عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 18-07-2025, 11:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,823
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ براءة
الحلقة (788)
صــ 471 إلى صــ 480






ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين) ، قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قُباء، خرج رجالٌ من الأنصار، منهم: بحزج، (1) جدُّ عبد الله بن حنيف، (2) ووديعة بن حزام، ومجمع بن جارية الأنصاري، فبَنوا مسجد النفاق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبحزج (3) ويلك! ما أردت إلى ما أرى! فقال: يا رسول الله، والله ما أردت إلا الحسنى! وهو كاذب، فصدَّقه رسول الله وأراد أن يعذِره، فأنزل الله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله) ، يعني رجلا منهم يقال له "أبو عامر" كان محاربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد انطلق إلى هرقل، فكانوا يرصدون [إذا قدم] أبو عامر أن يصلي فيه، (4) وكان قد خرج من المدينة محاربًا لله ولرسوله = (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) .
17189- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ،
(1)
في المطبوعة: "بخدج" ، وأثبت ما في سيرة ابن هشام 4: 174، كما سلف في رقم: 17186. ورأيت بعد في المحبر: 47: "بخدج" ولم أتمكن من تصحيحه. ثم انظر جمهرة الأنساب لابن حزم: 316 في نسب "سهل بن حنيف" ، و "عثمان بن حنيف" ، و "عباد بن حنيف" . وانظر التعليق التالي.

(2)
ما أدري قوله: "جد عبد الله بن حنيف" ، ولست أدري أهو من كلام ابن عباس أو من كلام غيره، وإن كنت أرجح أنه من كلام غيره، لأني لم أجد في الصحابة ولا التابعين "عبد الله بن حنيف" ، وجده "بحزج" . والمذكور في المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار: "عباد بن حنيف" ، أخو "سهل بن حنيف" . فأخشى أن يكون سقط من الخبر شيء، فاختلط الكلام. وفي نسب "سهل بن حنيف" "عمرو، وهو بحزج، بن حنش بن عوف بن عمرو" (انظر ابن سعد 3 / 2 / 39، ثم: 5: 59) ، وجمهرة الأنساب لابن حزم: 316، ولكن هذا قديم جدا في الجاهلية، وهو بلا شك غير "بحزج" ، الذي كان من أمره ما كان في مسجد الضرار.

فهذا الذي هنا يحتاج إلى فضل تحقيق، لم أتمكن من بلوغه.
(3)
في المطبوعة: "لبخدج" ، وانظر التعليقات السالفة.

(4)
في المطبوعة، ساق الكلام سياقا واحدا هكذا: "وكانوا يرصدون أبو عامر أن يصلي فيه" ، وفي المخطوطة: "وكانوا يرصدون أبو عامر أن يصلي فيه" ، وبين الكلامين بياض، وفي الهامش حرف (ط) دلالة على الخطأ، وأثبت ما بين القوسين من الدر المنثور 1: 276، وروى الخبر من طريق ابن مردويه، وابن أبي حاتم. وهذا الذي أثبته يطابق في معناه ما سيأتي في الآثار التالية.

قال: أبو عامر الراهب، انطلق إلى قيصر، فقالوا: "إذا جاء يصلي فيه" ، كانوا يرون أنه سيظهر على محمد صلى الله عليه وسلم.
17190- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، قال المنافقون = (لمن حارب الله ورسوله) ، لأبي عامر الراهب.
17191- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17192- قال، حدثنا أبو إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين) ، قال: نزلت في المنافقين = وقوله: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ، قال: هو أبو عامر الراهب.
17193- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
17194- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، قال: هم بنو غنم بن عوف.
17195- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، قال: هم حيّ يقال لهم: "بنو غنم" .
17196- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، قال: هم حي يقال لهم: "بنو غنم" = قال أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله) ،
أبو عامر الراهب انطلق إلى الشأم، فقال الذين بنوا مسجد الضرار: إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر.
17197- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا) ، الآية، عمد ناسٌ من أهل النفاق، فابتنوا مسجدًا بقباء، ليضاهوا به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعثوا إلى رسول الله ليصلِّي فيه. ذكر لنا أنه دعا بقميصه ليأتيهم، حتى أطلعه الله على ذلك = وأما قوله: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله) ، فإنه كان رجلا يقال له: "أبو عامر" ، فرّ من المسلمين فلحق بالمشركين، فقتلوه بإسلامه. (1) قال: إذا جاء صلى فيه، فأنزل الله: (لا تقم فيه أبدًا لمسجد أسس على التقوى) ، الآية.
17198- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، هم ناس من المنافقين، بنوا مسجدًا بقباء يُضارُّون به نبيّ الله والمسلمين = (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله) ، كانوا يقولون: إذا رجع أبو عامر من عند قيصر من الروم صلى فيه! وكانوا يقولون: إذا قدم ظهر على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.
17199- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ، قال: مسجد قباء، كانوا يصلون فيه كلهم. وكان رجل من رؤساء المنافقين يقال له: "أبو عامر" ، أبو: "حنظلة غسيل الملائكة" ،
(1)
قوله: "فقتلوه بإسلامه" ، كلام صحيح، وإن ظن بعضهم أنه لا يستقيم، وذلك أن أبا عامر الراهب، لما خرج إلى الروم مات هناك سنة تسع أو عشر. (الإصابة في ترجمة ولده: حنظلة غسيل الملائكة بن أبي عامر) . فكأنه يقال أيضا أن الروم قتلته بإسلامه، كما جاء في هذا الخبر. وأما قوله بعد: "قال: إذا جاء صلى فيه" ، فهو من كلام قتادة. وانظر الأخبار التالية، فإنه يقال إنه تنصر.

