عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16-07-2025, 11:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (638)
صــ 111 إلى صــ 120





وقد اختلف أهل التأويل في معنى "الرجس" .
فقال بعضهم: هو كل ما لا خير فيه.
* ذكر من قال ذلك:
13878- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الرجس" ، ما لا خير فيه.
13879- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نحيح، عن مجاهد: (يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) ، قال: ما لا خير فيه.
* * *
وقال آخرون: "الرجس" ، العذاب.
* ذكر من قال ذلك:
13880- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) ، قال: الرجس عذابُ الله.
* * *
وقال آخرون: "الرجس" ، الشيطان.
* ذكر من قال ذلك:
13881- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (الرجس) ، قال: الشيطان.
* * *
وكان بعض أهل المعرفة بلغات العرب من الكوفيين يقول: "الرِّجْس" ، "والنِّجْس" لغتان. ويحكى عن العرب أنها تقول: "ما كان رِجْسًا، ولقد رَجُس رَجَاسة" و "نَجُس نَجَاسة" .
وكان بعض نحويي البصريين يقول: "الرجس" و "الرِّجز" ، سواء، وهما العذاب. (1)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله ابن عباس، ومَنْ قال إن "الرجس" و "النجس" واحد، للخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا دخل الخَلاء: "اللهُمّ إنّي أعوذ بك من الرجْس النِّجْس الخبيث المُخْبِثِ الشيطان الرَّجيم" . (2)
13882- حدثني بذلك عبد الرحمن بن البختري الطائي قال، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. (3)
* * *
وقد بيَّن هذا الخبر أن "الرِّجْس" هو "النِّجْس" ، القذر الذي لا خير فيه، وأنه من صفة الشيطان.
* * *
(1)
انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 206، فهذا قوله.

(2)
قال أبو عبيد: (( الخبيث )) ذو الخبث في نفسه، و (( المخبث )) (بكسر الباء) : الذي أصحابه وأعوانه خبثاء = وهو مثل قولهم: (( فلان ضعيف مضعف، وقوي مقو )) ، فالقوي في بدنه، والمقوى الذي تكون دابته قوية = يريد هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه.

(3)
الأثر: 13882 - (( عبد الرحمن بن البختري الطائي )) ، شيخ أبي جعفر، لم أجد له ذكرًا فيما بين يدي من الكتب؛ وأخشى أن يكون في اسمه خطأ.

و (( عبد الرحمن بن محمد المحاربي )) ، سلف مرارًا كثيرة، آخرها رقم: 10339.
و (( إسماعيل بن مسلم المكي البصري )) ، مضى برقم: 5417، 8811.
وهذا إسناد صحيح، ولكني لم أجد هذا الخبر في حديث أنس، في المسند أو غيره، ووجدته بهذا اللفظ في حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف، من طريق يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، رواه ابن ماجه في سننه ص: 109 رقم: 299. قال ابن حبان: (( إذا اجتمع في إسناد خبر، عبيد الله بن زحر، وعلى بن يزيد، عن القاسم، فذاك مما عملته أيديهم! )) .
القول في تأويل قوله: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهذا الذي بيّنا لك، يا محمد، في هذه السورة وغيرها من سور القرآن= هو صراطُ ربك، يقول: طريق ربّك، ودينه الذي ارتضاه لنفسه دينًا، وجعله مستقيمًا لا اعوجاج فيه. (1) فاثبُتْ عليه، وحرِّم ما حرمته عليك، وأحلل ما أحللته لك، فقد بيّنا الآيات والحجج على حقيقة ذلك وصحته (2) = "لقوم يذكرون" ، يقول: لمن يتذكر ما احتجَّ الله به عليه من الآيات والعبر فيعتبر بها. (3) وخص بها "الذين يتذكرون" ، لأنهم هم أهل التمييز والفهم، وأولو الحجى والفضل= وقيل: "يذَّكرون" (4)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13883- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وهذا صراط ربك مستقيمًا) ، يعني به الإسلام.
* * *
(1)
انظر تفسير: (( الصراط المستقيم )) فيما سلف 10: 146، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( فصل )) فيما سلف ص: 69، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .

(3)
انظر تفسير (( التذكر )) فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر.

(4)
في المطبوعة (( فقيل يذكرون )) ، وفي المخطوطة: (( وقيل يذكرون )) كأنه أراد أن يكتب شيئًا، ثم قطعه. ولعله أراد أن يبين إدغام التاء في الذال من (( يتذكرون )) ، ثم سقط منه أو من الناسخ، فوضعت نقطًا لذلك، وإن كان إسقاطها لا يضر شيئًا.

القول في تأويل قوله: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "لهم" ، للقوم الذين يذكرون آيات الله فيعتبرون بها، ويوقنون بدلالتها على ما دلت عليه من توحيد الله ومن نبوّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، فيصدِّقون بما وصلوا بها إلى علمه من ذاك.
* * *
وأما "دار السلام" ، فهي دار الله التي أعدَّها لأولياته في الآخرة، جزاءً لهم على ما أبلوا في الدنيا في ذات الله، وهي جنته. و "السلام" ، اسم من أسماء الله تعالى، (1) كما قال السدي:-
13884- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (لهم دار السلام عند ربهم) ، الله هو السلام، والدار الجنة.
* * *
وأما قوله: (وهو وليُّهم) ، فإنه يقول: والله ناصر هؤلاء القوم الذين يذكرون آيات الله (2) = (بما كانوا يعملون) ، يعني: جزاءً بما كانوا يعملون من طاعة الله، ويتبعون رضوانه.
* * *
(1)
انظر تفسير (( السلام )) فيما سلف 10: 145 / 11: 392.

