عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-07-2025, 06:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنفال
الحلقة (745)
صــ 41 إلى صــ 50





وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16245- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وإن جنحوا للسلم) قال: للصلح، ونسخها قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [سورة التوبة: 5]
16246- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وإن جنحوا للسلم) ، إلى الصلح= (فاجنح لها) ، قال: وكانت هذه قبل "براءة" ، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يوادع القوم إلى أجل، فإما أن يسلموا، وإما أن يقاتلهم، ثم نسخ ذلك بعد في "براءة" فقال: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وقال: (قاتلوا المشركين كافة) ، [سورة التوبة: 36] ، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمره بقتالهم حتى يقولوا "لا إله إلا الله" ويسلموا، وأن لا يقبلَ منهم إلا ذلك. وكلُّ عهد كان في هذه السورة وفي غيرها، وكل صلح يصالح به المسلمون المشركين يتوادعون به، فإن "براءة" جاءت بنسخ ذلك، فأمر بقتالهم على كل حال حتى يقولوا: "لا إله إلا الله" .
16247- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، نسختها الآية التي في "براءة" قوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) ، إلى قوله: (وَهُمْ صَاغِرُونَ) [سورة التوبة: 29]
16248- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، يقول: وإن أرادوا الصلح فأرده.
16249- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، أي: إن دعوك إلى السلم =إلى الإسلام= فصالحهم عليه. (1)
16250- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، قال: فصالحهم. قال: وهذا قد نسخه الجهاد.
* * *
قال أبو جعفر: فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله، من أن هذه الآية منسوخة، فقولٌ لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل.
وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه. فأما ما كان بخلاف ذلك، فغير كائنٍ ناسخا. (2)
وقول الله في براءة: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، غير نافٍ حكمُه حكمَ قوله. (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، لأن قوله: (وإن جنحوا للسلم) ، إنما عني به بنو قريظة، وكانوا يهودًا أهلَ كتاب، وقد أذن الله جل ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحربَ على أخذ الجزية منهم.
وأما قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان، الذين لا يجوز قبول الجزية منهم. فليس في إحدى
(1)
الأثر: 16249 - سيرة ابن هشام 2: 330، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16244، وفي السيرة: "إلى السلم على الإسلام" .

(2)
انظر مقالته في "النسخ" فيما سلف 11: 209، وما بعده وما قبله في فهارس الكتاب، وفي فهارس العربية والنحو وغيرها.

الآيتين نفي حكم الأخرى، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه.
16251- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وإن جنحوا للسلم) ، قال: قريظة.
* * *
وأما قوله: (وتوكل على الله) ، يقول: فوِّض إلى الله، يا محمد، أمرك، واستكفِه، واثقًا به أنه يكفيك (1) كالذي:-
16252- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وتوكل على الله) ، إن الله كافيك. (2)
* * *
وقوله: (إنه هو السميع العليم) ، يعني بذلك: إن الله الذي تتوكل عليه، "سميع" ، لما تقول أنت ومن تسالمه وتتاركه الحربَ من أعداء الله وأعدائك عند عقد السلم بينك وبينه، وما يشترط كل فريق منكم على صاحبه من الشروط (3) = "العليم" ، بما يضمره كل فريق منكم للفريق الآخر من الوفاء بما عاقده عليه، ومن المضمر ذلك منكم في قلبه، والمنطوي على خلافه لصاحبه. (4)
* * *
(1)
انظر تفسير "التوكل" فيما سلف ص: 15 تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
الأثر: 16252 - سيرة ابن هشام 2: 330، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16249.

(3)
في المطبوعة: "ويشرط كل فريق. . ." ، وفي المخطوطة: "ويشترط. . ." ، والصواب بينهما ما أثبت.

(4)
انظر تفسير "سميع" و "عليم" فيما سلف من فهارس اللغة (سمع) ، (علم) .

القول في تأويل قوله: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإن يرد، يا محمد، هؤلاء الذين أمرتك بأن تنبذ إليهم على سواء إن خفت منهم خيانة، وبمسالمتهم إن جنحوا للسلم، خداعَك والمكرَ بك (1) = (فإن حسبك الله) ، يقول: فإن الله كافيكهم وكافيك خداعَهم إياك، (2) لأنه متكفل بإظهار دينك على الأديان، ومتضمِّنٌ أن يجعل كلمته العليا وكلمة أعدائه السفلى = (هو الذي أيدك بنصره) ، يقول: الله الذي قواك بنصره إياك على أعدائه (3) = (وبالمؤمنين) ، يعني بالأنصار.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16253- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، (وإن يريدوا أن يخدعوك) ، قال: قريظة.
16254- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله) ، هو من وراء ذلك. (4)
16255- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (هو الذي أيدك بنصره) ، قال: بالأنصار.
(1)
انظر تفسير "الخداع" فيما سلف 1: 273 - 277، 302 \ 9: 329.

(2)
انظر تفسير "حسبك" فيما سلف 11: 137، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(3)
انظر تفسير "أيد" فيما سلف 13: 377، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(4)
الأثر: 16254 - سيرة ابن هشام، 2: 331، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16252.

