عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17-07-2025, 06:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنفال
الحلقة (747)
صــ 61 إلى صــ 70





يثخن عدوه حتى ينفيهم من الأرض = (تريدون عرض الدنيا) ، أي: المتاع والفداء بأخذ الرجال = (والله يريد الآخرة) ، بقتلهم، لظهور الدين الذي يريدون إطفاءه، الذي به تدرك الآخرة. (1)
16293- حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر وجيء بالأسرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومك وأهلك، استبقهم واستأنهم، (2) لعل الله أن يتوب عليهم. وقال عمر: يا رسول الله، كذبوك وأخرجوك، قدّمهم فاضرب أعناقهم! وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، انظر واديًا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرمه عليهم نارا. قال: فقال له العباس: قُطِعتْ رَحِمُك! قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهم، ثم دخل. فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر. وقال ناس: يأخذ بقول عُمر. وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنّ الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوبَ رجال حتى تكون أشد من الحجارة! وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، قال: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة إبراهيم: 36] ، ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ) ، الآية [سورة المائدة: 118] ."
(1)
الأثر: 16292 - سيرة ابن هشام 2: 332، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16271. وفي لفظ سيرة ابن هشام بعض الاختلاف، وأشك في قوله هناك: "أي: قتلهم لظهور الدين الذي يريد إظهاره، والذي تدرك به الآخرة" .

(2)
كان في المطبوعة: "واستأن بهم" ، وهو نص الخبر في مسند أحمد وغيره، من "الأناة" . يقال: "استأنى بالشيء" ، ترفق به، وأخره وانتظر به، وتربص به. ونقل صاحب أساس البلاغة: "واستأنيت فلانًا" : لم أعجله، وأنشد لابن مقبل: وَقَوْمٌ بأَيدِيهِمْ رِمَاحُ رُدَينَةٍ ... شَوَارِعَ تَسْتأني دَمًا أو تسَلَّفُ

قال: "تنظره أو تتعجله" .
ورواية "واستأنهم" هذه هي الثابتة في تاريخ أبي جعفر، في رواية هذا الخبر.
ومثلك يا عمر مثل نوح، قال: (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) [سورة نوح: 26] ، ومثلك كمثل موسى قال: (1) (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ) [سورة يونس: 88] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم عالة، (2) فلا ينفلتّنَ أحدٌ منهم إلا بفداء أو ضرب عنق. قال عبد الله بن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء، فإني سمعته يذكر الإسلام! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيتُني في يوم أخوفَ أن تقع عليَّ الحجارة من السماء، مني في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا سهيل بن بيضاء. قال: فأنزل الله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) ، إلى آخر الثلاث الآيات. (3)
16294- حدثنا ابن بشار قال، [حدثنا عمر بن يونس اليمامي] قال، حدثنا عكرمة بن عمار قال، حدثنا أبو زميل قال، حدثني عبد الله بن عباس قال: لما أسروا الأسارى، يعني يوم بدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين أبو بكر وعمر وعلي؟ قال: ما ترون في الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، هم بنو العم والعشيرة، وأرى أن تأخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ فقال: لا والذي لا إله إلا هو، ما أرى الذي رأى أبو بكر، يا نبي الله، ولكن أرى أن تمكننا منهم، فتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من العباس فيضرب عنقه، وتمكنني من فلان - نسيبٍ لعمر - فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهويَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قلت. (4) قال عمر: فلما كان من الغد، جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من أيّ شيء تبكي أنتَ وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عرَض لأصحابي من أخذهم الفداء، ولقد عُرِض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة! لشجرة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) ، إلى قوله: (حلالا طيبا) ، وأحلّ الله الغنيمة لهم. (5)
* * *
(1)
في المطبوعة: "ومثلك يا بن أبي رواحة كمثل موسى" ، زاد من عنده ما ليس في المخطوطة، وهو اجتراء قبيح بلا علم، فإن الحديث ليس فيه هذه الزيادة، والقول فيه موجه إلى عمر، ولم يذكر فيه عن ابن رواحة مثل، كما في جميع المراجع، بل في بعضها: "وإن مثلك يا عمر كمثل موسى" . فهذه زيادة لا تحل لأحد.

وإنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب مثل لعبد الله بن رواحة، والله أعلم، لما في مشورته من النكال الشديد، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار سبحانه وتعالى، وأعاذنا من عذاب جهنم بفضله ورحمته ومنه على كل عاص من عباده.
(2)
"العالة" : الفقراء ذوي الفاقة، جمع "عائل" . و "عال الرجل" ، احتاج وافتقر.

(3)
الأثر: 16293 - إسناده منقطع، لأن "أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود" ، لم يسمع من أبيه.

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده من هذه الطريق نفسها رقم: 3632 - 3634،
ورواه الحاكم في المستدرك 3: 21، 22، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" ، وقال الذهبي: "صحيح، سمعه جرير بن عبد الحميد" .
ورواه الطبري في تاريخه 2: 259، بلفظه وإسناده.
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 6: 86، 87، وفصل الكلام فيه، وقال: "رواه أحمد. . . ورواه الطبراني، وفيه أبو عبيدة، ولم يسمع من أبيه، ولكن رجاله ثقات" .
ورواه الواحدي في أسباب النزول: 178.
وأما قوله: "إلا سهيل بن بيضاء" ، فهو خطأ من بعض الرواة، وإنما هو "سهل بن بيضاء" أخو "سهيل" لأبيه وأمه، قال ابن سعد: "أسلم بمكة وكتم إسلامه، فأخرجته قريش معها في نفير بدر، فشهد بدرًا مع المشركين، فأسر يومئذ. فشهد له عبد الله بن مسعود أنه رآه يصلي بمكة، فخلى عنه. والذي روى القصة في سهيل بن بيضاء قد أخطأ، سهيل بن بيضاء أسلم قبل عبد الله بن مسعود، ولم يستخف بإسلامه، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمًا، لا شك فيه. فخلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أخيه، لأن سهيلا أشهر من أخيه سهل، والقصة في سهل" ، ابن سعد 4 \ 1 \ 156.
(4)
هذا الخبر عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنه، كما سترى في التخريج.

(5)
الأثر: 16294 - "أبو زميل" ، هو "سماك بن الوليد الحنفي" ، سلف أخيرًا برقم: 15734، 1600، وسائر رجال الإسناد قد مضوا جميعًا.

وكان في المطبوعة والمخطوطة: "حدثنا ابن بشار قال حدثنا عكرمة بن عمار" ، وهو إسناد مختل، والظاهر أن الناسخ كتب "ابن بشار" في آخر الصفحة، كما هو في مخطوطتنا، ثم لما انتقل إلى أول الصفحة التالية كتب: "حدثنا عكرمة بن عمار" ، فأسقط من الإسناد ما أثبته بين القوسين، واستظهرته من رواية صدر هذا الخبر نفسه في الترمذي، في كتاب التفسير، حيث رواه مختصرًا، قال: "حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عمر بن يونس اليمامي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا أبو زميل، حدثني عبد الله بن عباس، حدثني عمر بن الخطاب" .
وقد مضى مختصرًا كما في الترمذي، برقم: 15734، وقد بينت تخريج الخبر هناك.
وهذا الخبر مطولا رواه أحمد في مسنده رقم: 208، 221، من طريق أبي نوح قراد، عن عكرمة بن عمار.
ورواه مسلم في صحيحه مطولا 12: 84 - 87، من طريق هناد بن السري، عن ابن المبارك، عن عكرمة، ثم من طريق زهير بن حرب، عن عمر بن يونس الحنفي (اليمامي) ، عن عكرمة.
ورواه أبو جعفر في التاريخ 2: 294، مطولا، من طريق أحمد بن منصور، عن عاصم بن علي، عن عكرمة.
ورواه الواحدي في أسباب النزول: 179.
وهو حديث صحيح، لا يعرف إلا من طريق عكرمة بن عمار، كما سلف.
وخرجه ابن كثير في تفسير 45: 18، 19.
القول في تأويل قوله: {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لأهل بدر الذين غنموا وأخذوا من الأسرى الفداء: (لولا كتاب من الله سبق) ، يقول: لولا قضاء من الله سبق لكم أهل بدر في اللوح المحفوظ، بأن الله مُحِلٌّ لكم الغنيمة، وأن الله قضى فيما قضى أنه لا يُضِلّ قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، (1) وأنه لا يعذب أحدًا شهد المشهد الذي شهدتموه ببدر مع رسولا الله صلى الله عليه وسلم ناصرًا دينَ الله = لنالكم من الله، بأخذكم الغنيمة والفداء، عذاب عظيم. (2)
* * *
(1)
انظر تفسير "كتاب" فيما سلف من فهارس اللغة (كتب) .

