
16-07-2025, 10:00 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,288
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (690)
صــ 61 إلى صــ 70
السنين، ونقص من الثمرات، وأراهم يدَ موسى عليه السلام وعصاه.
15019 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (فارسلنا عليهم الطوفان) ، وهو المطر، حتى خافوا الهلاك، فأتوا موسى فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنّا المطر، [إنا نؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربّه فكشف عنهم المطر] ، (1) فأنبت الله به حرثهم، وأخصب به بلادهم، فقالوا: ما نحبُّ أنا لم نُمطر بترك ديننا، فلن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الجراد، فأسرعَ في فسادِ ثمارهم وزروعهم، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك [أن يكشف عنا الجراد، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل!] . (2) فدعا ربه، فكشف عنهم الجراد. وكان قد بقي من زروعهم ومعاشهم بقايا، فقالوا، قد بقي لنا ما هو كافينا، فلن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل الله عليهم القُمَّل = وهو الدَّبى = فتتبع ما كان ترك الجراد، فجزعوا وأحسُّوا بالهلاك، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا الدَّبى، فإنا سنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه، فكشف عنهم الدَّبى، فقالوا: ما نحن لك بمؤمنين، ولا مرسلين معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الضفادع، فملأ بيوتهم منها، ولقُوا منها أذًى شديدًا لم يلقوا مثله فيما كان قبله، أنها كانت تثبُ في قدورهم، فتفسد عليهم طعامهم، وتطفئ نيرانهم. قالوا: يا موسىادع لنا ربك أن يكشف عنا الضفادع، فقد لقينا منها بلاءً وأذًى، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه، فكشف عنهم الضفادع، فقالوا: لا نؤمن لك، ولا نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الدّم، فجعلوا لا يأكلون إلا الدم، ولا يشربون إلا الدم، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك أن يكشف عنّا الدم، فإنا سنؤمن لك،
(1) في المخطوطة، أسقط ما بين القوسين، وإثباته حق الكلام.
(2) ما بين القوسين، ليس في المخطوطة.
ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه، فكشف عنهم الدم، فقالوا: يا موسى، لن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل! فكانت آيات مفصَّلات بعضها على إثر بعض، ليكون لله عليهم الحجة، فأخذهم الله بذنوبهم، فأغرقهم في اليمّ.
15020 - حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أرسل على قوم فرعون الآيات: الجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، آياتٌ مفصّلات. قال: فكان الرجل من بني إسرائيل يركبُ مع الرجل من قوم فرعون في السّفينة، فيغترف الإسرائيلي ماءً، ويغترف الفرعوني دمًا. قال: وكان الرجل من قوم فرعون ينام في جانب، فيكثر عليه القمل والضفادع حتى لا يقدر أن ينقلب على الجانب الآخر. فلم يزالوا كذلك حتى أوحى الله إلى موسى: أنْ أسْرِ بعبادِي إنكم متَّبعون.
15021 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لما أتى موسى فرعون بالرسالة، أبى أن يؤمن وأن يرسل معه بني إسرائيل، فاستكبر قال: لن أرسل معك بني إسرائيل! (1) فأرسل الله عليهم الطوفان = وهو الماء = أمطر عليهم السماء، حتى كادوا يهلكون، وامتنع منهم كل شيء، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك بما عهد عندك، لئن كشفت عنّا هذا لنؤمننّ لك ولنرسلن معك بني إسرائيل! فدعا الله فكشف عنهم المطر، فأنبت الله لهم حُروثهم، وأحيا بذلك المطر كل شيء من بلادهم، فقالوا: والله ما نحبَّ أنا لم نكن أمطرنا هذا المطر، ولقد كان خيرًا لنا، فلن نرسل معك بني إسرائيل، ولن نؤمن لك يا موسى! فبعث الله عليهم الجراد، فأكل عامة حروثهم، وأسرع الجراد في فسادِها، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا الجراد، فإنا مؤمنون لك، ومرسلون معك بني إسرائيل!
(1) في المطبوعة: (( لن نرسل )) ، وأثبت مافي المخطوطة.
