عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 16-07-2025, 11:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (639)
صــ 121 إلى صــ 130





عليه مقيمين بالحجج البالغة، وينذرونكم وعيدَ الله على مقامكم على ما كنتم عليه مقيمين، فلم تقبلوا ذلك، ولم تتذكروا ولم تعتبروا.
* * *
واختلف أهل التأويل في "الجن" ، هل أرسل منهم إليهم، أم لا؟
فقال بعضهم: قد أرسل إليهم رسل، كما أرسل إلى الإنس منهم رسلٌ.
* ذكر من قال ذلك:
13896- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سئل الضحاك عن الجن، هل كان فيهم نبيّ قبل أن يُبْعث النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألم تسمع إلى قول الله: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصُّون عليكم آياتي) ، يعني بذلك: رسلا من الإنس ورسلا من الجن؟ فقالوا: بلَى!
* * *
وقال آخرون: لم يرسل منهم إليهم رسولٌ، ولم يكن له من الجنّ قطٌّ رسول مرسل، وإنما الرسل من الإنس خاصَّة، فأما من الجن فالنُّذُر. قالوا: وإنما قال الله: (ألم يأتكم رسل منكم) ، والرسل من أحد الفريقين، كما قال: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) ، [سورة الرحمن: 19] ، ثم قال: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) ، [سورة الرحمن: 22] ، وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح دون العذب منهما، وإنما معنى ذلك: يخرج من بعضهما، أو من أحدهما. (1) قال: وذلك كقول القائل لجماعة أدؤُرٍ: "إن في هذه الدُّور لشرًّا" ، وإن كان الشر في واحدة منهن، فيخرج الخبر عن جميعهن، والمراد به الخبر عن بعضهن، وكما يقال: "أكلت خبزًا ولبنًا" ، إذا اختلطا، ولو قيل: "أكلت لبنًا" ، كان
(1)
هذه مقالة الفراء، انظر معاني القرآن 1: 354، وظاهر أن الذي بعده من كلام الفراء أيضا من موضع آخر غير هذا الموضع.

الكلام خطأً، لأن اللبن يشرب ولا يؤكل.
* ذكر من قال ذلك:
13897- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) ، قال: جمعهم كما جمع قوله: (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) ، [سورة فاطر: 12] ، ولا يخرج من الأنهار حلية = قال ابن جريج، قال ابن عباس: هم الجن لقُوا قومهم، وهم رسل إلى قومهم.
* * *
فعلى قول ابن عباس هذا، أنّ من الجنّ رسلا للإنس إلى قومهم = فتأويل الآية على هذا التأويل الذي تأوَّله ابن عباس: ألم يأتكم، أيها الجن والإنس، رسل منكم، فأما رسل الإنس فرسل من الله إليهم، وأما رسل الجن فرسُل رُسُل الله من بني آدم، وهم الذين إذا سَمِعوا القرآنَ وَلّوا إلى قومهم منذرين. (1)
* * *
وأما الذين قالوا بقول الضحاك، فإنهم قالوا: إن الله تعالى ذكره أخبرَ أنّ من الجن رسلا أرسلوا إليهم، كما أخبر أن من الإنس رسلا أرسلوا إليهم. قالوا: ولو جاز أن يكون خبرُه عن رسل الجن بمعنى أنهم رسل الإنس، جاز أن يكون خبره عن رسل الإنس بمعنى أنهم رُسُل الجنّ. (2) قالوا: وفي فساد هذا المعنى ما يدلُّ على أن الخبرين جميعًا بمعنى الخبر عنهم أنهم رُسُل الله، لأن ذلك هو المعروف في الخطاب دون غيره.
* * *
(1)
اقرأ آيات سورة الأحقاف: 29 - 32.

(2)
يعني بهذا أن المنذرين الذين ذهبوا إلى قومهم، لو جاز أن يسموا (( رسلا )) أرسلهم الإنس إلى الجن، جاز أن يسمى (( رسل الإنس )) = وهم رسل الله إلى الإنس والجن = (( رسل الجن )) ، أرسلهم الجن إلى الإنس. وهذا ظاهر البطلان.

