عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 16-07-2025, 01:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (653)
صــ 261 إلى صــ 270




14230- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: قال عبد الله: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها) ، قال: طلوع الشمس من مغربها مع القمر، كأنهما بعيران مقرونان. (1)
14231-. . . . قال شعبة: وحدثنا قتادة، عن زرارة، عن عبد الله بن مسعود: (يوم يأتي بعض آيات ربك) ، قال: طلوع الشمس من مغربها. (2)
14232- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود: (يوم يأتي بعض آيات ربك) ، قال: طلوع الشمس من مغربها مع القمر، كالبعيرين المقترنين. (3)
14233- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور والأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عبد الله: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها) ، قال: طلوع الشمس من مغربها مع القمر، كالبعيرين القرينين. (4)
(1)
الأثر: 14230 - هذه رواية الطريق الأولى لحديث ابن مسعود التي سلف بيانها في تخريج الخبر رقم: 14227، وسلف تخريجها في رقم: 14199.

(2)
الأثر: 14231 - هذه رواية الطريق الثانية لحديث ابن مسعود، وسلف تخريجه وبيان انقطاع إسناده فيها سلف رقم 14227.

(3)
الأثر: 14232، 14233 - هاتان روايتان من الطريق الأولى لحديث ابن مسعود كما بينته في رقم 14227، وهو صحيح الإسناد كما سلف في رقم: 14199.

(4)
14232، 14233 - هاتان روايتان من الطريق الأولى لحديث ابن مسعود كما بينته في رقم 14227، وهو صحيح الإسناد كما سلف في رقم: 14199.

14234-. . . وقال، حدثنا أبي، عن إسرائيل وأبيه، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن عبد الله قال: التوبة مبسوطةٌ ما لم تطلع الشمس من مغربها. (1)
14235- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن ابن أمِّ عبد كان يقول: لا يزال باب التوبة مفتوحًا حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا رأى الناس ذلك آمنوا، وذلك حين "لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا" . (2)
14236- حدثنا بشر قال، حدثنا عبد الله بن جعفر قال، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا طلعت آمن الناس كلهم، فيومئذ "لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا" . (3)
14237- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير: (يوم يأتي بعض آيات ربك) ، قال: طلوع الشمس من مغربها.
(1)
الأثر: 14234 - هذه الطريق الرابعة لحديث ابن مسعود، وسيأتي أيضًا برقم: 14239.

(( أشعث بن أبي الشعثاء )) ، هو (( أشعث بن أسود المحاربي )) ، ثقة مضى برقم: 10331، 10333.
وأبوه: (( سليم بن أسود حنظلة المحاربي )) ، (( أبو الشعثاء )) ، ثقة، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب
وهذا إسناد صحيح، لم أجده في شيء مما بين يدي من الكتب.
(2)
الأثر: 14235 - (( ابن أم عبد )) هو (( عبد الله بن مسعود )) .

وهذا خبر لم يذكر قتادة إسناده إلى ابن مسعود، وقد مر خبر قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن مسعود، بغير هذا للفظ برقم: 14227، 14228، 14231 مختصرًا.
(3)
الأثر: 14236 - هذه رواية خبر أبي هريرة، من الطريق الثانية التي ذكرتها في تخريج الأثر رقم 14203. وقد سلف تخريج هذه الطريق في التعليق على الأثر رقم: 14210.

14238-. . . وقال، حدثنا أبي، عن الحسن بن عقبة، أبي كيران، عن الضحاك: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها) ، قال: طلوع الشمس من مغربها. (1)
14239- حدثنا الحسن بن يحيى قالأخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل قال، أخبرني أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن ابن مسعود في قوله: (لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) ، قال: لا تزال التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها. (2)
14240- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (يوم يأتي بعض آيات ربك) ، قال: طلوع الشمس من مغربها.
14241- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني أبو صخر، عن القرظي: أنه كان يقول في هذه الآية: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) ، يقول: إذا جاءت الآيات لم ينفع نفسًا إيمانها. يقول: طلوع الشمس من مغربها. (3)
14242- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال: (يوم يأتي بعض آيات ربك) ، قال: طلوع الشمس من مغربها. (4)
(1)
الأثر: 14238 - (( الحسن بن عقية المرادي )) (( أبو كيران )) (بالياء) ، ثقة روى عن عبد خير، والشعبي، والضحاك. روى عنه وكيع، وعبيد الله بن موسى، وأبو نعيم. مترجم في الكبير 1 / 2 / 299، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 28، وكان في المطبوعة: (( أبي كبران )) بالباء، ومعها علامة شك.

