عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 18-07-2025, 02:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,562
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ يونس
الحلقة (806)
صــ 71 إلى صــ 80




*ذكر من قال ذلك:
17641- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: "الحسنى" ، الجنة = "وزيادة" ما أعطاهم في الدنيا، لا يحاسبهم به يوم القيامة. وقرءوا: (وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا) ، [سورة العنكبوت: 27] ، قال: ما آتاه مما يحب في الدنيا، عجل له أجره فيها.
* * *
وكان ابن عباس يقول في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) ، بما:-
17642- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) ، يقول: للذين شهدوا أن لا إله إلا الله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وَعَد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى، أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها. ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرفا من لآلئ، وأن يزيدَهم غفرانا ورضوانًا، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمّ ربنا جل ثناؤه بقوله: (وزيادة) ، الزيادات على "الحسنى" ، فلم يخصص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكَرٍ من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يُعَمَّ، كما عمَّه عز ذكره.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) ، لا يغشى وجوههم كآبة، ولا كسوف، حتى تصير من الحزن كأنما علاها قترٌ.
* * *
و "القتر" الغبار، وهو جمع "قَتَرَةٍ" ومنه قول الشاعر: (1)
مُتَوَّجٌ بِرِداءِ المُلْكِ يَتْبَعُهُ ... مَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرَّاياتِ وَالْقَتَرَا (2)
يعني ب "القتر" الغبار.
* * *
= (ولا ذلة) ، ولا هوان (3) = (أولئك أصحاب الجنة) ، يقول: هؤلاء الذين وصفت صفتهم، هم أهل الجنة وسكانها، (4)
ومن هو فيها (5) = (هم فيها خالدون) ، يقول: هم فيها ماكثون أبدًا، لا تبيد، فيخافوا زوال نعيمهم، ولا هم بمخرجين فتتنغَّص عليهم لذَّتُهم. (6)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* * *
(1)
هو الفرزدق.

(2)
ديوانه: 290، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 277، واللسان (قتر) ، وغيرها، ورواية ديوانه "معتصب برداء الملك" ، وهذا بيت من قصيدة مدح فيها بشر بن مروان، وقبله: كُلُّ امْرِئٍ لِلْخَوْفِ أَمَّنَهُ ... بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ وَالمَذْعُورُ مَنْ ذَعَرَا

فَرْعٌ تَفَرَّعَ فِي الأَعْياصِ مَنْصِبُهُ ... والعامِرَيْنِ، لَهُ العِرنَيْنُ مِنْ مُضَرَا
(3)
انظر تفسير "الذلة" فيما سلف 13: 133، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(4)
انظر تفسير "أصحاب الجنة" فيما سلف من فهارس اللغة (صحب) .

(5)
في المطبوعة: "ومن هم فيها" ، غير ما في المخطوطة لغير طائل.

(6)
انظر تفسير "الخلود" فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .

وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله: (ولا يرهق وجوههم قتر) ما:-
17643- حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال، حدثنا عفان قال، حدثنا حماد بن زيد قال، حدثنا زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) ، قال: بعد نظرهم إلى ربِّهم. (1)
17644- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج، ومعلَّى بن أسد قالا حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بنحوه.
17645- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: (ولا يرهق وجوههم قتر) ، قال: سوادُ الوجوه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين عملوا السيئات في الدنيا، فعصوا الله فيها، وكفروا به وبرسوله (2) = (جزاء سيئة) ، من عمله السيئ الذي عمله في الدنيا = (بمثلها) ، من عقاب الله في الآخرة = (وترهقهم ذلة) ، يقول: وتغشاهم ذلة وهوان، بعقاب الله إياهم (3)
= (ما لهم من الله من عاصم) ، يقول: ما لهم من الله من مانع يمنعهم، إذا عاقبهم، يحول بينه وبينهم.
* * *
(1)
الأثر: 17643 - "محمد بن منصور بن داود الطوسي" ، شيخ الطبري، مضى برقم: 6653.

