
16-07-2025, 09:57 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (689)
صــ 51 إلى صــ 60
حدثنا المنهال بن خليفة، عن الحجاج، عن الحكم بن ميناء، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطوفان الموتُ. (1)
14997 - حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، سألت عطاء: ما الطوفان؟ قال: الموت. (2)
14998 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عطاء عمن حدثه، عن مجاهد قال: "الطوفان" ، الموت.
14999 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن عبد الله بن كثير: (فأرسلنا عليهم الطوفان) ، قال: الموت = قال ابن جريج: وسألت عطاء عن "الطوفان" ، قال: الموت = قال ابن جريج: وقال مجاهد: الموتُ على كل حال.
15000 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن المنهال بن خليفة، عن حجاج، عن رجل، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطوفان الموت. (3)
(1) الأثر: 14996 - (( المنهال بن خليفة العجلي )) ، (( أبو قدامة )) ، متكلم فيه. ضعفه ابن معين، والنسائي، والحاكم. وقال البخاري: (( صالح، فيه نظر )) ، وقال في موضع آخر /: (( حديثه منكر )) .
وقال ابن حبان: (( كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير )) . مترجم من التهذيب، والكبير 4/2/12، وابن أبي حاتم 4/1/357، وميزان الاعتدال 3: 204.
و (( الحجاج )) هو (( الحجاج بن أرطاة )) ، مضى مرارًا. و (( الحكم بن ميناء الأنصاري )) ، تابعي ثقة. مترجم من التهذيب، والكبير 1/2/340، وابن أبي حاتم 1/2/127.
وهذا الخبر، رواه ابن كثير في تفسيره 3: 536، عن هذا الموضع ثم قال: (( وكذا ورواه ابن مردويه، من حديث يحيى بن يمان به، وهو حديث غريب )) . قلت: وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ وانظر الأثر التالي رقم 15000
(2) الأثر: 14997 - (( عباس بن محمد )) ، هو (( عباس بن محمد بن حاتم الدورى )) شيخ الطبري، مضى برقم: 7701.
(3) الأثر: 15000 - هذا إسناد آخر للخبر رقم: 14996، إلا أنه أبهم الراوي عن عائشة، وبينه هناك، وهو (( الحكم بن ميناء )) . وقد مضى تخريج هذا الخبر، وبيان ضعفه.
وقال آخرون: بل ذلك كان أمرًا من الله طاف بهم.
* ذكر من قال ذلك:
15001 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس: (فأرسلنا عليهم الطوفان) ، قال: أمرُ الله الطوفان، ثم قرأ (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ) ، [القلم: 19] .
* * *
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، (1) يزعم أن "الطوفان" من السيل: البُعَاق والدُّباش، وهو الشديد. (2) ومن الموت المبَالغ الذَّريع السريع. (3)
* * *
وقال بعضهم: هو كثرة المطر والريح.
* * *
وكان بعض نحويي الكوفيين يقول: "الطوفان" مصدر مثل "الرجحان" و "النقصان" ، لا يجمع.
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول: هو جمع، واحدها في القياس "الطوفانة" . (4)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، ما قاله ابن عباس، على ما رواه عنه أبو ظبيان (5) أنه أمر من الله طاف بهم، وأنه مصدر من قول
(1) هو أبو عبيدة، في مجاز القرآن 1: 226.
(2) (( البعاق )) (بضم الباء) : هو المطر الكثير الغزير الذي يتبعق بالماء تبعقاً، أي يسيل به سيلا كثيفاً. و (( سيل دباش )) (ضم الدال) عظيم، يجرف كل شيء جرفاً.
(3) في المخطوطة: (( المتابع )) ، وفي مجاز القرآن: (( المبالغ )) ، والذي في المطبوعة (( المتتابع )) فآثرت نص أبي عبيدة.
(4) هو الأخفش، قال ابن سيدهْ: (( الأخفش ثقة، وإذا حكى الثقة شيئاً لزم قبوله )) .
(5) يعني الخبر رقم 15001.
