
16-07-2025, 05:11 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف
الحلقة (662)
صــ 351 إلى صــ 360
وقوله: (إني لكما لمن الناصحين) أي: لممن ينصح لكما في مشورته لكما، وأمره إياكما بأكل ثمر الشجرة التي نهيتما عن أكل ثمرها، وفي خبري إياكما بما أخبركما به، من أنكما إن أكلتماه كنتما ملكين أو كنتما من الخالدين، كما:-
14396- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) ، فحلف لهما بالله حتى خدعهما، وقد يُخْدع المؤمن بالله، فقال: إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: "من خادَعنا بالله خُدِعْنا" .
* * *
القول في تأويل قوله: {فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فدلاهما بغرور) ، فخدعهما بغرور.
* * *
يقال منه: "ما زال فلان يدلّي فلانًا بغرور" ، بمعنى: ما زال يخدعه بغرور، ويكلمه بزخرف من القول باطل. (1)
* * *
= (فلما ذاقا الشجرة) ، يقول: فلما ذاق آدم وحواء ثمر الشجرة، يقول: طعماه (2) = (بدت لهما سوءاتهما) ، يقول: انكشفت لهما سوءاتهما، لأن الله
(1) انظر تفسير (( الغرور )) فيما سلف ص: 123، تعليق: 2 والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير (( ذاق )) فيما سلف ص: 209، تعليق: 1، والمراجع.
أعراهما من الكسوة التي كان كساهما قبل الذنب والخطيئة، فسلبهما ذلك بالخطيئة التي أخطآ والمعصية التي ركبا (1) = (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) ، يقول: أقبلا وجعلا يشدَّان عليهما من ورق الجنة، ليواريا سوءاتهما، كما:-
14397- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) ، قال: جعلا يأخذان من ورق الجنة، فيجعلان على سوءاتهما.
14398- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن، عن أبي بن كعب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان آدم كأنه نخلةٌ سَحُوق، (2) كثيرُ شعر الرأس، فلما وقع بالخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها، فانطلق فارًّا، فتعرضت له شجرة فحبسته بشعره، فقال لها: أرسليني! فقالت: لست بمرسلتك! فناداه ربه: يا آدم، أمنِّي تفرّ؟ قال: لا ولكني استحييتك. (3)
14399- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا سفيان بن عيينة وابن مبارك، عن الحسن، عن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال، كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته، السنبلة. فلما أكلا منها بدت لهما سوءاتهما، وكان الذي وَارى
(1) انظر تفسير (( بدا )) فيما سلف 5: 582 /9: 350.
= وتفسير (( السوأة )) فيما سلف 10: 229، وما سيأتي ص: 361، تعليق: 3.
(2) (( نخلة سحوق )) هي الطويلة المفرطة التي تبعد ثمرها على المجتنى.
(3) الأثر: 14398 - (( الحجاج )) هو: (( الحجاج بن المنهال )) ، مضى مرارًا.
و (( أبو بكر )) هو (( أبو بكر الهذلي )) ، مضى برقم: 597، 8376، 13054، وهو ضعيف ليس بثقة.
وهذا الخبر، ذكره، ذكره ابن كثير في تفسيره 3: 458، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي بن كعب موقوفًا غير مرفوع. ثم قال ابن كثير: (( وقد رواه ابن جرير وابن مردويه، من طرق، عن الحسن عن أبي كعب مرفوعًا، والموقوف أصح إسنادًا )) . وهو كما قال. وسيأتي برقم: 14403، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، موقوفًا.
عنهما من سوءايتهما أظفارُهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، ورق التين، يلصقان بعضها إلى بعض. فانطلق آدم مولّيًا في الجنة، فأخذت برأسه شجرة من الجنة، فناداه: أي آدم أمني تفرّ؟ قال: لا ولكني استحييتك يا رب! قال: أما كان لك فيما منحتُك من الجنة وأبحتُك منها مندوحةٌ عما حرمت عليك؟ قال: بلى يا رب، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدًا يحلف بك كاذبًا. قال: وهو قول الله: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) . قال: فبعزّتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدًّا. قال: فأهبط من الجنة، وكانا يأكلان فيها رغدًا، فأهبطا في غيحيىر رغد من طعام وشراب، فعُلّم صنعة الحديد، وأُمر بالحرث، فحرث وزرع ثم سقى، حتى إذا بلغ حصد، ثم داسَه، ثم ذرّاه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلعْه حتى بُلِّعَ منه ما شاء الله أن يبلعَ. (1)
14400- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (يخصفان) ، قال: يرقعان، كهيئة الثوب.
