عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 16-07-2025, 10:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (687)
صــ 29 إلى صــ 39





القول في تأويل قوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) }
يقول تعالى ذكره: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك، فألقاها فاذا هي تلقم وتبتلع ما يسحرون كذبًا وباطلا.
* * *
يقال منه: لقفت الشيء فأنا ألقُفُه لَقْفًا ولَقَفَانًا. (1) .
* * *
=وذلك كالذي:-
14942 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك" ، فألقى موسى عصاه، فتحولت حية، فأكلت سحرهم كله.
14943 - حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: فألقى عصاه فإذا هي حية تلقف ما يأفكون= لا تمر بشيء من حبالهم وخُشُبهم التي ألقوها إلا التقمته، فعرفت السحرة أن هذا أمرٌ من السماء، وليس هذا بسحر، فخرُّوا سجَّدًا وقالوا: آمنا بربّ العالمين* رب موسى وهارون. (2) .
(1)
انظر معاني القرآن للفراء: 390.

(2)
هذا تضمين آية "سورة طه" : 70.

14944 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أوحى الله إلى موسى: لا تخف، وألق ما في يمينك تلقف ما يأفكون. فألقى عصاه، فأكلت كل حية لهم. فلما رأوا ذلك سجدوا، وقالوا: آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون.
14945 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: أوحى الله إليه: أن ألق ما في يمينك! فألقى عصاه من يده، فاستعرضَت ما ألقوا من حبالهم وعصيهم، وهي حيات في عين فرعون وأعين الناس تسعى، فجعلت تلقفها، تبتلعها، حية حية، حتى ما يرى بالوادي قليل ولا كثير مما ألقوه. ثم أخذها موسى، فإذا هى عصاه في يده كما كانت، ووقع السحرة سجدًا قالوا: "آمنا برب العالمين رب موسى وهارون. لو كان هذا سحرا ما غلبنا" ! (1) .
14946 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي قال، حدثنا القاسم بن أبي بزة قال: أوحى الله إليه: أن ألق عصاك! فألقى عصاه، فاذا هي ثعبان فاغرٌ فاه، فابتلع حبالهم وعصيهم. فألقي السحرة عند ذلك سجّدًا، فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنارَ وثوابَ هلهما. (2) .
14947 - (3) حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: "يأفكون" قال: يكذبون.
14948 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: "فإذا هي تلقف ما يأفكون" ، قال: يكذبون.
14949 - حدثنا إبراهيم بن المستمر قال، حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا قرة بن خالد السدوسي، عن الحسن: "تلفق ما يأفكون" ، قال: حيالهم وعصيهم، تسترطها استراطا. (4) .
(1)
الأثر: 14945 - جزء من خبر أبي جعفر في تاريخه 1: 210، 211، وهو تابع للأثر السالف رقم 14940.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: (( وثواب أهلها )) ، والسياق يقتضي ما أثبت.

(3)
أخشى أن يكون سقط قبل هذه الآثار تفسير (( الإفك )) بمعنى الكذب، ولذلك فصلتها عن الآثار التي قبلها.

(4)
الأثر: 14949 - (( إبراهيم بن المستمر الهذلى الناجى العروقى )) ، ثقة.روى عن أبيه (( المستمر )) ، وعن حيان بن هلال، وأبي داود الطيالسي، وأبي عاصم النبيل، وغيرهم. روى عنه الأربعة، وابن خزيمة، وأبو حاتم مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 1/1/140. و (( عثمان بن عمر بن فارس بن لقيط العبدى )) مضى برقم 5458، 8332. و (( سرط الطعام )) ، و (( استرطه )) ، إذا ازدرده، وابتلعه ابتلاعاً سهلا سريعا ً لا غصة فيه.

