عرض مشاركة واحدة
  #717  
قديم 17-07-2025, 01:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,558
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (717)
صــ 331 إلى صــ 340






وقال آخرون بما:-
15549 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه: {وأمر بالعرف} ، يقول: بالمعروف.
15550 - حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: {وأمر بالعرف} قال: أما العرف: فالمعروف.
15551 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {وأمر بالعرف} ، أي: بالمعروف.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس بالعرف =وهو المعروف في كلام العرب، مصدر في معنى: "المعروف" .
* * *
يقال: "أوليته عُرْفًا، وعارفًا، وعارفةً" (1) كل ذلك بمعنى: "المعروف" . (2)
* * *
فإذا كان معنى العرف ذلك، فمن "المعروف" صلة رحم من قطع، وإعطاء من حرم، والعفو عمن ظلم. وكل ما أمر الله به من الأعمال أو ندب إليه، فهو من العرف. ولم يخصص الله من ذلك معنى دون معنى; فالحق فيه أن يقال: قد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباده بالمعروف كله، لا ببعض معانيه دون بعض.
* * *
(1)
قولة: (( عارفا )) ، لم أجدها في المعاجم، وهي صحيحة فيما أرجح.

(2)
انظر تفسير (( المعروف )) فيما سلف ص: 165، تعليق: 1، والمراجع هناك.

وأما قوله: (وأعرض عن الجاهلين) ، فإنه أمر من الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يعرض عمن جهل. (1) وذلك وإن كان أمرًا من الله نبيَّه، فإنه تأديب منه عز ذكره لخلقه باحتمال من ظلمهم أو اعتدى عليهم، (2) لا بالإعراض عمن جهل الواجبَ عليه من حق الله، ولا بالصفح عمن كفر بالله وجهل وحدانيته، وهو للمسلمين حَرْبٌ.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15552 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) قال: أخلاقٌ أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، ودلَّه عليها.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) ، وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدُّك عن الإعراض عن الجاهلين، ويحملك على مجازاتهم. = (فاستعذ بالله) ، يقول: فاستجر بالله من نزغه = (3) (إنه سميع عليم) ،
(1)
انظر تفسير (( الإعراض )) فيما سلف 12: 32، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير (( الجهل )) فيما سلف 2: 183 / 8: 89 - 92 / 11: 339، 340، 393، 394.

(2)
يعني أن "الجهل" هنا بمعنى السفه والتمرد والعدوان، لا بمعنى "الجهل" الذي هو ضد العلم والمعرفة.

(3)
انظر تفسير (( الاستعاذة )) فيما سلف 1: 111 / 6: 326.

يقول: إن الله الذي تستعيذ به من نزع الشيطان = (سميع) لجهل الجاهل عليك، ولاستعاذتك به من نزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه، لا يخفى عليه منه شيء = (عليم) بما يذهب عنك نزغ الشيطان، وغير ذلك من أمور خلقه، (1) كما:
15553 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف بالغضب يا رب؟ قال: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) .
15554 - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) قال: علم الله أن هذا العدوَّ مَنِيع ومَريد.
* * *
وأصل "النزغ" : الفساد، يقال: "نزغ الشيطان بين القوم" ، إذا أفسد بينهم وحمّل بعضهم على بعض. ويقال منه: "نزغ ينزغ" ، و "نغز ينغز" .
* * *
القول في تأويل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إن الذين اتقوا) ، اللهَ من خلقه، فخافوا عقابه، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه = (إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) ، (2) يقول: إذا ألمَّ بهم لَمَمٌ من الشيطان، (3) من غضب أو غيره مما
(1)
انظر تفسير (( سميع )) و (( عليم )) فيما سلف من فهارس اللغة (سمع) و (علم) .

(2)
انظر تفسير (( المس )) فيما سلف ص: 303، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(3)
في المطبوعة: (( إذا ألم بهم طيف )) ، لم يحسن قراءة المخطوطة، فاستبدل بما كان فيها.

