عرض مشاركة واحدة
  #848  
قديم 18-07-2025, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,749
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ هود
الحلقة (848)
صــ 491 إلى صــ 500





ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
18593-. . . . قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قوله: (عطاء غير مجذوذ) ، قال: أما هذه فقد أمضَاها. يقول: عطاء غير منقطع.
18594- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (عطاء غير مجذوذ) ، غير منزوع منهم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فلا تَك في شك، يا محمد، مما يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الآلهة والأصنام، (1) أنه ضلالٌ وباطلٌ، وأنه بالله شركٌ = (ما يعبد هؤلاء إلا كما يعبد آباؤهم من قبل) ، يقول: إلا كعبادة آبائهم، من قبل عبادتهم لها. يُخبر تعالى ذكره أنهم لم يعبدُوا ما عبدوا من الأوثان إلا اتباعًا منهم منهاج آبائهم، واقتفاءً منهم آثارهم في عبادتهموها، لا عن أمر الله إياهم بذلك، ولا بحجة تبيَّنوها توجب عليهم عبادتها.
ثم أخبر جل ثناؤه نبيَّه ما هو فاعل بهم لعبادتهم ذلك، فقال جل ثناؤه: (وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص) ، يعني: حظهم مما وعدتهم أن أوفّيهموه من
(1)
انظر تفسير "المرية" فيما سلف من فهارس اللغة (مري) .

خير أو شر (1) = (غير منقوص) ، يقول: لا أنقصهم مما وعدتهم، بل أتمّم ذلك لهم على التمام والكمال، (2) كما:-
18595- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس: (وإنا لموفُّوهم نصيبهم غير منقوص) ، قال: ما وُعِدوا فيه من خير أو شر.
18596- حدثنا أبو كريب ومحمد بن بشار قالا حدثنا وكيع، عن سفيان عن جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله= إلا أن أبا كريب قال في حديثه: من خيرٍ أو شرّ.
18597- حدثني المثني قال، أخبرنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن جابر، عن مجاهد عن ابن عباس: (وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص) ، قال: ما قُدِّر لهم من الخير والشر.
18598- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: (وإنا لموفّوهم نصيبهم غير منقوص) ، قال: ما يصيبهم من خير أو شر.
18599- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص) ، قال: نصيبهم من العذاب.
* * *
(1)
انظر تفسير "وفي" فيما سلف 14: 39، تعليق: 3، والمراجع هناك.

= وتفسير "النصيب" فيما سلف 12: 408، تعليق: 3، والمراجع هناك.
(2)
انظر تفسير "النقص" فيما سلف 14: 132.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مسليًا نبيه في تكذيب مشركي قومه إياه فيما أتاهم به من عند الله، بفعل بني إسرائيل بموسى فيما أتاهم به من عند الله. يقول له تعالى ذكره: ولا يحزنك، يا محمد، تكذيب هؤلاء المشركين لك، وامض لما أمرك به ربُّك من تبليغ رسالته، فإن الذي يفعل بك هؤلاء من ردِّ ما جئتهم به عليك من النصيحة من فعل ضُربائهم من الأمم قبلهم وسنَّةٌ من سُنتهم.
ثم أخبره جل ثناؤه بما فعل قوم موسى به فقال: (ولقد آتينا موسى الكتاب) ، يعني: التوراة، كما آتيناك الفرقان، فاختلف في ذلك الكتاب قومُ موسى، فكذّب به بعضُهم وصدّق به بعضهم، كما قد فعل قومك بالفرقان من تصديق بعض به، وتكذيب بعض = (ولولا كلمة سبقت من ربك) ، يقول تعالى ذكره: ولولا كلمة سبقت، يا محمد، من ربك بأنه لا يعجل على خلقه العذاب، ولكن يتأنى حتى يبلغ الكتاب أجله = (لقضي بينهم) ، يقول: لقضي بين المكذب منهم به والمصدِّق، بإهلاك الله المكذب به منهم، وإنجائه المصدق به = (وإنهم لفي شك منه مريب) ، يقول: وإن المكذبين به منهم لفي شك من حقيقته أنه من عند الله = (مريب) ، يقول: يريبهم، فلا يدرون أحقٌّ هو أم باطلٌ؟ ولكنهم فيه ممترون. (1)
* * *
(1)
انظر تفسير "مريب" فيما سلف ص: 370، تعليق: 1.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) }
قال أبو جعفر: اختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأته جماعة من قراء أهل المدينة والكوفة: (وَإنَّ) مشددة (كُلا لَمَّا) مشددة.
* * *
واختلف أهل العربية في معنى ذلك:
فقال بعض نحويي الكوفيين: معناه إذا قرئ كذلك: وإنّ كلا لممَّا ليوفينهم ربك أعمالهم = ولكن لما اجتمعت الميمات حذفت واحدة، فبقيت ثنتان، فأدغمت واحدة في الأخرى، كما قال الشاعر: (1)
وَإِنِّي لَمِمَّا أُصْدِرُ الأَمْرَ وَجْهَهُ ... إِذَا هُوَ أَعْيى بالسَّبِيلِ مَصَادِرُهُ (2)
ثم تخفف، كما قرأ بعض القراء: (وَالْبَغْيْ يَعِظُكُمْ) ، [سورة النحل: 90] ، تخفُّ الياء مع الياء. (3) وذكر أن الكسائي أنشده:
(1)
لم أعرف قائله.