و "صيفي" ، [واحق] . (1) وكان هؤلاء الثلاثة من خيار المسلمين، فخرج أبو عامر هاربًا هو وابن عبد ياليل، من ثقيف، (2) وعلقمة بن علاثة، من قيس، من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا بصاحب الروم. فأما علقمة وابن عبد ياليل، (3) فرجعا فبايعا النبي صلى الله عليه وسلم وأسلما. وأما أبو عامر، فتنصر وأقام. قال: وبنى ناسٌ من المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر، قالوا: "حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه" ، وتفريقًا بين المؤمنين، يفرقون به جماعتهم، (4) لأنهم كانوا يصلون جميعًا في مسجد قباء. وجاءوا يخدعون النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ربما جاء السيلُ، فيقطع بيننا وبين الوادي، (5) ويحول بيننا وبين القوم، ونصلي في مسجدنا، (6) فإذا ذهب السيل صلينا معهم! قال: وبنوه على النفاق. قال: وانهار مسجدهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وألقى الناس عليه التِّبن والقُمامة، (7) فأنزل الله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين) ، لئلا يصلي في مسجد قباء جميعُ المؤمنين = (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ، أبي عامر = (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) .
17200- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن أبي جعفر، عن ليث: أن شقيقًا لم يدرك الصلاة في مسجد بني عامر، فقيل له: مسجد بني فلان لم يصلُّوا بعدُ! فقال: لا أحب أن أصلي فيه، فإنه بُني على ضرار، وكل مسجد بُنِيَ ضرارًا أو رياءً أو سمعة، فإن أصله ينتهي إلى المسجد الذي بني على ضرار.
* * *
القول في تأويل قوله: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تقم، يا محمد، في المسجد الذي بناه هؤلاء المنافقون، ضرارًا وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله. ثم أقسم جل ثناؤه فقال: (لمسجد أسِّس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم) ، أنت = (فيه) .
* * *
يعني بقوله: (أسس على التقوى) ، ابتدئ أساسه وأصله على تقوى الله وطاعته = (من أول يوم) ، ابتدئ في بنائه = (أحق أن تقوم فيه) ، يقول: أولى أن تقوم فيه مصلِّيًا.
* * *
(1)
في المطبوعة: "وأخيه" ، والذي في المخطوطة كما أثبته غير مقروء قراءة ترتضي. وممكن أن تكون "وأخوه" ، ولكنه عندئذ خطأ، صوابه أن يكون و "أخيه" ، كما أثبته ناشر المطبوعة.

بيد أن السياق يدل على أن ما بين القوسين اسم ثالث، وهو اسم أخي حنظلة، وصيفي، ولم استطع أن أجد خبر ذلك.
وأما "صيفي" ، فقد ذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة "صيفي" ، وأنه كان ممن شهد أحدا، ونسب ذلك إلى ابن سعد والطبراني، ولم أجده في المطبوع من طبقات ابن سعد.
(2)
الذي جاء في المخطوطة والمطبوعة: "ابن بالين" ، وإن كان في المخطوطة غير منقوط.

