عرض مشاركة واحدة
  #1041  
قديم 22-07-2025, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,234
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثامن عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الحج
الحلقة (1041)
صــ 601 إلى صــ 610




بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) يعني أن تستحلّ من الحرام ما حرّم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) قال: يعمل فيه عملا سيئا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد مثله.
حدثنا أبو كريب ونصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ قالا ثنا المحاربيّ، عن سفيان عن السُّديّ، عن مرّة عن عن عبد الله، قال: ما من رجل يهمّ بسيئة فتكتب عليه، ولو أن رجلا بعد أن بين همّ أن يقتل رجلا بهذا البيت، لأذاقه الله من العذاب الأليم.
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا شعبة، عن السديّ، عن مرّة، عن عبد الله، قال مجاهد، قال يزيد، قال لنا شعبة، رفعه، وأنا لا أرفعه لك في قول الله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) قال: لو أن رجلا همّ فيه بسيئة وهو بعد أن أبين، لأذاقه الله عذابا أليما.
حدثنا الفضل بن الصباح، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) قال: إن الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو في بلد آخر ولم يعملها، فتكتب عليه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) قال: الإلحاد: الظلم في الحرم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك الظلم: استحلال الحرم متعمدا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: (بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) قال: الذي يريد استحلاله متعمدا، ويقال الشرك.
وقال آخرون: بل ذلك احتكار الطعام بمكة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أشعث، عن حبيب بن أبي ثابت في قوله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) قال: هم المحتكرون الطعام بمكة.
وقال آخرون: بل ذلك كل ما كان منهيا عنه من الفعل، حتى قول القائل: لا والله، وبلى والله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: كان له فسطاطان: أحدهما في الحلّ، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحلّ، فسئل عن ذلك، فقال: كنا نحدّث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل: كلا والله، وبلى والله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن أبي ربعي، عن الأعمش، قال: كان عبد الله بن عمرو يقول: لا والله وبلى والله من الإلحاد فيه.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معنيّ بالظلم في هذا الموضع كلّ معصية لله، وذلك أن الله عم بقوله (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصي الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ ذلك (وَمَنْ يَرِدْ فِيه) بفتح الياء بمعنى: ومن يرده بإلحاد من وَرَدْت المكان أرِدْه. وذلك قراءة لا تجوز القراءة عندي بها لخلافها ما عليه الحجة من القرّاء مجمعة مع بعدها من فصيح كلام العرب، وذلك أنَّ يَرِدْ فعل واقع، يقال منه: وهو يَرِد مكان كذا أو بلدة كذا، ولا يقال: يَرِد في مكان كذا. وقد زعم بعض أهل المعرفة بكلام العرب، أن طَيِّئا تقول: رغبت فيك، تريد: رغبت بك، وذكر أن بعضهم أنشده بيتا:
وأرْغَبُ فِيها عَنْ لَقِيطٍ وَرَهْطِهِ ... وَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِس لَسْتُ أرْغَبُ (1)
بمعنى: وأرغب بها. فإن كان ذلك صحيحا كما ذكرنا، فإنه يجوز في الكلام، فأما القراءة به فغير جائزة لما وصفت.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مُعْلِمَه عظيم ما ركب من قومه قريش خاصة دون غيرهم من سائر خلقه بعبادتهم في حرمه، والبيت الذي أمر إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم ببنائه وتطهيره من الآفات والرِّيَب والشرك: واذكر يا محمد كيف ابتدأنا هذا البيت الذي يعبد قومك فيه غيري، إذ بوأنا لخليلنا إبراهيم، يعني بقوله: بوأنا: وطأنا له مكان البيت.
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور عن معمر، عن قتادة، قوله: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) قال: وضع الله البيت مع آدم صلى الله عليه وسلم حين أهبط آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا، وإن آدم لمَّا فَقَد أصوات الملائكة وتسبيحهم، شكا ذلك إلى الله، فقال الله: يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا يُطاف به كما يطاف حول عرشي، ويُصلَّى عنده كما يصلى حول عرشي، فانطلق إليه! فخرج إليه، ومدّ له في خطوه، فكان بين كل خطوتين مفازة، فلم تزل تلك المفاوز على ذلك حتى أتى آدم البيت، فطاف به ومن بعده من الأنبياء.
(1)
البيت سبق الاستشهاد به على مثل ما استشهد به المؤلف هنا، في (13: 189) وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن، الورقة 161، والورقة 310 من مصورة الجامعة (على أن من العرب من يجعل) (في) في موضع الباء، فيقول أدخلك الله بالجنة، يريد: في الجنة. قال الفراء في (ص 310) : وقد يجوز في لغة الطائيين: لأنهم يقولون: رغبت فيك، يريدون: رغبت بك. أنشدني بعضهم: "وأرغب فيها عن لقيط" . . . . البيت. يعني بنته. أه.

حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: لما عهد الله إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين، انطلق إبراهيم حتى أتى مكة، فقام هو وإسماعيل، وأخذا المعاول، لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخَجُوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لها ما حول الكعبة عن أساس البيت الأوّل، واتبعاها بالمعاول يحفران، حتى وضعا الأساس، فذلك حين يقول: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) .
ويعني بالبيت: الكعبة، (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا) في عبادتك إياي (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) الذي بنيته من عبادة الأوثان.
كما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي عن سفيان عن ليث، عن مجاهد، في قوله: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) قال: من الشرك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، قال: من الآفات والريب.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: (طَهِّرَا بَيْتِيَ) قال: من الشرك وعبادة الأوثان.
وقوله: (لِلطَّائِفِينَ) يعني للطائفين، والقائمين بمعنى المصلين الذين هم قيام في صلاتهم.
كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تُمَيلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عطاء في قوله (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ) قال: القائمون في الصلاة.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة: (وَالْقَائِمِينَ) قال: القائمون المصلون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة، مثله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) قال: القائم والراكع والساجد هو المصلي، والطائف هو الذي يطوف به. وقوله: (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) يقول: والركع السجود في صلاتهم حول البيت.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: عهدنا إليه أيضا أن أذّن في الناس بالحجّ: يعني بقوله: (وأذّنْ) أعلم وناد في الناس أن حجوا أيها الناس بيت الله الحرام (يَأْتُوكَ رَجالا) يقول: فإن الناس يأتون البيت الذي تأمرهم بحجه مشاة على أرجلهم (وَعَلى كُلّ ضَامِر) يقول: وركباناً على كلّ ضامر، وهي الإبل المهازيل (يَأْتِينَ مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق) يقول: تأتي هذه الضوامر من كل فجّ عميق: يقول: من كلّ طريق ومكان ومسلك بعيد. وقيل: يأتين. فجمع لأنه أريد بكل ضامر: النوق. ومعنى الكلّ: الجمع، فلذلك قيل: يأتين. وقد زعم الفراء أنه قليل في كلام العرب: مررت على كلّ رجل قائمين. قال: وهو صواب، وقول الله "وَعَلى ضَامِرٍ يَأْتينَ" ينبىء على صحة جوازه. وذُكر أن إبراهيم صلوات الله عليه لما أمره الله بالتأذين بالحجّ، قام على مقامه فنادى: يا أيها الناس أن الله كتب عليكم الحج فحجوا بيته العتيق.
وقد اختُلف في صفة تأذين إبراهيم بذلك. فقال بعضهم: نادى بذلك كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له: (أذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ) قال: ربّ ومَا يبلغ صوتي؟ قال: أذّن وعليّ البلاغ فنادى إبراهيم: أيها الناس كُتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فحجوا- قال: فسمعه ما بين السماء والأرض، أفلا ترى الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون.
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضمي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه، أن أذّن في الناس بالحجّ، قال: فقال إبراهيم: ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا، وأمركم أن تحجوه، فاستجاب له ما سمعه من شيء من حجر وشجر وأكمة أو تراب أو شيء: لبَّيك اللهم لبَّيك.
حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا ابن واقد، عن أبي الزبير، عن مجاهد، عن ابن عباس: قوله: (وأذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ) قال: قام إبراهيم خليل الله على الحجر، فنادى: يا أيها الناس كُتب عليكم الحجّ، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن من سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة: لبَّيك اللهمّ لبَّيك.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير: (وأذّنْ فِي النَّاسِ بالحَجّ يَأْتُوكَ رِجالا) قال: وقرت في قلب كلّ ذكر وأنثى.
حدثني ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت، أوحى الله إليه، أن أذّن في الناس بالحجّ، قال: فخرج فنادى في الناس: يا أيها الناس أن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه، فلم يسمعه يومئذ من إنس، ولا جنّ، ولا شجر، ولا أكمة، ولا تراب، ولا جبل، ولا ماء، ولا شيء إلا قال: لبَّيك اللهم لبَّيك.
قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قام إبراهيم على المقام حين أمر أن يؤذّن في الناس بالحجّ.
حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، في قوله: (وأذّنْ في النَّاسِ بالحَجّ) قال: قام إبراهيم على مقامه، فقال: يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فقالوا: لبَّيك اللهمّ لبَّيك، فمن حَجّ اليوم فهو ممن أجاب إبراهيم يومئذ.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن عكرمة بن خالد المخزومي، قال: لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قام على المقام، فنادى نداء سمعه أهل الأرض: إن ربكم قد بنى لكم بيتا فحجوه، قال داود:
فأرجو من حجّ اليوم من إجابة إبراهيم عليه السلام. (1)
حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي عاصم الغَنَويّ، عن أبي الطفيل، قال: قال ابن عباس: هل تدري كيف كانت التلبية؟ قلت: وكيف كانت التلبية؟ قال: إن إبراهيم لما أمر أن يؤذّن في الناس بالحجّ، خفضت له الجبال رءوسها، ورُفِعَت القرى، فأذّن في الناس.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قوله: (وأذّنْ في النَّاسِ بالحَجّ) قال إبراهيم: كيف أقول يا ربّ؟ قال: قل: يا أيها الناس استجيبوا لربكم، قال: وقَرَّت في قلب كلّ مؤمن.
