عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16-07-2025, 05:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (670)
صــ 431 إلى صــ 440


14635- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) ، وهو الجمل العظيم، لا يدخل في خُرْت الإبرة، (1) من أجل أنه أعظم منها.
* * *
والرواية الأخرى ما:-
14636- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" ، قال: هو قَلْس السفينة. (2)
14637- حدثني عبد الأعلى بن واصل قال، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن حنظلة السدوسي، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" ، يعني الحبل الغليظ = فذكرت ذلك للحسن فقال: (حتى يلجَ الجمَل) ، قال عبد الأعلى: قال أبو غسان، قال خالد: يعني: البعير.
14638- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن فضيل، عن مغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قرأ: "الجُمَّلُ" ، مثقَّلة، وقال: هو حبل السفينة.
14639- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن مهدي، عن هشيم، عن مغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "الجمَّل" ، حبال السفن.
14640- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن ابن مبارك، عن حنظلة، عن عكرمة، عن ابن عباس: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" ، قال: الحبل الغليظ.
(1)
انظر ص: 429، التعليق: 2.

(2)
(( القلس )) (بفتح فسكون) : هو حبل ضخم غليظ من ليف أو خوص، وهو من حبال السفن.

14641- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" قال: هو الحبل الذي يكون على السفينة.
* * *
واختُلِف عن سعيد بن جبير أيضًا في ذلك، فروي عنه روايتان إحداهما مثل الذي ذكرنا عن ابن عباس: بضم "الجيم" وتثقيل "الميم" .
* ذكر الرواية بذلك عنه:
14642- حدثنا عمران بن موسى القزاز قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا حسين المعلم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير: أنه قرأها: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ" ، يعني قُلُوس السفن، يعني: الحبال الغلاظ. (1)
* * *
والأخرى منهما بضم "الجيم" وتخفيف "الميم" .
* ذكر الرواية بذلك عنه:
14643- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عمرو، عن سالم بن عجلان الأفطس قال، قرأت على أبي: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلَ" فقال: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَلُ" خفيفة، هو حبل السفينة = هكذا أقرأنيها سعيد بن جبير.
* * *
وأما عكرمة، فإنه كان يقرأ ذلك: "الْجُمَّلُ" ، بضم "الجيم" وتشديد "الميم" ، وبتأوّله كما:-
14644- حدثني ابن وكيع قال، حدثنا أبو تميلة، عن عيسى بن عبيد قال: سمعت عكرمة يقرأ: "الْجُمَّلُ" مثقلة، ويقول: هو الحبل الذي يصعد به إلى النخل.
(1)
(( القلوس )) جمع (( قلس )) ، انظر التعليق السالف.

14645- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا كعب بن فروخ قال، حدثنا قتادة، عن عكرمة، في قوله: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" ، قال: الحبل الغليظ في خرق الإبرة. (1)
14646- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" ، قال: حبل السفينة في سمّ الخياط.
14647- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عبد الله بن كثير: سمعت مجاهدًا يقول: الحبل من حبال السفن.
* * *
وكأنَّ من قرأ ذلك بتخفيف "الميم" وضم "الجيم" ، على ما ذكرنا عن سعيد بن جبير، على مثال "الصُّرَد" و "الجُعَل" ، وجهه إلى جماع "جملة" من الحبال جمعت "جُمَلا" ، كما تجمع "الظلمة" ، "ظُلَمًا" ، و "الخُرْبة" "خُرَبًا" .
* * *
وكان بعض أهل العربية ينكر التشديد في "الميم" ويقول: إنما أراد الراوي "الجُمَل" بالتخفيف، فلم يفهم ذلك منه فشدّده.
* * *
14648- وحدثت عن الفراء، عن الكسائي أنه قال: الذي رواه عن ابن عباس كان أعجميًّا.
* * *
وأما من شدد "الميم" وضم "الجيم" فإنه وجهه إلى أنه اسم واحد، وهو الحبل، أو الخيط الغليظ.
* * *
(1)
الأثر: 14645 - (( كعب بن فروخ، أبو عبد الله البصري )) ، ثقة. مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 2 / 162. وسيأتي في رقم: 14650.

قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، ما عليه قرأة الأمصار، وهو: (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، بفتح "الجيم" و "الميم" من "الجمل" وتخفيفها، وفتح "السين" من "السم" ، لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار، وغير جائز مخالفة ما جاءت به الحجة متفقة عليه من القراءة.
وكذلك ذلك في فتح "السين" من قوله: (سَمِّ الخياط) .
* * *
وإذ كان الصواب من القراءة ذلك، فتأويل الكلام: ولا يدخلون الجنة حتى يلج = و "الولوج" الدخول، من قولهم: "ولج فلان الدار يلِجُ ولوجًا" ، (1) بمعنى: دخل = الجملُ في سم الإبرة، وهو ثقبها
= (وكذلك نجزي المجرمين) ، يقول: وكذلك نثيب الذين أجرَموا في الدنيا ما استحقوا به من الله العذاب الأليم في الآخرة. (2)
* * *
وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله: (سم الخياط) ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14649- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة وابن مهدي وسويد الكلبي، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق قال: سألت الحسن عن قوله: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) ، قال: ثقب الإبرة. (3)
14650- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا
(1)
انظر تفسير (( الولوج )) فيما سلف 6: 302، وفيه زيادة في مصادره.