(2)
الأثر: 14238 - هذه رواية الطريق الرابعة لحديث ابن مسعود، كما فصلتها في رقم: 14227. وسلف شرح هذا الإسناد برقم: 14234.

(3)
14241 - (( أبو صخر )) ، هو (( حميد بن زياد الخراط )) ، ونزل مصر. مضى برقم: 4325، 5386، 8391.

و (( القرظي )) ، هو (( محمد بن كعب القرظي )) ، مضى مرارًا، ومنها في مثل هذا الإسناد رقم: 8391.
(4)
الأثر: 14242 - هذه رواية حديث صفوان بن عسال، من الطريق الأولى، كما فسرتها في التعليق على رقم: 14206، وسلف الكلام فيه هناك.

14243- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو: (يوم يأتي بعض آيات ربك) ، قال: طلوع الشمس من مغربها. (1)
* * *
وقال آخرون: بل ذلك بعض الآيات الثلاثة: الدابة، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها.
* ذكر من قال ذلك:
14244- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جعفر بن عون، عن المسعودي، عن القاسم قال، قال عبد الله: التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها، ما لم تخرج إحدى ثلاث: ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو الدابة، أو فتح يأجوج ومأجوج. (2)
14245- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال، قال عبد الله: التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها، ما لم تخرج إحدى ثلاث: الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج يأجوج ومأجوج.
(1)
الأثر: 14243 - (( أبو إسحاق الهمداني )) ، هو: (( أبو إسحاق السبيعي )) ، مضى مرارًا.

و (( وهب بن جابر الخيواني الهمداني )) ، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، لقيه ببيت المقدس. روى عنه (( أبو إسحاق الهمداني )) وحده. تابعي ثقة. روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قصة يأجوج ومأجوج، و (( كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت )) ، ولم يرو غير ذين. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 163، 164، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 23.
وهذا الخبران المذكوران في ترجمته، رواهما أبو داود الطيالسي في مسنده ص 301 رقم: 2281، 2282.
(2)
الأثران: 14244، 14245 - (( جعفر بن عون جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي )) ، (( أبو عون )) ثقة، مضى برقم: 9506.

و (( المسعودي )) هو: (( عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود )) ، مضى مرارًا برقم: 2156، 2937، 5563.
و (( القاسم )) ، هو (( القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود )) ، روى عن أبيه وجده عبد الله بن مسعود، مرسلا. ثقة قليل الحديث. مضى برقم: 9519.
وذكر أخي السيد أحمد في التعليق على الأثر: 9515، أن (( المسعودي، عن القاسم )) هو (( معن بن عبد الرحمن )) ، وأن القاسم فيما استظهر، هو أخوه: (( القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود )) ، والصواب أن (( المسعودي )) الراوي عن (( القاسم بن عبد الرحمن )) ، هو (( عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة )) . كما أسلفت. وإسناد هذا الخبر، ضعيف لانقطاعه.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 59، ونسبة إلى عبد بن حميد، والطبراني.
14246- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن عامر، عن عائشة قالت: إذا خرج أول الآيات، طُرِحت الأقلام، وحُبِست الحفظة، وشهدت الأجساد على الأعمال. (1)
14247- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث إذا خرجت "لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا" : طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض. (2)
14248- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا معاوية بن عبد الكريم قال: حدثنا الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بادروا بالأعمال ستًّا: طلوعَ الشمس من مغربها، والدجال، والدخَان، ودابة الأرض، وخُوَيِّصة أحدكم، وأمرَ العامة.
(1)
الأثر: 14246 - (( منصور )) هو: (( المنصور بن المعتمر )) . و (( عامر )) هو الشعبي.

وهذا الخبر رواه ابن كثير في تفسيره 3: 437، وإسناده صحيح. ولم أجده في شيء من الكتب التي بين يدي.
(2)
الأثر: 14247 - هذه هي الطريق السابعة من طرق خبر أبي هريرة التي ذكرتها في التعليق على الأثر: 14203.

