عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16-07-2025, 10:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (688)
صــ 40 إلى صــ 50





معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) ، قال: يترك عبادتك.
14969 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: (وَإِلاهَتَكَ) ، يقول: وعبادتك.
14970 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) ، قال: عبادتك.
14971 - حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن حسين، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) ، وقال: إنما كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. (1)
* * *
وقد زعم بعضهم: أن من قرأ: "وَإِلاهَتَكَ" ، إنما يقصد إلى نحو معنى قراءة من قرأ: (وآلِهَتَكَ) ، غير أنه أنّث وهو يريد إلهًا واحدًا، كأنه يريد: ويذرك وإلاهك = ثم أنث "الإله" فقال: "وإلاهتك" .
* * *
وذكر بعض البصريين أن أعرابيًّا سئل عن "الإلاهة" فقال: "هي عَلَمة" يريد علمًا، فأنث "العلم" ، فكأنه شيء نصب للعبادة يعبد. وقد قالت بنت عتيبة بن الحارث اليربوعي: (2) تَرَوَّحْنَا مِنَ اللَّعْبَاء قَصْرًا وَأَعْجَلْنَا الإلاهَةَ أَنْ تَؤُوبَا (3)
(1)
الأثر: 14971 - (( محمد بن عمرو بن الحسن بن على بن أبي طالب )) ، انظر التعليق على رقم 14966.

(2)
في المخطوطة: (( وقد قال عتيبة بن شهاب اليربوعي )) ، وهو خطأ لا شك فيه، وفي المطبوعة: (( وقد قالت بنت عتيبة بن الحارث اليربوعي )) ، وهو صواب من تغيير ناشر المطبوعة الأولى، وقد أثبت حق النسب، جامعاً بين ما في المخطوطة والمطبوعة. ويقال هي (( أمنه بنت عتيبة )) ، ويقال اسمها (( ميه )) ، وهي (( أم البنين )) . ويقال: هو لنائحة عتيبة.

(3)
بلاغات النساء: 189، معجم ما استعجم: 1156، معجم البلدان (( اللعباء )) ، اللسان (لعب) (أله) ، وغيرها كثير. قالت ترثى أباها، وقتل يوم خو، قتلته بنو أسد، وبعد البيت: عَلَى مِثْلِ ابنِ مَيَّهَ، فَانْعِيَاهُ ... يَشُقُّ نَوَاعِمُ البَشَرِ الجُيُوبَا

وَكانَ أَبِى عُتَيْبَةُ شَمَّرِيًّا عَوَانُ ... وَلا تَلْقَاهُ يَدَّخِرُ النَّصِيبَا
ضَرُوبًا بِاليَدَيْنِ إذَا اشْمَعَلَّتْ ... الحَرْبِ، لا وَرِعًا هَيُوبَا
و (( اللعباء )) بين الربذة، وأرض بنى سليم، وهي لفزارة، ويقال غير ذلك. و (( قصرا )) ، أي عشيا.وفي المطبوعة: (( عصراً )) ، وهي إحدى روايات البيت، وأثبت ما في المخطوطة.
يعني بـ "الإلاهة" ، في هذا الموضع، الشمس. وكأنّ هذا المتأول هذا التأويل، وجّه "الإلاهة" ، إذا أدخلت فيها هاء التأنيث، وهو يريد واحد "الآلهة" ، إلى نحو إدخالهم "الهاء" في "وِلْدتي" و "كوكبتي" و "مَاءتي" ، (1) وهو "أهلة ذاك" ، وكما قال الراجز: (2) يَا مُضَرُ الْحَمْرَاءُ أَنْتِ أُسْرَتِي وأنت ملجاتي وأنت ظهرتي (3)
يريد: ظهري.
* * *
وقد بين ابن عباس ومجاهد ما أرادا من المعنى في قراءتهما ذلك على ما قرآ، فلا وجه لقول هذا القائل ما قال، مع بيانهما عن أنفسهما ما ذهبا إليه من معنى ذلك.
* * *
وقوله: (قال سنقتل أبناءهم) ، يقول: قال فرعون: سنقتل أبناءهم الذكور من أولاد بني إسرائيل = (ونستحيي نساءهم) ، يقول: ونستبقي إناثهم (4) = (وإنا
(1)
في المطبوعة: (( أماتى )) وهو خطأ، صوابه ما في المخطوطة.

