
18-07-2025, 04:31 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,534
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ هود
الحلقة (821)
صــ 221 إلى صــ 230
القول في تأويل قوله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واتبع، يا محمد وحي الله الذي يوحيه إليك، وتنزيله الذي ينزله عليك، فاعمل به، واصبر على ما أصابك في الله من مشركي قومك من الأذى والمكاره، وعلى ما نالك منهم، حتى يقضي الله فيهم وفيك أمره بفعلٍ فاصلٍ = (وهو خير الحاكمين) ، يقول: وهو خير القاضين وأعدل الفاصلين. (1) فحكم جل ثناؤه بينه وبينهم يوم بَدْرٍ،، وقتلهم بالسيف، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم، أو يتوبوا ويُنيبوا إلى طاعته، كما:-
17914- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وما أنت عليهم بوكيل واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين) ، قال: هذا منسوخ = (حتى يحكم الله) ، حكم الله بجهادهم، وأمره بالغلظة عليهم. (2)
(1) انظر تفسير "الحكم" فيما سلف 12: 561، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2) عند هذا الموضع، انتهى جزء من التقسيم القديم، وفي مخطوطتنا بعد هذا ما نصه:
"آخر تفسير سورة يونس عليه السلام والحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله."
يتلوه تفسير السورة التي يذكر فيها هود "."
يتلوه:
"بسم الله الرحمن الرحيم ربّ يسِّرْ"
آخر تفسير سورة يونس
تفسير سورة هود
تفسير السورة التي يذكر فيها هود
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) }
قال أبو جعفر: قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله: (الر) ، والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)
* * *
وقوله: (كتاب أحكمت آياته) ، يعني: هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو القرآن.
* * *
ورفع قوله: "كتاب" بنيّة: "هذا كتاب" .
فأما على قول من زعم أن قوله: (الر) ، مرادٌ به سائر حروف المعجم التي نزل بها القرآن، وجعلت هذه الحروف دلالةً على جميعها، وأن معنى الكلام: "هذه الحروف كتاب أحكمت آياته" = فإن الكتاب على قوله، ينبغي أن يكون مرفوعًا بقوله: (الر) .
* * *
وأما قوله: (أحكمت آياته ثم فصلت) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: تأويله: أحكمت آياته بالأمر والنهي، ثم فصلت بالثَّواب والعقاب.
*ذكر من قال ذلك:
17915- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرني
(1) انظر ما سلف 1: 205 - 224 / 6: 149 - 12: 293، 294 / 15: 7.
أبو محمد الثقفي، عن الحسن في قوله: (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت) ، قال: أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالثواب والعقاب. (1)
17916- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن: (الر كتاب أحكمت آياته) ، قال: أحكمت في الأمر والنهى، وفصلت بالوعيد. (2)
17917- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن رجل، عن الحسن: (الر كتاب أحكمت آياته) ، قال: بالأمر والنهي = (ثم فصلت) ، قال: بالثواب والعقاب.
* * *
وروي عن الحسن قولٌ خلاف هذا. وذلك ما:-
17918- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن أبي بكر، عن الحسن، قال= وحدثنا عباد بن العوام، عن رجل، عن الحسن قال: (أحكمت) ، بالثواب والعقاب = (ثم فصلت) ، بالأمر والنهي.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: (أحبكمت آياته) من الباطل، ثم فصلت، فبين منها الحلال والحرام.
*ذكر من قال ذلك:
17919- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) ، أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبيّن حلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته.
* * *
(1) الأثر: 17915 - "أبو محمد الثقفي" ، الراوي عن الحسن، لم أعلم من يكون.
(2) الأثر: 17916 - "عبد الكريم بن محمد الجرجاني" ، قاضي جرجان، روى عن قيس بن الربيع، وأبي حنيفة، وزهير بن معاوية، وابن جريج، وغيرهم. روى عنه أبو يوسف القاضي، وابن عيينة، وهما أكبر منه، والشافعي، وغيرهم. مات سنة نيف وسبعين ومائة، فلا أدري أيدرك محمد بن حميد أن يروي عنه أم لا؟ مترجم في التهذيب.
17920- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (أحكمت آياته ثم فصلت) ، قال: أحكمها الله من الباطل، ثم فَصَّلها، بيَّنها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معناه: أحكم الله آياته من الدَّخَل والخَلَل والباطل، ثم فصَّلها بالأمر والنهي.
وذلك أن "إحكام الشيء" إصلاحه وإتقانه = و "إحكام آيات القرآن" ، إحكامها من خلل يكون فيها، أو باطل يقدر ذو زيغ أن يطعن فيها من قِبَله. (1)
وأما "تفصيل آياته" فإنه تمييز بعضها من بعض، بالبيان عما فيها من حلال وحرام، وأمرٍ ونهي. (2)
* * *
وكان بعض المفسرين يفسر قوله: (فصلت) ، بمعنى: فُسِّرت، وذلك نحو الذي قلنا فيه من القول.
