عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-07-2025, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ هود
الحلقة (822)
صــ 231 إلى صــ 240





عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ويؤت كل ذي فضل فضله) ، قال: ما احتسب به من ماله، أو عمل بيده أو رجله، أو كَلِمة، أو ما تطوَّع به من أمره كله.
17933- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال=
17934-. . . . وحدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه= إلا أنه قال: أو عملٍ بيديه أو رجليه وكلامه، وما تطوَّل به من أمره كله.
17935- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد بنحوه= إلا أنه قال: وما نطق به من أمره كله.
17936- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ويؤت كل ذي فضل فضله) ، أي: في الآخرة.
* * *
وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يقول في تأويل ذلك ما:-
17937- حدثت به عن المسيب بن شريك، عن أبي بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن مسعود، في قوله: (ويؤت كل ذي فضل فضله) ، قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات. فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات. وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات. ثم يقول: هلك من غلب آحادُه أعشارَه!!
* * *
وقوله: (وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) ، يقول تعالى ذكره: وإن أعرضوا عما دعوتُهم إليه، (1) من إخلاص العبادة لله، وترك عبادة
(1)
انظر تفسير "التولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى) .

الآلهة، وامتنعوا من الاستغفار لله والتوبة إليه، فأدبروا مُوَلِّين عن ذلك، (فإني) ، أيها القوم، (أخاف عليكم عذاب يوم كبير) ، شأنُه عظيمٍ هَوْلُه، وذلك يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون.
* * *
وقال جل ثناؤه: (وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) ، ولكنه مما قد تقدّمه قولٌ، والعرب إذا قدَّمت قبل الكلام قولا خاطبت، ثم عادت إلى الخبر عن الغائب، ثم رجعت بعدُ إلى الخطاب، وقد بينا ذلك في غير موضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إلى الله) ، أيها القوم، مآبكم ومصيركم، (2)
فاحذروا عقابه إن توليتم عما أدعوكم إليه من التوبة إليه من عبادتكم الآلهة والأصنام، فإنه مخلدكم نارَ جهنم إن هلكتم على شرككم قبل التوبة إليه = (وهو على كل شيء قدير) ، يقول: وهو على إحيائكم بعد مماتكم، وعقابكم على إشراككم به الأوثانَ وغير ذلك مما أراد بكم وبغيركم قادرٌ. (3)
* * *
(1)
انظر ما سلف 13: 314، تعليق، 3: والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "المرجع" فيما سلف ص: 146، تعليق: 5، والمراجع هناك.

(3)
انظر تفسير "قدير" فيما سلف من فهارس اللغة (قدر) .

القول في تأويل قوله تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5) }
قال أبو جعفر: اختلفت القراء في قراءة قوله: (ألا أنهم يثنون صدورهم) ، فقرأته عامة الأمصار: (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) ، على تقدير "يفعلون" من "ثنيت" ، و "الصدور" منصوبة.
واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: ذلك كان من فعل بعض المنافقين، كان إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم غطَّى وجهه وثَنَى ظهره.
*ذكر من قال ذلك:
17938- حدثنا محمد بن المثني قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن حصين، عن عبد الله بن شداد في قوله: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم) ، قال: كان أحدهم إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بثوبه على وجهه، وثنى ظهره. (1)
17939- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قوله: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) ، قال: من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: كان المنافقون
(1)
قوله: "قال بثوبه على وجهه" ، أي: أخذ ثوبه وحاول أن يغطي به وجهه حتى لا يراه صلى الله عليه وسلم. و "قال" حرف من اللغة، يستخدم في معان كثيرة، ويراد به تصوير الحركة.