فكشف الله عنهم الجراد. وكان الجراد قد أبقى لهم من حروثهم بقيَّة، فقالوا: قد بَقي لنا من حروثنا ما كان كافِينَا، فما نحن بتاركي ديننا، ولن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم القمّل = و "القمّل" ، الدبى، وهو الجراد الذي ليست له أجنحة = فتتبع ما بقي من حروثهم وشجرهم وكل نبات كان لهم، فكان القمّل أشدّ عليهم من الجراد، فلم يستطيعوا للقمل حيلةً، وجزعوا من ذلك. وأتوا موسى، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا القمل، فإنه لم يبق لنا شيئًا، قد أكل ما بقي من حروثنا، ولئن كشفت عنا القمل لنؤمنن لك، ولنرسلن معك بني إسرائيل! فكشف الله عنهم القمل، فنكثوا، وقالوا: لن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل! فأرسل الله عليهم الضفادع، فامتلأت منها البيوتُ، فلم يبق لهم طعام ولا شراب إلا وفيه الضفادع، فلقوا منها شيئًا لم يلقوه فيما مضى، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربّك لئن كشفت عنا الرِّجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل! قال: فكشف الله عنهم، فلم يفعلوا، فأنزل الله: (فلمَّا كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون) ، إلى: (وكانوا عنها غافلين) .
15022 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة قال، حدثنا الحسن بن واقد، عن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت الضفادع برِّية، فلما أرسلها الله على آل فرعون، سمعت وأطاعت، فجعلت تغرق أنفسها في القُدُور وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور، فأثابها الله بحسن طاعتها بَرْدَ الماء.
15023 - حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: فرجع عدوّ الله = يعني فرعون، حين آمنت السحرة = مغلوبًا مغلولا ثم أبى إلا الإقامة على الكفر، والتماديَ في الشر، فتابع الله عليه بالآيات، وأخذه بالسنين، فأرسل عليه الطوفان، ثم الجراد، ثم القمل، ثم الضفادع، ثم الدم، آيات مفصلات،، فأرسل الطوفان = وهو الماء = ففاض على وجه الأرض، ثم ركد، لا يقدرون على أن
يحرُثوا، ولا يعملوا شيئًا، حتى جُهِدوا جوعًا; فلما بلغهم ذلك، قالوا: يا موسى، ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك، ولنرسلن معك بني إسرائيل! فدعا موسى ربه، فكشفه عنهم، فلم يفُوا له بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم الجراد، فأكل الشجر، فيما بلغني، حتى إنْ كان ليأكل مساميرَ الأبواب من الحديد، حتى تقع دورهم ومساكنهم، فقالوا مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشفه عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا. فأرسل الله عليهم القمّل، فذكر لي أنّ موسى أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه. فمضى إلى كثيبٍ أهيل عظيم، (1) فضربه بها، فانثَالَ عليهم قمَّلا (2) حتى غلب على البيوت والأطعمة، ومنعهم النوم والقرار. فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشفه عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم الضفادع، فملأت البيوت والأطعمة والآنية، فلا يكشف أحدٌ ثوبًا ولا طعامًا ولا إناء إلا وجد فيه الضفادع قد غلبت عليه. فلما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشفه عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا. فأرسل الله عليهم الدم، فصارت مياه آل فرعون دمًا، لا يستقون من بئر ولا نهر، ولا يغترفون من إناء، إلا عاد دمًا عبيطًا. (3)
15024 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي: أنه حُدِّث: أن المرأة من آل فرعون كانت تأتي المرأةَ من بني إسرائيل حين جَهدهم العطش، فتقول: اسقيني من مائك! فتغرف لها من جرَّتها أو تصبّ لها من قربتها، فيعود في الإناء دمًا، حتى إن كانت لتقول لها: اجعليه في فيك ثم مُجيِّه في فيَّ! فتأخذ في فيها ماءً، فإذا مجته في فيها صار دمًا، فمكثوا في ذلك سبعةَ أيام. (4)
(1) (( كثيب أهيل )) (علي وزن أفعل) : منهال لايثبت رمله حتي يسقط
(2) (( انثال التراب انثيالا )) : انصب انصبابآ من كل وجه.
