عرض مشاركة واحدة
  #810  
قديم 18-07-2025, 02:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يونس
الحلقة (810)
صــ 111 إلى صــ 120





القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل) يا محمد لهؤلاء المشركين: (أرأيتم) أيها الناس = (ما أنزل الله لكم من رزق) ، يقول: ما خلق الله لكم من الرزق فخَوَّلكموه، وذلك ما تتغذون به من الأطعمة = (فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، يقول: فحللتم بعضَ ذلك لأنفسكم، وحرمتم بعضه عليها، وذلك كتحريمهم ما كانوا يحرِّمونه من حُروثهم التي كانوا يجعلونها لأوثانهم، كما وصفهم الله به فقال: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا) [سورة الأنعام: 136] .
ومن الأنعام ما كانوا يحرّمونه بالتبحير والتسيبب ونحو ذلك، مما قدّمناه فيما مضى من كتابنا هذا. (1)
يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل] يا محمد (آلله أذن لكم) بأن تحرِّموا ما حرَّمتم منه (أم على الله تفترون) ،: أي تقولون الباطل وتكذبون؟ (2)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17689- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها، وهو قول الله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه
(1)
انظر ما سلف 11: 116 - 134.

(2)
انظر تفسير "الافتراء" فيما سلف من فهارس اللغة (فرى) .

حرامًا وحلالا) وهو هذا. فأنزل الله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) الآية [سورة الأعراف: 32] .
17690- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبى قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم) إلى قوله: (أم على الله تفترون) ، قال: هم أهل الشرك.
17691- حدثني القاسم، قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: (فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، قال: الحرث والأنعام = قال ابن جريج قال، مجاهد: البحائر والسُّيَّب.
17692- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فجعلتم منه حرامًا وحلالا) قال: في البحيرة والسائبة.
17693- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، الآية، يقول: كل رزق لم أحرِّم حرَّمتموه على أنفسكم من نسائكم وأموالكم وأولادكم، آلله أذن لكم فيما حرمتم من ذلك، أم على الله تفترون؟
17694- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، فقرأ حتى بلغ: (أم على الله تفترون) ، وقرأ: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا) [سورة الأنعام: 139] ، وقرأ: (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) حتى بلغ: (لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا) [سورة الأنعام: 138] فقال: هذا قوله: جعل لهم رزقًا، فجعلوا منه حرامًا وحلالا وحرموا بعضه وأحلوا بعضه.
وقرأ: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ) ، أيّ هذين حرم على هؤلاء الذين يقولون وأحل لهؤلاء، (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا) ، إلى آخر الآيات، [سورة الأنعام: 144] .
17695- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالا) ، هو الذي قال الله: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا) إلى قوله: (سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ، [سورة الأنعام: 136] .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (60) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما ظن هؤلاء الذين يتخرَّصون على الله الكذبَ فيضيفون إليه تحريم ما لم يحرّمه عليهم من الأرزاق والأقوات التي جعلها الله لهم غذاءً، أنَّ الله فاعلٌ بهم يوم القيامة بكذبهم وفريتهم عليه؟ أيحسبون أنه يصفح عنهم ويغفر؟ كلا بل يصليهم سعيرًا خالدين فيها أبدًا = (إن الله لذو فضل على الناس) ، يقول: إن الله لذو تفضُّل على خلقه بتركه معاجلة من افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا، وإمهاله إياه إلى وروده عليه في القيامة
= (ولكن أكثرهم لا يشكرون) ، يقول: ولكن أكثر الناس لا يشكرونه على تفضُّله عليهم بذلك، وبغيره من سائر نعمه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وما تكون) ، يا محمد= (في شأن) ، يعني: في عمل من الأعمال= (وما تتلوا منه من قرآن) ، يقول: وما تقرأ من كتاب الله من قرآن (1)
(ولا تعملون من عمل) ، يقول: ولا تعملون من عمل أيها الناس، من خير أو شر= (إلا كنَّا عليكم شهودًا) ، يقول: إلا ونحن شهود لأعمالكم وشئونكم، إذ تعملونها وتأخذون فيها. (2)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك رُوي القول عن ابن عباس وجماعة.
ذكر من قال ذلك:
17696- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إذ تفيضون فيه) ، يقول: إذ تفعلون.
* * *
(1)
انظر تفسير "التلاوة" فيما سلف من فهارس اللغة (تلا.) .

(2)
انظر تفسير "الإفاضة" فيما سلف 4: 170.

وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تشيعون في القرآن الكذبَ.
*ذكر من قال ذلك:
17697- حدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك: (إذ تفيضون فيه) ، يقول: تشيعون في القرآن من الكذب. (1)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تفيضون في الحق.
*ذكر من قال ذلك:
17698- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيقة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إذ تفيضون فيه) ، في الحق ما كان.
17699-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17700- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لأنه تعالى ذكره أخبر أنه لا يعمل عباده عملا إلا كان شاهدَه، ثم وصل ذلك بقوله: (إذ يفيضون فيه) ، فكان معلومًا أن قوله: (إذ تفيضون فيه) إنما هو خبرٌ منه عن وقت عمل العاملين أنه له شاهد= لا عن وَقْت تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، لأن ذلك لو كان خبرًا عن شهوده تعالى ذكره وقتَ إفاضة القوم في القرآن، لكانت القراءة بالياء: "إذ يفيضون فيه" خبرًا منه عن المكذبين فيه.
فإن قال قائل: ليس ذلك خبرًا عن المكذبين، ولكنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، (2) أنه شاهده إذْ تلا القرآن.
(1)
في المطبوعة: "فتشيعون" بالفاء، لم يحسن قراءة المخطوطة.

(2)
في المطبوعة: "ولكن خطاب" ، بحذف الهاء، وأثبتها من المخطوطة.

=فإن ذلك لو كان كذلك لكان التنزيل: (إذ تفيضون فيه) ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم واحدٌ لا جمع، كما قال: (وما تتلوا منه من قرآن) ، فأفرده بالخطاب= ولكن ذلك في ابتدائه خطابَه صلى الله عليه وسلم بالإفراد، ثم عَوْده إلى إخراج الخطاب على الجمع نظير قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) ، [سورة الطلاق: 1] ، وذلك أن في قوله: (إذا طلقتم النساء) ، دليلا واضحًا على صرفه الخطابَ إلى جماعة المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم مع جماعة الناس غيره، لأنه ابتدأ خطابه، ثم صرف الخطابَ إلى جماعة الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم فيهم.
=وخبرٌ عن أنه لا يعمل أحدٌ من عباده عملا إلا وهو له شاهد، (1) يحصى عليه ويعلمه كما قال: (وما يعزب عن ربك) ، يا محمد، عمل خلقه، ولا يذهب عليه علم شيء حيث كان من أرض أو سماء.
* * *
وأصله من "عزوب الرجل عن أهله في ماشيته" ، وذلك غيبته عنهم فيها، يقال منه: "عزَبَ الرَّجل عن أهله يَعْزُبُ ويَعْزِبُ" .
* * *
=لغتان فصيحتان، قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء. وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، لاتفاق معنييهما واستفاضتهما في منطق العرب، غير أني أميل إلى الضم فيه، لأنه أغلب على المشهورين من القراء.
* * *
وقوله: (من مثقال ذرة) ، يعني: من زنة نملة صغيرة.
* * *
يحكى عن العرب: "خذ هذا فإنه أخف مثقالا من ذاك، أي: أخفُّ وزنًا. (2) "
* * *
(1)
قوله: "وخبر عن أنه لا يعمل أحد" معطوف على قوله في أول هذه الفقرة: "إنما هو خبر عن وقت عمل العاملين. . ." .

(2)
انظر تفسير "المثقال" فيما سلف 8: 360، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 278، وهو نص كلامه.

و "الذرّة" واحدة: "الذرّ" ، و "الذرّ" ، صغار النمل. (1)
* * *
قال أبو جعفر: وذلك خبَرٌ عن أنه لا يخفى عليه جل جلاله أصغر الأشياء، وإن خف في الوزن كلّ الخفة، ومقاديرُ ذلك ومبلغه، ولا أكبرها وإن عظم وثقل وزنه، وكم مبلغ ذلك. يقول تعالى ذكره لخلقه: فليكن عملكم أيها الناس فيما يرضي ربَّكم عنكم، فإنّا شهود لأعمالكم، لا يخفى علينا شيء منها، ونحن محصُوها ومجازوكم بها.
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله: (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) .
فقرأ ذلك عامة القراء بفتح الراء من (أَصْغَرَ) و (أَكْبَرَ) على أن معناها الخفض، عطفًا بالأصغر على الذرة، وبالأكبر على الأصغر، ثم فتحت راؤهما، لأنهما لا يُجْرَيان.
* * *
وقرأ ذلك بعض الكوفيين: [وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ] رفعًا، عطفًا بذلك على معنى المثقال، لأن معناه الرفع. وذلك أن (مِنْ) لو ألقيت من الكلام، لرفع المثقال، وكان الكلام حينئذٍ: "وما يعزُب عن ربك مثقالُ ذرة ولا أصغرُ من مثقال ذرة ولا أكبرُ" ، وذلك نحو قوله: (مِنْ خَالِقٍ غَيْرِ اللهِ) ، و (غَيْرُ اللهِ) ، [سورة فاطر: 3] . (2)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءةُ من قرأ بالفتح، على وجه الخفض والردّ على الذرة، لأن ذلك قراءة قراء الأمصار، وعليه عَوَامٌّ القراء،
(1)
انظر تفسير "الذرة" فيما سلف 8: 360، 361.