القول في تأويل قوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فظهر الحق وتبين لمن شهده وحضره في أمر موسى، وأنه لله رسول يدعو إلى الحق= "وبطل ما كانوا يعملون" ، من إفك السحر وكذبه ومخايله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14950 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "فوقع الحق" ، قال: ظهر.
14951 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن مجاهد في قوله: "فوقع الحق وبطل ما كانوا يعلمون" ، قال: ظهر الحق، وذهب الإفك الذي كانوا يعملون.
14952 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: "فوقع الحق" ، قال: ظهر الحق.
14953 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "فوقع الحق" ، ظهر موسى.
القول في تأويل قوله: {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فغلب موسى فرعون وجموعه= "هنالك" ، عند ذلك= "وانقلبوا صاغرين" ، يقول: وانصرفوا عن موطنهم ذلك بصغر مقهورين. (1) . يقال منه: "صغِرَ الرجل يصْغَر صَغَرًا وصُغْرًا وصَغارًا. (2) "
القول في تأويل قوله: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) }
* * *
(1)
انظر تفسير (( انقلب )) فيما سلف 3: 163 / 7: 414 / 10: 170.

(2)
انظر تفسير (( صغر )) فيما سلف 112: 96، 330.

القول في تأويل قوله: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وألقي السحرة عندما عاينوا من عظيم قدرة الله، ساقطين على وجوههم سجَّدًا لربهم، (1) يقولون: "آمنا برب العالمين" ، يقولون: صدقنا بما جاءنا به موسى، وأنّ الذي علينا عبادته، هو الذي يملك الجنّ والإنس وجميع الأشياء، وغير ذلك، (2) ويدبر ذلك كله= "رب موسى وهارون" ، لا فرعون، كالذي:-
14954 - حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما رأت السحرة ما رأت، عرفت أن ذلك أمر من السماء وليس بسحر، فخروا سجدًا، (3) وقالوا: "آمنا برب العالمين* رب موسى وهارون" .
* * *
(1)
انظر تفسير (( سجد )) فيما سلف من فهارس اللغة (سجد) .

(2)
انظر تفسير (( العالمين )) فيما سلف من فهارس اللغة (علم) .

(3)
في المطبوعة: (( خروا )) بغير فاء، وأثبت ما في المخطوطة.

القول في تأويل قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال فرعون للسحرة إذ آمنوا بالله= يعني صدّقوا رسوله موسى عليه السلام، لما عاينوا من عظيم قدرة الله وسلطانه: "آمنتم به" ، يقول: أصدقتم بموسى وأقررتم بنبوّته= "قبل أن آذن لكم" ، بالإيمان به= "إن هذا" ، يقول: تصديقكم إياه، وإقراركم بنبوّته= "لمكر مكرتموه في المدينة" ، يقول لخدعة خدعتم بها من في مدينتنا، (1) لتخرجوهم منها= "فسوف تعلمون" ، ما أفعل بكم، وما تلقون من عقابي إياكم على صنيعكم هذا.
* * *
وكان مكرهم ذلك فيما:-
14955 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي، في حديث ذكره، عن أبي مالك= وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: التقى موسى وأميرُ السحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي، وتشهد أنّ ما جئت به حق؟ قال الساحر: لآتين غدًا بسحر لا يغلبه سحر، فوالله لئن غلبتني لأومنن بك، ولأشهدن أنك حق! وفرعون ينظر إليهم، فهو قول فرعون: "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة" ، إذ التقيتما لتتظاهرا فتخرجا منها أهلها. (2) .
* * *
(1)
انظر (( المكر )) فيما سلف 12: 95، 97: 597.

(2)
الأثر: 14955 - هذا جزء من خبر طويل، رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 213.

القول في تأويل قوله: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن قيل فرعون للسحرة إذ آمنوا بالله وصدقوا رسوله موسى: "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف" ، وذلك أن يقطع من أحدهم يده اليمنى ورجله اليسرى، أو يقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، فيخالف بين العضوين في القَطْع، فمخالفته في ذلك بينهما هو "القطع من خلاف" . (1) .
* * *
ويقال: إن أوّل من سن هذا القطع فرعون= "ثم لأصلبنكم أجمعين" ، وإنما قال هذا فرعون، لما رأى من خذلان الله إياه، وغلبة موسى عليه السلام وقهره له.
14956 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري وحبوية الرازي، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين" ، قال: أوّل من صلّب، وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف، فرعون. (2) .
* * *
(1)
انظر تفسير (( القطع من خلاف )) فيما سلف 10: 268.