(( محمد بن فضيل بن غزوان الضبي )) . روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 8395.
وأبوه: (( فضيل بن غزوان الضبي )) ثقة، روى له الجماعة. و (( أبو حازم )) هو الأشجعي، واسمه (( سلمان )) . ثقة، روى له الجماعة.
وهذا إسناد صحيح. رواه مسلم في صحيحه 2: 195، والترمذي في التفسير، وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 434، وقال: (( رواه أحمد عن وكيع، عن فضيل بن غزوان )) ، وذكر سائر طرقه. وخرجه السيوطي، في الدر المنثور 3: 57، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن مردوبه، والبيهقي.
14249- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول، فذكر نحوه. (1)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ذلك حين تطلع الشمس من مغربها" .
* * *
وأما قوله: (أو كسبت في إيمانها خيرًا) ، فإنه يعني: أو عملت في تصديقها بالله خيرًا، (2) من عمل صالح يصدِّق قِيلَه ويُحققه، من قبل طلوع الشمس من مغربها. لا ينفع كافرًا لم يكن آمن بالله قبل طلوعها كذلك، (3) إيمانه بالله إن آمن وصدق بالله ورسله، لأنها حالة لا تمتنع نفسٌ من الإقرار بالله، لعظيم الهول الوارد عليهم من أمر الله، فحكم إيمانهم، كحكم إيمانهم عند قيام الساعة، وتلك حال لا يمتنع الخلق من الإقرار بوحدانية الله، لمعاينتهم من أهوال ذلك اليوم ما ترتفع معه حاجتهم إلى الفكر والاستدلال والبحث والاعتبار، ولا ينفع مَنْ كان بالله وبرسله مصدِّقًا، ولفرائض الله مضيعًا، غير مكتسب بجوارحه لله طاعة، إذا
(1)
الأثران: 14248، 14249 - (( معاوية بن عبد الكريم الثقفي )) ، (( الضال )) ، لأنه ضل في طريق مكة. روى عن الحسن. ثقة أحمد وغيره، وتكلموا فيه. وأخشى أن يكون سقط من الإسناد رجل بينه وبين (( بشر بن معاذ )) .

وأما الإسناد الثاني ففيه (( بشر )) = يعني (( بشر بن معاذ )) = عن (( يزيد )) ، يعني (( يزيد بن زريع )) عن (( سعيد )) = يعني (( سعيد بن أبي عروبة )) .
ولكن روى هذا الأثر بهذا اللفظ مسلم في صحيحه 17: 87 مرفوعًا، من طريق أمية بن بسطام العيشي، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن زياد بن رياح، عن أبي هريرة.
(2)
انظر تفسير (( كسب )) فيما سلف ص: 120، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(3)
في المطبوعة: (( لا ينفع كافرًا )) بغير واو، والسياق يقتضي إثباتها.