(2)
لم يذكر أبو جعفر قراءة الرفع في هذه الآية، في موضعها من تفسير "سورة فاطر" ، فيما سيأتي 22: 77 (بولاق) ، وسأشير إلى ذلك في موضعه هناك. وهذا دليل آخر على اختصار أبي جعفر، تفسيره في مواضع، كما أشرت إليه في كثير من تعليقاتي.

وهو أصحُّ في العربية مخرجًا، وإن كان للأخرى وجهٌ معروفٌ.
* * *
وقوله: (إلا في كتاب) ، يقول: وما ذاك كله إلا في كتاب عند الله = (مبين) ، عن حقيقة خبر الله لمن نظر فيه. (1) أنه لا شيء كان أو يكون إلا وقد أحصاه الله جل ثناؤه فيه، وأنه لا يعزُب عن الله علم شيء من خلقه حيث كان من سمائه وأرضه.
* * *
17701- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وما يعزب) ، يقول: لا يغيب عنه.
17702- حدثني محمد بن عمارة قال، حدثنا عبد الله قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس: (وما يعزب عن ربك) ، قال: ما يغيب عنه.
* * *
(1)
انظر تفسير "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (بين) .

القول في تأويل قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله، لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه = ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا.
* * *
و "الأولياء" جمع "ولي" ، وهو النصير، وقد بينا ذلك بشواهده. (1)
* * *
(1)
انظر تفسير "الولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) ، ولكن ههنا تفصيل في معنى "أولياء الله" ، لم يسبق له نظير.

واختلف أهل التأويل فيمن يستحق هذا الاسم.
فقال بعضهم: هم قومٌ يُذْكَرُ الله لرؤيتهم، لما عليهم من سيما الخير والإخبات.
*ذكر من قال ذلك:
17703- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن يمان قال، حدثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ، قال: الذين يُذْكَرُ الله لرؤيتهم.
17704- حدثنا أبو كريب وأبو هشام قالا حدثنا ابن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله. (1)
17705- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن أبي الضحى، مثله.
17706- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ، قال: الذي يُذْكَر الله لرؤيتهم.
17707-. . . . قال، حدثنا ابن مهدي وعبيد الله، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن أبي الضحى قال: سمعته يقول في هذه الآية: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ، قال: من الناس مَفَاتِيح، (2) إذا رُؤُوا ذُكِر الله لرؤيتهم.
(1)
الأثر: 17704 - "أشعث بن سعد بن مالك القمي" ، ثقة، مضى برقم: 78، وهذا خبر مرسل.

(2)
"مفاتيح" ، جمع "مفتاح" ، وهو الذي يفتح به الباب. وهذا مجاز، إنما أراد أنهم يفتحون باب الخير للناس، وأعظم الخير ذكر الله سبحانه وتعالى.

17708-. . . . قال، حدثنا أبي، عن مسعر، عن سَهْل أبي الأسد، عن سعيد بن جبير، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن "أولياء الله" ، فقال: الذين إذا رُؤُوا ذُكر الله. (1)
17709-. . . . قال، حدثنا زيد بن حباب، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن عبد الله: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ، قال: الذين إذا رُؤُوا ذُكِر الله لرؤيتهم
17710-. . . . قال، حدثنا أبو يزيد الرازي، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هم الذين إذا رُؤُوا ذُكِر اللهُ.
17711- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا فرات، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن "أولياء الله" ، قال: هم الذين إذا رُؤُوا ذُكِر الله.
17712-. . . . قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام، عن عبد الله بن أبي الهذيل في قوله: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ، الآية، قال: إن ولي الله إذا رُئِي ذُكِر الله.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما:-
17713- حدثنا أبو هاشم الرفاعي قال، حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا
(1)
الأثر: 17708 - "سهل أبو الأسد القراري الحنفي" ثقة، مترجم في الكبير 2 / 2 / 100، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 206، وكان في المطبوعة: "سهل بن الأسد" ، وهو تصرف من الناشر وفساد، غير ما في المخطوطة. و "القراري" ، بالقاف، قال البخاري: "وقرار، قبيلة" ، وهي من حنيفة، من بكر ومما يذكر في كتب الرجال "سهل الفزاري" بالفاء "وسهل بن قلان القراري بالقاف وهو عندهم مجهول، وأخشى أن يكون هو" سهل القراري "، انظر أيضًا ابن أبي حاتم 2 / 1 / 206، وميزان الاعتدال 1: 431، ولسان الميزان 3: 123. ومهما يكن، فهذا خبر مرسل، عن سعيد بن جبير."





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]