يصدّ عن واجب حق الله عليهم، تذكروا عقاب الله وثوابه، ووعده ووعيده، وأبصروا الحق فعملوا به، وانتهوا إلى طاعة الله فيما فرض عليهم، وتركوا فيه طاعة الشيطان.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: "طيف" .
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (طَائِفٌ) ، على مثال "فاعل" .
* * *
وقرأه بعض المكيين والبصريين والكوفيين: "طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ" . (1)
* * *
واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين "الطائف" و "الطيف."
فقال بعض البصريين: "الطائف" و "الطيف" سواء، وهو ما كان كالخيال والشيء يلم بك. (2) قال: ويجوز أن يكون "الطيف" مخففًا عن "طَيِّف" مثل "مَيْت" و "مَيِّت" .
* * *
وقال بعض الكوفيين: "الطائف" : ما طاف بك من وسوسة الشيطان. وأما "الطيف" : فإنما هو من اللّمم والمسِّ.
* * *
وقال أخر منهم: "الطيف" : اللّمم، و "الطائف" : كل شيء طاف بالإنسان.
* * *
وذكر عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول: "الطيف" : الوسوسة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ: (طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ) ، لأن أهل التأويل تأولوا ذلك بمعنى الغضب والزلة تكون من المطيف به. وإذا كان ذلك معناه، كان معلومًا = إذ كان "الطيف" إنما
(1)
انظر معاني القراًن للقراء 1: 402.

(2)
نسبها أبو جعفر إلى البصريين، وهي في لسان العرب (طوف) ، منسوبة إلى الفراء، وهو كوفي، ولم أجدها في المطبوع من معاني القرآن.

هو مصدر من قول القائل: "طاف يطيف" = أن ذلك خبر من الله عما يمس الذين اتقوا من الشيطان، وإنما يمسهم ما طاف بهم من أسبابه، وذلك كالغضب والوسوسة. وإنما يطوف الشيطان بابن آدم ليستزلَّه عن طاعة ربه، أو ليوسوس له. والوسوسة والاستزلال هو "الطائف من الشيطان" . (1)
* * *
وأما "الطيف" فإنما هو الخيال، وهو مصدر من "طاف يطيف" ، ويقول: لم أسمع في ذلك "طاف يطيف" (2) ويتأوله بأنه بمعنى "الميت" وهو من الواو.
* * *
وحكى البصريون وبعض الكوفيين سماعًا من العرب: (3) "طاف يطيف" ، و "طِفْتُ أطِيف" ، وأنشدوا في ذلك: (4)
أنَّى أَلَمَّ بِكَ الخَيَالُ يَطِيفُ وَمَطَافُهُ لَكَ ذِكْرَةٌ وَشُعُوفُ (5)
* * *
وأما التأويل، فإنهم اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: ذلك "الطائف" هو الغضب.
* ذكر من قال ذلك.
15555 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن يمان، عن
(1)
من أول قوله: (( وأما الطيف )) ، إلى آخر الفقرة الثانية المختومة بيت من الشعر، لا أشك أنه قد وضع في غير موضعه. فهو يقول بعد: (( ويقول: لم أسمع في ذلك )) ، وهذا القائل غير أبي جعفر بلا شك، ولم استطع تحديد موضعه من الأقوال السالفة. فلذلك تركته مكانه وفصلته. وكان حقه أن يقدم قبل قوله: (( قال أبو جعفر: وأولى القراءتين. . . )) .

(2)
قوله: (( ولم اسمع في ذلك طاف يطيف )) ، يعنى في (( الطائف )) .

(3)
هذا نص كلام أبي عبيده في مجاز القرآن 1: 237، إلى آخره.

(4)
كعب بن زهير.

(5)
ديوانه: 113، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 237، واللسان (طيف) (شعف) ، من قصيده له طويلة.