هي طلعت من مغربها = أعمالُه إن عمل، وكسبُه إن اكتسب، لتفريطه الذي سلف قبل طلوعها في ذلك، كما:-
14250- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا) ، يقول: كسبت في تصديقها خيرًا، عملا صالحًا، فهؤلاء أهل القبلة. وإن كانت مصدقة ولم تعمل قبل ذلك خيرًا، فعملت بعد أن رأت الآية، لم يقبل منها. وإن عملت قبل الآية خيرًا، ثم عملت بعد الآية خيرًا، قُبل منها.
14251- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها) ، قال: مَنْ أدركه بعضُ الآيات وهو على عمل صالح مع إيمانه، قَبِلَ الله منه العمل بعدَ نزول الآية، كما قَبِلَ منه قبل ذلك.
* * *
القول في تأويل قوله: {قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام: انتظروا أن تأتيكم الملائكة بالموت فتقبض أرواحكم، أو أن يأتي ربكم لفصل القضاء بيننا وبينكم في موقف القيامة، أو أن يأتيكم طلوع الشمس من مغربها، فتطوى صحف الأعمال، ولا ينفعكم إيمانكم حينئذ إن آمنتم، حتى تعلموا حينئذ المحقَّ منا من المبطل، والمسيءَ من المحسن، والصادقَ من الكاذب، وتتبينوا عند ذلك بمن يحيق عذاب الله وأليم نكاله، ومَنْ الناجي منا ومنكم ومَنْ الهالك - إنا منتظرو ذلك، ليجزل الله لنا ثوابه على طاعتنا إياه، وإخلاصنا العبادة له، وإفرادناه بالربوبية دون ما سواه، ويفصل بيننا وبينكم بالحق، وهو خير الفاصلين.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) }
قال أبو جعفر: اختلف القرأة في قراءة قوله: (فرقوا) .
فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ما:
14252- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن دينار، أن عليًّا رضي الله عنه قرأ: "إنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ" .
14253- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير قال، قال حمزة الزيات: قرأها علي رضي الله عنه: "فَارَقُوا دِينَهُمْ" .
14254-. . . وقال، حدثنا الحسن بن علي، عن سفيان، عن قتادة: "فَارَقُوا دِينَهُمْ" .
* * *
وكأن عليًّا ذهب بقوله: "فارقوا دينهم" ، خرجوا فارتدوا عنه، من "المفارقة" .
* * *
وقرأ ذلك عبد الله بن مسعود، كما:-
14255- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن رافع، عن زهير قال، حدثنا أبو إسحاق أن عبد الله كان يقرؤها: (فَرَّقوا دِينَهُمْ) .
* * *
وعلى هذه القراءة = أعني قراءة عبد الله = قرأة المدينة والبصرة وعامة قرأة الكوفيين. وكأنّ عبد الله تأوّل بقراءته ذلك كذلك: أن دين الله واحد، وهو دين إبراهيم الحنيفية المسلمة، ففرّق ذلك اليهود والنصارى، فتهوّد قومٌ وتنصَّر آخرون، فجعلوه شيعًا متفرقة.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، قد قرأت بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، وهما متفقتا المعنى غير مختلفتيه. وذلك
أن كل ضالّ فلدينه مفارق، وقد فرَّق الأحزابُ دينَ الله الذي ارتضاه لعباده، فتهود بعض وتنصر آخرون، وتمجس بعض. وذلك هو "التفريق" بعينه، ومصير أهله شيعًا متفرقين غير مجتمعين، فهم لدين الله الحقِّ مفارقون، وله مفرِّقون. (1) فبأيِّ ذلك قرأ القارئ فهو للحق مصيب، غير أني أختار القراءة بالذي عليه عُظْم القرأة، وذلك تشديد "الراء" من "فرقوا" .
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله: (إن الذين فرّقوا دينهم) .
فقال بعضهم: عنى بذلك اليهود والنصارى.
* ذكر من قال ذلك:
14256- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (وكانوا شيعًا) ، قال: يهود.
14257- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
14258- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فرقوا دينهم) ، قال: هم اليهود والنصارى.
14259- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إن الذين فرقوادينهم وكانوا شيعًا) ، من اليهود والنصارى.
14260- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء) ، هؤلاء اليهود والنصارى. وأما قوله: (فارقوا دينهم) ، فيقول: تركوا دينهم وكانوا شيعًا. (2)
14261- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
(1)
انظر تفسير (( الشيع )) فيما سلف 11: 419.

(2)
في المطبوعة والمخطوطة: (( فرقوا )) في الموضعين، والتفسير في الأثر، يوجب أن تكون (( فارقوا )) كما أثبتها.

قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا) ، وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل أن يبعث محمد، فتفرقوا. فلما بعث محمد أنزل الله: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء) .
14262- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا) ، يعني اليهود والنصارى.
14263- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين بن علي، عن شيبان، عن قتادة: "فارقوا دينهم" ، قال: هم اليهود والنصارى.
* * *
وقال آخرون: عنى بذلك أهلَ البدع من هذه الأمة، الذين اتبعوا متشابه القرآن دون محكمه.
* ذكر من قال ذلك:
14264- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة قال: (إن الذين فرقوا دينهم) ، قال: نزلت هذه الآية في هذه الأمة. (1)
14265- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا) ، قال: هم أهل الصلاة. (2)
14266- حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد قال: كتب إليّ عباد بن كثير قال، حدثني ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة
(1)
الأثران: 14264، 14265 - إسنادهما صحيح إلى أبي هريرة، موقوفًا، وانظر التعليق على الأثر التالي.

(2)
كان في المطبوعة: (( هم أهل الضلالة )) ، كما سيأتي في الأثر التالي، غير أن المخطوطة واضحة هنا (( أهل الصلاة )) ، فأثبتها كما هي، لأنها صحيحة المعنى، أي أنها نزلت في المؤمنين من أهل القبلة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]