القول في تأويل قوله: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) }
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن قول مشركي الجن والإنس عند تقريعه إياهم بقوله لهم: (ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا) ، أنهم يقولونه (1) = (شهدنا على أنفسنا) ، بأن رسلك قد أتتنا بآياتك، وأنذرتنا لقاء يومنا هذا، فكذبناها وجحدنا رسالتها، ولم نتبع آياتك ولم نؤمن بها.
قال الله خبرًا مبتدأ: وغَرَّت هؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام، وأولياءَهم من الجن (2) = (الحياة الدنيا) ، يعني: زينة الحياة الدنيا، وطلبُ الرياسة فيها والمنافسة عليها، أن يسلموا لأمر الله فيطيعوا فيها رسله، فاستكبروا وكانوا قومًا عالين. فاكتفى بذكر "الحياة الدنيا" من ذكر المعاني التي غرَّتهم وخدَعتهم فيها، إذ كان في ذكرها مكتفًى عن ذكر غيرها، لدلالة الكلام على ما تُرك ذكره = يقول الله تعالى ذكره: (وشهدوا على أنفسهم) ، يعني: هؤلاء العادلين به يوم القيامة = أنهم كانوا في الدنيا كافرين به وبرسله، لتتم حجَّة الله عليهم بإقرارهم على أنفسهم بما يوجب عليهم عقوبته وأليمَ عذابه.
* * *
(1)
في المطبوعة: (( أنهم يقولون: شهدنا على أنفسنا )) ، وصل الكلام، وفي المخطوطة بياض، جعلت مكانه هذه النقط، وأمام البياض في المخطوطة حرف (ط) دلالة على أنه خطأ، وأنه كان هكذا في النسخة التي نقل عنها.

(2)
انظر تفسير (( الغرور )) فيما سلف ص: 56، تعليق: 2، والمراجع هناك.

القول في تأويل قوله: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) ، أي: إنما أرسلنا الرسل، يا محمد، إلى من وصفتُ أمرَه، وأعلمتك خبره من مشركي الإنس والجن، يقصون عليهم آياتي وينذرونهم لقاء معادهم إليَّ، من أجل أن ربَّك لم يكن مهلك القرى بظلم.
* * *
وقد يتَّجه من التأويل في قوله: "بظلم" ، وجهان:
أحدهما: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) ، أي: بشرك مَنْ أشرك، وكفر مَنْ كفر من أهلها، كما قال لقمان: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ، [سورة لقمان: 13] = (وأهلها غافلون) ، يقول: لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم رسلا تنبههم على حجج الله عليهم، وتنذرهم عذاب الله يوم معادهم إليه، ولم يكن بالذي يأخذهم غَفْلة فيقولوا: "ما جاءنا من بَشِيٍر ولا نذير" .
* * *
والآخر: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) ، يقول: لم يكن ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرُّسل والآيات والعبر، فيظلمهم بذلك، والله غير ظلامٍ لعبيده. (1)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب عندي، القولُ الأول: أن يكون معناه: أن لم يكن ليهلكهم بشركهم، دون إرسال الرسل إليهم، والإعذار بينه وبينهم. وذلك أن قوله: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) ، عقيب قوله:
(1)
في المطبوعة: (( للعبيد )) ، وأثبت ما في المخطوطة.

(ألم يأتكم رسل منكم يقصُّون عليكم آياتي) ، فكان في ذلك الدليل الواضحُ على أن نصَّ قوله: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) ، إنما هو: إنما فعلنا ذلك من أجل أنَّا لا نهلك القرى بغير تذكيرٍ وتنبيه. (1)
* * *
وأما قوله: (ذلك) ، فإنه يجوز أن يكون نصبًا، بمعنى: فعلنا ذلك = ويجوز أن يكون رفعًا، بمعنى الابتداء، كأنه قال: ذلك كذلك.
* * *
وأما "أنْ" ، فإنها في موضع نصب، بمعنى: فعلنا ذلك من أجل أنْ لم يكن ربك مهلك القرى= فإذا حذف ما كان يخفضها، تعلق بها الفعل فنصب. (2)
* * *
(1)
انظر معاني القرآن 1: 355، فهذا رد على الفراء، وهو صاحب القول الثاني.

(2)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 355.

القول في تأويل قوله: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولكل عامل في طاعة الله أو معصيته، منازل ومراتب من عمله يبلغه الله إياها، ويثيبه بها، إن خيرًا فخيرًا وإن شرًا فشرًا (1) = (وما ربك بغافل عما يعملون) ، يقول جل ثناؤه: وكل ذلك من عملهم، يا محمد، بعلم من ربِّك، يحصيها ويثبتها لهم عنده، ليجازيهم عليها عند لقائهم إياه ومعادهم إليه.
* * *
(1)
انظر تفسير (( درجة )) فيما سلف: 11: 505، تعليق: 1، والمراجع هناك.