14401- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: يخصفان عليهما من الورق كهيئة الثوب.
14402- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما) ، وكانا قبل ذلك
(1) الأثر: 14399 - (( الحسن بن عمارة بن المضرب البجلي )) ، كان على قضاء بغداد في ولاية المنصور. قال أحمد: (( متروك الحديث، كان منكر الحديث، وأحاديثه موضوعة، لا يكتب حديثه )) . والقول فيه أشد من هذا. مترجم في التهذيب، والكبير 1 /2 / 300، وابن أبي حاتم 1 /2 / 27.
وكان في المطبوعة: (( عن الحسن عن عمارة )) ، وهو خطأ محض، صوابه ما أثبت من المخطوطة، وابن كثير في تفسيره 3: 459.
وفي المطبوعة وابن كثير: (( فلم يبلغه، حتى بلغ ... )) كل ذلك بالغين المعجمة، والذي في المخطوطة مهمل، وظني أنه الصواب المطابق للسياق.
لا يريانها = (وطفقا يخصفان) ، الآية.
14403-. . . . قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، حدثنا الحسن، عن أبي بن كعب: أن آدم عليه السلام كان رجلا طُوالا كأنه نخلة سَحُوق، كثير شعر الرأس. فلما وقع بما وقع به من الخطيئة، بدت له عورته عند ذلك، وكان لا يراها. فانطلق هاربًا في الجنة، فعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة، فقال لها: أرسليني! قالت: إني غير مرسلتك! فناداه ربه: يا آدم، أمنّي تفرّ؟ قال: رب إني استحييتك. (1)
14404- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جعفر بن عون، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) ، قال: ورق التين.
14405- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) ، قال: ورق التين.
14406- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن حسام بن مِصَكّ، عن قتادة = وأبي بكر، عن غير قتادة = قال: كان لباس آدم في الجنة ظُفُرًا كله، فلما وقع بالذنب، كُشِط عنه وبدت سوءته = قال أبو بكر: قال غير قتادة: (فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) ، قال: ورق التين. (2)
14407- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا
(1) الأثر: 14403 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم: 14398، فهذا هو الخبر الموقوف، وهو أصح إسنادًا من ذاك المرفوع.
(2) الأثر: 14406 - (( حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان الأزدي )) ، ضعيف فاحش الخطأ والوهم. مضى برقم: 11720. وكان في المطبوعة: (( حسام بن معبد )) لم يحسن قراءة المخطوطة.
و (( أبو بكر )) ، هو (أبو بكر الهذلي ) ) ، ضعيف أيضًا، مضى قريبًا برقم: 14398.
معمر، عن قتادة، في قوله: (بدت لهما سوءاتهما) ، قال: كانا لا يريان سوءاتهما.
14408- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة قال، حدثنا عمرو قال، سمعت وهب بن منبه يقول: (يَنزعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا) ، [سورة الأعراف: 27] . قال: كان لباس آدم وحواء عليهما السلام نورًا على فروجهما، لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا. فلما أصابا الخطيئة بدت لهما سوءاتهما. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ونادى آدمَ وحواءَ ربُّهما: ألم أنهكما عن أكل ثمرة الشجرة التي أكلتما ثمرها، وأعلمكما أن إبليس لكما عدو مبين = يقول: قد أبان عداوته لكما، بترك السجود لآدم حسدًا وبغيًا، (2) كما:-
14409- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس قوله: (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) ، لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا رب، أطعمتني حواء! قال لحواء: لم أطعمته؟ قالت: أمرتني الحية! قال للحية: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس! قال: ملعون مدحور! أما أنت يا حواء
(1) الأثر: 14408 - قال ابن كثير في تفسيره 3: 460: (( رواه ابن جرير بسند صحيح إليه )) .
(2) انظر تفسير (( مبين )) فيما سلف من فهارس اللغة (بين) .
