عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 17-07-2025, 06:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنفال
الحلقة (749)
صــ 81 إلى صــ 90





حدثنا أسباط، عن السدي: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعهم أولياء بعض) ، في الميراث = (والذين آمنوا ولم يهاجروا) ، وهؤلاء الأعراب = (ما لكم من ولايتهم من شيء) ، في الميراث = (وإن استنصروكم في الدين) يقول: بأنهم مسلمون = (فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، في الميراث = (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) ، ثم نسختها الفرائض والمواريث، = "وأولوا الأرحام" . الذين توارثوا على الهجرة = (بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ، فتوارث الأعرابُ والمهاجرون. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: (والذين آمنوا) . الذين صدقوا بالله ورسوله = (ولم يهاجروا) . قومهم الكفار، ولم يفارقوا دارَ الكفر إلى دار الإسلام = (ما لكم) ، أيها المؤمنون بالله ورسوله. المهاجرون قومَهم المشركين وأرضَ الحرب (2) = (من ولايتهم) ، يعني: من نصرتهم وميراثهم.
* * *
(1)
كانت هذه الجملة في المطبوعة: "فأولئك منكم، والذين توارثوا على الهجرة في كتاب الله، ثم نسختها الفرائض والمواريث، فتوارث الأعراب والمهاجرون" قدم وأخر فيما كان في المخطوطة، وهو: "فأولئك منكم، ثم نسختها الفرائض والمواريث" الذي توارثوا على الهجرة في كتاب الله، فتوارث الأعراب والمهاجرون. واستظهرت الصواب.

(2)
انظر تفسير "الهجرة" فيما سلف ص 77، تعليق:، والمراجع هناك.

وقد ذكرت قول بعض من قال: "معنى الولاية، ههنا الميراث" ، وسأذكر إن شاء الله من حضرني ذكره بعدُ.
* * *
= (من شيء حتى يهاجروا) ، قومَهم ودورَهم من دار الحرب إلى دار الإسلام = (وإن استنصروكم في الدين) ، يقول: إن استنصركم هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا = (في الدين) ، يعني: بأنهم من أهل دينكم على أعدائكم وأعدائهم من المشركين، "فعليكم" ، أيها المؤمنون من المهاجرين والأنصار، (النصر) = (إلا) أن يستنصروكم = (على قوم بينكم وبينهم ميثاق) ، يعني: عهد قد وثَّق به بعضكم على بعض أن لا يحاربه (1) = (والله بما تعملون بصير) ، يقول: والله بما تعملون فيما أمركم ونهاكم من ولاية بعضكم بعضًا، أيها المهاجرون والأنصار، وترك ولاية من آمن ولم يهاجر ونصرتكم إياهم عند استنصاركم في الدين، وغير ذلك من فرائض الله التي فرضها عليكم = (بصير) ، يراه ويبصره، فلا يخفى عليه من ذلك ولا من غيره شيء. (2)
16338- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) ، قال: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة. وكان الرجل يسلم ولا يهاجر، لا يرث أخاه، فنسخ ذلك قوله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) [سورة الأحزاب: 6] .
16339- حدثنا محمد قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على رجل دخل في الإسلام فقال:
(1)
انظر تفسير "الميثاق" فيما سلف 13، 315، تعليق: والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "بصير" فيما سلف من فهارس اللغة (بصر) .

تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان، وأنك لا ترى نار مشرك إلا وأنت حرب. (1)
16340- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وإن استنصروكم في الدين) ، يعني: إن استنصركم الأعراب المسلمون، أيها المهاجرون والأنصار، على عدوهم، فعليكم أن تنصروهم، إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق.
16341- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: ترك النبي صلى الله عليه وسلم الناسَ يوم تُوفي على أربع منازل: مؤمن مهاجر، والأنصار، وأعرابي مؤمن لم يهاجر; إن استنصره النبي صلى الله عليه وسلم نصره، وإن تركه فهو إذْنُه، (2) وإن استنصر النبي صلى الله عليه وسلم في الدين كان حقًّا عليه أن ينصره، فذلك قوله: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) = والرابعة: التابعون بإحسان.
16342- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا) ، إلى آخر السورة، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وترك الناس على أربع منازل (3) مؤمن مهاجر. ومسلم أعرابي، والذين آووا ونصروا، والتابعون بإحسان.
* * *
(1)
يعني بذلك: أن يبعد منزله عن منزل المشرك "حتى لا يرى ناره" نهى منه صلى الله عليه وسلم عن جوار لمشرك.