القائل: "طاف بهم أمر الله يطوف طُوفَانًا" ، كما يقال: "نقص هذا الشيء ينقُص نُقْصَانًا" . وإذا كان ذلك كذلك، جاز أن يكون الذي طاف بهم المطر الشديد = وجاز أن يكون الموتَ الذريعَ. ومن الدلالة على أن المطر الشديد قد يسمى "طوفانًا" قول حُسَيل بن عُرْفطة (1)
غَيَّر الجِدَّةُ مِنْ آيَاتِهَا خُرُقُ الرِّيحِ وَطُوفَانُ المَطَرْ (2)
ويروى:
خُرُقُ الرِّيحِ بِطُوفَان المَطَرْ
وقول الراعي:
تُضْحِي إذَا العِيسُ أَدْرَكْنَا نَكَائِثَهَا خَرْقَاءَ يَعْتَادُهَا الطُّوفَانُ والزُّؤُدُ (3)
وقول أبي النجم:
(1) في المطبوعة والمخطوطة: (( الحسن بن عرفطة )) ، وهو خطأ، وقال أبو حاتم (( حسين بن عرفطة )) ، هو خطأ.انظر نوادر أبي زيد 75، 77، وهو (( حسيل بن عرفطة الأسدى )) شاعر جاهلي.
(2) نوادر أبي زيد: 77، الوساطة: 329، اللسان (طوف) ، وقبله: لَمْ يَكُ الحًقُّ عَلَى أَنْ هَاجَهُ ... رَسْمُ دَارٍ قَدْ تَعَفَّى بِالسِّرَرْ
قال أبو حاتم (( بالسرر )) بفتح السين والراء. و (( الخرق )) : القطع من الريح، واحدتها (( خرقة )) . و (( طوفان المطر )) ، كثرته. وروى الأصمعى (( خرق )) (يعني بضم الخاء والراء) . هذا نص ما في نوادر أبي زيد. و (( خرق )) (بضمتين) جمع (( خريق )) ، وهي الريح الشديدة الهبوب التي تخترق المواضع.
(3) اللسان (نكث) (زأد) ، ولعلها من شعره الذي مدح به عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان (انظر خزانة الادب 3: 288) و (( النكائث )) جمع (( نكيثة )) ، وهي جهد قوة النفس. يقال: (( فلآن شديد النكيثة )) أي النفس. ويقال: (( بلغت نكيثته )) (بالبناء للمجهول) أي: جهد نفسه. و (( بلغ فلآن نكيثة بعيره )) أي: أقصي مجهوده في السير. و (( الزؤد )) (بضم الهمزة وسكونها) : الفزع والخوف. و (( خرقاء )) من صفة الناقة. وهي التي لا تتعهد مواضع قوائمها من نشاطها. يصفها بالحدة كأنها مجنونة، إذا كلت العيس، بقيت قوتها وفضل نشاطها.
قَدْ مَدَّ طُوفَانٌ فَبَثَّ مَدَدَا شَهْرًا شَآبِيبَ وَشَهْرًا بَرَدَا (1)
* * *
وأما "القُمَّل" ، فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه.
فقال بعضهم: هو السوس الذي يخرج من الحنطة.
* ذكر من قال ذلك:
15002 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "القمّل" ، هو السوس الذي يخرج من الحنطة.
15003 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بنحوه.
* * *
وقال آخرون: بل هو الدَّبَى، وهو صغار الجراد الذي لا أجنحة له.
* ذكر من قال ذلك:
15004 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: "القمّل" ، الدبى.
15005 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، قال: الدبى، القمّل.
15006 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: "القمل" ، هو الدَّبَى.
(1) لم أجده في مكان آخر. و (( الشآيب )) . جمع (( شؤبوب )) ، وهي الدفعة من المطر. ويقال: (( لا يقال للمطر شآبيب، إلا وفيه برد )) .
15007 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "القمل" ، الدبيَ.
15008 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن قتادة قال: "القُمَّل" ، هي الدَّبَى، وهي أولاد الجراد.
15009 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جابر بن نوح، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: "القمل" ، الدبى.
15010 -. . . . قال حدثنا يحيى بن آدم، عن قيس عمن ذكره، عن عكرمة قال: "القمل" ، بناتُ الجراد.
15011 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس قال: "القمل" ، الدبَى.
* * *
وقال آخرون: بل "القمل" ، البراغيثُ.
*ذكر من قال ذلك:
15012 - حدثني يونس قال، أخبرنا أبن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل) ، قال: زعم بعض الناس في القمل أنها البراغيث.
* * *
وقال بعضهم: هي دوابُّ سُودٌ صغار.
* ذكر من قال ذلك:
15013 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر قال: سمعت سعيد بن جبير والحسن قالا القمّل: دوابّ سود صغار.