*ذكر من قال ذلك:
17921- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى قال، حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (ثم فصلت) ، قال: فُسِّرت.
17922- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فصلت) ، قال: فُسّرت.
17923-. . . . قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال، بلغني عن مجاهد: (ثم فصلت) ، قال: فسّرت.
17924- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
(1) انظر تفسير "الإحكام" فيما سلف 6: 170، 174 - 182.
(2) انظر تفسير "تفصيل الآيات" فيما سلف ص: 91، تعليق: 1، والمراجع هناك.
17925-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عنة ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17926- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقال قتادة: معناه: بُيِّنَتْ، وقد ذكرنا الرواية بذلك قبلُ، وهو شبيه المعنى بقول مجاهد.
* * *
وأما قوله: (من لدن حكيم خبير) ، فإن معناه: (حكيم) بتدبير الأشياء وتقديرها، خبير بما تؤول إليه عواقبُها. (1)
17927- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (من لدن حكيم خبير) ، يقول: من عند حكيم خبير. (2)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم فُصّلت بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له، وتخلعوا الآلهة والأنداد. ثم قال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، للناس (إنني لكم) ، من عند الله = (نذير) ينذركم عقابه على معاصيه وعبادة الأصنام = (وبشير) ، يبشركم بالجزيل من الثواب على طاعته وإخلاص العبادة والألُوهَةِ له. (3)
* * *
(1) انظر تفسير "حكيم" و "خبير" فيما سلف من فهارس اللغة (حكم) ، (خبر) .
(2) انظر تفسير "من لدن" فيما سلف 6: 362.
(3) انظر تفسير "النذير" فيما سلف ص: 215، تعليق: 2، والمراجع هناك.
= وتفسير "البشير" فيما سلف من فهارس اللغة (بشر) .
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم فصلت آياته، بأن لا تعبدوا إلا الله، وبأن استغفروا ربكم. ويعني بقوله: (وأن استغفروا ربكم) ، وأن اعملوا أيها الناس من الأعمال ما يرضي ربكم عنكم، فيستر عليكم عظيمَ ذنوبكم التي ركبتموها بعبادتكم الأوثان والأصنام، وإشراككم الآلهة والأنداد في عبادته. (1)
وقوله: (ثم توبوا إليه) ، يقول: ثم ارجعوا إلى ربكم بإخلاص العبادة له دون ما سواه من سائر ما تعبدون من دونه بعد خلعكم الأنداد وبراءتكم من عبادتها. (2)
ولذلك قيل: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) ، ولم يقل: "وتوبوا إليه" ، لأن "التوبة" معناها الرجوع إلى العمل بطاعة الله، والاستغفار: استغفار من الشرك الذي كانوا عليه مقيمين، والعملُ لله لا يكون عملا له إلا بعد ترك الشرك به، فأما الشرك فإنّ عمله لا يكون إلا للشيطان، فلذلك أمرهم تعالى ذكره بالتوبة إليه بعد الاستغفار من الشرك، لأن أهل الشرك كانوا يرون أنهم يُطِيعون الله بكثير من أفعالهم، وهم على شركهم مقيمون.
وقوله: (يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى) ، يقول تعالى ذكره للمشركين الذين خاطبهم بهذه الآيات: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، فإنكم إذا فعلتم ذلك
(1) انظر تفسير "الاستغفار" فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) .
(2) انظر تفسير "التوبة" فيما سلف من فهارس اللغة (توب) .
بسط عليكم من الدنيا ورزقكم من زينتها، وأنسأ لكم في آجالكم إلى الوقت الذي قضى فيه عليكم الموت. (1)
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17928- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى) ، فأنتم في ذلك المتاع، فخذوا بطاعة الله ومعرفة حقّه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيدٍ من الله، وذلك قضاؤه الذي قضى.
* * *
وقوله: (إلى أجل مسمى) ، يعني الموت.
17929- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلى أجل مسمى) ، قال: الموت.
17930- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إلى أجل مسمى) ، وهو الموت.
17931- حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: (إلى أجل مسمى) ، قال: الموت.
* * *
وأما قوله: (ويؤت كل ذي فضل فضله) ، فإنه يعني: يثيب كل من تفضَّل بفضل ماله أو قوته أو معروفه على غيره محتسبًا بذلك، مريدًا به وجه الله = أجزلَ ثوابه وفضله في الآخرة، كما:-
17932- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(1) انظر تفسير "المتاع" فيما سلف من فهارس اللغة (متع) .
= وتفسير "الأجل المسمى" فيما سلف من فهارس اللغة (أجل) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|