
17-07-2025, 03:45 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (694)
صــ 101 إلى صــ 110
واختلف أهل العربية في معناه إذا قرئ كذلك.
فقال بعض نحويي البصرة: العرب تقول: "ناقة دكَّاء" ، ليس لها سنام. وقال: "الجبل" مذكر، فلا يشبه أن يكون منه، إلا أن يكون جعله: "مثل دكاء" ، حذف "مثل" ، وأجراه مجرى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) [سورة يوسف: 82] .
* * *
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: معنى ذلك: جعل الجبل أرضًا دكاء، ثم حذفت "الأرض" ، وأقيمت "الدكاء" مقامها، إذْ أدَّت عنها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي، قراءةُ من قرأ: (جَعَلَهُ دَكَّاءَ) ، بالمد وترك الجر، لدلالة الخبر الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحته. وذلك أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فساخ الجبل" ، (2) ولم يقل: "فتفتت" ولا "تحول ترابًا" . ولا شك أنه إذا ساخ فذهب، ظهرَ وجهُ الأرض، فصار بمنزلة الناقة التي قد ذهب سنامها، وصارت
(1) (1) الأثر 15091 - (( عباد بن عباد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي )) ثقة، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 82. و (( يزيد بن حازم بن يزيد الأزدي الجهضمى )) ، وثقه أحمد وابن معين، وهو أخو (( جرير ابن حازم )) ، أكبر منه. مترجم في التهذيب، والكبير 4/ 2/325، وابن أبي حاتم 4/2/257. وقوله: (( دكاء من الدكاوات )) ، (( الدكاوات )) جمع (( دكاء )) ، وهي الرابية من الطين ليست غليظة، وأجروه مجرى الأسماء، لغلبته، كقولهم: (( ليس في الخضراوات صدقة )) . وكان في المطبوعة: (( صار صخرة تراباً )) ، وفي المخطوطة: (( صار صحرا ترابا )) وهذا صواب قرأةتها.
(2) (2) يعني في الأثرين رقم 15087، 15088
دكاء بلا سنام. وأما إذا دك بعضه، فإنما يكسر بعضه بعضًا ويتفتت ولا يَسُوخ. وأما "الدكاء" فإنها خَلَفٌ من "الأرض" ، فلذلك أنثت، (1) على ما قد بينت.
* * *
فمعنى الكلام إذًا: فلما تجلى ربه للجبل ساخ، فجعل مكانه أرضًا دكاء. وقد بينا معنى "الصعق" بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما ثاب إلى موسى عليه السلام فهمه من غشيته، وذلك هو الإفاقة من الصعقة التي خرّ لها موسى صلى الله عليه وسلم= "قال سبحانك" ، تنزيهًا لك، يا رب، وتبرئةً أن يراك أحد في الدنيا، (3) ثم يعيش = "تبت إليك" ، من مسألتي إياك ما سألتك من الرؤية= "وأنا أوّل المؤمنين" ، بك من قومي، أن لا يراك في الدنيا أحد إلا هلك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15092- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن موسى، عن أبي
(1) (1) في المطبوعة: (( فلذلك أتت )) وفي المخطوطة: (( فلذلك أتيت )) ، وصواب ذلك ما أثبت.
(2) (2) انظر تفسير (( الصعق )) فيما سلف 2: 83، 84 /: 359.
(3) (3) انظر تفسير (( سبحان )) فيما سلف 12: 10، تعليق 1، والمراجع هناك.
جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله: "تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين" ، قال: كان قبله مؤمنون، ولكن يقول: أنا أوّل من آمن بأنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة.
15093- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: لما رأى موسى ذلك وأفاق، عرف أنه قد سأل أمرًا لا ينبغي له، فقال: "سبحانك تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين" ، قال أبو العالية: عنى: إني أوّل من آمن بك أنه لن يراك أحدٌ قبل يوم القيامة.
15094- حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، قال سفيان، قال أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وخر موسى صعقًا" ، فمرّت به الملائكة وقد صعق، فقالت: يا ابن النساء الحيَّض، لقد سألت ربك أمرًا عظيمًا! فلما أفاق قال: سبحانك لا إله إلا أنت تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين! قال: أنا أوّل من آمن أنه لا يراك أحدٌ من خلقك = يعني: في الدنيا.
15095- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين" ، يقول: أنا أوّل من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك.
15096- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد: "سبحانك تبت إليك" ، قال: من مسألتي الرؤية.
15097- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد: "قال سبحانك تبت إليك" ، أن أسألك الرؤية.
15098- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن عيسى بن ميمون، عن رجل، عن مجاهد: "سبحانك تبت إليك" ، أن أسألك الرؤية.
15099- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا
ابن عيينة، عن عيسى بن ميمون، عن مجاهد في قوله: "سبحانك تبت إليك" ، قال: تبت إليك من أن أسألك الرؤية.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: وأنا أول المؤمنين بك من بني إسرائيل.