القول في تأويل قوله: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133) }
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: "وربك" ، يا محمد، الذي أمر عباده بما أمرهم به، ونهاهم عما نهاهم عنه، وأثابهم على الطاعة، وعاقبهم على المعصية= "الغني" ، عن عباده الذين أمرهم بما أمر، ونهاهم عما نهى، وعن أعمالهم وعبادتهم إياه، وهم المحتاجون إليه، لأنه بيده حياتهم ومماتهم، وأرزاقهم وأقواتهم، ونفعهم وضرهم. (1) يقول عز ذكره: فلم أخلقهم، يا محمد، ولم آمرهم بما أمرتهم به، وأنههم عما نهيتهم عنه، لحاجةٍ لي إليهم، ولا إلى أعمالهم، ولكن لأتفضَّل عليهم برحمتي، وأثيبهم على إحسانهم إن أحسنوا، فإني ذو الرَّأفة والرحمة. (2)
* * *
وأما قوله: (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء) ، فإنه يقول: إن يشأ ربُّك، يا محمد، الذي خلق خلقه لغير حاجة منه إليهم وإلى طاعتهم إياه = (يذهبكم) ، يقول: يهلك خلقه هؤلاء الذين خلقهم من ولد آدم (3) = (ويستخلف من بعدكم ما يشاء) ، يقول: ويأت بخلق غيركم وأمم سواكم، يخلفونكم في الأرض = "من بعدكم" ، يعني: من بعد فنائكم وهلاككم = (كما أنشأكم من ذريَّة قوم آخرين) ، كما أحدثكم وابتدعكم من بعد خلق آخرين كانوا قبلَكم.
* * *
(1)
انظر تفسير (( الغنى )) فيما سلف 5: 521، 570 / 9: 296.

(2)
انظر تفسير (( الرحمة )) فيما سلف من فهارس اللغة (رحم) .

(3)
انظر تفسير (( الإذهاب )) فيما سلف 9: 298.

ومعنى "مِنْ" في هذا الموضع التعقيب، كما يقال في الكلام: "أعطيتك من دينارك ثوبًا" ، بمعنى: مكانَ الدينار ثوبًا، لا أن الثوب من الدينار بعضٌ، كذلك الذين خوطبوا بقوله: (كما أنشأكم) ، لم يرد بإخبارهم هذا الخبر أنهم أنشئوا من أصلاب قوم آخرين، ولكن معنى ذلك ما ذكرنا من أنَّهم أنشئوا مكان خَلْقٍ خَلَف قوم آخرين قد هلكوا قبلهم.
* * *
و "الذرية" "الفُعْليّة" ، من قول القائل: "ذرأ الله الخلق" ، بمعنى خلقهم، "فهو يذرؤهم" ، ثم ترك الهمزة فقيل: "ذرا الله" ، ثم أخرج "الفُعْليّة" بغير همز، على مثال "العُبِّيَّة" . (1)
* * *
وقد روي عن بعض المتقدمين أنه كان يقرأ: "مِنْ ذُرِّيئَةِ قَوْمٍ آخَرِينَ" على مثال "فُعِّيلة" . (2)
* * *
وعن آخر أنه كان يقرأ: "وَمِنْ ذِرِّيَّةِ" ، على مثال "عِلِّيَّة" .
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي عليها القرأة في الأمصار: (ذُرِّيَّةِ) ، بضم الذال، وتشديد الياء، على مثال "عُبِّية" . (3)
* * *
(1)
في المطبوعة: (( العلية )) ، وهو خطأ، لأن هذه بكسر العين. وفي المخطوطة: (( العلمه )) ، غير منقوطة، واجتهدت قراءتها كذلك. وفي الحديث: (( إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها )) ، و (( العبية )) فخر الجاهلية وكبرها ونخوتها. يقال إنها من (( التعبية )) ، وقالوا بعضهم: هي (( فعولة )) ، وجائز أن تكون (( فعلية )) ، كما قال هذا القائل في (( ذرية )) ، وانظر مادة (عبب) في لسان العرب.

(2)
كان في المخطوطة: (( من ذرية )) ، كما هي التلاوة السالفة، ولكن ظاهر أن الذي في المطبوعة هو الصواب. لأن (( ذرية )) أصلها (( ذريئة )) ، من (( ذرأ الله الخلق )) ، فكان ينبغي أن تكون مهموزة، فكثرت، فأسقط الهمز، وتركت العرب همزها. وانظر لسان العرب (ذرأ) .