فكما دمَّيت الشجرة تَدْمَيْن كل شهر. وأما أنت يا حية، فأقطع قوائمك فتمشين على وجهك، وسيشدخُ رأسك من لقيك، اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ. (1)
14410- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عباد بن العوّام، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما أكل آدم من الشجرة قيل له: لم أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: حواء أمرتني! قال: فإني قد أعقبتها أن لا تحمل إلا كَرْهًا، ولا تضع إلا كرها. قال: فرنَّت حواء عند ذلك، فقيل لها: الرنّة عليك وعلى ولدك. (2)
* * *
(1) الأثر: 14409 - مضى الخبر مطولا بهذا الإسناد رقم: 752، مع اختلاف يسير في لفظه. وانظر تخريجه هناك.
(2) (( رنت المرأة ترن رنينًا )) : أي صوتت وصاحت من الحزن والجزع. و (( الرنة )) : الصيحة الحزينة عند البكاء.
القول في تأويل قوله: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) }
قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله جل ثناؤه عن آدم وحواء فيما أجاباه به، واعترافِهما على أنفسهما بالذنب، ومسألتهما إياه المغفرة منه والرحمة، خلاف جواب اللعين إبليس إياه.
ومعنى قوله: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) ، قال: آدم وحواء لربهما: يا ربنا، فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك، (1) وبطاعتنا عدوَّنا وعدوَّك، فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه، من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها = (وإن لم تغفر لنا) ، يقول: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به
(1) هكذا في المخطوطة والمطبوعة، ولعل الصواب: (( فعلنا الظلم بأنفسنا )) . وانظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم) .
بعقوبتك إيانا عليه (1) = "وترحمنا" ، بتعطفك علينا، وتركك أخذنا به (2) = (لنكونن من الخاسرين) ، يعني: لنكونن من الهالكين.
* * *
وقد بيَّنا معنى "الخاسر" فيما مضى بشواهده، والرواية فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (3)
* * *
14411- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: قال آدم عليه السلام: يا رب، أرأيتَ إن تبتُ واستغفرتك؟ قال: إذًا أدخلك الجنة. وأما إبليس فلم يسأله التوبة، وسأل النَّظِرة، فأعطى كلَّ واحد منهما ما سأل.
14412- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا) ، الآية، قال: هي الكلمات التي تلقَّاها آدم من ربه.
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) }
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن فعله بإبليس وذريته، وآدم وولده، والحية.
يقول تعالى ذكره لآدم وحواء وإبليس والحية: اهبطوا من السماء إلى الأرض، بعضكم لبعض عدوّ، كما:-
(1) انظر تفسير (( المغفرة )) فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) .
(2) انظر تفسير (( الرحمة )) فيما سلف من فهارس اللغة (رحم) .
(3) انظر تفسير (( الخسارة )) فيما سلف ص: 315، تعليق: 1، والمراجع هناك.
14413- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن طلحة، عن أسباط، عن السدي: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) ، قال: فلعنَ الحية، وقطع قوائمها، وتركها تمشي على بطنها، وجعل رزقها من التراب، وأهبطوا إلى الأرض: آدم، وحواء، وإبليس، والحية. (1)
14414- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) ، قال: آدم، وحواء، والحية. (2)
* * *
وقوله: (ولكم في الأرض مستقر) ، (3) يقول: ولكم، يا آدم وحواء، وإبليس والحية = في الأرض قرارٌ تستقرونه، وفراش تمتهدونه، (4) كما:-
14415- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: (ولكم في الأرض مستقر) ، قال: هو قوله: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا) ، [سورة البقرة: 22] . (5)
* * *
وروي عن ابن عباس في ذلك، ما:-
14416- حدثت عن عبيد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عمن حدثه، عن ابن عباس قوله: (ولكم في الأرض مستقر) ، قال: القبور. (6)
* * *
(1) الأثر: 14413 - (( عمرو بن طلحة )) ، هو (( عمرو بن حماد بن طلحة القناد )) ، منسوبًا إلى جده. وقد مضى مئات من المرات في هذا الإسناد وغيره، (( عمرو بن حماد، عن أسباط )) . وقد سلف برقم: 755.
(2) الأثر: 14414 - مضى برقم: 754.
(3) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 1: 535 - 541.
(4) انظر تفسير (( مستقر )) فيما سلف 1: 539 /11: 434، 562 - 572.