* ذكر من قال ذلك:
15100- حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا أسباط، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وأنا أول المؤمنين" ، قال: أول من آمن بك من بني إسرائيل.
15101- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وأنا أول المؤمنين" ، يعني: أول المؤمنين من بني إسرائيل.
15102- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: "وأنا أول المؤمنين" ، أنا أول قومي إيمانًا.
15103- حدثنا ابن وكيع والمثنى قالا حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن عيسى بن ميمون، عن رجل، عن مجاهد: "وأنا أول المؤمنين" ، يقول: أول قومي إيمانًا.
15104- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وأنا أول المؤمنين" ، قال: أنا أول قومي إيمانًا.
15105- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: "وأنا أول المؤمنين" ، قال: أول قومي آمن.
* * *
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في قوله: "وأنا أول المؤمنين" ،
على قول من قال: معناه: أنا أول المؤمنين من بني إسرائيل= لأنه قد كان قبله في بني إسرائيل مؤمنون وأنبياء، منهم ولدُ إسرائيل لصُلْبه، وكانوا مؤمنين وأنبياء. فلذلك اخترنا القول الذي قلناه قبل.
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، قال الله لموسى: "يا موسى إني اصطفيتك على الناس" ، يقول: اخترتك على الناس (1) = "برسالاتي" إلى خلقي، أرسلتك بها إليهم = "وبكلامي" ، كلمتك وناجيتك دون غيرك من خلقي. = "فخذ ما آتيتك" يقول: فخذ ما أعطيتك من أمري ونهيي وتمسك به، واعمل به [ ... ] (2) = "وكن من الشاكرين" ، لله على ما آتاك من رسالته، وخصك به من النجوى، (3) بطاعته في أمره ونهيه، والمسارعة إلى رضاه.
* * *
(1) (1) انظر تفسير (( الاصطفاء )) فيما سلف 3: 91، 96 / 5: 312 / 6: 326، 393.
(2) (2) في المطبوعة: (( واعمل به يريد )) وفي المخطوطة: (( واعمل به يديك )) ، ولا معنى لذلك هنا، وكأنها محرفة عن (( بجد )) أو ما أشبه ذلك، ولكني لم أحسن معرفتها، فتركت مكانها نقطا بين قوسين. وانظر تفسير قوله في (( سورة البقرة )) : 63 (( خذوا ما آتيناكم بقوة )) ج2: 160، 161.
(3) (3) في المطبوعة والمخطوطة: (( وحصل به من النجوى )) ، وصواب قراءتها ما أثبت.
القول في تأويل قوله: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكتبنا لموسى في ألواحه.
* * *
وأدخلت الألف واللام في "الألواح" بدلا من الإضافة، كما قال الشاعر: (1)
والأحْلامُ غَيْرُ عَوَازِب (2)
وكما قال جل ثناؤه: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) ، [سورة النازعات: 41] ، يعني: هي مأواه. (3)
* * *
وقوله: "من كل شيء" ، يقول: من التذكير والتنبيه على عظمة الله وعز سلطانه= "موعظة" ، لقومه ومن أمر بالعمل بما كتب في الألواح (4) = "وتفصيلا لكل شيء" ، يقول: وتبيينًا لكل شيء من أمر الله ونهيه. (5)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15106- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد =: أو سعيد بن جبير، وهو في أصل
(1) (1) هو النابغة الذبيانى.
(2) (2) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 5: 160، تعليق: 3، ولم يذكر هناك موضعه هناك، فليقيد، والبيت، بروايته آنفاً:لَهُمْ شِيمَةٌ لم يُعْطِها الدَّهْرُ غَيْرَهُمْ ... من الناسِ، فَالأحْلامُ غَيْرُ عَوَازِبِ
(3) (3) انظر ما سلف 5: 160، 161.
(4) (4) انظر تفسير (( الموعظة )) فيما سلف من فهارس اللغة (وعظ) .
(5) (5) انظر تفسير (( التفصيل )) فيما سلف ص: 68، تعليق: 5، والمراجع هناك.
كتابي: عن سعيد بن جبير= في قول الله: "وتفصيلا لكل شيء" ، قال: ما أمروا به ونهوا عنه.
15107- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
15108- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء" ، من الحلال والحرام.
15109- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدا يقول في قوله: "وتفصيلاً لكل شيء" ، قال: ما أمروا به ونهوا عنه.
15110- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء" ، قال عطية: (1) أخبرني ابن عباس: أن موسى صلى الله عليه وسلم انْصَلتَ لما كربه الموت، (2) قال: هذا من أجل آدم! قد كان الله جعلنا في دار مثوًى لا نموت، فخطأ آدم أنزلنا هاهنا! فقال الله لموسى: أبعث إليك آدم فتخاصمه؟ قال: نعم! فلما بعث الله آدم، سأله
(1) (1) هو (( عطية العوفي )) ، وهو جد (( محمد بن سعد )) الأعلى. انظر تفسير هذا الإسناد في رقم: 305.