(2)
في المطبوعة: "فهو إذن له" ثبت ما في المخطوطة.

(3)
في المطبوعة: "قال رسول الله" وذلك أن كاتب المخطوطة وصل لام "قال" بألف "إن" ، ووصل ألف "إن" بنونها.

القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (والذين كفروا) ، بالله ورسوله = (بعضهم أولياء بعض) ، يقول: بعضهم أعوان بعض وأنصاره، وأحق به من المؤمنين بالله ورسوله. (1)
* * *
وقد ذكرنا قول من قال: "عنى بذلك أن بعضهم أحق بميراث بعض من قرابتهم من المؤمنين" ، (2) وسنذكر بقية من حضرنا ذكره.
16343- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك قال، قال رجل: نورّث أرحامنا من المشركين! فنزلت: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، الآية.
16344- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، نزلت في مواريث مشركي أهل العهد.
16345- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) ، إلى قوله: (وفساد كبير) ، قال: كان المؤمن المهاجر والمؤمن الذي ليس بمهاجر، لا يتوارثان وإن كانا أخوين مؤمنين. قال: وذلك لأن هذا الدين كان بهذا البلد
(1)
انظر تفسير "ولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولي)

(2)
في المطبوعة: "عنى بيان أن بعضهم" ، وهو سياق فاسد. وفي المخطوطة: "عنى بيان بعضهم" ، غير منقوط، مضطرب أيضا فاسد. والصواب ما أثبت.

قليلا حتى كان يوم الفتح، فلما كان يوم الفتح، وانقطعت الهجرة توارثوا حيثما كانوا بالأرحام. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح" ، وقرأ: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) .
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: إن الكفار بعضهم أنصار بعض = وإنه لا يكون مؤمنًا من كان مقيمًا بدار الحرب لم يهاجر. (1)
* ذكر من قال ذلك:
16346- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، قال: كان ينزل الرجل بين المسلمين والمشركين، فيقول: إن ظهر هؤلاء كنت معهم، وإن ظهر هؤلاء كنت معهم! فأبى الله عليهم ذلك، وأنزل الله في ذلك، فلا تراءى نار مسلم ونار مشرك، (2) إلا صاحب جزية مُقِرّ بالخراج.
16347- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: حض الله المؤمنين على التواصل، فجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض. (3)
* * *
وأما قوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: معناه: إلا تفعلوا، أيها المؤمنون، ما أمرتم به من موارثة المهاجرين منكم بعضهم من بعض بالهجرة، والأنصار بالإيمان، دون أقربائهم من أعراب المسلمين ودون الكفار = (تكن فتنة) ، يقول: يحدث بلاء في الأرض
(1)
في المطبوعة: "ولم" بزيادة الواو.

(2)
قوله: "لا تراءى نار مسلم ومشرك" ، أسند الترائي إلى النار، كناية عن الجوار، وانظر التعليق السالف ص: 83، رقم: 1.

(3)
الأثر: 16347 - سيرة ابن هشام 2: 332، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16318.

بسبب ذلك (1) = (وفساد كبير) ، يعني: ومعاصٍ لله. (2)
* ذكر من قال ذلك:
16348- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، إلا تفعلوا هذا، تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون = (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) . قال: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الإيمان إلا بالهجرة، ولا يجعلونهم منهم إلا بالهجرة. (3)
16349- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، يعني في الميراث = (إلا تفعلوه) ، يقول: إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به = (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ،
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: إلا تَناصروا، أيها المؤمنون، في الدين، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
* ذكر من قال ذلك:
16350- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: جعل المهاجرين والأنصار أهلَ ولاية في الدين دون من سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض، ثم قال: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، إلا يوالِ المؤمن المؤمن من دون الكافر، وإن كان ذا رحم به = (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، أي: شبهة في الحق والباطل، وظهور الفساد في الأرض، بتولّي
(1)
انظر تفسير "الفتنة" فيما سلف 13: 537، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "الفساد" فيما سلف 13: 36، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(3)
في المخطوطة: "ولا يجعلونهم مقيم" ، والصواب ما في المطبوعة.