وهو خطأ لا شك فيه عندي، وأن صوابه: "وابن عبد ياليل" كما أثبته. فإن ابن عبد البر في الاستيعاب: 105، في ترجمة "حنظلة الغسيل" ، ذكر أن أبا عمر الفاسق لما فتحت مكة، لحق بهرقل هاربا إلى الروم، فمات كافرا عند هرقل، وكان معه هناك "كنانة بن عبد ياليل" و "علقمة بن علاثة" ، فاختصما في ميراثه إلى هرقل، فدفعه إلى كنانة بن عبد ياليل، وقال لعلقمة: هما من أهل المدر، وأنت من أهل الوبر.
و "كنانة بن عبد ياليل الثقفي" ، ترجم له ابن حجر في القسم الرابع، وذكره ابن سلام الجمحي، في طبقات فحول الشعراء ص: 217، في شعراء الطائف، ولم يورد له خبرا بعد ذكره.
(3)
في المطبوعة والمخطوطة: "وابن بالين" ، وفي المخطوطة غير منقوطة. انظر التعليق السالف.

(4)
في المطبوعة: "بين جماعتهم" ، وأثبت ما في المخطوطة.

(5)
في المطبوعة: "يقطع" ، وأثبت ما في المخطوطة.

(6)
في المطبوعة: "فنصلي" ، وأثبت ما في المخطوطة.

(7)
في المطبوعة: "النتن والقامة" والصواب ما في المخطوطة. و "التبن" عصيفة الزرع، فهو الذي يلقى. وأما "النتن" فالرائحة الكريهة، فكأنه ظن أن "النتن" مجاز لمعنى "الأقذار" ، لنتن رائحتها! وهو باطل.

وقيل: معنى قوله: (من أول يوم) ، مبدأ أول يوم كما تقول العرب: "لم أره من يوم كذا" ، بمعنى: مبدؤه = و "من أول يوم" ، يراد به: من أول الأيام، كقول القائل: "لقيت كلَّ رجل" ، بمعنى كل الرجال.
* * *
واختلف أهل التأويل في المسجد الذي عناه بقوله: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) .
فقال بعضهم: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه منبره وقبره اليوم.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
17201- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان، عن عثمان بن عبيد الله قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر، أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أيّ مسجد هو؟ مسجد المدينة، أو مسجد قباء؟ قال: لا مسجد المدينة. (1)
17202- قال، حدثنا القاسم بن عمرو العنقزي، عن الدراوردي، عن عثمان بن عبيد الله، عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد الرسول. (2)
(1)
الأثر: 17201 - "إبراهيم بن طهمان الخراساني" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 3762، 3727، 4931.

و "عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع" ، مولى سعيد بن العاص. رأى أبا هريرة، وأبا قتادة، وابن عمر، وأبا أسيد، يضفرون لحاهم. مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 156. وسيأتي في الأثرين التاليين رقم: 17202، 17203.
وأما قوله: "أرسلني محمد بن أبي هريرة" ، فإني أرتاب فيه كل الارتياب، وأرجح أنه: "محرر بن أبي هريرة" ، ولم أجد لأبي هريرة ولد يقال له "محمد" ، بل ولده هم "المحرر بن هريرة" ، و "وعبد الرحمن بن أبي هريرة" ، و "بلال بن أبي هريرة" . ومضى "المحرر بن أبي هريرة" برقم: 2863، 16368 - 16370.
(2)
الأثر: 17202 - "القاسم بن عمرو بن محمد العنقزي" ، مولى قريش، سمع أباه. مترجم في الكبير 4 / 1 / 172، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 115، ولم يذكرا فيه جرحا.

"الدراوردي" ، هو "عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 10676، 15714.
و "عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع" ، مضى في الأثر السالف.
17203- قال، حدثنا أبي، عن ربيعة بن عثمان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: سألت ابن عمر عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: هو مسجد الرسول. (1)
17204- قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
17205- قال، حدثنا أبي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد قال: هو مسجد الرسول.
17206- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا حميد الخراط المدني قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت: كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال لي: [قال أبي] (2) أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أيُّ مسجدٍ الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًّا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا! = [فقلت] : (3) هكذا سمعت أباك يذكره. (4)
(1)
الأثر: 17203 - "ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمي" ، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 264، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 476.

و "عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع" ، مضى في الأثرين السالفين.
(2)
هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها، استظهرتها من لفظ حديث مسلم. ولو قلت "قال قال أبي" ، لكان مطابقا لما في المسند.

(3)
في المخطوطة: "ثم هكذا سمعت أباك يذكر" ، وفي المطبوعة حذف "ثم" وجعل "يذكر" ، "يذكره" . فزدت ما بين القوسين إتماما للسياق. ونص روايته مسلم: "قالت فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره" .