(2)
لم أعرف قائله.

(3)
(3) قوله: (( ملجاتى )) بتسهيل الهمزة، وأصله (( ملجأتى )) ، وألحق التاء أيضاً في هذا بقولهم: (( ملجأ )) بالحرفان جميعاً شاهد على ما قاله أبو جعفر.

(4)
انظر تفسير (( الاستحياء )) فيما سلف 2: 41 - 48.

فوقهم قاهرون) ، يقول: وإنا عالون عليهم بالقهر، يعني بقهر الملك والسلطان. (1)
وقد بينا أن كل شيء عالٍ بالقهر وغلبة على شيء، فإن العرب تقول: هو فوقه. (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "قال موسى لقومه" ، من بني إسرائيل، لما قال فرعون للملأ من قومه: "سنقتل أبناء بني إسرائيل ونستحيي نساءهم" : = (استعينوا بالله) على فرعون وقومه فيما ينوبكم من أمركم= "واصبروا" على ما نالكم من المكاره في أنفسكم وأبنائكم من فرعون. وكان قد تبع موسى من بني إسرائيل على ما: -
14972 - حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما آمنت السحرة، اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل.
* * *
وقوله: (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده) ، يقول: إن الأرض لله، لعل الله أن يورثكم = إن صبرتم على ما نالكم من مكروه في أنفسكم وأولادكم من فرعون، واحتسبتم ذلك، واستقمتم على السداد = أرضَ فرعون وقومه، بأن يهلكهم
(1)
انظر تفسير (( القهر )) فيما سلف 11: 284، 408

(2)
انظر تفسير (( فوق )) فيما سلف 11: 284، وفهارس اللغة (( فوق ))

ويستخلفكم فيها، فإن الله يورث أرضه من يشاء من عباده = (والعاقبة للمتقين) ، يقول: والعاقبة المحمودة لمن اتقى الله وراقبه، فخافه باجتناب معاصيه وأدَّى فرائضه. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال قوم موسى لموسى، حين قال لهم "استعينوا بالله واصبروا" = (أوذينا) بقتل أبنائنا = (من قبل أن تأتينا) ، يقول: من قبل أن تأتينا برسالة الله إلينا، لأن فرعون كان يقتل أولادهم الذكور حين أظلَّه زمان موسى على ما قد بينت فيما مضى من كتابنا هذا. (2) وقوله: (ومن بعد ما جئتنا) ، يقول: ومن بعد ما جئتنا برسالة الله، لأن فرعون لما غلبت سَحرَته، وقال للملأ من قومه ما قال، أراد تجديدَ العذاب عليهم بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم.
* * *
وقيل: إن قوم موسى قالوا لموسى ذلك، حين خافوا أن يدركهم فرعون وهم منه هاربون، وقد تراءى الجمعان، فقالوا له: (يا موسى أوذينا من قبل أن تأتينا) ، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا = (ومن بعد ما جئتنا) ، اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا.
(1)
انظر تفسير (( العاقبة )) فيما سلف: ص 13، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر ما سلف 2: 41 - 48.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
* * *
14973 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (من قبل أن تأتينا) ، من قبل إرسال الله إياك وبعده.
14974 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
14974 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: فلما تراءى الجمعان فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد رَدِفهم، (1) قالوا: (إنا لمدركون) ، وقالوا: (أوذينا من قبل أن تأتينا) ، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا = (ومن بعد ما جئتنا) ، اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا = إنا لمدركون. (2)
14975 - حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: سار موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر، فالتفتوا فإذا هم برَهَج دوابِّ فرعون، فقالوا: "يا موسى أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا" ، هذا البحر أمامنا وهذا فرعون بمن معه! قال: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) .
* * *
وقوله: (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم) ، يقول جل ثناؤه: قال موسى
(1)
"ردفهم" : تبعهم.