(2)
انظر تفسير "كسب" فيما سلف من فهارس اللغة (كسب) ، (سوأ) .

(3)
انظر تفسير "الرهق" فيما سلف قريبًا ص: 72.

= وتفسير "ذلة" فيما سلف ص: 72، تعليق: 3، والمراجع هناك.
وبنحو الذي قلنا قوله: "وترهقهم ذلة" قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17646- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وترهقهم ذلة) ، قال: تغشاهم ذلة وشدّة.
* * *
واختلف أهل العربية في الرافع ل "لجزاء" .
فقال بعض نحويي الكوفة: رُفع بإضمار "لهم" ، كأنه قيل: ولهم جزاء السَّيئة بمثلها، كما قال: (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) ، [سورة البقرة: 196] ، والمعنى: فعليه صيام ثلاثة أيام، قال: وإن شئت رفعت الجزاءَ بالباء في قوله: (وجزاء سيئة بمثلها) . (1)
* * *
وقال بعض نحويي البصرة: "الجزاء" مرفوع بالابتداء، وخبره (بمثلها) . قال: ومعنى الكلام: جزاء سيئة مثلها، وزيدت "الباء" ، كما زيدت في قوله: "بحسبك قول السُّوء" .
وقد أنكر ذلك من قوله بعضُهم، فقال: يجوز أن تكون "الباء" في "حسب" [زائدة (2) ]
لأن التأويل: إن قلت السوء فهو حسبك = فلما لم تدخل في الخبر، (3) أدخلت في "حسب" ، "بحسبك أن تقوم" : إن قمت فهو حسبك. (4) فإن مُدح ما بعد "حسب" أدخلت "الباء" ، فيما بعدها، كقولك: "حسبك بزيد" ،
(1)
هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 461، وفي المطبوعة: "وجزاء سيئة بمثلها" بالواو، وفي معاني القرآن للفراء "فجزاء" بالفاء، ولا أجد في القرآن آية فيها مثل ذلك بالواو أو بالفاء، وإنما عني هذه الآية بعينها.

(2)
الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام.

(3)
في المطبوعة والمخطوطة: "لم تدخل في الجزاء" ، وهو خطأ لا ريبة فيه.

(4)
أخشى أن يكون سقط من الكلام شيء.

ولا يجوز "بحسبك زيد" ، لأن زيدًا الممدوح، فليس بتأويل خبَرٍ. (1)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يكون "الجزاء" مرفوعًا بإضمارٍ، بمعنى: فلهم جزاء سيئة بمثلها، لأن الله قال في الآية التي قبلها: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، فوصف ما أعدَّ لأوليائه، ثم عقب ذلك بالخبر عما أعدّ الله لأعدائه، فأشبهُ بالكلام أن يقال: وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة، وإذا وُجِّه ذلك إلى هذا المعنى، كانت الباء صلة للجزاء.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات (2)
= (قِطَعًا من الليل) ، وهي جمع "قطعة" .
* * *
وكان قتادة يقول في تأويل ذلك ما:-
17647- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (كأنما أغشيت وجوههم قطعًا من الليل مظلمًا) ، قال: ظلمة من الليل.
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله تعالى: (قطعًا) فقرأته عامة قراء الأمصار: (قِطَعًا) بفتح الطاء، على معنى جمع "قطعة" ،
(1)
في المطبوعة والمخطوطة في هذا الموضع أيضًا: "فليس بتأويل جزاء" ، وهو فساد لا شك فيه.

(2)
انظر تفسير "الإغشاء" فيما سلف 12: 483، تعليق: 2، والمراجع هناك.