و (( الشعوف )) مصدر من قولهم (( شعفه حب فلانة )) ، إذا أحرق قلبه، ووجد لذة اللوعة في احتراقه، وفي ذهاب لبه حتى لا يعقل غير الحب.
أشعث، عن جعفر، عن سعيد: (إذا مسهم طائف) قال: و "الطيف" : الغضب.
15556 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد، في قوله: "إذا مسهم طيف من الشيطان" قال: هو الغضب. (1)
15557 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: الغضب.
15558 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (إذا مسهم طَيْف من الشيطان تذكروا) قال: هو الغضب.
15559 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (طائف من الشيطان) قال: الغضب.
* * *
وقال آخرون: هو اللَّمَّة والزَّلة من الشيطان.
* ذكر من قال ذلك:
15560 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) ، و "الطائف" : اللَّمَّة من الشيطان = (فإذا هم مبصرون) .
15561 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إن الذين اتقوا إذا مسهم
(1)
تركت ما في الآثار على ما جاء في المخطوطة: (( طائف )) مرة، و (( طيف )) أخرى، وهما قراءتان في الآية كما سلف قبل.

طائف من الشيطان) ، يقول: نزغٌ من الشيطان = (تذكروا) .
15562 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) ، يقول: إذا زلُّوا تابوا.
* * *
قال أبو جعفر: وهذان التأويلان متقاربا المعنى، لأن "الغضب" من استزلال الشيطان، و "اللّمة" من الخطيئة أيضًا منه، وكل ذلك من طائف الشيطان. (1) وإذ كان ذلك كذلك، فلا وجه لخصوص معنى منه دون معنى، بل الصواب أن يعم كما عمه جل ثناؤه، فيقال: إن الذين اتقوا إذا عرض لهم عارض من أسباب الشيطان، ما كان ذلك العارض، تذكروا أمر الله وانتهوا إلى أمره.
* * *
وأما قوله: (فإذا هم مبصرون) ، فإنه يعني: فإذا هم مبصرون هدى الله وبيانه وطاعته فيه، فمنتهون عما دعاهم إليه طائف الشيطان. كما: -
15563 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: ثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فإذا هم مبصرون) ، يقول: إذا هم منتهون عن المعصية، آخذون بأمر الله، عاصون للشيطان.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي. (2) يعني بقوله: (يمدونهم) ، يزيدونهم، ثم لا ينقصون عما نقص عنه
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: (( وكان ذلك )) ، والصواب ما أثبت.

(2)
انظر تفسير (( الغي )) فيما سلف ص: 261، تعليق: 1، والمراجع هناك.

الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان. (1)
وإنما هذا خبرٌ من الله عن فريقي الإيمان والكفر، بأن فريق الإيمان وأهل تقوى الله إذا استزلهم الشيطان تذكروا عظمة الله وعقابه، فكفَّتهم رهبته عن معاصيه، وردّتهم إلى التوبة والإنابة إلى الله مما كان منهم زلَّةً = وأن فريق الكافرين يزيدهم الشيطان غيًّا إلى غيهم إذا ركبوا معصية من معاصي الله، ولا يحجزهم تقوى الله، ولا خوف المعاد إليه عن التمادي فيها والزيادة منها، فهو أبدًا في زيادة من ركوب الإثم، والشيطان يزيده أبدًا، لا يقصر الإنسي عن شيء من ركوب الفواحش، ولا الشيطان من مدِّه منه، (2) كما: -
15564 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (وإخوانهم يمدونهم في الغيّ ثم لا يقصرون) قال: لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات، ولا الشياطين تُمْسك عنهم.
15565 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) ، يقول: هم الجن، يوحون إلى أوليائهم من الإنس = (ثم لا يقصرون) ، يقول: لا يسأمون.
15566 - حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (وإخوانهم يمدونهم في الغيّ) ، إخوان الشياطين من المشركين، يمدهم الشيطان في الغيّ = (ثم لا يقصرون) ،
15567 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال:
(1)
في المطبوعة: (( ثم لا يقصرون عما قصر عنه الذي اتقوا )) ، وأثبت ما في المخطوطة، وبنحو المعنى ذكره أبو حيان في تفسيره 4: 451، قال: (( ثم لا ينقصون من إمدادهم وغوايتهم )) . فلذلك أبقيت ما في المخطوطة على حاله، وإن كنت في شك من جودته.