(4)
الأثر: 17206 - رواه مسلم في صحيحه 9: 168، 169 من هذه الطريق نفسها، مع اختلاف يسير في بعض لفظه.

ورواه أحمد في مسنده 3: 24، من هذه الطريق، نفسها مع خلاف في بعض لفظه.
17207- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه قال: المسجد الذي أسس على التقوى، هو مسجدُ النبيِّ الأعظمُ.
17208- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، هو مسجد المدينة الأكبر.
17209- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود قال، قال سعيد بن المسيب، فذكر مثله = إلا أنه قال: الأعظم.
17210- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
17211- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد = قال: أحسبه عن أبيه = قال: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أسس على التقوى.
* * *
وقال آخرون: بل عني بذلك مسجد قُباء.
* ذكر من قال ذلك:
17212- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) ، يعني مسجد قُباء.
17213- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، نحوه.
17214- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) ، هو مسجد قباء.
17215- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة قال: مسجد قُباء، الذي أسس على التقوى، بناه نبي الله صلى الله عليه وسلم. (1)
17216- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد قباء.
17217- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير: الذين بُني فيهم المسجدُ الذي أسس على التقوى، بنو عمرو بن عوف.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، لصحة الخبَر بذلك عن رسول الله. (2)
* ذكر الرواية بذلك.
17218- حدثنا أبو كريب وابن وكيع = قال أبو كريب: حدثنا وكيع = وقال ابن وكيع: حدثنا أبي = عن ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس، رجل من الأنصار، عن سهل بن سعد قال، اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد النبيّ! وقال الآخر: هو مسجد قباء! فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه، فقال: هو مسجدي هذا = اللفظ لحديث أبي كريب، وحديث سفيان نحوه. (3)
(1)
الأثر: 17215 - "صالح بن حيان القرشي" ، ضعيف الحديث، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 276، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 398، وميزان الاعتدال 1: 455.

"ابن بريدة" ، هو "عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي" ، ثقة، مضى برقم: 12523.
(2)
يعني الخبر الذي رواه أحمد ومسلم وأبو جعفر آنفا برقم: 17206، وما سيأتي من الأخبار.

(3)
الأثر: 17218 - "ربيعة بن عثمان التيمي" ، ثقة، مضى برقم: 17203.

و "عمران بن أبي أنس العامري المصري" ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 2 294.
وأما قول أبي جعفر "رجل من الأنصار" ، فظني أن ذلك لأنه يقال إنه مولى "أبي خراش السلمي، أو الأسلمي" ، قال ابن سعد: "كانوا يزعمون أنهم من بني عامر بن لؤى، والناس يقولون إنهم موالي، ثم انتموا بعد ذلك إلى اليمن" .
ولم أجدهم ذكروا له سماعا من سهل بن سعد الأنصاري، وهو خليق أن يروى عنه، لأن سهل بن سعد مات سنة 88، وعمران مات سنة 117.
و "سهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري" ، له ولأبيه صحبة، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بن كعب، وعاصم بن عدي، وعمرو بن عبسة، ومروان بن الحكم، وهو دونه.
وهذا الخبر تفرد به أحمد من هذه الطريق نفسها، في مسنده 5: 331، ثم رواه في ص: 335، من طريق عبد الله بن عامر، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، وانظر الخبر التالي.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 34، وقال: "رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح" .
17219- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن أبيّ بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: مسجدي هذا. (1)
17220- حدثني يونس قال، أخبرني ابن وهب قال، حدثني الليث، عن عمران بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه، قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء! وقال آخر: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال رسول الله: هو مسجدي هذا. (2)
17221- حدثني بحر بن نصر الخولاني قال، قرئ على شعيب بن الليث،
(1)
الأثر: 17219 - "عبد الله بن عامر الأسلمي" ، ضعيف، ذاهب الحديث، مضى برقم: 15586.

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 117، من طريق أبي نعيم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، ومن طريق عبد الله بن الحارث الأسلمي، عن عبد الله بن عامر.
وهذا إسناد ضعيف، لضعف "عبد الله بن عامر الأسلمي" .
(2)
الأثر: 17220 - هذا حديث صحيح، رواه الترمذي في كتاب التفسير، ورواه أحمد في مسنده 3: 8، 89، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح. وقد روى هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، رواه أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد" ، وهو ما سيرويه، أبو جعفر من رقم: 17222 - 17224.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]