(3)
انظر التعليق السالف رقم: 1، وكان في المطبوعة هنا أيضًا (( علية )) ، ومثلها في المخطوطة، والصواب الراجح ما أثبته.

وقد بينا اشتقاق ذلك فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته ههنا. (1)
* * *
وأصل "الإنشاء" ، الإحداث. يقال: "قد أنشأ فلان يحدِّث القوم" ، بمعنى ابتدأ وأخذ فيه. (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمشركين به: أيها العادلون بالله الأوثانَ والأصنامَ، إن الذي يُوعدكم به ربكم من عقابه على إصراركم على كفركم، واقعٌ بكم = (وما أنتم بمعجزين) ، يقول: لن تعجزوا ربّكم هربًا منه في الأرض فتفوتوه، لأنكم حيث كنتم في قبضته، وهو عليكم وعلى عقوبتكم بمعصيتكم إيّاه قادر. يقول: فاحذرُوه وأنيبوا إلى طاعته، قبل نزول البلاء بكم.
* * *
القول في تأويل قوله: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "قل" ، يا محمد، لقومك من قريش الذين يجعلون مع الله إلها آخر=: (اعملوا على مكانتكم) ، يقول: اعملوا على حِيالكم وناحيتكم. كما:-
(1)
انظر تفسير (( الذرية )) فيما سلف 3: 19، 73 / 5: 543 / 6: 327، ولم يفسرها في هذه المواضع، ثم فسرها في 6: 362 / 8: 19 / 11: 507.

(2)
انظر تفسير (( الإنشاء )) فيما سلف: 11: 263، 264، 562.

13898- حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (يا قوم اعملوا على مكانتكم) ، يعني: على ناحيتكم.
* * *
يقال منه: "هو يعمل على مكانته، ومَكِينته" .
* * *
وقرأ ذلك بعض الكوفيين: "عَلَى مَكَانَاتِكُمْ" ، على جمع "المكانة" .
* * *
قال أبو جعفر: والذي عليه قرأة الأمصار: (عَلَى مَكَانَتِكُمْ) ، على التوحيد.
* * *
= (إني عامل) ، يقول جل ثناؤه، لنبيه: قل لهم: اعملوا ما أنتم عاملون، فإني عامل ما أنا عامله مما أمرني به ربي = (فسوف تعلمون) ، يقول: فسوف تعلمون عند نزول نقمة الله بكم، أيُّنا كان المحقّ في عمله، والمصيب سبيلَ الرشاد، أنا أم أنتم.
وقوله تعالى ذكره لنبيه: قل لقومك: (يا قوم اعملوا على مكانتكم) ، أمرٌ منه له بوعيدهم وتهدّدهم، لا إطلاقٌ لهم في عمل ما أرادُوا من معاصي الله.
* * *
القول في تأويل قوله: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) }
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (من تكون له عاقبة الدار) ، فسوف تعلمون، أيها الكفرة بالله، عند معاينتكم العذابَ، مَن الذي تكون له عاقبة الدار منا ومنكم. (1) يقول: من الذي تُعْقبه دنياه ما هو خير له منها أو شر
(1)
انظر تفسير (( العاقبة )) فيما سلف 11: 272، 273.

منها، (1) بما قدَّم فيها من صالح أعماله أو سَيّئها.
ثم ابتدأ الخبر جل ثناؤه فقال: (إنه لا يفلح الظالمون) ، يقول: إنه لا ينجح ولا يفوز بحاجته عند الله مَنْ عمل بخلاف ما أمره الله به من العمل في الدنيا (2) = وذلك معنى: "ظلم الظالم" ، في هذا الموضع. (3)
* * *
وفي "من" التي في قوله: (من تكون) ، له وجهان من الإعراب:
= الرفع على الابتداء.
= والنصبُ بقوله: (تعلمون) ، ولإعمال "العلم" فيه.
والرفع فيه أجود، لأن معناه: فسوف تعلمون أيُّنا له عاقبة الدار؟ فالابتداء في "من" ، أصحُّ وأفصح من إعمال "العلم" فيه. (4)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء العادلون بربهم الأوثانَ والأصنام لربهم = (مما ذرأ) خالقهم، يعني: مما خلق من الحرث والأنعام.
* * *
(1)
في المطبوعة: (( من الذي يعقب دنياه )) ، والذي في المخطوطة هو الصواب.

(2)
انظر تفسير (( الفلاح )) فيما سلف 11: 296، تعليق: 5، والمراجع هناك.

(3)
انظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم) .

(4)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 355.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.39%)]