وعلى معنى أنَّ تأويل ذلك: كأنما أُغشِيَت وَجْه كل إنسان منهم قطعةٌ من سواد الليل، ثم جمع ذلك فقيل: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من سواد، إذ جُمِع "الوجه" .
* * *
وقرأه بعض متأخري القراء: "قِطْعًا" بسكون الطاء، بمعنى: كأنما أغشيت وجوههم سوادًا من الليل، وبقيةً من الليل، ساعةً منه، كما قال: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) ، [سورة هود: 81 /سورة الحجر: 65] ، أي: ببقية قد بقيت منه.
ويعتلُّ لتصحيح قراءته كذلك، أنه في صحف أبيّ: (وَيَغْشَى وُجُوهَهُمْ قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمٌ) . (1)
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا يجوز خلافها عندي، قراءةُ من قرأ ذلك بفتح الطاء، لإجماع الحجة من قراء الأمصار على تصويبها، وشذوذ ما عداها. وحسبُ الأخرى دلالةً على فسادها، خروج قارئها عما عليه قراء أهل أمصار الإسلام. (2)
* * *
فإن قال لنا قائل: فإن كان الصواب في قراءة ذلك ما قلت، فما وجه تذكير "المظلم" وتوحيده، وهو من نعت "القطع" ، و "القطع" ، جمع لمؤنث؟
قيل: في تذكير ذلك وجهان: (3)
أحدهما: أن يكون قَطْعًا من "الليل" (4) . وإن يكون من نعت "الليل" ، فلما كان نكرةً، و "الليل" معرفةً، نصب على القَطْع،
فيكون معنى الكلام حينئذ: كأنما أغشيت وجوههم قطعًا من الليل المظلم = ثم حذفت الألف واللام
(1)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 462.

(2)
في المطبوعة: "أهل الأمصار والإسلام" ، وهو عبث سخيف.

(3)
في المطبوعة: "في تذكيره" ؛ بالهاء مضافة، وهو عبث أيضًا.

(4)
"القطع" (بفتح فسكون) ، الحال، كما سلف مرارًا شرحه وبيانه، وانظر ما سلف 11: 455 / 12: 477، وفهارس المصطلحات. وقد بين الطبري في هذا الموضع بأحسن البيان عن معنى "القطع" ، وقد سلف كلامنا فيه مرارًا.

من "المظلم" ، فلما صار نكرة وهو من نعت "الليل" ، نصب على القطع. وتسمي أهل البصرة ما كان كذلك "حالا" ، والكوفيون "قطعًا" .
والوجه الآخر: على نحو قول الشاعر: (1)
* لَوْ أَنَّ مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرٌ أَحَدًا * (2)
والوجه الأوّل أحسن وجهيه.
وقوله: (أولئك أصحاب النار) ، يقول: هؤلاء الذين وصفت لك صفتهم أهلُ النار الذين هم أهلها (3)
= (هم فيها خالدون) ، يقول: هم فيها ماكثون. (4)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع الخلق لموقف الحساب جميعًا، (5) ثم نقول حينئذ للذين أشركوا بالله الآلهةَ والأندادَ: = (مكانَكم) ، أي:
(1)
هو أبو ذؤيب.

(2)
ديوانه: 113، في آخر قصيدة له، ورواية الديوان: لَوْ كان مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرٌ أَحَدًا ... أَحْيَى أُبُوَّتَكِ الشُّمَّ الأَمَادِيحُ

وهذا لا شاهد فيه، ويروى: * لَوْ كان مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرٌ أَحَدًا *
وهذا شاهد.
(3)
انظر تفسير "أصحاب النار" فيما سلف من فهارس اللغة (صحب) .

(4)
انظر تفسير "الخلود" ، فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .

(5)
انظر تفسير "الحشر" فيما سلف 13: 529، تعليق: 4، والمراجع هناك.

