-2025, 04:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى والعشرون
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الذاريات
الحلقة (1274)
صــ 411 الى صــ 420






حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن الزبير بن عديّ، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال: كانوا قليلا من الناس من يفعل ذلك.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الزبير بن عديّ، عن الضحاك بن مزاحم (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال: كانوا قليلا من الناس إذ ذاك.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال الله (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) ... إلى (مُحْسِنِينَ) كانوا قليلا يقول: المحسنون كانوا قليلا هذه مفصولة، ثم استأنف فقال (مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) .
وأما قوله (يَهْجَعُونَ) فإنه يعني: ينامون، والهجوع: النوم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) يقول: ينامون.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال: ينامون.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، مثله.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت
الضحاك يقول في قوله (مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) الهجوع: النوم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال: كانوا قليلا ما ينامون من الليل، قال: ذاك الهجع. قال: والعرب تقول: إذا سافرت اهجع بنا قليلا. قال: وقال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة صفة لا أجدها فينا، ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال: (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم; قال: فقال أبي طُوبى لمن رقد إذا نعس; وألقى الله إذا استيقظ.
وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم، وأثنى عليهم به، فوصفهم بكثرة العمل، وسهر الليل، ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل، وكثرة النوم، مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل.
وقوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: وبالأسحار يصلون.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) يقول: يقومون فيصلون، يقول: كانوا يقومون وينامون، كما قال الله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ) فهذا نوم، وهذا قيام (وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) كذلك يقومون ثلثا ونصفا وثلثين: يقول: ينامون ويقومون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، قوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال: يصلون.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال: يصلون.
وقال آخرون: بل عني بذلك أنهم أخروا الاستغفار من ذنوبهم إلى السحر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: مدّوا في الصلاة ونَشطوا، حتى كان الاستغفار بسحر.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال: هم المؤمنون، قال: وبلغنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يعقوب حين سألوه أن يستغفر لهم (يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا - قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) قال: قال بعض أهل العلم: إنه أخَّر الاستغفار إلى السحر. قال: وذكر بعض أهل العلم أن الساعة التي تفتح فيها أبواب الجنة: السحر.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول: السحر: هو السدس الأخير من الليل.
وقوله (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) يقول تعالى ذكره: وفي أموال هؤلاء المحسنين الذين وصف صفتهم حقٌّ لسائلهم المحتاج إلى ما في أيديهم والمحروم.
وبنحو الذي قلنا في معنى السائل، قال أهل التأويل، وهم في معنى المحروم مختلفون، فمن قائل: هو المحارَف الذي ليس له في الإسلام سهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن
قيس بن كركم، عن ابن عباس سألته عن السائل والمحروم، قال: السائل: الذي يسأل الناس، والمحروم: الذي ليس له في الإسلام سهم وهو محارَف.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه عن ابن عباس، قوله (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: المحروم: المحارف.
حدثنا سهل بن موسى الرازي، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن قيس بن كركم، عن ابن عباس، قال: السائل: السائل. والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
حدثنا سهل بن موسى، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن قيس بن كركم، عن ابن عباس، قال: المحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
حدثنا حُميد بن مسعدة، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا شعبة عن أبي إسحاق، عن قيس بن كركم، عن ابن عباس في هذه الآية (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: السائل: الذي يسأل، والمحروم: المحارَف.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدّث عن قيس بن كركم، عن ابن عباس، بنحوه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول: الله تبارك وتعالى: المحروم، قال: المحارف.
وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَالمَحْرُومِ) : هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب، قضى الله له ذلك.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن قيس بن كركم، قال: سألت ابن عباس عن قوله (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: السائل: الذي يسأل، والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
حدثني محمد بن عمرو المقدمي، قال: ثنا قريش بن أنس، عن سليمان، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: المحروم: المحارَف.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، قال في المحروم: هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه، أو يعطيه شيئا.
حدثني ابن المثنى، قال: ثني وهب بن جرير، قال ثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي قلابة، قال: جاء سيل باليمامة، فذهب بمال رجل، فقال رجل من أصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هذا المحروم.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، عن نافع، قال: المحروم: المحارف.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: المحروم: المحارف.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن الوليد بن العيزار عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال: المحروم: هو المحارف.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جُبير، عن المحروم، فلم يقل فيه شيئا، فقال عطاء: هو المحدود المحارف.