المؤمن الكافرَ دون المؤمن. (1) ثم رد المواريث إلى الأرحام. (2)
16351- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، قال: إلا تعاونوا وتناصروا في الدين = (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بتأويل قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، قول من قال: معناه: أن بعضهم أنصار بعض دون المؤمنين، وأنه دلالة على تحريم الله على المؤمن المقامَ في دار الحرب وترك الهجرة، لأن المعروف في كلام العرب من معنى "الوليّ" ، أنه النصير والمعين، أو: ابن العم والنسيب. (3) فأما الوارث فغير معروف ذلك من معانيه، إلا بمعنى أنه يليه في القيام بإرثه من بعده. وذلك معنى بعيد، وإن كان قد يحتمله الكلام. وتوجيه معنى كلام الله إلى الأظهر الأشهر، أولى من توجيهه إلى خلاف ذلك.
وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن أولى التأويلين بقوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، تأويلُ من قال: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين، تكن فتنة في الأرض = إذْ كان مبتدأ الآية من قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) . بالحث على الموالاة على الدين والتناصر جاء، فكذلك (4) الواجب أن يكون خاتمتها به.
* * *
(1)
كان في المطبوعة بعد قوله "فساد كبير" ما نصه: "إن يتول المؤمن الكافر دون المؤمن، ثم رد المواريث إلى الأرحام" ، ومثلها في المخطوطة إلا أنه كتب "إن يتولى" . وهو كلام مضطرب، سببه أن "المؤمن" ذكر في الكلام مرات، فأسقط ما بين "المؤمن" في قوله "إلا يوال المؤمن المؤمن" ، إلى قوله بعد: "بتولي المؤمن الكافر" ، فاضطراب الكلام، وسقته على الصواب من سيرة ابن هشام.

(2)
الأثر: 16350 - سيرة ابن هشام 2: 332، 333، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16347، وفيه جزء منه.

(3)
انظر تفسير "الولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) .

(4)
في المطبوعة والمخطوطة "وكذلك" بالواو، والفاء حق السياق.

القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا) ، آوَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين معه ونصروهم، ونصروا دين الله، أولئك هم أهل الإيمان بالله ورسوله حقًّا، لا من آمن ولم يهاجر دارَ الشرك، وأقام بين أظهر أهل الشرك، ولم يغزُ مع المسلمين عدوهم (1) = (لهم مغفرة) ، يقول: لهم ستر من الله على ذنوبهم، بعفوه لهم عنها (2) = (ورزق كريم) ، يقول: لهم في الجنة مطعم ومشرب هنيٌّ كريم، (3) لا يتغير في أجوافهم فيصير نجْوًا، (4) ولكنه يصير رشحًا كرشح المسك (5)
* * *
وهذه الآية تنبئ عن صحة ما قلنا: أن معنى قول الله: (بعضهم أولياء بعض) في هذه الآية، وقوله: (ما لكم من ولايتهم من شيء) ، إنما هو النصرة والمعونة، دون الميراث. لأنه جل ثناؤه عقّب ذلك بالثناء على المهاجرين والأنصار والخبر عما لهم عنده، دون من لم يهاجر بقوله: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا
(1)
انظر تفسير "هاجر" و "جاهد" ، و "آوى" فيما سلف قريبا ص 77، تعليق: 1 - 4، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "المغفرة" فيما سلف من فهارس اللغة "غفر" .

(3)
انظر تفسير "رزق كريم" فيما سلف وكان في المطبوعة هنا "طعم ومشرب" ، والصواب من المخطوطة.

(4)
"النجو" ، ما يخرج من البطن.