القول في تأويل قوله: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) }
قال أبو جعفر: يريد جل ثناؤه بقوله: (وألف بين قلوبهم) ، وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق، فصيَّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا، وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء.
وقوله: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو أنفقت، يا محمد، ما في الأرض جميعا من ذهب ووَرِق وعَرَض، ما جمعت أنت بين قلوبهم بحيْلك، (1) ولكن الله جمعها على الهدى فأتلفت واجتمعت، تقوية من الله لك وتأييدًا منه ومعونة على عدوك. يقول جل ثناؤه: والذي فعل ذلك وسبَّبه لك حتى صاروا لك أعوانًا وأنصارًا ويدًا واحدة على من بغاك سوءًا هو الذي إن رام عدوٌّ منك مرامًا يكفيك كيده وينصرك عليه، فثق به وامض لأمره، وتوكل عليه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16256- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وألف بين قلوبهم) ، قال: هؤلاء الأنصار، ألف بين قلوبهم من بعد حرب، فيما كان بينهم. (2)
(1)
"الحيل" (بفتح فسكون) ، القوة، مثل "الحول" ، يقال: "إنه لشديد الحيل" ، وفي الحديث: "اللهم ذا الحيل الشديد" . وهو لا يزال يستعمل كذلك في عامية مصر.

(2)
ما بين "من بعد حرب" و "فيما كان بينهم" ، بياض في المخطوطة، فيه معقوفة بالحمرة، لا أدري أهو بياض تركه لسقط، أم هو سهو من الناسخ ملأه بالحمرة.

16257- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن بشير بن ثابت، رجل من الأنصار: أنه قال في هذه الآية: (لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم) ، يعني: الأنصار (1)
16258- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وألف بين قلوبهم) ، على الهدى الذي بعثك به إليهم = (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) ، بدينه الذي جمعهم عليه =يعني الأوس والخزرج. (2)
16259- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن إبراهيم الخوزيّ، عن الوليد بن أبي مغيث، عن مجاهد قال: إذا التقى المسلمان فتصافحا غُفِر لهما. قال قلت لمجاهد: بمصافحةٍ يغفر لهما؟ (3) فقال مجاهد: أما سمعته يقول: (لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم) ؟ فقال الوليد لمجاهد: أنت أعلم مني. (4)
16260- حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال، حدثني الوليد، عن أبي عمرو قال، حدثني عبدة بن أبي لبابة، عن مجاهد، ولقيته وأخذ بيدي فقال: إذا تراءى المتحابَّان في الله، (5) فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه، تحاتّت
(1)
الأثر: 16257 - "بشير بن ثابت الأنصاري" ، مولى النعمان "بن بشير" ، ذكره ابن حبان في الثقات. روى عنه شعبة. مترجم في التهذيب، والكبير 1 \ 2 \ 97، وابن أبي حاتم 1 \ 1 \ 372.

(2)
الأثر: 16258 - سيرة ابن هشام 2: 331، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16254.

(3)
في المخطوطة: "يغفر الله له" والذي في المطبوعة أجود.

(4)
الأثر: 16259 - "إبراهيم الخوزي" ، هو: "إبراهيم بن يزيد الخوزي الأموي" ، مولى عمر بن عبد العزيز، ضعيف، مضى برقم: 7484، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "إبراهيم الجزري" ، وهو خطأ محض.

و "الوليد بن أبي مغيث" ، نسب إلى جده، ولم أجده منسوبًا إليه في غير هذا المكان، وإنما هو: "الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث" ، مولى بني عبد الدار، ثقة. روى عن يوسف بن ماهك، ومحمد بن الحنفية. مترجم في التهذيب، والكبير 4 \ 2 \ 146، وابن أبي حاتم 4 \ 2 \ 9.
(5)
"تراءى الرجلان" ، رأى أحدهما الآخر.

خطاياهما كما يتحاتُّ ورق الشجر. (1) قال عبدة: فقلت له: إنّ هذا ليسير! قال: لا تقل ذلك، فإن الله يقول: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ! قال عبدة: فعرفت أنه أفقه مني. (2)
16261- حدثني محمد بن خلف قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، حدثنا فضيل بن غزوان قال، أتيت أبا إسحاق فسلمت عليه فقلت (3) أتعرفني؟ فقال فضيل: نعم! لولا الحياء منك لقبَّلتك = حدثني أبو الأحوص، عن عبد الله، قال: نزلت هذه الآية في المتحابين في الله: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) . (4)
16262- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن عون،
(1)
"تحات ورق الشجر" ، تساقط من غصنه إذا ذبل، ثم انتثر.

(2)
الأثر: 16260 - "عبد الكريم بن أبي عمير" ، شيخ الطبري، سلف برقم: 7578، 11368، 12867.