(2)
الأثر: 14974 - هو جزء من خبر طويل فرقه أبو جعفر في مواضع من تفسيره، ورواه في تاريخه 1: 214.

لقومه: لعل ربكم أن يهلك عدوكم: فرعون وقومه (1) = (ويستخلفكم) ، يقول: يجعلكم تخلفونهم في أرضهم بعد هلاكهم، لا تخافونهم ولا أحدًا من الناس غيرهم (2) = (فينظر كيف تعملون) ، يقول: فيرى ربكم ما تعملون بعدهم، من مسارعتكم في طاعته، وتثاقلكم عنها.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد اختبرنا قوم فرعون وأتباعه على ما هم عليه من الضلالة = "بالسنين" ، يقول: بالجُدوب سنة بعد سنة، والقحوط.
* * *
يقال منه: "أسْنَتَ القوم" ، إذا أجدبوا.
* * *
(ونقص من الثمرات) ، يقول: واختبرناهم مع الجدوب بذهاب ثمارهم وغلاتهم إلا القليل = (لعلهم يذكرون) ، يقول: عظة لهم وتذكيرًا لهم، لينزجروا عن ضلالتهم، ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة. (3) وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14976 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن شريك،
(1)
انظر تفسير (( عسى )) فيما سلف 10: 405، تعليق 1، والمراجع هناك.ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 225. = وتفسير (( الإهلاك )) فيما سلف من فهارس اللغة (هلك)

(2)
(2) انظر تفسير (( الاستخلاف )) فيما سلف 12: 126.

(3)
انظر تفسير (( التذكرة )) فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر)

عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) ، قال: سني الجوع.
14977 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (بالسنين) ، الجائحة = (ونقص من الثمرات) ، دون ذلك.
14978 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
14979 - حدثني القاسم بن دينار قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن رجاء بن حيوة في قوله: (ونقص من الثمرات) ، قال: حيث لا تحمل النخلة إلا تمرة واحدة. (1)
14980 - حدثني ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رجاء بن حيوة، عن كعب قال: يأتي على الناس زمانٌ لا تحمل النخلة إلا ثمرة.
14981 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن رجاء بن حيوة: (ونقص من الثمرات) ، قال: يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلا ثمرة.
14982 - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتاده، قوله: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنيين) ، أخذهم الله بالسنين، بالجوع، عامًا فعامًا = (ونقص من الثمرات) ، فأما "السنين" فكان ذلك في باديتهم وأهل مواشيهم = وأما "بنقص من الثمرات" فكان ذلك في أمصارهم وقراهم.
* * *
(1)
الأثر 14979 - (( القاسم بن دينار )) نمنسوب إلى جده، وهو (( القاسم بن زكريا بن دينار القرشي )) ، أبو محمد الطحان، روى عن وكيع، وعبيد الله بن موسى، وعلى بن فادم، وأبي داود الحفري.روى عنه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم، وغيرهم. ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3/2/110.

القول في تأويل قوله: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ (131) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإذا جاءت آل فرعون العافية والخصب والرخاء وكثرة الثمار، ورأوا ما يحبون في دنياهم (1) = (قالوا لنا هذه) ، نحن أولى بها = (وإن تصبهم سيئة) ، يعني جدوب وقحوط وبلاء (2) = (يطيروا بموسى ومن معه) ، يقول: يتشاءموا ويقولوا: ذهبت حظوظنا وأنصباؤنا من الرخاء والخصب والعافية، مذ جاءنا موسى عليه السلام.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14983 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (فإذا جاءتهم الحسنة) ، العافية والرخاء = (قالوا لنا هذه) ، نحن أحق بها = (وإن تصبهم سيئة) ، بلاء وعقوبة = (يطيروا) ، يتشاءموا بموسى.
14984 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه.
14985 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) ، قالوا: ما أصابنا هذا إلا بك يا موسى وبمن معك، ما رأينا شرًّا ولا أصابنا حتى رأيناك! وقوله: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه) ، قال: الحسنة
(1)
انظر تفسير (( الحسنة )) فيما سلف من فهارس اللغة (حسن) .