(5)
روى مسلم وأبو داود من حديث جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَأكُلُونَ فِيهَا ويَشْرَبُونَ، وَلا يَتْفُلُونَ وَلا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ. قِيلَ: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟ قال: جُشاء ورَشْحٌ كَرَشْحِ المِسْك، يُلهمون التسبيح والتحميد كما تُلهمُونَ النَّفَس"

(صحيح مسلم 17: 173) .
في سبيل الله والذين آووا ونصروا) ، الآية، ولو كان مرادًا بالآيات قبل ذلك، الدلالةُ على حكم ميراثهم، لم يكن عَقِيبَ ذلك إلا الحثّ على إمضاء الميراث على ما أمر. (1) وفي صحة ذلك كذلك، الدليلُ الواضح على أن لا ناسخ في هذه الآيات لشيء، ولا منسوخ.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "والذين آمنوا" ، بالله ورسوله، من بعد تبياني ما بيَّنت من ولاية المهاجرين والأنصار بعضهم بعضًا، وانقطاع ولايتهم ممن آمن ولم يهاجر حتى يهاجر = (وهاجروا) ، دارَ الكفر إلى دار الإسلام = (وجاهدوا معكم) ، أيها المؤمنون = (فأولئك منكم) ، في الولاية، يجب عليكم لهم من الحق والنصرة في الدين والموارثة، مثل الذي يجب لكم عليهم، ولبعضكم على بعض، (2) كما:-
16352- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم ردّ المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار دونهم، إلى الأرحام التي بينهم، (3) فقال: (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ، أي: بالميراث (4) = (إن الله بكل شيء عليم) . (5)
* * *
(1)
في المطبوعة: "إلا الحث على مضى" ، وفي المخطوطة: "على أمضى" ، وصواب قراءتها ما أثبت.

(2)
انظر تفسير "هاجر" ، و "جاهد" فيما سلف ص: 88، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(3)
في المطبوعة والمخطوطة: "ثم المواريث إلى الأرحام التي بينهم" ، أسقط من الكلام تمام الكلام الذي أثبته من سيرة ابن هشام، وسبب ذلك كما فعل في رقم: 16350، هو ذكر "الأرحام" مرتين، فاختلط عليه بصره فنقل ما نقل.

(4)
في المطبوعة: "أي: في الميراث" ، وهو خطأ، صوابه في المخطوطة والسيرة.

(5)
الأثر: 16352 - سيرة ابن هشام 2: 333، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16350.

القول في تأويل قوله: {وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والمتناسبون بالأرحام = (بعضهم أولى ببعض) ، في الميراث، إذا كانوا ممن قسم الله له منه نصيبًا وحظًّا، من الحليف والولي = (في كتاب الله) ، يقول: في حكم الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ والسابق من القضاء (1) = (إن الله بكل شيء عليم) ، يقول: إن الله عالم بما يصلح عباده، في توريثه بعضهم من بعض في القرابة والنسب، دون الحلف بالعقد، وبغير ذلك من الأمور كلها، لا يخفى عليه شيء منها. (2)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16353- حدثنا أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، حدثنا أبي، قال، حدثنا قتادة أنه قال: كان لا يرث الأعرابيُّ المهاجرَ، حتى أنزل الله: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) .
16354- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا معاذ بن معاذ قال، حدثنا ابن عون، عن عيسى بن الحارث: أن أخاه شريح بن الحارث كانت له سُرِّيَّة، فولدت منه جارية، فلما شبت الجارية زُوِّجت، فولدت غلامًا، ثم ماتت السرِّية، واختصم شريح بن الحارث والغلام إلى شريح القاضي في ميراثها، فجعل شريح بن الحارث يقول: ليس له ميراث في كتاب الله! قال: فقضى شريح بالميراث للغلام. قال: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ، فركب ميسرة بن يزيد إلى ابن الزبير، فأخبره بقضاء شريح وقوله، فكتب ابن
(1)
انظر تفسير "كتاب" فيما سلف ص: 64، تعليق 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "عليم" فيما سلف من فهارس اللغة (علم) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]