(2)
انظر تفسير "المس" فيما سلف 13: 333، تعليق: 2، والمراجع هناك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16295- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي قال، حدثنا عوف، عن الحسن في قوله: (لولا كتاب من الله سبق) الآية، قال: إن الله كان مُطْعِم هذه الأمة الغنيمةَ، وإنهم أخذوا الفداء من أسارى بدر قبل أن يؤمروا به. قال: فعاب الله ذلك عليهم، ثم أحله الله.
16296- حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا بشر بن المفضل عن عوف، عن الحسن في قول الله: (لولا كتاب من الله سبق) الآية، وذلك يوم بدر، وأخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المغانمَ والأسارى قبل أن يؤمروا به، وكان الله تبارك وتعالى قد كتب في أم الكتاب: "المغانم والأسارى حلال لمحمد وأمته" ، ولم يكن أحله لأمة قبلهم، وأخذوا المغانم وأسروا الأسارى قبل أن ينزل إليهم في ذلك، قال الله: (لولا كتاب من الله سبق) ، يعني في الكتاب الأول. أن المغانم والأسارى حلال لكم = (لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) .
16297- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (لولا كتاب من الله سبق) الآية، وكانت الغنائم قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم في الأمم، إذا أصابوا مغنمًا جعلوه للقربان، وحرم الله عليهم أن يأكلوا منه قليلا أو كثيرًا. حُرِّم ذلك على كل نبي وعلى أمته، فكانوا لا يأكلون منه، ولا يغلُّون منه، ولا يأخذون منه قليلا ولا كثيرًا إلا عذبهم الله عليه. وكان الله حرمه عليهم تحريمًا شديدًا، فلم يحله لنبيّ إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم. وكان قد سبق من الله في قضائه أن المغنم له ولأمته حلال، فذلك قوله يوم بدر، في أخذ الفداء من الأسارى: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) .
16298- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن عروة، عن
الحسن: (لولا كتاب من الله سبق) قال: إن الله كان مُعطِيَ هذه الأمة الغنيمةَ، وفعلوا الذي فعلوا قبل أن تُحَلّ الغنيمة.
16299- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال الأعمش في قوله: (لولا كتاب من الله سبق) ، قال: سبق من الله أن أحل لهم الغنيمة.
16300- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بشير بن ميمون قال: سمعت سعيدًا يحدث، عن أبي هريرة، قال: قرأ هذه الآية: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) ، قال: يعني: لولا أنه سبق في علمي أني سأحلُّ الغنائم، لمسكم فيما أخذتم من الأسارى عذاب عظيم. (1)
16301- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح، وأبو معاوية بنحوه، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحلت الغنائم لأحدٍ سُودِ الرؤوس من قبلكم، كانت تنزل نارٌ من السماء وتأكلها، حتى كان يوم بدر، فوقع الناس في الغنائم، فأنزل الله: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم) ، حتى بلغ، (حلالا طيبًا) .
16302- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه = قال: فلما كان يوم بدر أسرَع الناس في الغنائم. (2)
(1)
الأثر: 16300 - "بشير بن ميمون الخراساني الواسطي" ، أبو صيفي، ضعيف، منكر الحديث، متهم بالوضع. وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، وعامة روايته مناكير" . وأجمعوا على طرح حديثه، مترجم في التهذيب، والكبير 1 \ 2 \ 105، وابن أبي حاتم 1 \ 1 \ 379، وميزان الاعتدال 1: 153، 154.