* * *
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم (1) أن "القمل" ، عند العرب: الحَمْنان = والحمنان ضرب من القِرْدان واحدتها: "حَمْنانة" ، فوق القَمقامة. (2) و "القمَّل" جمع، واحدتها "قملة" ، وهي دابة تشبه القَمْل تأكلها الإبل فيما بلغني، وهي التي عناها الأعشى في قوله: (3)
قَوْمٌ تُعَالِجُ قُمَّلا أَبْنَاؤُهُمْ وَسَلاسِلا أُجُدًا وَبَابًا مُؤْصَدَا (4)
(1) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 226.
(2) (( القمقامة )) ، صغار القردان (جمع قراد) وهو أول ما يكون صغيراً، لا يكاد يرى من صغره، وهو أيضاً ضرب من القمل شديد التشبث بأصول الشعر.
(3) في المطبوعة: (( الأعمش )) وهو خطأ في الطباعة.
(4) ديوانه: 154، واللسان (قمل) . من قصيدته التي قالها لكسرى حين أراد من بنى ضبيعة (رهط الأعشى) رهائن، لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد، فأخذ كسرى قيس بن مسعود، ومن وجد من بكر، فجعل يحبسهم، فقال له الأعشى: مَنْ مُبْلِغٌ كِسْرَى، إذَا مَا جَاءَهُ رُهُنًا، ... عَنِّى مآلِكَ مُخْمِشَاتٍ شُرَّدَا
آلَيْتُ لا نُعْطِيهِ مِنْ أَبْنَائِنَا ... رُهْنًا فَيُفْسِدُهُمْ كَمَنْ قَدْ أَفْسَدَا
حَتَّى يُفِيدُكَ مِنْ بَنِيهِ رَهِينَةً ... نَعْشُ، وَيَرْهَنُكَ السِّمَاكُ الفَرْقَدَا
يقول: من يبلغ كسرى عني تغضبه، رسائل تأتيه من كل مكان: أننا آلينا أن لا نعطيه من أبنائنا رهائن، يتولى إفسادهم كما أفسد رجالا من قبل، ولن ينال منا ذلك حتى تعطيه نجوم السماء رهائن من صواحباتها. ثم قال له: لَسْنَا كَمَنْ جَعَلَتْ إيَادُ دَارَهَا ... تَكْرِيت تَمْنَع حَبَّها أَنْ يُحْصَدا
قَوْمًا يُعَالَجُ.. .. .. .. .. .. .. ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَعَلَ الإِلَهُ طَعَامَنَا فِي مَالِنَا ... رِزْقًا تَضَمَّنَهُ لَنَا لَنْ يَنْفَدَا
يقول: لسنا كإياد التي آتتك الرهائن فأنها نزلت تكريت تنظر ما يحصد من الزرع من سنة إلى سنة، فهم حراثون، قد قملوا، فقام أبناؤهم يعالجون القمل، ويجرون السلاسل ليشدوها على الأجران، ويجهدون في تغليق أبوابها. أما نحن، فالله قد جعل إبلنا رزقنا، ضمنت لنا من ألبانها طعاماً لا ينفد، ونزعنا عن أعناقنا ربقة عبودية القرى والأمصار، إلى حرية البادية، نغدو فيها ونروح، ليس لك علينا سلطان. وهذا من شعر أحرار العرب. و (( الأجد )) (بضمتين) : القوى الموثق. يقال: (( ناقة أجد )) ، قوية وثيقة التركيب. و (( ناقة مؤجدة القرى )) ، مثله. ويقال: (( الحمد لله الذي آجدنى بعد ضعف )) ، أي: قوانى. و (( المؤصد )) من (( أوصد الباب )) أغلقه وأطبقه، فهو (( موصد )) و (( مؤصد )) بالهمز، ومثله قوله تعالى ذكره: (( إنها عليهم مؤصدة )) بالهمز، أي مطبقة.
وكان الفراء يقول: لم أسمع فيه شيئًا، فإن لم يكن جمعًا، فواحده "قامل" ، مثل "ساجد" و "راكع" ، (1) وإن يكن اسمًا على معنى جمع، (2) فواحدته: "قملة" . * ذكر المعاني التي حدثت في قوم فرعون بحدوث هذه الآيات، والسبب الذي من أجله أحدَثها الله فيهم.