(3) الأثر: 15023- هذا الخبر رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 215.
(4) الأثر: 15024- هذا الخبر رواه أبو جعفر في تاريخه مطولا 1: 215، 216.
15025 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: الجراد يأكل زروعهم ونباتهم، والضفادع تسقط على فرشهم وأطعمتهم، والدم يكون في بيوتهم وثيابهم ومائهم وطعامهم.
= قال، حدثنا شبل، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: لما سال النِّيلُ دمًا، فكان الإسرائيلي يستقي ماء طيّبًا، ويستقي الفرعوني دمًا، ويشتركان في إناء واحد، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماءً طيّبًا وما يلي الفرعوني دمًا.
15026- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر قال، حدثني سعيد بن حبير: أن موسى لمّا عالج فرعون بالآيات الأربع: العصا، واليد، ونقص من الثمرات، والسنين = قال: يا رب، إن عبدك هذا قد علا في الأرض وَعتَا في الأرض، وبغى علي، وعلا عليك، وعالى بقومه، ربِّ خذ عبدك بعُقوبة تجعلها له ولقومه نِقْمةً، وتجعلها لقومي عظةً، ولمن بعدي آية في الأمم الباقية! فبعث الله عليهم الطوفان = وهو الماء = وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكة مختلطة بعضها في بعض، فامتلأت بيوت القبط ماءً، حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم، من جَلس منهم غرق، (1) ولم يدخل في بيوت بني إسرائيل قطرة. فجعلت القبط تنادي موسى: ادع لنا ربك بما عهد عندك، لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك، ولنرسلن معك بني إسرائيل! قال: فواثقوا موسى ميثاقًا أخذَ عليهم به عهودهم، وكان الماء أخذهم يوم السبت، فأقام عليهم سبعة أيام إلى السبت الآخر. فدعا موسى ربه، فرفع عنهم الماء، فأعشبت بلادهم من ذلك الماء، فأقاموا شهرًا في عافية، ثم جحدوا وقالوا: ما كان هذا الماء إلا نعمة علينا، وخصبًا لبلادنا، ما نحب أنه لم يكن. = قال: وقد قال قائل لابن عباس: إني سألت ابن عمر عن الطوفان، فقال: ما أدري، موتا كان أو ماء! فقال ابن عباس: أما يقرأ ابن عمر "سورة العنكبوت" حين
(1) في المطبوعة والمخطوطة: (( من حبس )) ، والصواب ما أثبت.
ذكر الله قوم نوح فقال: (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) ، [العنكبوت: 14] . أرأيت لو ماتوا، إلى مَنْ جاء موسى عليه السلام بالآيات الأربع بعد الطوفان؟
= قال: فقال موسى: يا رب إن عبادك قد نقضُوا عهدك، وأخلفوا وعدي، رب خذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولمن بعدهم آية في الأمم الباقية! قال: فبعث الله عليهم الجراد، فلم يدع لهم ورقةً ولا شجرة ولا زهرة ولا ثمرة إلا أكله، (1) حتى لم يُبْقِ جَنًى، (2) حتى إذا أفنى الخضر كلها، أكل الخشب، حتى أكل الأبواب وسقوف البيوت. وابتلى الجراد بالجوع، فجعل لا يشبع، غير أنه لا يدخل بيوتَ بني إسرائيل. فعجُّوا وصاحُوا إلى موسى، (3) فقالوا: يا موسى، هذه المرّة ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل! فأعطوه عهدَ الله وميثاقه، فدعا لهم ربّه، فكشف الله عنهم الجراد بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، ثم أقاموا شهرًا في عافية، ثم عادوا لتكذيبهم ولإنكارهم، ولأعمالهم أعمال السَّوْء قال: فقال موسى: يا رب، عبادُك، قد نقضوا عهدي، وأخلفوا موعدي، فخذهم بعقوبة تجعلُها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولمن بعدي آية في الأمم الباقية! فأرسل الله عليهم القمَّل = قال أبو بكر: سمعت سعيد بن جبير والحسن يقولان: كان إلى جنبهم كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى "عين شمس" ، (4) فمشى موسى إلى ذلك الكثيب، فضربه بعصاه ضربةً صارَ قمّلا تدب إليهم = وهي دوابّ سود صغار. فدبَّ إليهم القمّل، فأخذ أشعارهم وأبشارهم وأشفارَ عيونهم وحواجبهم، ولزم جلودَهم، كأنه الجدريّ عليهم، فصرخوا وصاحوا إلى موسى: إنا نتوب ولا نعود،
(1) في المطبوعة: (( إلا أكلها )) ، وأثبت مافي المخطوطة، وهو صواب.