(2)
الأثر 14956 - (( حبوية الرازي )) ، هو (( إسحق بن إسماعيل الرازي )) ، (( أبو يزيد )) ، مضى برقم: 14365، 14550.

القول في تأويل قوله: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال السحرة مجيبة لفرعون، إذ توعَّدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف، والصلب: "إنا إلى ربّنا منقلبون" يعني بالانقلاب إلى الله، الرجوع إليه والمصير (1) = وقوله: "وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا" ، يقول: ما تنكر منا، يا فرعون، وما تجد علينا، إلا من أجل أن آمنا، أي = صدقنا (2) "بآيات ربنا" ، يقول: بحجج ربّنا وأعلامه وأدلته التي لا يقدر على مثلها أنت ولا أحد، سوى الله، الذي له ملك السموات والأرض. (3) . ثم فزعوا إلى الله بمسألته الصبرَ على عذاب فرعون، وقبض أرواحهم على الإسلام فقالوا: (ربنا أفرغ علينا صبرًا) ، يعنون بقولهم: "أفرغ" ، أنزل علينا حَبْسًا يحبسنا عن الكفر بك، (4) عند تعذيب فرعون إيانا= (وتوفنا مسلمين) ، يقول: واقبضنا إليك على الإسلام دين خليلك إبراهيم صلى الله عليه وسلم، لا على الشرك بك (5) .
14957 - فحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) ، فقتلهم
(1)
انظر تفسير (( الانقلاب )) فيما سلف ص: 32، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( نقم )) فيما سلف 10: 433.

(3)
انظر تفسير (( الآية فيما سلف من فهارس اللغة (أيى) .

(4)
انظر تفسير (( أفرغ علينا صبرًا )) فيما سلف 5: 354. وتفسير = (( الصبر )) فيما سلف 12: 561، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(5)
انظر تفسير (( توفاه )) فيما سلف 12: 415، تعليق 1، والمراجع هناك.

وصلبهم، كما قال عبد الله بن عباس، حين قالوا: (ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين) . قال: كانوا في أول النهار سحرة، وفى آخر النهار شهداء.
14958 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد بن عمير قال: كانت السحرة أول النهار سحرة، وآخر النهار شهداء.
14959 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وألقي السحرة ساجدين) ، قال: ذكر لنا أنهم كانوا في أوّل النهار سحرة، وآخره شهداء.
14960 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين) ، قال: كانوا أوّل النهار سحرة، وآخره شهداء.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقالت جماعة رجال من قوم فرعون لفرعون (1) أتدع موسى وقومه من بني إسرائيل (2) = "ليفسدوا في الأرض" ، يقول: كي يفسدوا خدمك وعبيدك عليك في أرضك من مصر (3) = (ويذرك وآلهتك) ،
(1)
انظر تفسير (( الملأ )) فيما سلف ص 18، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( يذر )) فيما سلف 12: 136، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(3)
انظر تفسير (( الفساد في الأرض )) فيما سلف ص: 13، تعلق: 1، والمراجع هناك.

يقول: "ويذرك" ، ويدع خِدْمتك موسى وعبادتك وعبادة آلهتك.
* * *
وفي قوله: (ويذرك وآلهتك) ، وجهان من التأويل.
أحدهما: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، وقد تركك وترك عبادتك وعبادة آلهتك= وإذا وجه الكلام إلى هذا الوجه من التأويل، كان النصبُ في قوله: (ويذرك) ، على الصرف، (1) لا على العطف به على قوله: "ليفسدوا" .
والثاني: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، وليذرك وآلهتك = كالتوبيخ منهم لفرعون على ترك موسى ليفعل هذين الفعلين. وإذا وجِّه الكلام إلى هذا الوجه، كان نصب: (ويذرك) على العطف على (ليفسدوا) . قال أبو جعفر: والوجه الأول أولى الوجهين بالصواب، وهو أن يكون نصب (ويذرك) على الصرف، لأن التأويل من أهل التأويل به جاء.
* * *
وبعدُ، فإن في قراءة أبيّ بن كعب الذي:-
14961 - حدثنا أحمد بن يوسف قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج عن هارون قال، في حرف أبي بن كعب: (وقَدْ تَرَكُوكَ أَنْ يَعْبُدُوكَ وآلِهَتَكَ) . (2)
* * *
دلالةً واضحةً على أن نصب ذلك على الصرف.
* * *
وقد روي عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) ، عطفًا بقوله: (ويذرك) على قوله: (أتذر موسى) .
(1)
(( الصرف )) ، مضى تفسيره في 7: 247، تعليق: 2، والمراجع هناك. وانظر معاني القرآن للفراء 1: 391.