(2)
معاني القرآن للفراء في تفسير الآية. في المطبوعة: "لما" و "أعيى بالنبيل" ، وكلاهما خطأ، صوابه من المخطوطة ومعاني القرآن. وقوله "لمما" هنا، ليست من باب "لما" التي يذكرها، إلا في اجتماع الميمات. وذلك أن قوله: "وإن كلا لمما ليوفينهم" ، أصلها: "لمن ما" ، "من" بفتح فسكون، اسم. وأما التي في البيت فهي "لمن ما" ، "من" حرف جر، ومعناها معنى "ربما" للتكثير، وشاهدهم عليه قول أبي حية النميري (سيبويه 1: 477) : وَإِنَّا لَمِمَّا نَضْرِبُ الكَبْشَ ضَرْبَةً ... عَلَى رَأْسِهِ تُلْقِي اللِّسَانَ مِنَ الفَم.

(3)
هكذا في المخطوطة: "تخف" ، وفي المطبوعة: "يخفف" ، وأما الذي في معاني القرآن للفراء، وهذا نص كلامه: "بحذف الياء" ، وهو الصواب الجيد.

(1)

وَأشْمَتَّ العُدَاةَ بِنَا فَأضْحَوْا ... لدَيْ يَتَبَاشَرُونَ بِمَا لَقِينَا (2)
وقال: يريد "لديَّ يتباشرون بما لقينا" ، فحذف ياء، لحركتهن واجتماعهن، قال: ومثله: (3)
كأنَّ مِنْ آخِرِها الْقادِمِ ... مَخْرِمُ نَجْدٍ فارعِ المَخَارِمِ (4)
وقال: أراد: إلى القادم، فحذف اللام عند اللام.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرئ كذلك: وإن كلا شديدًا وحقًّا، ليوفينهم ربك أعمالهم. قال: وإنما يراد إذا قرئ ذلك كذلك: (وإنّ كلا لمَّا) بالتشديد والتنوين، (5) ولكن قارئ ذلك كذلك حذف منه التنوين، فأخرجه على لفظ فعل "لمَّا" ، كما فعل ذلك في قوله: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى) ، [سورة المؤمنون: 44] ، فقرأ "تترى" ، بعضهم بالتنوين، كما قرأ من قرأ: "لمَّا" بالتنوين، وقرأ آخرون بغير تنوين، كما قرأ (لمَّا) بغير تنوين من قرأه. وقالوا: أصله من "اللَّمِّ" من قول الله تعالى: (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا) ، يعني: أكلا شديدًا.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرئ كذلك: وإنّ كلا إلا ليوفينهم، كما يقول القائل: "بالله لمَّا قمتَ عنا، وبالله إلا قمت عنا" . (6)
* * *
(1)
لم أعرف قائله.

(2)
معاني القرآن للفراء في تفسير الآية، وفي المطبوعة والمخطوطة: "وأشمت الأعداء" ، وهو خطأ، صوابه من معاني القرآن.

(3)
لم أعرف قائله.

(4)
معاني القرآن للفراء، في تفسير الآية. وكان في المطبوعة: "من أحرها" ، و "محرم" و "المحارم" ، وهو خطأ. و "المخرم" ، (بفتح فسكون فكسر) ، الطريق في الجبل، وجمعه "مخارم" .

(5)
هذه قراءة الزهري، كما سيأتي ص: 498.

(6)
في المطبوعة والمخطوطة: "لقد قمت عنا، وبالله إلا قمت عنا" ، وذلك خطأ، ولا شاهد فيه، وصوابه من معاني القرآن للفراء، في تفسير الآية.