و "الوليد" ، هو "الوليد بن مسلم" ، سلف مرارًا.
و "أبو عمرو" ، هو الأوزاعي الإمام.
و "عبدة بن أبي لبابة الأسدي" ، مضى برقم: 5859.
وانظر الخبر الآتي رقم: 16263.
(3)
في المستدرك: "لقيت أبا إسحاق بعد ما ذهب بصره" .

(4)
الأثر: 16261 - "أبو إسحاق" هو: السبيعي.

و "أبو الأحوص" ، هو "عوف بن مالك بن نضلة" ، تابعي ثقة، مضى مرارًا.
و "عبد الله" ، هو "عبد الله بن مسعود" .
وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2: 329، من طريق يعلي بن عبيد، عن فضيل، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 27، 28، من طريق أخرى، وقال: "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير جنادة بن مسلم، وهو ثقة" .
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 199، وزاد نسبته إلى ابن المبارك، وابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان، والنسائي، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.
وسيأتي من طريق أخرى رقم: 16264.
عن عمير بن إسحاق قال: كنا نُحدَّث أن أوّل ما يرفع من الناس =أو قال: عن الناس= الألفة. (1)
16263- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أيوب بن سويد، عن الأوزاعي قال، حدثني عبدة بن أبى لبابة، عن مجاهد =ثم ذكر نحو حديث عبد الكريم، عن الوليد. (2)
16264- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، وابن نمير، وحفص بن غياث=، عن فضيل بن غزوان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص قال: سمعت عبد الله يقول: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ، الآية، قال: هم المتحابون في الله. (3)
* * *
وقوله: (إنه عزيز حكيم) ، يقول: إن الله الذي ألف بين قلوب الأوس والخزرج بعد تشتت كلمتهما وتعاديهما، وجعلهم لك أنصارًا = (عزيز) ، لا يقهره شيء، ولا يردّ قضاءه رادٌّ، ولكنه ينفذ في خلقه حكمه. يقول: فعليه فتوكل، وبه فثق= (حكيم) ، في تدبير خلقه. (4)
* * *
القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي حسبك الله) ، وحسب من اتبعك من المؤمنين، الله. يقول لهم جل ثناؤه: ناهضوا
(1)
الأثر: 16262 - "عمير بن إسحاق" ، مضى قريبًا برقم: 16148.

(2)
الأثر: 16263 - انظر ما سلف رقم: 16260، والتعليق عليه.

(3)
الأثر: 16264 - طريق أخرى للأثر السالف رقم: 16261.

(4)
انظر تفسير "عزيز" و "حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) ، (حكم) .

عدوكم، فإن الله كافيكم أمرهم، ولا يهولنكم كثرة عددهم وقلة عددكم، فإن الله مؤيدكم بنصره. (1)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16265- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال، حدثنا سفيان، عن شوذب أبي معاذ، عن الشعبي في قوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) ، قال: حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين، الله. (2)
16266- حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا سفيان، عن شوذب، عن الشعبي في قوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) ، قال: حسبك الله، وحسب من معك.
16267- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن سفيان، عن شوذب، عن عامر، بنحوه =إلا أنه قال: حسبك الله، وحسب من شهد معك.
16268- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد في قوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) ، قال: يا أيها النبي حسبك الله، وحسب من اتبعك من المؤمنين، إنّ حسبك أنت وهم، الله.
* * *
فـ "منْ" قوله: (ومن اتبعك من المؤمنين) ، على هذا التأويل الذي
(1)
انظر تفسير "حسب" فيما سلف ص: 44، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)
الأثر: 16265 - "شوذب، أبو معاذ" ، ويقال: "أبو عثمان" ، مولى البراء بن عازب. قال سفيان، عن شوذب: "كنت تياسًا، فنهاني البراء بن عازب عن عسب الفحل" روى عنه سفيان الثوري، وشعبة. مترجم في الكبير 2 \ 2 \ 261، وابن أبي حاتم 2 \ 1 \ 377، وكان في المطبوعة: "شوذب بن معاذ" وهو خطأ، صوابه في المخطوطة.

وسيأتي في الإسنادين التاليين.
ذكرناه عن الشعبي، نصب، عطفا على معنى "الكاف" في قوله: (حسبك الله) لا على لفظه، لأنها في محل خفض في الظاهر، وفي محل نصب في المعنى، لأن معنى الكلام: يكفيك الله، ويكفي من اتبعك من المؤمنين.
* * *
وقد قال بعض أهل العربية في "من" ، أنها في موضع رفع على العطف على اسم "الله" ، كأنه قال: حسبك الله ومتبعوك إلى جهاد العدو من المؤمنين، دون القاعدين عنك منهم. واستشهد على صحة قوله ذلك بقوله: (حرض المؤمنين على القتال) . (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) ، حُثَّ متبعيك ومصدِّقيك على ما جئتهم به من الحق، على قتال من أدبر وتولى عن الحق من المشركين (2) = (إن يكن منكم عشرون) رجلا= (صابرون) ، عند لقاء العدو، ويحتسبون أنفسهم ويثبتون
(1)
هو الفراء في معاني القرآن 1: 417.

(2)
انظر تفسير "التحريض" فيما سلف 8: 579.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]