و "سعيد" هو "سعيد بن أبي سعيد المقبري" .
(2)
الأثران: 16301، 16302 - حديث صحيح الإسناد، إلا ما كان من أمر "جابر بن نوح الحماني" ، ليس حديثه بشيء، ضعيف، قال يحيى بن معين: "جابر بن نوح، إمام مسجد بني حمان، ولم يكن بثقة، كان ضعيفًا" . مترجم في التهذيب، والكبير 1 \ 2 \ 210، وابن أبي حاتم 1 \ 1 \ 500، وميزان الاعتدال 1: 176، وأبو كريب رواه عن جابر، وعن أبي معاوية، فحديث أبي معاوية هو الصحيح.

وهذا الخبر رواه الترمذي في كتاب التفسير من طريق عبد بن حميد، عن معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن الأعمش، وقال: "هذا حديث حسن صحيح" .
ورواه البيهقي في السنن 6: 290 من طريق محاضر، عن الأعمش، ومن طريق أبي معاوية، عن الأعمش.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 203، وزاد نسبته إلى النسائي، وابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
16303- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث بن سوار، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: أسر المسلمون من المشركين سبعين وقتلوا سبعين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اختاروا أن تأخذوا منهم الفداء فتقوَّوْا به على عدوكم، وإن قبلتموه قتل منكم سبعون = أو تقتلوهم! فقالوا: بل نأخذ الفدية منهم، وقُتل منهم سبعون، قال عبيدة، وطلبوا الخيرتين كلتيهما. (1)
16304- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن عبيدة قال: كان فداء أسارى بدر مئة أوقية، و "الأوقية" أربعون درهمًا، ومن الدنانير ستة دنانير. (2)
16305- حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا ابن علية قال، حدثنا ابن عون، عن ابن سيرين، عن عبيدة: أنه قال في أسارى بدر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتموهم واستشْهِد منكم بعِدَّتهم! فقالوا: بلى، (3) نأخذ الفداء فنستمتع به، ويستشهد منا بعِدَّتهم.
(1)
"الخيرة" (بكسر الخاء وسكون الياء، أو فتح الياء) ، هو ما يختار ويصطفى من الخير.

(2)
انظر تقدير "الأوقية" فيما سلف في الأثر رقم: 16058.

(3)
انظر مجيء "بلى" في غير جحد، فيما سلف في الأثر رقم: 781 ج 1: 554 \ ثم 2: 280، 510 \ 10: 98، تعليق: 4 \ ثم 10: 253، تعليق: 3 \ ثم 12: 174، تعليق: 3.

16306- حدثني أحمد بن محمد الطوسي قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال، حدثنا همام بن يحيى قال، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: أمر عمر رحمه الله عنه بقتل الأسارى، فأنزل الله: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذت عذاب عظيم) . (1)
16307- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (لولا كتاب من الله سبق) ، قال: كان المغنم محرَّمًا على كل نبي وأمته، وكانوا إذا غنموا يجعلون المغنم لله قربانًا تأكله النار. وكان سبق في قضاء الله وعلمه أن يحلّ المغنم لهذه الأمة، يأكلون في بطونهم.
16308- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عطاء في قول الله: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم) ، قال: كان في علم الله أن تحلّ لهم الغنائم، فقال: (لولا كتاب من الله سبق) ، بأنه أحل لكم الغنائم = (لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) .
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لولا كتاب من الله سبق لأهل بدر، أن لا يعذبهم، لمسهم عذاب عظيم.
* ذكر من قال ذلك:
16309- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: (لولا كتاب من الله سبق) ، قال: لأهل بدر، من السعادة.
16310- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن
(1)
الأثر: 16306 - "همام بن يحيى بن دينار الأزدي" ، ثقة، مضى برقم: 10190، 11725.