(2)
انظر تفسير (( السيئة )) فيما سلف من فهارس اللغة (سوأ) .

ما يحبُّون. وإذا كان ما يكرهون قالوا: ما أصابنا هذا إلا بشؤم هؤلاء الذين ظلموا! قال قوم صالح: (اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) ، فقال الله إنما: (طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) ، [سورة النمل: 47] . (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ألا ما طائر آل فرعون وغيرهم = وذلك أنصباؤهم من الرخاء والخصب وغير ذلك من أنصباء الخير والشر = "إلا عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون" ، أن ذلك كذلك، فلجهلهم بذلك كانوا يطَّيّرون بموسى ومن معه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14986 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (ألا إنما طائرهم عند الله) ، يقول: مصائبهم عند الله. قال الله: (ولكن أكثرهم لا يعلمون) .
14987 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (ألا إنما طائرهم عند الله) ، قال: الأمر من قبل الله.
* * *
(1)
في المخطوطة والمطبوعة: (( إنما طائركم )) ، بزيادة (( إنما )) ، وهو خطأ، تلك آية أخرى.

القول في تأويل قوله: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال آل فرعون لموسى: يا موسى، مهما تأتنا به من علامة ودلالة = "لتسحرنا" ، يقول: لتلفتنا بها عما نحن عليه من دين فرعون = (فما نحن لك بمؤمنين) ، يقول: فما نحن لك في ذلك بمصدقين على أنك محق فيما تدعونا إليه.
* * *
وقد دللنا فيما مضى على معنى "السحر" بما أغنى عن إعادته. (1)
* * *
وكان ابن زيد يقول في معنى: (مهما تأتنا به من آية) ، ما: -
14988 - حدثني يونس قال، [أخبرنا ابن وهب] ، قال ابن زيد في قوله: (مهما تأتنا به من آية) ، قال: إن ما تأتنا به من آية = وهذه فيها زيادة "ما" . (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ}
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى "الطوفان" . فقال بعضهم: هو الماء.
* ذكر من قال ذلك:
(1)
انظر تفسير (( السحر )) فيما سلف ص: 27، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(2)
الأثر: 14988 - الزيادة بين القوسين، لا بد منها، وهو إسناد دائر في التفسير، أقربه رقم 14985، وإنما هذا سهو من الناسخ.

14989 - حدثني ابن وكيع قال، حدثنا حبوية أبو يزيد، عن يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما جاء موسى بالآيات، كان أول الآيات الطوفان، فأرسل الله عليهم السماء. (1)
14990 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن يمان قال، حدثنا سفيان، عن إسماعيل، عن أبي مالك قال: "الطوفان" ، الماء.
14991 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك قال: "الطوفان" ، الماء.
14992 -. . . قال، حدثنا جابر بن نوح، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: "الطوفان" ، الغرق.
14993 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الطوفان" ، الماء، "والطاعون" ، على كل حال. (2)
14994 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الطوفان" ، الموت على كل حال.
14995 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: "الطوفان" ، الماء.
* * *
وقال آخرون: بل هو الموت.
* ذكر من قال ذلك:
14996 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى بن يمان قال،
(1)
الأثر: 14989 - (( حبوية )) ، (( أبو يزيد )) هو (( إسحق بن إسماعيل الرازي )) ، مضى برقم: 14365، 14550، 14956، وكان في المطبوعة: (( حبويه الرازي )) ، وهو صواب، إلا أنه لم يحسن قراءة المخطوطة، فغيرها، وكان فيها: (( حبوية أبو مزيد )) ، الصواب ما أثبت.

(2)
لعل صواب العبارة (( والطاعون، الموت على كل حال )) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]