(5) الأثر: 14415 - مضى برقم: 765. وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا: (( هو الذي جعل ... )) ، بزيادة (( هو )) ، وهو سبق قلم من الناسخ.
(6) الأثر: 14416 - انظر ما سلف رقم: 767، بغير هذا الإسناد.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرَ آدم وحواءَ وإبليس والحية، إذ أهبطوا إلى الأرض: أنهم عدوٌّ بعضهم لبعض، وأن لهم فيها مستقرًّا يستقرون فيه، ولم يخصصها بأن لهم فيها مستقرًّا في حال حياتهم دون حال موتهم، بل عمَّ الخبرَ عنها بأن لهم فيها مستقرًّا، فذلك على عمومه، كما عمّ خبرُ الله، ولهم فيها مستقر في حياتهم على ظهرها، وبعد وفاتهم في بطنها، كما قال جل ثناؤه: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) ، [سورة المرسلات: 25-26] .
* * *
وأما قوله: (ومتاع إلى حين) ، فإنه يقول جل ثناؤه: "ولكم فيها متاع" ، تستمتعون به إلى انقطاع الدنيا، (1) وذلك هو الحين الذي ذكره، كما:-
14417- حدثت عن عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا إسرائيل، عن السدي، عمن حدثه، عن ابن عباس: (ومتاع إلى حين) ، قال: إلى يوم القيامة وإلى انقطاع الدنيا.
* * *
و "الحين" نفسه: الوقت، غير أنه مجهول القدر (2) ، يدل على ذلك قول الشاعر: (3)
وَمَا مِرَاحُكَ بَعْدَ الْحِلْمِ وَالدِّينِ ... وَقَدْ عَلاكَ مَشِيبٌ حِينَ لا حِينِ (4)
أي وقت لا وقت.
(1) انظر تفسير (( المتاع )) فيما سلف 1: 539 - 541 /11: 71، تعليق: 2. والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير (( الحين )) فيما سلف 1: 540، ولم يذكر هذا هناك في تفسير نظيرة هذه الآية.
(3) هو جرير.
(4) ديوانه: 586، وسيبويه 1: 358، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 212، والخزانة 2: 94، وغيرها. مطلع قصيدة في هجاء الفرزدق، ورواية الديوان، وسيبويه: * ما بالُ جَهْلِكَ بَعْدَ الْحِلْمِ والدِّينِ *
وبعده: لِلْغَانِيَاتِ وِصَالٌ لَسْتُ قَاطِعَهُ ... عَلَى مَوَعدِهَ مِنْ خُلْفٍ وَتَلْوِينِ
إِنَّي لأَرْهَبُ تَصْدِيقَ الْوُشَاةِ بِنَا ... أَوْ أَنْ يَقُولَ غَوِىٌّ للنَّوَى: بِينِي
و (( المراح )) (بكسر الميم) : المرح والاختيال والتبختر، وذلك من جنون الشاباب واعتداده بنفسه. وكأن رواية الديوان هي الجودي.
وأنشده سيبويه شاهدًا على إلغاء (( لا )) وإضافة (( حين )) الأولى إلى (( حين )) الثانية، قال: فإنما هو حين حين، و (( لا )) بمنزلة (( ما )) إذا ألغيت.
وهذا الذي ذكر أبو جعفر هو أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 212، وجاء بالبيت كما رواه هنا، وان كان في مطبوعة مجاز القرآن: (( وما مزاحك )) بالزاي، وهو خطأ مطبعي فيما أظن.
القول في تأويل قوله: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الله للذين أهبطهم من سمواته إلى أرضه: (فيها تحيون) ، يقول: في الأرض تحيون، يقول: تكونون فيها أيام حياتكم = (وفيها تموتون) ، يقول في الأرض تكون وفاتكم، (ومنها تخرجون) ، يقول: ومن الأرض يخرجكم ربكم ويحشركم إليه لبعث القيامة أحياء.
* * *
القول في تأويل قوله: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سوءاتكمْ}
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه للجهلة من العرب الذين كانوا يتعرَّون للطواف، اتباعًا منهم أمرَ الشيطان، وتركًا منهم طاعةَ الله، فعرفهم انخداعهم بغروره لهم، حتى تمكن منهم فسلبهم من ستر الله الذي أنعمَ به عليهم، حتى
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|