(2) (2) في المطبوعة، والدر المنثور 3: 21: (( أن موسى صلى الله عليه وسلم لما كربه الموت )) . أسقط الذي كتبت: (( انصلت )) ، وهي في المخطوطة هكذا: (( الطيب )) غير منقوطة، ولم أجد لها لفظاً يطابق رسمها، ويجرى في معناها أقرب من (( انصلت )) . يقال: (( انصلت في الأمر )) ، إذا انجرد وأسرع. يقال: (( انصلت يعدو )) إذا أسرع، و (( المنصلت )) : المسرع من كل شيء. وقد روى البخاري في صحيحة، عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام. فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه عز وجل فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد أن يموت، الحديث. فكأن هذا كان منه لما كره الموت وأبغضه، فأسرع لما رآه يقول ما قال. هذا ما رأيت، وفوق كل ذي علم عليم. وانظر أخبار وفاة موسى عليه السلام في البداية والنهاية 1: 316 - 319.
موسى، فقال أبونا آدم عليهما السلام: يا موسى، سألت الله أن يبعثني لك! قال موسى: لولا أنت لم نكن هاهنا! قال له آدم: أليس قد أتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلا أفلست تعلم أنه ما أصاب في الأرض من مصيبة ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن يبرأها؟ (1) قال موسى: بلى! فخصَمه آدم صلى الله عليهما. (2)
15111- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهبًا يقول في قوله: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء" ، قال: كتب له: لا تشرك بي شيئًا من أهل السماء ولا من أهل الأرض، فإن كل ذلك خلقي. لا تحلف باسمي كاذبًا، فإن من حلف باسمي كاذبًا فلا أزكِّيه، ووقِّر والديك.
* * *
القول في تأويل قوله: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقلنا لموسى إذ كتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء: خذ الألواح بقوة.
* * *
وأخرج الخبر عن "الألواح" ، والمراد ما فيها.
* * *
(1) (1) هذا تضمين آية (( سورة الحديد )) : 22.
(2) (2) الأثر: 15110 - هذا خبر ضعيف الإسناد جداً، كما سلف في شرح إسناده رقم: 305. واحتجاج آدم وموسى عليهما السلام، روى خبره البخاري ومسلم، وسائر كتب السنن، وانظر فصلا جيداً جمعه ابن كثير في البداية والنهاية 1: 81 - 85. ويقال: (( خاصمه، فخصمه )) أي غلبه في الخصام. وهو الاحتجاج.
واختلف أهل التأويل في معنى "القوة" ، في هذا الموضع.
فقال بعضهم: معناها بجدٍّ.
* ذكر من قال ذلك:
15112- حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا ابن عيينة قال، قال أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: "فخدها بقوة" ، قال: بجدّ.
10113- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "فخذها بقوّة" ، قال: بجد واجتهاد.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، فخذها بالطاعة لله.
* ذكر من قال ذلك:
15114- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله: "فخذها بقوة" ، قال: بالطاعة.
* * *
وقد بينا معنى ذلك بشواهده، واختلاف أهل التأويل فيه، في "سورة البقرة" عند قوله: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) [سورة البقرة: 63] فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قلنا لموسى: "وأمر قومك" ، بني إسرائيل = "يأخذوا بأحسنها" ، يقول: يعملوا بأحسن ما يجدون فيها، كما:-
(1) (1) انظر ما سلف 2: 160، 161.
15115- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" ، بأحسن ما يجدون فيها.
15116- حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" ، قال: أمر موسى أن يأخذها بأشدّ مما أمر به قومه.
* * *
فإن قال قائل: وما معنى قوله: "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" ، أكان من خصالهم ترك بعض ما فيها من الحسن؟.
قيل: لا ولكن كان فيها أمرٌ ونهيٌ، فأمرهم الله أن يعملوا بما أمرهم بعمله، ويتركوا ما نهاهم عنه، فالعمل بالمأمور به، أحسنُ من العمل بالمنهي عنه.
* * *
القول في تأويل قوله: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لموسى، إذ كتب في الألواح من كل شيء: خذها بجدّ في العمل بما فيها واجتهاد، وأمر قومك يأخذوا بأحسن ما فيها، وانههم عن تضييعها وتضييع العمل بما فيها والشرك بي، فإن من أشرك بي منهم ومن غيرهم، فإني سأريه في الآخرة عند مصيره إليّ، "دارَ الفاسقين" ، وهي نار الله التي أعدها لأعدائه. (1)
* * *
وإنما قال: "سأريكم دار الفاسقين" ، كما يقول القائل لمن يخاطبه: "سأريك غدًا إلامَ يصير إليه حال من خالف أمري!" ، على وجه التهدُّد والوعيد لمن عصاهُ وخالف أمره. (2)
* * *
(1) (1) انظر تفسير (( الفسق )) فيما سلف. ص: 11، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2) (2) في المطبوعة (( على وجه التهديد )) وأثبت ما في المخطوطة، وهو محض الصواب.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|