15014 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير قال: لما أتى موسى فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل! فأبى عليه، فأرسل الله عليهم الطوفان = وهو المطر = فصبّ عليهم منه شيئًا، فخافوا أن يكون عذابًا، فقالوا لموسى: ادع لنا ربّك أن يكشف عنا المطر، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل (3) ، فدعا ربه، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فأنبت لهم في تلك السنة شيئًا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمر والكلأ. فقالوا: هذا ما كنا نتمنَّى، فأرسل الله عليهم الجراد، فسلَّطه على الكلأ فلما رأوا أثَره في الكلأ عرفوا أنه لا يُبقى الزرع. فقالوا: يا موسى ادْع لنا ربك فيكشف عنا الجرادَ فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه، فكشف
(1) في المطبوعة: (( فإن لم يكن جمعاً )) ، بزيادة (( لم )) وهي مفسدة للكلام، والصواب من المخطوطة.
(2) لم أجد هذا في معاني القرآن للفراء، في هذا الموضع من تفسير الآية. انظر معاني القرآن للفراء 1: 393، بل قال الفراء هنا: (( القمل، وهو الدبى الذي لا أجنحة له )) ، ولم يزد.
(3) (3) في المطبوعة: (( ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل )) ، غير ما في المخطوطة، ولم يكتب نص آية (( سورة الأعراف )) : 134. وكان في المخطوطة ما أثبته، إلا أنه كتب: (( لئن كشف عنا المطر فتؤمن لك )) وصواب الجملة ما أثبت إن شاء الله.
عنهم الجرادَ، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فدَاسُوا وأحرزُوا في البيوت، (1) فقالوا: قد أحرزْنَا فأرسل الله عليهم القُمَّل = وهو السوس الذي يخرج منه = فكان الرجل يخرج عشرة أجرِبة ٍإلى الرحى، فلا يردّ منها ثلاثة أقفِزة. فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنا القمَّل، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه، فكشف عنهم، فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل. فبينا هو جالس عند فرعون، إذ سمع نقيق ضِفْدَع، فقال لفرعون: ما تلقى أنت وقومك من هذا! فقال: وما عسى أن يكون كيدُ هذا! فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذَقْنه في الضفادع، ويهمُّ أن يتكلم فتثب الضفادع في فيه. فقالوا لموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! [فكشف عنهم فلم يؤمنوا] (2) فأرسل الله عليهم الدم، فكان ما استقوا من الأنهار والآبار، أو ما كان في أوعيتهم وجدُوه دمًا عَبِطًا، (3) فشكوا إلى فرعون فقالوا: إنا قد ابتلينا بالدّم، وليس لنا شراب! فقال: إنه قد سحركم! فقالوا: من أين سحرنا، ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئًا من الماءِ إلا وجدناه دمًا عبيطًا؟ فأتوه فقالوا: يا موسى ادعُ لنا ربك يكشف عنا هذا الدم، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! فدعا ربه فكشف عنهم، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل.
15015 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حبوية أبو يزيد، عن يعقوب القمي، عن جعفر، عن ابن عباس قال، لما خافوا الغرق، قال فرعون: يا موسى، ادع لنا ربك يكشف عنّا هذا المطر، فنؤمن لك = ثم ذكر نحو حديث ابن حميد، عن يعقوب. (4)
(1) (( داس الناس الحب )) درسوه. و (( أحرز الشيء )) : ضمه وحفظه، وصانه عن الأخذ.
(2) ما بين القوسين، ليس في المخطوطة، وفي المخطوطة عند هذا الوضع، حرف (ط) بين (( إسرائيل )) و (( فأرسل )) و (ط) أخرى في الهامش، دلالة على الخطأ. والذي في المطبوعة صواب إن شاء الله.
(3) (( الدم العبيط )) ، هو الطرى.
(4) الأثر: 15015 - (( حبويه )) ، (( أبو يزيد )) ، هو (( إسحاق بن إسماعيل الرازي )) ، مضى برقم 14365، 14550، 14956، 14989، وكان في المطبوعة هنا (( حبوبة الرازي )) ، والصواب من المخطوطة، ومن تحقيق ذلك فيما سلف من الأرقام التي ذكرتها.