(2)
انظر تفسير (( الجزاء )) ، و (( الإجرام )) فيما سلف من فهارس اللغة (جزى) (جرم) .

(3)
الأثر: 14649 - (( سويد الكلبي )) ، هو: (( كان يقلب السانيد، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية )) !! ووثقه النسائي وابن معين والعجلي. مترجم في التهذيب، والكبير 2 /2 / 149، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 239.

و (( يحيى بن عتيق الطفاوي البصري )) ، ثقة، وكان ورعًا متفنًا.
مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 295، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 176.
كعب بن فروخ قال، حدثنا قتادة، عن عكرمة: (في سم الخياط) ، قال: ثقب الإبرة. (1)
14651- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن، مثله.
14652- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (في سم الخياط) ، قال: جُحْر الإبرة.
14653- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (في سم الخياط) ، يقول: جُحْر الإبرة.
14654- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (في سم الخياط) ، قال: في ثقبه.
* * *
القول في تأويل قوله: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) }
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: لهؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها = (من جهنم مهاد) .
* * *
= وهو ما امتهدوه مما يقعد عليه ويضطجع، كالفراش الذي يفرش، والبساط الذي يبسط. (2)
* * *
= (ومن فوقهم غواش) .
* * *
(1)
الأثر: 14650 - (( كعب بن فروخ )) ، مضى برقم: 14645.

(2)
انظر تفسير (( المهاد )) فيما سلف 4: 246 /6: 229 /7: 494.

وهو جمع "غاشية" ، وذلك ما غَشَّاهم فغطاهم من فوقهم.
* * *
وإنما معنى الكلام: لهم من جهنم مهاد من تحتهم فُرُش، ومن فوقهم منها لُحُف، وإنهم بين ذلك.
* * *
وبنحو ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14655- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب: (لهم من جهنم مهاد) ، قال: الفراش = (ومن فوقهم غواش) ، قال: اللُّحُف
14656- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح، عن أبي روق، عن الضحاك: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) ، قال: "المهاد" ، الفُرُش، و "الغواشي" ، اللحف.
14657- حدثني محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) ، أما "المهاد" كهيئة الفراش = و "الغواشي" ، تتغشاهم من فوقهم.
* * *
وأما قوله (وكذلك نجزي الظالمين) ، فإنه يقول: وكذلك نثيب ونكافئ من ظلم نفسه، فأكسبها من غضب الله ما لا قبل لها به بكفره بربه، وتكذيبه أنبياءه. (1)
* * *
(1)
انظر تفسير (( الجزاء )) و (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة (جزى) و (ظلم) .

القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) }
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: والذين صدّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به من وحي الله وتنزيله وشرائع دينه، وعملوا ما أمرهم الله به فأطاعوه، وتجنبوا ما نهاهم عنه (1) = (لا نكلف نفسًا إلا وسعها) ، يقول: لا نكلف نفسًا من الأعمال إلا ما يسعها فلا تحرج فيه (2) = (أولئك) ، يقول: هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات = (أصحاب الجنة) ، يقول: هم أهل الجنة الذين هم أهلها، دون غيرهم ممن كفر بالله، وعمل بسيئاتهم (3) = (هم فيها خالدون) ، يقول (4) هم في الجنة ماكثون، دائمٌ فيها مكثهم، (5) لا يخرجون منها، ولا يُسلبون نعيمها. (6)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأذهبنا من صدور هؤلاء الذين وَصَف صفتهم، وأخبر أنهم أصحاب الجنة، ما فيها من حقد وغِمْرٍ وعَداوة كان من
(1)
انظر تفسير (( الصالحات )) فيما سلف من فهارس اللغة (صلح) .

(2)
انظر تفسير (( التكليف )) و (( الوسع )) فيما سلف ص: 225، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(3)
انظر تفسير (( أصحاب الجنة )) فيما سلف من فهارس اللغة (صحب) .

(4)
في المطبوعة والمخطوطة: (( فيها خالدون )) ، بغير (( هم )) ، وأثبت نص التلاوة.

(5)
انظر تفسير (( الخلود )) فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .

(6)
في المطبوعة والمخطوطة: (( ولا يسلبون نعيمهم )) ، والسياق يقتضي ما أثبت.