انظر ما سلف 2: 546، 547 / الأثر: 5796 ج 5 ص 400، تعليق: 1 / الأثر 12523 ج 10 ص 572، تعليق: 1 / الأثر 17429، ج 14 ص: 541، تعليق: 2.
إذا مرُّوا به ثنى أحدهم صدره، ويطأطئ رأسه. فقال الله: (ألا إنهم يثنون صدورهم) ، الآية.
17940- حدثني المثني قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن حصين قال: سمعت عبد الله بن شداد يقول في قوله: (يثنون صدورهم) ، قال: كان أحدهم إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثَنَى صدره، وتغشَّى بثوبه، كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
وقال آخرون: بل كانوا يفعلون ذلك جهلا منهم بالله وظنًّا أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك.
*ذكر من قال ذلك:
17941- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد: (يثنون صدورهم) قال: شكًا وامتراءً في الحق، ليستخفوا من الله إن استطاعوا.
17942- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد: (يثنون صدورهم) ، شكًّا وامتراءً في الحق. (ليستخفوا منه) ، قال: من الله إن استطاعوا.
17943- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن نجيح، عن مجاهد: (يثنون صدورهم) ، قال: تضيق شكًّا.
17944- حدثنا المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد: (يثنون صدورهم) ، قال: تضيق شكًّا وامتراءً في الحق. قال: (ليستخفوا منه) ، قال: من الله إن استطاعوا
17945- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
17946- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا هوذة قال، حدثنا عوف، عن الحسن في قوله: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم) ، قال: من جهالتهم به، قال الله: (ألا حين يستغشون ثيابهم) ، في ظلمة الليل، في أجواف بيوتهم= (يعلم) ، تلك الساعة (ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور) .
17947- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم) ، قال: كان أحدهم يحنى ظهره، ويستغشي بثوبه.
* * *
وقال آخرون: إنما كانوا يفعلون ذلك لئلا يسمعوا كتاب الله. (1)
*ذكر من قال ذلك:
17948- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إلا إنهم يثنون صدورهم) الآية، قال: [كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى: (ألا حين] يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون) وذلك أخفى ما يكون ابن آدم، إذا حنى صدره واستغشى بثوبه، وأضمر همَّه في نفسه، فإن الله لا يخفى ذلك عليه. (2)
17949- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يستغشون ثيابهم) ، قال: أخفى ما يكون الإنسان إذا أسرَّ في نفسه شيئًا وتغطَّى بثوبه، فذلك أخفى ما يكون، والله يطلع على ما في نفوسهم، والله يعلم ما يسرُّون وما يعلنون.
* * *
وقال آخرون: إنما هذا إخبارٌ من الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين
(1)
في المطبوعة: "كلام الله تعالى" ، وأثبت ما في المخطوطة.

(2)
ما بين القوسين ساقط من المخطوطة.

الذين كانوا يضمرون له العداوة والبغضاء، ويبدون له المحبة والمودة، أنهم معه وعلى دينه. (1) يقول جل ثناؤه: ألا إنهم يطوون صدورهم على الكفر ليستخفوا من الله، ثم أخبر جل ثناؤه أنه لا يخفى عليه سرائرهم وعلانيتهم.
* * *
وقال آخرون: كانوا يفعلون ذلك إذا ناجى بعضهم بعضًا.
*ذكر من قال ذلك:
17950- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) ، قال: هذا حين يناجي بعضهم بعضًا. وقرأ: (ألا حين يستغشون ثيابهم) الآية.
* * *
وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ) ، على مثال: "تَحْلَولِي الثمرة" ، "تَفْعَوْعِل" .
17951- حدثنا. . . قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقرأ (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ) ، قال: كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم، كراهة أن يُفْضُوا بفروجهم إلى السماء. (2)
17952- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول، سمعت ابن عباس يقرؤها: (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ) ، قال: سألته عنها فقال: كان ناس يستحيون أن يتخلَّوا فيُفْضُوا إلى السماء، وأن يصيبوا فيْفضُوا إلى السماء.
* * *
وروي عن ابن عباس في تأويل ذلك قول آخر، وهو ما:-
(1)
في المطبوعة: "وأنهم" بالواو، وما في المخطوطة صواب جيد.

(2)
الأثر: 17951 - في المطبوعة: "حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة" ، وهذا ليس في المخطوطة، بل الذي فيها ما أثبته: "حدثنا قال.... حدثنا أبو أسامة" ، بياض بين الكلامين وفوقه كتب "كذا" ، يعني، هكذا البياض بالأصل.

17953- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، أخبرت، عن عكرمة: أن ابن عباس قرأ (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ) ، وقال ابن عباس: "تثنوني صدورهم" ، الشكُّ في الله، وعمل السيئات = (يستغشون ثيابهم) ، يستكبر، أو يستكنّ من الله، والله يراه، يعلم ما يسرُّون وما يعلنون.
17954- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قرأ: (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ) ، قال عكرمة: "تثنوني صدورهم" ، قال: الشك في الله، وعمل السيئات، فيستغشي ثيابه، ويستكنّ من الله، والله يراه ويعلم ما يسرُّون وما يعلنون
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، وهو: (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) ، على مثال "يفعلون" ، و "الصدور" نصب، بمعنى: يحنون صدورهم ويكنُّونها، (1) كما:-
17955- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يثنون صدورهم) ، يقول: يكنُّون. (2)
17956- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ألا إنهم يثنون صدورهم) ، يقول: يكتمون ما في قلوبهم = (ألا حين يستغشون ثيابهم) ، يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
17957- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (ألا انهم يثنون صدورهم) ، يقول: (تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ) .
(1)
في المطبوعة: "يكبونها" و "يكبون" ، بالباء في الموضعين، والصواب ما في المخطوطة وهي منقوطة هناك فيهما.

(2)
في المطبوعة: "يكبونها" و "يكبون" ، بالباء في الموضعين، والصواب ما في المخطوطة وهي منقوطة هناك فيهما.