امكثوا مكانكم، وقفوا في موضعكم، أنتم، أيها المشركون، وشُركاؤكم الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الآلهة والأوثان = (فزيّلنا بينهم) ، يقول: ففرقنا بين المشركين بالله وما أشركوه به.
* * *
= [من قولهم: "زِلْت الشيء أزيلُه" ، إذا فرّقت بينه] وبين غيره وأبنته منه. (1) وقال: "فزيّلنا" إرادة تكثير الفعل وتكريره، ولم يقل: "فزِلْنا بينهم" .
* * *
وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه: (فَزَايَلْنَا بَيْنَهُمْ) ، كما قيل: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ) ، [سورة لقمان: 18] ، والعرب تفعل ذلك كثيرًا في "فعَّلت" ، يلحقون فيها أحيانًا ألفًا مكان التشديد، فيقولون: "فاعلت" إذا كان الفعل لواحدٍ. وأما إذا كان لاثنين، فلا تكاد تقول إلا "فاعلت" . (2)
* * *
= (وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) ، وذلك حين (تبرَّأ الذين اتَّبعوا من الذين اتُّبعوا ورأوا العذاب وتقطَّعت بهم الأسباب، لما قيل للمشركين: "اتبعوا ما كنتم تعبدون من دون الله" ، ونصبت لهم آلهتهم، قالوا: "كنا نعبد هؤلاء" !، فقالت الآلهة لهم: (ما كنتم إيانا تعبدون) ، كما:-
17648- حدثت عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: يكون يومَ القيامة ساعةٌ فيها شدة، تنصب لهم الآلهة التي كانوا يعبدون، فيقال: "هؤلاء الذين كنتم تعبدون من دون الله" ، فتقول الآلهة: "والله ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا" ! فيقولون: "والله لإيّاكم"
(1)
هذه الزيادة بين القوسين، استظهار من نص اللغة لا بد منه، وكان الكلام في المخطوطة سردًا واحدًا، وهو فساد من الناسخ. وانظر معاني القرآن للفراء 1: 492.

(2)
انظر بيان هذا أيضًا في معاني القرآن للفراء 1: 492، فهو نحو منه.

كنا نعبد "! فتقول لهم الآلهة: (فكفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم إنْ كنا عن عبادتكم لغافلين) ."
17649- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم) ، قال: فرّقنا بينهم = (وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) ! قالوا: بلى، قد كنا نعبدكم! فقالوا: (كفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين) ، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نتكلم! فقال الله: (هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت) ، الآية.
* * *
وروي عن مجاهد، أنه كان يتأول "الحشر" في هذا الموضع، الموت.
17650- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون عن مجاهد في قوله: (ويوم نحشرهم جميعًا) ، قال: الحشر: الموت.
* * *
قال أبو جعفر: والذي قلنا في ذلك أولى بتأويله، لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه يقول يومئذ للذين أشركوا ما ذكر أنه يقول لهم، ومعلومٌ أن ذلك غير كائن في القبر، وأنه إنما هو خبَرٌ عما يقال لهم، ويقولون في الموقف بعد البعث.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) }
قال أبو جعفر: ويقول تعالى ذكره، مخبرًا عن قيل شركاء المشركين من الآلهة والأوثان لهم يوم القيامة، إذ قال المشركون بالله لها: إياكم كنا نعبد = (كفى
بالله شهيدًا بيننا وبينكم) ، أي إنها تقول: حسبُنا الله شاهدًا بيننا وبينكم، أيها المشركون، فإنه قد علم أنّا ما علمنا ما تقولون = (إنا كنا عن عبادتكم لغافلين) ، يقول: ما كنا عن عبادتكم إيانا دون الله إلا غافلين، لا نشعر به ولا نعلم، (1) كما:-
17651- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) ، قال: كُلُّ شيء يعبد من دون الله. (2)
17652- حدثني المثنى قال، حدثني إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17653- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال مجاهد: (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) ، قال: يقول ذلك كُلُّ شيء كان يُعْبد من دون الله.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) }
قال أبو جعفر: اختلفت القراء في قراءة قوله: (هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ) ، بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كلّ نفس ما قدمت من خيرٍ أو شٍّر. (3)
وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك، مجاهدٌ.
(1)
انظر تفسير "الغفلة" فيما سلف ص: 25، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)
في المطبوعة: "قال ذلك كل شيء" ، زاد "ذلك" وأثبت ما في المخطوطة، وهو لا بأس به.

(3)
في المطبوعة: "بما قدمت" بالباء، لم يحسن قراءة المخطوطة. وانظر تفسير "الابتلاء" فيما سلف من فهارس اللغة (بلا)





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]