خواطر الكلمة الطيبة – مسؤولية الدعاء وفضل القرآن
- القرآن الكريم جاء تبيانًا لكل شيء، يهدي إلى الحق والرشد وإلى طريق مستقيم، يخرج الناس من الظلمات إلى النور
عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لما رأيتُ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - طِيبَ النَّفْسِ، قلتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي قال - صلى الله عليه وسلم -: «اللهمَّ اغفرْ لعائشةَ ما تقدَّم من ذنبِها وما تأخَّرَ وما أسرَّتْ وما أعلنَتْ فضحكتْ عائشةُ حتى سقط رأسُها في حِجرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الضَّحِكِ فقال أَيَسُرُّكِ دُعائي فقالتْ ومالي لا يَسُرُّني دُعاؤُكَ فقال واللهِ إنها لَدَعْوتي لأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ».
هذا الحديث يبين لنا أهمية الدعاء واهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمته ويظهر ذلك جليا في حرصه الشديد على الدعاء لهم، بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبكي خوفًا على أمته وحرصًا على نجاتهم، وكان يدعو لهم في صلاته وفي كل وقت، كما ادخر دعوته المستجابة ليوم القيامة ليشفع بها لأمته. الدعاء للجمعية
إنَّ إحساسي وشعوري بمسؤولية الدعاء للآخرين وأنا في عرفة، جعلني أدعو لجمعية إحياء التراث المباركة، ولكل القائمين عليها والعاملين فيها جميعًا ولإخواني الدعاة والعلماء وللمسلمين والمسلمات، هذا في الحقيقة مما هو واجب على أن أذكره لكم اقتداءً بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنا أذكره لإخواني وأصحابي وأحبابي أننا ما نسيناكم من الدعاء في ذلك المكان العظيم الذي يرجوه كل واحد منا؛ بل كل المسلمين يرجون أن لو يكونوا كلهم في عرفة في ذلك اليوم فيدعون الله -عزوجل-. إنَّ الله -عزوجل- برحمته وعلمه قدر أنه لا يأتي إلى هذا المكان إلا فئة قليلة من الناس، فيتنزل الله -عزوجل- في عشية عرفة، فيقول ويشهد الملائكة أني قد غفرت لكم ولمن شفعتم له، أنتم يا من حضرتم المشهد ومن تدعون لهم من الناس، فهذا والله من رحمة الله -عزوجل- فمن يعلم بهذا الحديث لا يقصر أبدا في الدعاء للآخرين سواء من الأقارب أو من الأحباب أو من المسلمين أو المسلمات، الأحياء منهم والأموات؛ فإن الله -عزوجل- يكتب لهذا الداعي عن كل مسلم ومسلمة حسنة، تكون في ميزان حسناته، أسأل الله -عزوجل- أن يثقل موازيننا وموازينكم. فضل القرآن والانشغال به
هذه مقدمة بسيطة أردت أن أقدم بها قبل حديثي الأساسي، وهو قول سفيان الثوري - رحمه الله-؛ حيث قال في آخر حياته كلمة فيها الكثير من العبر قال: «يا ليتني اقتصرت على القرآن ولم يشغلني شيء عن معانيه»، تعرفون من سفيان الثوري -رحمه الله-؟ هذا رجل من كبار محدثي هذه الأمة، رجل تنقل في البلدان، حفظ وروى والتقى مع علماء ومشايخ أخذ منهم علم الحديث، وأصبح راويا من رواة الإسلام؛ بل حتى أهل القرآن رأوا أنهم يجب أن يذهبوا إليه حتى يأخذوا من علمه! نحن نعرف أن هناك رواية بالسند عن عاصم بن أبي النجود عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - عاصم هو شيخ سفيان الثوري -رحمهما الله-، ومن المواقف الجميلة التي حدثت بينهما أنه جاء يومًا ودخل على مجلس سفيان ففرح به ورحب به فقال عاصم: «يا سفيان جئتنا صغيرا فعلمناك، واليوم جئتك كبيرا لتعلمني»، الكلمة نفسها رويت عن ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قال: «ندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن». موقف مؤثر
ومن المواقف التي أتذكرها هنا في آخر زيارة للشيخ أبي إسحق الحويني -رحمه الله- للكويت عندما كان يسجل برنامجه الأخير بقناة المعالي، استضفته عندي في البيت مع إخوة كثر من طلبة العلم، فماذا قال؟ أخبرنا أنه يدرس الآن رواية حمزة في القرآن، يريد أن يأخذ سندًا من الشيخ المعصراوي، فتذكرت موقف عاصم مع سفيان -رحمهم الله- وكان يقول ما أريد أن أنشغل الآن عن القرآن أريد أن أركز على القرآن. استعن بالله ولا تعجز
فيا أخي الكريم، أنت الآن ما زلت في سعة من أمرك؛ فاجمع همك وعزمك ولا تقل كَبْر بي العُمر؛ فنحن نتذكر أن من خريجي الأترجة في الفيحاء كان منهم في ذلك اليوم رجل عمره 74 و72 و68 رجال أعمارهم من فوق الـ65 عاما إلى 75 عاما؛ فلا تقل أنا كبرت ولكن انظر إلى هؤلاء الشيبان الذين عندهم الهمة يريدون أن يعوضوا ما مضى بهم من أيام وسنين، فاستعن بالله ولا تعجز.
اعداد: د. خالد سلطان السلطان