(2)
انظر أيضاً معاني القرآن للفراء 1: 391.

= كأنه وجَّه تأويله إلى: أتذر موسى وقومه، ويذرك وآلهتك، ليفسدوا في الأرض. وقد تحتمل قراءة الحسن هذه أن يكون معناها: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، وهو يذرك وآلهتك؟ = فيكون "يذرك" مرفوعًا بابتداء الكلام والسلامة من الحوادث. (1)
* * *
وأما قوله: (وآلهتك) ، فإن قرأة الأمصار على فتح "الألف" منها ومدِّها، بمعنى: وقد ترك موسى عبادتك وعبادة آلهتك التي تعبدها.
* * *
وقد ذكر عن ابن عباس أنه قال: كان له بقرة يعبدها.
* * *
وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما كانا يقرآنها: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) بكسر الألف بمعنى: ويذرك وعبودتك. (2)
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا نرى القراءة بغيرها، هي القراءة التي عليها قرأة الأمصار، لإجماع الحجة من القرأة عليها.
* * *
* ذكر من قال: كان فرعون يعبد آلهة = على قراءة من قرأ: (ويذرك وآلهتك) .
14962 - حدثني موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ويذرك وآلهتك) ، وآلهته فيما زعم ابن عباس، كانت البقر،
(1)
في المطبوعة، حذف قوله: (( والسلامة من الحوادث )) ، كأنه لم يفهمها، وإنما أراد سلامته من العوامل التي ترفعه أو تنصبه أو تجره. وفي المخطوطة: (( إلى ابتداء الكلام )) ، وفي المطبوعة: (( على إبتدا الكلام )) ، والأجود ما أثبت.

(2)
انظر ما سلف 1: 123، 124، وفي تفسير (( الإلاهة )) ، وخبرا ابن عباس ومجاهد بإسنادهما، وسيأتي برقم: 14966 - 14971.

كانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج لهم عِجْلا وبقرة.
14963 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن عمرو، عن الحسن قال: كان لفرعون جمانة معلقة في نحره، يعبدها ويسجد لها.
14964 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا أبان بن خالد قال، سمعت الحسن يقول: بلغني أن فرعون كان يعبدُ إلهًا في السر، وقرأ: "ويذرك والهتك" .
14965 - حدثنا محمد بن سنان، قال: حدثنا أبو عاصم، عن أبي بكر، عن الحسن قال: كان لفرعون إله يعبده في السر.
* * *
* ذكر من قال: معنى ذلك: ويذرك وعبادتك، على قراءة من قرأ: (وَإَلاهَتَكَ) .
14966 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن ابن عباس: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) قال: إنما كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. (1)
14967 -. . . قال، حدثنا أبي، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قرأ، (ويَذَرَكَ وإِلاهَتَكَ) قال: وعبادتك، ويقول: إنه كان يُعْبَد ولا يَعْبُد. (2)
14968 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
(1)
الأثر: 14966 - (( محمد بن عمرو بن الحسن بن على بن أبي طالب )) تابعي ثقة، مضى برقم: 2892، 2892 م. وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا: (( محمد بن عمرو، عن الحسن )) ، وهو خطأ. وقد مضى الخبر على الصواب بهذا الإسناد فيما سلف رقم: 143، وسيأتيعلى الصواب برقم 19471.

(2)
الأثر: 14967 - (( نافع بن عمر )) ، مضى مرارًا، وكان في المخطوطة والمطبوعة (( عن نافع، عن ابن عم )) ، وهو خطأ، والصواب كما مضى برقم: 142





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]