وقال آخرون فى ذلك، ما حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة، عن مجاهد، قال: قيل لإبراهيم: أذّن في الناس بالحجّ، قال: يا ربّ كيف أقول؟ قال: قل لبَّيك اللهمّ لبَّيك. قال: فكانت أوّل التلبية.
وكان ابن عباس يقول: عني بالناس في هذا الموضع: أهل القبلة.
*ذكر الرواية بذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وأذّنْ في النَّاسِ بالحَجّ) يعني بالناس: أهل القبلة، ألم تسمع أنه قال: (إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنَّاسِ لَلَّذِي بِمكَةَ مُبارَكا ... [إلى قوله: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنا [يقول: ومن دخله من الناس الذين أمر أن يؤذن فيهم، وكتب عليهم الحجّ، فإنه آمن، فعظَّموا حرمات الله تعالى، فإنها من تقوى القلوب.
وأما قوله: (يَأْتُوكَ رِجالا وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ) فإن أهل التأويل قالوا فيه نحو قولنا.
*حدثنا القاسم، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: (يَأْتُوكَ رِجالا) قال: مشاة.
(1)
كذا وردت هذه العبارة الأخيرة في الأصل، ولعل أصلها: فأرجو أن كل من حج اليوم، فحجه من إجابة إبراهيم.

قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو معاوية عن الحجاج بن أرطأة، قال: قال ابن عباس: ما آسى على شيء فاتني إلا أن لا أكون حججت ماشيا، سمعت الله يقول: (يَأْتُوكَ رِجالا) .
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: حجّ إبراهيم وإسماعيل ماشيين.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن ابن عباس: (يَأْتُوكَ رِجالا) قال: على أرجلهم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ) قال: الإبل.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ) قال: الإبل.
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: ثنا المحاربي، عن عمر بن ذرّ، قال: قال مجاهد: كانوا لا يركبون، فأنزل الله: (يَأْتُوكَ رِجالا وَعَلى كُلّ ضَامِرٍ) قال: فأمرهم بالزاد، ورخص لهم في الركوب والمتجر.
وقوله (مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق) حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق) يعني: من مكان بعيد.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق) قال: بعيد.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فَجّ عَمِيق) قال: مكان بعيد.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة مثله.
وقوله: (لِيَشْهُدوا مَنافِعَ لَهُمْ) اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكرها الله في هذا الموضع فقال بعضهم: هي التجارة ومنافع الدنيا.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا
عمرو بن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: هي الأسواق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تُمَيلة، عن أبي حمزة، عن جابر بن الحكم، عن مجاهد عن ابن عباس، قال: تجارة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي رزين، في قوله: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لهُمْ) قال: أسواقهم.
قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن واقد، عن سعيد بن جُبير: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) قال: التجارة.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا إسحاق عن سفيان، عن واقد، عن سعيد بن جبير، مثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن واقد، عن سعيد، مثله.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا سنان، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعُ لَهُمْ) قال: الأسواق.
وقال آخرون: هي الأجْر في الآخرة، والتجارة في الدنيا.
*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن بشار، وسوار بن عبد الله، قالا ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: التجارة، وما يرضي الله من أمر الدنيا والآخرة.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: ثنا إسحاق، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: ثنا سفيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن أبي بشر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: الأجر في الآخرة، والتجارة في الدنيا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، مثله.
وقال آخرون: بل هي العفو والمغفرة.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: العفو.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني أبو تُمَيلة، عن أبي حمزة، عن جابر، قال: قال محمد بن عليّ: مغفرة.
وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك: ليشهدوا منافع لهم من العمل الذي يرضي الله والتجارة، وذلك أن الله عمّ لهم منافع جميع ما يَشْهَد له الموسم، ويأتي له مكة أيام الموسم من منافع الدنيا والآخرة، ولم يخصص من ذلك شيئا من منافعهم بخبر ولا عقل، فذلك على العموم في المنافع التي وصفت.
وقوله: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنَ بَهِيمَةِ الأنْعامِ) يقول تعالى ذكره: وكي يذكروا اسم الله على ما رزقهم من الهدايا والبُدْن التي أهدوها من الإبل والبقر والغنم، في أيام معلومات، وهنّ أيام التشريق في قول بعض أهل التأويل. وفي قول بعضهم أيام العَشْر. وفي قول بعضهم: يوم النحر وأيام التشريق.
وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في ذلك بالروايات، وبيِّنا الأولى بالصواب منها في سورة البقرة، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع، غير أني أذكر بعض ذلك أيضا في هذا الموضع.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) يعني أيام التشريق.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك في قوله: (أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) يعني أيام التشريق، (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعام) يعني البدن.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: (فِي أيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قال: أيام العشر، والمعدودات: أيام التشريق.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]