(2) (( الجني )) الثمر كله.
(3) (( عج يعج عجا )) رفع صوته وصاح بالدعاء والاستغاثة.
(4) (( الكثيب الأعفر )) : هو هنا الأحمر.
فادع لنا ربك! فدعا ربه فرفع عنهم القمل بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت. فأقاموا شهرًا في عافية، ثم عادوا وقالوا: ما كنّا قط أحق أن نستيقن أنه ساحر مِنّا اليوم، جعل الرَّمل دوابّ! وعزَّة فرعون لا نصدِّقه أبدًا ولا نتبعه! فعادوا لتكذيبهم وإنكارهم، فدعا موسى عليهم فقال: يا رب إن عبادك نقضوا عهدي، وأخلفوا وعدي، فخذهم بعقوبة تجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولمن بعدي آيه في الأمم الباقية! فأرسل الله عليهم الضفادع، فكان أحدهم يضطجع، فتركبه الضفادع، فتكون عليه رُكَامًا، حتى ما يستطيع أن ينصرف إلى الشق الآخر، ويفتح فاه لأكْلته، فيسبق الضفدع أكلته إلى فيه، ولا يعجن عجينًا إلا تسدَّحَت فيه، (1) ولا يطبخ قِدْرًا إلا امتلأت ضفادع، فعذِّبوا بها أشد العذاب، فشكوا إلى موسى عليه السلام وقالوا: هذه المرة نتوب ولا نعود! فأخذَ عهدهم وميثاقهم. ثم دعا ربه، فكشف الله عنهم الضفادع بعد ما أقام عليهم سبعًا من السبت إلى السبت. فأقاموا شهرًا في عافية، ثم عادوا لتكذيبهم وإنكارهم وقالوا: قد تبيَّن لكم سحره، يجعل التراب دوابَّ، ويجيء بالضفادع في غير ماءٍ! فآذوا موسى عليه السلام فقال موسى: يا رب إن عبادك نقضوا عهدي، وأخلفوا وعدي، فخذهم بعقوبة تجعلها لهم عقوبة، ولقومي عظة، ولمن بعدي آية في الأمم الباقية! فابتلاهم الله بالدم، فأفسد عليهم معايشهم، فكان الإسرائيلي والقبطيّ يأتيان النيل فيستقيان، فيخرج للإسرائيليّ ماءً، ويخرج للقبطي دمًا، ويقومان إلى الحُبِّ فيه الماءُ، (2) فيخرج للإسرائيلي في إنائه ماءً، وللقبطي دمًا.
15027 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد
(1) في المطبوعة: (( تشدخت )) بالشين والخاء، ولامعني لها هنا، وهي من المخطوطة غير منقوطة وكأن هذا صواب قراءتها. يقال: (( سدح الشيء )) إذا بسطه علي الأرض أو أضجعه. و (( انسدح الرجل )) استلقي وفرج رجليه. وقوله (( تسدح )) (بتشديد الدال) ، قياس عربي صحيح.
(2) (( الحب )) (بضم الحاء) : الجرة الضخمة يكون فيها الماء.
قال: سمعت مجاهدًا، في قوله: (فأرسلنا عليهم الطوفان) ، قال: الموت = "والجراد" قال: الجراد يأكل أمتعتهم وثيابهم ومسامير أبوابهم = "والقمل" هو الدّبى، سلطه الله عليهم بعد الجراد = قال: "والضفادع" ، تسقط في أطعمتهم التي في بيوتهم وفي أشربتهم. (1)
* * *
وقال بعضهم: "الدم" الذي أرسله الله عليهم، كان رُعافًا.