قال أبو جعفر: وهذا التأويل الذي تأوّله الضحاك على مذهب قراءة ابن عباس، إلا أن الذي حدثنا، هكذا ذكر القراءة في الرواية.
* * *
فإذا كانت القراءة التي ذكرنا أولى القراءتين في ذلك بالصواب، لإجماع الحجة من القراء عليها. فأولى التأويلات بتأويل ذلك، تأويلُ من قال: إنهم كانوا يفعلون ذلك جهلا منهم بالله أنه يخفى عليه ما تضمره نفوسهم، أو تناجوه بينهم.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية، لأن قوله: (ليستخفوا منه) ، بمعنى: ليستخفوا من الله، وأن الهاء في قوله، (منه) ، عائدة على اسم الله، ولم يجر لمحمّدٍ ذكر قبلُ، فيجعل من ذكره صلى الله عليه وسلم وهي في سياق الخبر عن الله. فإذا كان ذلك كذلك، كانت بأن تكون من ذكر الله أولى. وإذا صحّ أن ذلك كذلك، كان معلومًا أنهم لم يحدِّثوا أنفسهم أنهم يستخفون من الله، إلا بجهلهم به. فأخبرهم جل ثناؤه أنه لا يخفى عليه سرُّ أمورهم وعلانيتها على أيّ حالٍ كانوا، تغشَّوا بالثياب، أو أظهروا بالبَرَاز، (1)
فقال: (ألا حين يستغشون ثيابهم) ، يعني: يتغشَّون ثيابهم، يتغطونها ويلبسون.
* * *
يقال منه: "استغشى ثوبه وتغشّاه" ، قال الله: (وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) [سورة نوح: 7] ، وقالت الخنساء:
أَرْعَى النُّجُومَ وَمَا كُلِّفْتُ رِعْيَتِهَا ... وَتَارَةً أَتَغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي (2)
* * *
(1)
"البراز" (بفتح الباء) : الفضاء البعيد الواسع، ليس فيه شجر ولا ستر.

(2)
ديوانها: 109، من شعرها في مراثي أخيها صخر، تقول قبله: إنِّي أَرِقْتُ فبِتُّ اللَّيْلَ سَاهِرَةً ... كَأَنَّمَا كٌحِلَتْ عَيْنِي بِعُوَّارِ

"العوار" القذى. وقولها: "أرعى النجوم" ، تراقبها، من غلبة الهم عليها ليلا، فهي ساهرة تأنس بتطويح البصر في السماوات. و "الأطمار" ، أخلاق الثياب. تقول: طال حدادها وحزنها، فلا تبالي أن يكون لها جديد، فهي في خلقان ثيابها، فإذا طال سهرها وغلبها ما غلبها، تغطت بأطمارها فعل الحزين، وبكت أو انطوت على أحزانها.
= (يعلم ما يسرون) ، يقول جل ثناؤه: يعلم ما يسرُّ هؤلاء الجهلة بربهم، الظانُّون أن الله يخفى عليه ما أضمرته صدورهم إذا حنوها على ما فيها، وثنوها، وما تناجوه بينهم فأخفوه (1) = (وما يعلنون) ، سواء عنده سرائرُ عباده وعلانيتهم = (إنه عليم بذات الصدور) ، يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم بكل ما أخفته صدور خلقه، من إيمان وكفر، وحق وباطل، وخير وشر، وما تستجنُّه مما لم تُجنُّه بعدُ، (2) كما:-
17958- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (ألا حين يستغشون ثيابهم) ، يقول: يغطون رءوسهم.
* * *
قال أبو جعفر، فاحذروا أن يطلع عليكم ربكم وأنتم مضمرون في صُدُوركم الشكّ في شيء من توحيده أو أمره أو نهيه، أو فيما ألزمكم الإيمان به والتصديق، فتهلكوا باعتقادكم ذلك.
* * *
(1)
انظر تفسير "الإسرار" فيما سلف: 103.

(2)
انظر تفسير "ذات الصدور" فيما سلف 13: 570، تعليق: 2، والمراجع هناك.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها) ، وما تدبّ دابّة في الأرض.
* * *
و "الدابّة" "الفاعلة" ، من دبّ فهو يدبّ، وهو دابٌّ، وهي دابّة. (1)
* * *
(إلا على الله رزقها) ، يقول: إلا ومن الله رزقها الذي يصل إليها، هو به متكفل، وذلك قوتها وغذاؤها وما به عَيْشُها.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17959- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد، في قوله: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) ، قال: ما جاءها من رزقٍ فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعًا، ولكن ما كان من رزقٍ فمن الله.
17960- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) ، قال: كل دابة
(1)
انظر تفسير "الدابة" فيما سلف 14: 21، تعليق: 1، والمراجع هناك.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]