ومن قائل: هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني نافع بن يزيد، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ، عن سعيد بن المسيب، أنه سُئل عن المحروم فقال: المحارف. (1)
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) هذان فقيرا أهل الإسلام، سائل يسأل في كفِّه، وفقير معتفِّف، ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: السائل: الذي يسأل، والمحروم: المتعفف الذي لا يسأل.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، قال: قال معمر، وحدثني الزهريّ، أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "لَيْسَ المِسْكينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمرةُ والتَّمْرَتان والأكْلَة والأكْلَتانِ، قالوا فمن المسكين يا رسول الله؟ قال: الَّذِي لا يَجِدُ غِنًى، وَلا يُعْلَمُ بِحاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَذلكَ المَحْرُومُ" .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: السائل الذي يسأل بكفه، والمحروم: المتعفف، ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.
وقائل: هو الذي لا سهم له في الغنيمة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد، إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث سرية، فغنموا، فجاء قوم يشهدون الغنيمة، فنزلت هذه الآية: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ
(1)
هذا الأثر يناسب القول الأول، فلعله مؤخر من تقديم.

لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) .
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن سفيان، عن قيس بن مسلم الجدلي، عن الحسن بن محمد، قال: بعثت سرية فغنموا، ثم جاء قوم من بعدهم، قال: فنزلت (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) .
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم أن أناسا قدموا على عليّ رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل، فقال: اقسموا لهم، قال: هذا المحروم.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد أن قوما في زمان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أصابوا غنيمة، فجاء قوم بعد، فنزلت (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) .
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن إبراهيم، قال: المحروم: الذي لا فيء له في الإسلام، وهو محارف من الناس.
قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، قوله (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: المحروم: الذي لا يجري عليه شيء من الفيء، وهو محارف من الناس.
وقائل: هو الذي لا ينمى له مال.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن حصين، قال: سألت عكرِمة، عن السائل والمحروم؟ قال: السائل: الذي يسألك، والمحروم: الذي لا ينمى له مال.
وقائل: هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: المحروم: المصاب ثمره وزرعه،
وقرأ (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) . . حتى بلغ (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) وقال أصحاب الجنة: (إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) .
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد الله بن عياش، قال: قال زيد بن أسلم في قول الله (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال ليس ذلك بالزكاة، ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة، والمحروم: الذي يُصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته، فيكون له حقّ على من لم يصبه ذلك من المسلمين، كما قال لأصحاب الجنة حين أهلك جنتهم قالوا (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) وقال أيضًا: (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) .
وكان الشعبي يقول في ذلك ما حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، قال: قال الشعبيّ: أعياني أن أعلم ما المحروم.
والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حُرم الرزق واحتاج، وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره، فصار ممن حرمه الله ذلك، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة، ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعمّ، كما قال جلّ ثناؤه (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) .
القول في تأويل قوله تعالى: {وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) }
يقول تعالى ذكره: وفي الأرض عبر وعظات لأهل اليقين بحقيقة ما عاينوا ورأوا إذا ساروا فيها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) قال: يقول: معتبر لمن اعتبر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) إذا سار في أرض الله رأى عبرا وآيات عظاما.
وقوله (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم، ودليل لكم على ربكم، أفلا تبصرون إلى ذلك منكم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ، قال: ثنا أبو أُسامة، عن ابن جُرَيح، عن ابن المرتفع، قال: سمعت ابن الزُّبير يقول: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) قال: سبيل الغائط والبول.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جُريج، عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزُّبير (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) قال: سبيل الخلاء والبول.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) قال: وفينا آيات كثيرة، هذا السمع والبصر واللسان والقلب، لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيء هو، إنما هو مضغة في جوفه،
يجعل الله فيه العقل، أفيدري أحد ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضا أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم (أَفَلا تُبْصِرُونَ) يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم.
وقوله (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) يقول تعالى ذكره: وفي السماء: المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم، وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا النضر، قال: ثنا جُوَيبر، عن الضحاك، في قوله (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) قال: المطر.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) قال: الثلج، وكلّ عين ذائبة من الثلج لا تنقص.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا سفيان، عن عبد الكريم، عن الحسن، قال: في السحاب فيه والله رزقكم، ولكنكم تحرمونه بخطاياكم وأعمالكم.
قال أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، قال: أحسبه أو غيره "أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سمع رجلا ومطروا، يقول: ومطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال كَذَبْتَ، بَلْ هُوَ رِزقُ اللهِ" .
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) قال: رزقكم
المطر.
قال: ثنا مهران، عن سفيان (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) قال: رزقكم المطر.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]