(2)
هكذا فعل الطبري، أتى بالضمائر مفردة بعد الجمع، وقد تكرر ذلك في مواضع كثيرة من تفسيره، أقربها ما أشرت إليه في ص 286،، تعليق: 2.

قال ابن جريج قال عبد الله بن كثير: وإخوانهم من الجن، يمدون إخوانهم من الإنس = (ثم لا يقصرون) ، يقول لا يقصر الإنسان. قال: و "المد" الزيادة، يعني: أهل الشرك، يقول: لا يُقصر أهل الشرك، كما يقصر الذين اتقوا، لا يرعَوُون، لا يحجزهم الإيمان (1) = قال ابن جريج قال مجاهد (وإخوانهم) ، من الشياطين = (يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) ، استجهالا يمدون أهل الشرك = قال ابن جريج: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ) ، [سورة الأعراف: 179] . قال: فهؤلاء الإنس. يقول الله: (وإخوانهم يمدونهم في الغي) .
15568 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثني محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) قال: إخوان الشياطين، يمدهم الشياطين في الغيّ = (ثمّ لا يقصرون) .
15569 - حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = (وإخوانهم) ، من الشياطين. (يمدونهم في الغي) ، استجهالا.
* * *
وكان بعضهم يتأول قوله: (ثم لا يقصرون) ، بمعنى: ولا الشياطين يقصرون في مدِّهم إخوانَهم من الغيّ.
* ذكر من قال ذلك:
15570 - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) ، عنهم، ولا يرحمونهم.
* * *
قال أبو جعفر: وقد بينا أولى التأويلين عندنا بالصواب. وإنما اخترنا ما اخترنا
(1)
في المطبوعة مكان (( لا يرعوون )) . (( لأنهم لا يحجزهم )) ... )) . لم يحسن قراءتها، لأنها كانت في المخطوطة: (( لا يرعون )) . والصواب ما أثبت (( ارعوى عن القبيح )) . ندم. فانصرف عنه وكف.

من القول في ذلك على ما بيناه; لأن الله وصفَ في الآية قبلها أهل الإيمان به، وارتداعَهم عن معصيته وما يكرهه إلى محبته عند تذكرهم عظمته، ثم أتبع ذلك الخبرَ عن إخوان الشياطين وركوبهم معاصيه، فكان الأولى وصفهم بتماديهم فيها، (1) إذ كان عَقِيب الخبر عن تقصير المؤمنين عنها.
* * *
وأما قوله: (يمدونهم) ، فإنَّ القرأة اختلفت في قراءته.
فقرأه بعض المدنيين: "يُمِدُّونَهُمْ" بضم الياء من "أمددت" .
* * *
وقرأته عامة قرأة الكوفيين والبصريين: (يَمُدُّونَهُمْ) ، بفتح الياء من "مددت" .
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا: (يَمُدُّونَهُمْ) ، بفتح الياء، لأن الذي يمد الشياطينُ إخوانَهم من المشركين، إنما هو زيادة من جنس الممدود، وإذا كان الذي مد من جنس الممدود، كان كلام العرب "مددت" لا "أمددت" . (2)
* * *
وأما قوله: (يقصرون) ، فإن القرأة على لغة من قال: "أقصَرْت أقْصِر" . وللعرب فيه لغتان: "قَصَرت عن الشيء" و "أقصرت عنه" . (3)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا لم تأت، يا محمد، هؤلاء المشركين بآية من الله = (قالوا لولا اجتبَيتَها) ، يقول: قالوا: هلا اخترتها واصطفيتها.
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: (( وكان الأولى )) بالواو، والسياق يقتضى الفاء.

(2)
انظر تفسير (( مد )) و (( أمد )) فيما سلف 1: 306 - 308 / 7: 181.

(3)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 402، وصحح الخطأ هناك، فإنه ضبط (( قصر )) بضم الصاد، والصواب فتحها لا صواب غيره.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]