قال أبو جعفر: ووجدت عامة أهل العلم بالعربية ينكرون هذا القول، ويأبون أن يكون جائزًا توجيه "لمَّا" إلى معنى "إلا" ، في اليمين خاصة. (1) وقالوا: لو جاز أن يكون ذلك بمعنى إلا جاز أن يقال: "قام القوم لمَّا أخاك" بمعنى: إلا أخاك، ودخولها في كل موضع صلح دخول "إلا" فيه.
قال أبو جعفر: وأنا أرى أنّ ذلك فاسد من وجه هو أبين مما قاله الذين حكينا قولهم من أهل العربية، في فساده، وهو أنّ "إنّ" إثبات للشيء وتحقيق له، و "إلا" ، تحقيق أيضًا، (2) وإنما تدخل نقضًا لجحد قد تقدَّمها. فإذا كان ذلك معناها، فواجب أن تكون عندَ متأولها التأويلَ الذي ذكرنا عنه، أن تكون "إنّ" بمعنى الجحد عنده، حتى تكون "إلا نقضًا" لها. وذلك إن قاله قائل، قولٌ لا يخفى جهلُ قائله، اللهم إلا أن يخفف قارئ "إن" فيجعلها بمعنى "إن" التي تكون بمعنى الجحد. وإن فعل ذلك، فسدت قراءته ذلك كذلك أيضًا من وجه آخر، وهو أنه يصير حينئذ ناصبًا "لكل" بقوله: ليوفينهم، وليس في العربية أن ينصب ما بعد "إلا" من الفعل، الاسم الذي قبلها. لا تقول العرب: "ما زيدًا إلا ضربت" ، فيفسد ذلك إذا قرئ كذلك من هذا الوجه، إلا أن يرفع رافع "الكل" ، فيخالف بقراءته ذلك كذلك قراءة القراء وخط مصاحف المسلمين، ولا يخرج بذلك من العيب لخروجه من معروف كلام العرب. (3)
* * *
وقد قرأ ذلك بعض قراء الكوفيين: (وَإنْ كُلا) بتخفيف "إن" ونصب (كُلا لمَّا) مشدّدة.
* * *
(1)
في المطبوعة، أسقط "إلا" الثانية، فأفسد الكلام.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "وإلا أيضًا تحقق أيضًا" ، حذفت أولاهما، لأنه تكرار ولا ريب.

(3)
في المطبوعة: "بخروجه" ، والصواب من المخطوطة.

وزعم بعض أهل العربية أن قارئ ذلك كذلك، أراد "إنّ" الثقيلة فخففها، وذكر عن أبي زيد البصري أنه سمع: "كأنْ ثَديَيْه حُقَّان" ، فنصب ب "كأن" ، والنون مخففة من "كأنّ" ، ومنه قول الشاعر: (1)
وَوَجْهٌ مُشْرِقُ النَّحْرِ ... كَأَنْ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ (2)
* * *
وقرأ ذلك بعض المدنيين بتخفيف: (إنْ) ونصب (كُلا) ، وتخفيف (لَمَا) .
* * *
وقد يحتمل أن يكون قارئ ذلك كذلك، قصدَ المعنى الذي حكيناه عن قارئ الكوفة من تخفيفه نون "إن" وهو يريد تشديدها، ويريد ب "ما" التي في "لما" التي تدخل في الكلام صلة، (3) وأن يكون قَصَد إلى تحميل الكلام معنى: وإنّ كلا ليوفينهم.
ويجوز أن يكون معناه كان في قراءته ذلك كذلك: وإنّ كُلا ليوفينهم، أي: ليوفين كُلا = فيكون نيته في نصب "كل" كانت بقوله: "ليوفينهم" ، فإن كان ذلك أراد، ففيه من القبح ما ذكرت من خلافه كلام العرب. وذلك أنها لا تنصب بفعل بعد لام اليمين اسمًا قبلَها.
* * *
وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز والبصرة: (وَإنَّ) مشددة (كُلا لَمَا) مخففة (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) . ولهذه القراءة وجهان من المعنى:
أحدهما: أن يكون قارئها أراد: وإن كلا لمَنَ ليوفينهم ربك أعمالهم، فيوجه "ما" التي في "لما" إلى معنى "من" كما قال جل ثناؤه: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) ، [سورة النساء: 3] ، وإن كان أكثر استعمال العرب
(1)
من أبيات سيبويه الخمسين التي لا يعرف قائلها.

(2)
سيبويه 1: 281، رفعًا "كأن ثدياه، وابن الشجري في أماليه 1: 237 رفعًا 2: 3، نصبا، والخزانة 4: 358، والعيني (هامش الخزانة) 2: 305."

(3)
"صلة" ، أي: زيادة، انظر فهارس المصطلحات فيما سلف.