15016 - حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ثم إن الله أرسل عليهم = يعني على قوم فرعون = الطوفان، وهو المطر، فغرق كل شيء لهم، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربَّك يكشف عنَّا، ونحن نؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل! فكشف الله عنهم، (1) ونبتت به زروعهم، فقالوا: ما يسرّنا أنا لم نمطر. فبعث الله عليهم الجراد، فأكل حروثهم، فسألوا موسى أن يدعو ربّه، فيكشفه، ويؤمنوا به. فدعا فكشفه، وقد بقي من زروعهم بقيّة فقالوا: لم تؤمنون، وقد بقي من زرعنا بقيه تكفينا؟ فبعث الله عليهم الدَّبى = وهو القمل = فلحس الأرض كلها، (2) وكان يدخل بين ثوب أحدهم وبين جلده فيعضُّه، وكان لأحدهم الطعام فيمتلئ دَبًى، حتى إن أحدهم ليبني الأسطوانة بالجصّ، فيزلّقُها حتى لا يرتقي فوقها شيء، (3) يرفع فوقها الطعام، فإذا صعد إليه ليأكله وجده ملآن دَبًى، فلم يصابوا ببلاء كان أشدَّ عليهم من الدبى = وهو "الرِّجْز" الذي ذكر الله في القرآن أنه وقع عليهم = فسألوا موسى أن يدعو ربه فيكشف عنهم ويؤمنوا به، فلما كُشف عنهم، أبوا أن يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الدَّم، فكان الإسرائيلي يأتي هو والقِبْطي يستقيان من ماء واحد، فيخرج ماءُ هذا القبطي دمًا، ويخرج للإسرائيلي ماءً. فلما اشتدَّ ذلك عليهم، سألوا موسى أن يكشفه ويؤمنوا به، فكشف ذلك، فأبوا أن يؤمنوا، وذلك حين يقول الله: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ) ، [الزخرف: 50] (4)
(1) (1) في المطبوعة: (( فكشف الله عنهم )) ، واثبت ما في المخطوطة والتاريخ.
(2) (2) (( لحس الجراد النبات )) إذا أكله ولم يبق منه شيء، ومنه قيل لسنوات القحط الشداد "اللواحس" لأنها تلحس كل شيء.
(3) (( زلق البناء أو المكان تزليقًا )) ، إذا ملسه حتي لايثبت عليه شيء.
(4) الأثر: 15016- هو جزء من خبر طويل رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 211، 212
15017 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فأرسلنا عليهم الطوفان) ، قال: أرسل الله عليهم الماءَ حتى قاموا فيه قيامًا. ثم كشف عنهم فلم يؤمنوا، (1) وأخصبت بلادهم خصبًا لم تخصب مثله، فأرسل الله عليه الجرادَ فأكله إلا قليلا فلم يؤمنوا أيضًا. فأرسل الله القمّل = وهي الدَّبى، وهي أولاد الجراد = فأكلت ما بقي من زروعهم، فلم يؤمنوا. فأرسل عليهم الضفادع، فدخلت عليهم بيوتهم، ووقعت في آنيتهم وفُرشهم، فلم يؤمنوا. ثم أرسل الله عليهم الدمَ، فكان أحدهم إذا أراد أن يشرب تحوَّل ذلك الماء دمًا، قال الله: (آيات مفصلات) .
15018 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فأرسلنا عليهم الطوفان) ، حتى بلغ: (مجرمين) ، قال: أرسل الله عليهم الماء حتى قاموا فيه قيامًا، فدعوا موسى، فدعا ربّه فكشفه عنهم، ثم عادوا لسوء ما يحضر بهم. ثم أنبتت أرضهم، ثم أرسل الله عليهم الجراد، فأكل عامة حُروثهم وثمارهم. ثم دعوا موسى فدعا ربه فكشف عنهم، ثم عادوا بشرِّ ما يحضر بهم. فأرسل الله عليهم القمل، هذا الدبى الذي رأيتم، فأكل ما أبقى الجراد من حُروثهم، فلحسه. فدعوا موسى، فدعا ربه فكشفه عنهم، ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم. ثم أرسل الله عليهم الضفادع حتى ملأت بيوتهم وأفنيتهم. فدعوا موسى، فدعا ربه فكشف عنهم. ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم، فأرسل الله عليهم الدم، فكانوا لا يغترفون من مائهم إلا دمًا أحمر، حتى لقد ذُكر أنَّ عدو الله فرعون، كان يجمع بين الرجلين على الإناء الواحد، القبطي والإسرائيلي، فيكون مما يلي الإسرائيلي ماءً، ومما يلي القبطي دمًا. فدعوا موسى، فدعا ربه، فكشفه عنهم في تسع آياتٍ:
(1) في المخطوطة: 0 (( ثم كشف عنهم فلم ينتفعوا )) وتركت ما في المطبوعة علي حاله، لقوله في الأخرى: (( فلم يؤمنوا أيضاً )) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|