وهذا خبر صحيح إسناده.
أبي نجيح، عن مجاهد: (لولا كتاب من الله سبق) ، لأهل بدر مَشْهدَهم.
16311- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (لولا كتاب من الله سبق) ، قال: سبق من الله خيرٌ لأهل بدر.
16312- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) ، كان سبق لهم من الله خير، وأحلّ لهم الغنائم.
16313- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن: (لولا كتاب من الله سبق) ، قال: (سبق) ، أن لا يعذب أحدًا من أهل بدر.
16314- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لولا كتاب من الله سبق) ، لأهل بدر، ومشهدَهم إياه.
16315- حدثني يونس قال، أخبرني ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) ، لمسكم فيما أخذتم من الغنائم يوم بدر قبل أن أحلها لكم. فقال: سبق من الله العفو عنهم والرحمة لهم، سبق أنه لا يعذب المؤمنين، لأنه لا يعذب رَسوله ومن آمن به وهاجر معه ونصره.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: (لولا كتاب من الله سبق) ، أن لا يؤاخذ أحدًا بفعل أتاه على جهالة = (لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) .
* ذكر من قال ذلك:
16316- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن
ابن جريج، عن مجاهد قوله: (لولا كتاب من الله سبق) ، لأهل بدر ومشهدَهم إياه، قال: كتاب سبق لقوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) [سورة التوبة: 115] ، سبق ذلك، وسبق أن لا يؤاخذ قومًا فعلوا شيئًا بجهالة = (لمسكم فيما أخذتم) ، قال ابن جريج، قال ابن عباس: (فيما أخذتم) ، مما أسرتم. ثم قال بعد: (فكلوا مما غنمتم) .
16317- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: عاتبه في الأسارى وأخذ الغنائم، ولم يكن أحد قبله من الأنبياء يأكل مغنمًا من عدوٍّ له. (1)
16318- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد قال، حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نُصِرت بالرعب، وجُعِلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأعطيت جوامع الكلم، وأحلّت لي المغانم، ولم تحلّ لنبيٍّ كان قبلي، وأعطيت الشفاعة، خمسٌ لم يُؤْتَهُنَّ نبيٌّ كان قبلي = قال محمد (2) فقال: (ما كان لنبي) ، أي: قبلك = (أن يكون له أسرى) إلى قوله: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) ، أي: من الأسارى والمغانم = (عذاب عظيم) ، أي: لولا أنه سبق مني أن لا أعذب إلا بعد النهي، ولم أكن نهيتكم، لعذبتكم فيما صنعتم. ثم أحلها له ولهم رحمةً ونعمةً وعائدةً من الرحمن الرحيم. (3)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، ما قد بيناه قبلُ. وذلك أن قوله: (لولا كتاب من الله سبق) ، خبر عامٌّ غير محصور على معنى دون
(1)
الأثر: 16317 - سيرة ابن هشام 2: 331، وهو سابق الأثر السالف رقم: 16292 في ترتيب السيرة.

(2)
قوله: "محمد" ، يعني محمد بن إسحاق، لا "محمد بن علي" .

(3)
الأثر: 16318 - سيرة ابن هشام 2: 332، وصدره تابع الأثر السالف رقم: 16317، وسابق للأثر رقم: 16292، ثم روى صدرًا من الأثر رقم: 16292، وأتبعه بما يليه في السيرة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.24%)]