لها في غير بني آدم = وينوي باللام التي في "لما" اللام التي تُتَلقَّى بها "إنْ" جوابًا لها، وباللام التي في قوله: (ليوفينهم) ، لام اليمين، دخلت فيما بين ما وصلتها، كما قال جل ثناؤه: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) [سورة النساء: 72] ، وكما يقال: "هذا ما لَغَيرُه أفضلُ منه" .
والوجه الآخر: أن يجعل "ما" التي في "لما" بمعنى "ما" التي تدخل صلة في الكلام، واللام التي فيها هي اللام التي يجاب بها، واللام التي في: (ليوفينهم) ، هي أيضًا اللام التي يجاب بها "إنّ" كررت وأعيدت، إذا كان ذلك موضعها، وكانت الأولى مما تدخلها العرب في غير موضعها، ثم تعيدها بعدُ في موضعها، كما قال الشاعر: (1)
فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أَعِزَّةً ... لَبَعْدُ لَقَدْ لاقَيْتُ لا بُدَّ مَصْرَعَا (2)
وقرأ ذلك الزهري فيما ذكر عنه: (وإنَّ كُلا) بتشديد "إنَّ" ، و (لمَّا) بتنوينها، بمعنى: شديدًا وحقًا وجميعًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأصح هذه القراءات مخرجًا على كلام العرب المستفيض فيهم، قراءة من قرأ: "وَإنَّ" بتشديد نونها، "كُلا لَمَا" بتخفيف "ما" (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ) ، بمعنى: وإن كل هؤلاء الذين قصَصَنا عليك، يا محمد، قصصهم في هذه السورة، لمن ليوفينهم ربك أعمالهم، بالصالح منها بالجزيل من الثواب، وبالطالح منها بالشديد من العقاب = فتكون "ما" بمعنى "مَن" واللام التي فيها جوابًا ل "إنّ" ، واللام في قوله: (ليوفيننم) ، لام قسم.
* * *
(1)
لم أعرف قائله.

(2)
معاني القرآن للفراء، في تفسير الآية. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "مصرعي" ، وأثبت ما في معاني القرآن.

وقوله: (إنه بما يعملون خبير) ، يقول تعالى ذكره: إن ربك بما يعمل هؤلاء المشركون بالله من قومك، يا محمد، "خبير" ، لا يخفى عليه شيء من عملهم، بل يخبرُ ذلك كله ويعلمه ويحيط به، حتى يجازيهم على جميع ذلك جزاءهم. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فاستقم أنت، يا محمد، على أمر ربك، والدين الذي ابتعثك به، والدعاء إليه، كما أمرك ربك (2) = (ومن تاب معك) ، يقول: ومن رجع معك إلى طاعة الله والعمل بما أمره به ربه من بعد كفره = (ولا تطغوا) ، يقول: ولا تعدوا أمره إلى ما نهاكم عنه. (3) (إنه بما تعملون بصير) ، يقول: إن ربكم، أيها الناس، بما تعملون من الأعمال كلِّها، طاعتها ومعصيتها= "بصير" ، ذو علم بها، لا يخفى عليه منها شيء، وهو لجميعها مبصرٌ. (4) يقول تعالى ذكره: فاتقوا الله، أيها الناس، أن يطَّلع عليكم ربكم وأنتم عاملون بخلاف أمره، فإنه ذو علم بما تعلمون، وهو لكم بالمرصاد.
* * *
وكان ابن عيينة يقول في معنى قوله: (فاستقم كما أمرت) ، ما:-
18600- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن
(1)
لنظر تفسير "خبير" فيما سلف من فهارس اللغة (خبر) .

(2)
لنظر تفسير "الاستقامة" فيما سلف ص: 187.

(3)
لنظر تفسير "طغى" فيما سلف ص: 34، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(4)
لنظر تفسير "بصير" فيما سلف من فهارس اللغة (بصر) .

الزبير، عن سفيان في قوله: (فاستقم كما أمرت) ، قال: استقم على القرآن.
18601- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (ولا تطغوا) ، قال: الطغيان: خلاف الله، وركوب معصيته. ذلك "الطغيان" .
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (113) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا تميلوا، أيها الناس، إلى قول هؤلاء الذين كفروا بالله، فتقبلوا منهم وترضوا أعمالهم = (فتمسكم النار) ، بفعلكم ذلك (1) = وما لكم من دون الله من ناصر ينصركم ووليّ يليكم (2) = (ثم لا تنصرون) ، يقول: فإنكم إن فعلتم ذلك لم ينصركم الله، بل يخلِّيكم من نصرته ويسلط عليكم عدوّكم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18602- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) ، يعني: الركون إلى الشرك.
18603- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن يمان، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ، يقول: لا ترضوا أعمالهم.
18604- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ، يقول: لا ترضوا أعمالهم. يقول: "الركون" ، الرضى.
(1)
لنظر تفسير "المس" فيما سلف ص: 353، تعليق: 6، والمراجع هناك.

(2)
لنظر تفسير "الأولياء" فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.36 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.34%)]