* ذكر من قال ذلك:
15028 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أحمد بن خالد قال، حدثنا يحيى بن أبي بكير قال، حدثنا زهير قال، قال زيد بن أسلم: أما "القمل" فالقمل = وأما "الدم" ، فسلط الله عليهم الرُّعاف. (2)
* * *
وأما قوله: (آيات مفصلات) ، فإن معناه: علامات ودلالات على صحّة نبوّة موسى، (3) وحقيقة ما دعاهم إليه (4) = "مفصلات" ، قد فصل بينها، فجعل بعضها يتلو بعضًا، وبعضها في إثر بعض. (5)
* * *
(1) الأثر: 15027- (( أبو سعد المدني )) ، وكان في المخطوطة، والمطبوعة: (( ابن سعد )) ، وهو خطأ، وهو إسناد مر مرارآ، أقربه رقم: 14916.
(2) الأثر: 15028- (( أحمد بن خالد )) ، كأنه (( أحمد بن خالد بن موسي الوهبي )) ، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 49 و (( يحيى بن أبي بكير الأسدي )) ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 7544، و (( زهير )) ، هو: (( زهير بن محمد التميمي )) ، مضى برقم: 5230، 6628.
(3) انظر تفسير (( آية )) فيما من فهارس اللغة اللغة (أيي)
(4) في المطبوعة: (( وحقية )) مكان (( وحقيقة )) ، فعل بها كما فعل بكل أخواتها من قبل. انظر ماسلف 12: 244، تعليق: 3، والمراجع هناك.
(5) وانظر تفسير (( التفصيل )) في م سلف 12: 477، تعليق: 1 والمراجع هناك.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
15029 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: فكانت آيات مفصلات بعضها في إثر بعض، ليكون لله الحجة عليهم، فأخذهم الله بذنُوبهم، فأغرقهم في اليمّ.
15030 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (آيات مفصلات) ، قال: يتبع بعضها بعضًا، ليكون لله عليهم الحجة، فينتقم منهم بعد ذلك. وكانت الآية تمكث فيهم من السبت إلى السبت، وترفع عنهم شهرًا، قال الله عز وجل: (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ) ، [الأعراف: 136] ... الآية.
15031 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق: (آيات مفصلات) ،: أي آية بعد آية، يتبع بعضُها بعضًا. (1)
* * *
وكان مجاهد يقول فيما ذكر عنه في معنى "المفصلات" ، ما: -
15032 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في "آيات مفصلات" ، قال: معلومات.
* * *
(1) الأثر: 15031 - هو قطعة من الآثر السالف رقم: 15023، أسقطها أبو جعفر من صلب الكلام، وأفردها ههنا. وأما في التاريخ 1: 215، فقد ساق الخبر متصلا، وفيه هذه الجملة من التفسير.
القول في تأويل قوله: {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فاستكبر هؤلاء الذين أرسل الله عليهم ما ذكر في هذه الآيات من الآيات والحجج، عن الإيمان بالله وتصديق رسوله موسى صلى الله عليه وسلم واتباعه على ما دعاهم إليه، وتعظموا على الله وعتَوا عليه (1) = (وكانوا قومًا مجرمين) ، يقول: كانوا قومًا يعملون بما يكرهه الله من المعاصي والفسق عتوًّا وتمرّدًا. (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "ولما وقع عليهم الرجز" ، ولما نزل بهم عذاب الله، وحَلّ بهم سخطه.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في ذلك "الرجز" الذي أحبر الله أنه وقع بهؤلاء القوم.
فقال بعضهم: كان ذلك طاعونًا.
* ذكر من قال ذلك:
15033 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير قال: وأمر موسى قومه من بني إسرائيل = وذلك
(1) انظر تفسير (( الاستكبار )) فيما سلف 12: 561، تعليق: 3، والمراجع هناك:
(2) انظر تفسير (( الإجرام )) فيما سلف 12: 207، تعليق: 3، والمراجع هناك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|