بعضهم في الدنيا على بعض، (1) فجعلهم في الجنة إذا أدخلهموها على سُرُر متقابلين، لا يحسد بعضهم بعضًا على شيء خصَّ الله به بعضهم وفضّله من كرامته عليه، تجري من تحتهم أنهار الجنة.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14658- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك: (ونزعنا ما في صدورهم من غل) ، قال: العداوة.
14659- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن بشير، عن قتادة: (ونزعنا ما في صدورهم من غل) ، قال: هي الإحَن.
14660 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن إسرائيل أبي موسى، عن الحسن، عن علي قال: فينا والله أهلَ بدر نزلت: (وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [سورة الحجر: 47] .
14661- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن إسرائيل قال: سمعته يقول: قال علي عليه السلام: فينا والله أهلَ بدر نزلت: (وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)
14662- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: قال علي رضي الله عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير، من الذين قال الله تعالى فيهم: (وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) ، رضوان الله عليهم.
14663- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال،
(1)
(( الغمر )) (بكسر فسكون) و (( الغمر )) (بفتحتين) : الحقد الذي يغمر القلب.

حدثنا أسباط، عن السدي: (ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار) ، قال: إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة فبلغوا، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان، فشربوا من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غِلّ، فهو "الشراب الطهور" ، واغتسلوا من الأخرى، فجرت عليهم "نَضْرة النعيم" ، فلم يشعَثُوا ولم يتَّسخوابعدها أبدًا.
14664- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي نضرة قال، يحبس أهل الجنة دون الجنة حتى يقضى لبعضهم من بعض، حتى يدخلوا الجنة حين يدخلونها ولا يطلب أحدٌ منهم أحدًا بقلامة ظُفُرٍ ظلمها إياه. ويحبس أهل النار دون النار حتى يقضى لبعضهم من بعض، فيدخلون النار حين يدخلونها ولا يطلب أحدٌ منهم أحدًا بقُلامة ظفر ظلمها إياه. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الذين وصف جل ثناؤه، وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، حين أدخلوا الجنة، ورأوا ما أكرمهم الله به من كرامته، وما صرف عنهم من العذاب المهين الذي ابتلي به أهل النار بكفرهم بربهم، وتكذيبهم رُسله: (الحمد لله الذي هدانا لهذا) ، يقول: الحمد لله الذي وفقنا للعمل الذي أكسبنا هذا الذي نحن فيه من كرامة الله وفضله، وصرف عذابه
(1)
الأثر: 14664 - (( الجريري )) ، (( سعيد بن إياس الجريري )) ، مضى برقم: 196. و (( أبو نضرة )) ، هو (( المنذر بن مالك بن قطعة العبدي )) ، روى عن علي. مضى برقم: 6337.

عنا = (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) ، يقول: وما كنا لنرشد لذلك، لولا أن أرشدنا الله له ووفقنا بمنّه وطَوْله، كما:-
14665- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا أبو بكر بن عياش قال، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن [أبي سعيد] قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل أهل النار يرى منزله من الجنة، فيقولون: "لو هدانا الله" ، فتكون عليهم حسرة. وكل أهل الجنة يرى منزله من النار، فيقولون: "لولا أن هدانا الله" ! فهذا شكرهم. (1)
14666- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت أبا إسحاق يحدِّث عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال، ذكر عمر = لشيء لا أحفظه =، ثم ذكر الجنة فقال: يدخلون، فإذا شجرة يخرج من تحت ساقها عينان. قال: فيغتسلون من إحداهما، فتجري عليهم نضرة النعيم، فلا تشعَث أشعارهم ولا تغبرُّ أبشارهم. ويشربون من الأخرى، فيخرج كل قذًى وقذر وبأس في بطونهم. (2) قال، ثم يفتح لهم باب الجنة، فيقال لهم:
(1)
الأثر: 14665 - جاء هكذا في المخطوطة والمطبوعة: (( عن أبي سعيد )) ، يعني أبا سعيد الخدري.

وكأنه خطأ لا شك فيه، فإني لم أجد الخبر في حديث أبي سعيد، ولأن هذا الخبر معروف في حديث أبي هريرة، وبذلك خرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 85، فقال: (( أخرج النسائي، وابن أبي الدنيا، وابن جرير في ذكر الموت، وابن مردويه عن أبي هريرة )) ، وساق الخبر. وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 477، فقال: (( روى النسائي وابن مردويه، واللفظ له، من حديث أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة )) ، وساق الخبر. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 10: 399 فقال: (( عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )) ، وساق الخبر بنحوه من طريقين، ثم قال: (( رواه كله أحمد، ورجال الرواية الولى رجال الصحيح )) ، ولم أعرف مكانه من المسند.
فهذا كله يوشك أن يقطع بأن ما في المطبوعة والمخطوطة من قوله: (( عن أبي سعيد )) ، خطأ، صوابه: (( عن أبي هريرة )) ، ولذلك وضعته بين القوسين.
(2)
في المطبوعة: (( قذى وقذر أو شيء في بطونهم )) ، وفي المخطوطة: (( أوس )) ، غير منقوطة وفوقها حرف (ط) دلالة على الشك والخطأ. وأثبت الصواب من حادي الأرواح لابن القيم، والدر المنثور.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]