(2)
انظر تفسير (( ولي )) فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) .

القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ}
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (ويوم يحشرهم جميعًا) ، ويوم يحشر هؤلاء العادلين بالله الأوثانَ والأصنامَ وغيرَهم من المشركين، مع أوليائهم من الشياطين الذين كانوا يُوحون إليهم زخرف القول غرورًا ليجادلوا به المؤمنين، فيجمعهم جميعًا في موقف القيامة (1) = يقول للجن: (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) ، وحذف "يقول للجن" من الكلام، اكتفاءً بدلالة ما ظهر من الكلام عليه منه.
* * *
وعنى بقوله: (قد استكثرتم من الإنس) ، استكثرتم من إضلالهم وإغوائهم، كما:-
13885- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ويوم يحشرهم جميعًا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) ، يعني: أضللتم منهم كثيرًا.
13886- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) ، قال: قد أضللتم كثيرًا من الإنس.
13887- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (قد استكثرتم من الإنس) ، قال: كثُر من أغويتم.
(1)
انظر تفسير (( الحشر )) فيما سلف ص: 50، تعليق: 1، والمراجع هناك.

13888- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
13889- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن: (قد استكثرتم من الإنس) ، يقول: أضللتم كثيرًا من الإنس.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فيجيب أولياءُ الجن من الإنس فيقولون: "ربنا استمتع بعضنا ببعض" في الدنيا. (1) فأما استمتاع الإنس بالجن، فكان كما:-
13890- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (ربنا استمتع بعضنا ببعض) ، قال: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول: "أعوذ بكبير هذا الوادي" ، فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة.
* * *
= وأما استمتاع الجن بالإنس، فإنه كان، فيما ذكر، ما ينال الجنَّ من الإنس من تعظيمهم إيّاهم في استعاذتهم بهم، فيقولون: "قد سدنا الجِنّ والحِنّ" (2)
* * *
(1)
انظر تفسير (( الاستمتاع )) فيما سلف 8: 175، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
في المطبوعة: (( قد سدنا الجن والإنس )) ، غير ما في المخطوطة، لم يحسن قراءتها لأنها غير منقوطة. وأثبت ما في المخطوطة. و (( الحن )) (بكسر الحاء) ، حي من أحياء الجن، وقد سلف بيان ذلك في الجزء 1: 455، تعليق: 1، فراجعه هناك. انظر معاني القرآن للفراء 1: 354، والذي هناك مطابق لما في المطبوعة.

القول في تأويل قوله: {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالوا: بلغنا الوقتَ الذي وقَّتَّ لموتنا. (1) وإنما يعني جل ثناؤه بذلك: أنهم قالوا: استمتع بعضنا ببعض أيّام حياتنا إلى حال موتنا. كما:-
13891- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما قوله: (وبلغنا أجلنا الذي أجَّلتَ لنا) ، فالموت.
* * *
القول في تأويل قوله: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) }
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عمّا هو قائل لهؤلاء الذين يحشرهم يوم القيامة من العادلين به في الدنيا الأوثان، ولقُرَنائهم من الجن، فأخرج الخبر عما هو كائنٌ، مُخْرَج الخبر عما كان، لتقدُّم الكلام قبلَه بمعناه والمراد منه، فقال: قال الله لأولياء الجن من الإنس الذين قد تقدَّم خبرُه عنهم: (النار مثواكم) ، يعني نار جهنم = "مثواكم" ، الذي تثوون فيه، أي تقيمون فيه.
* * *
و "المثوى" هو "المَفْعَل" من قولهم: "ثَوَى فلان بمكان كذا" ، إذا أقام فيه. (2)
(1)
انظر تفسير (( الأجل )) فيما سلف ص: 11: 259، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( المثوى )) فيما سلف 7: 279.

= (خالدين فيها) ، يقول: لابثين فيها (1) = (إلا ما شاء الله) ، يعني إلا ما شاء الله من قَدْر مُدَّة ما بين مبعثهم من قبورهم إلى مصيرهم إلى جهنم، فتلك المدة التي استثناها الله من خلودهم في النار = (إن ربك حكيم) ، في تدبيره في خلقه، وفي تصريفه إياهم في مشيئته من حال إلى حال، وغير ذلك من أفعاله = (عليم) ، بعواقب تدبيره إياهم، (2) وما إليه صائرةُ أمرهم من خير وشر. (3)
* * *
وروي عن ابن عباس أنه كان يتأول في هذا الاستثناء: أنّ الله جعل أمرَ هؤلاء القوم في مبلغ عَذَابه إيّاهم إلى مشيئته.
13892- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم) ، قال: إن هذه الآية: آيةٌ لا ينبغي لأحدٍ أن يحكم على الله في خلقه، أن لا ينزلهم جنَّةً ولا نارًا. (4)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) }
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل (نُوَلّي) .
فقال بعضهم: معناه: نحمل بعضهم لبعض وليًّا، على الكفر بالله.
(1)
انظر تفسير (( الخلود )) فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .

(2)
انظر تفسير (( حكيم )) و (( عليم )) فيما سلف من فهارس اللغة (حكم) و (علم) .

(3)
في المطبوعة: (( صائر )) بغير تاء في آخره، والصواب ما في المخطوطة. (( صائرة )) مثل (( عاقبة )) لفظًا ومعنى، ومنه قبل: (( الصائرة، ما يصير إليه النبات من اليبس )) .

(4)
في المطبوعة: (( أن لا ينزلهم )) فزاد (( أن )) ، فأفسد المعنى إفسادًا حتى ناقض بعضه بعضًا. وإنما قوله: (( لا ينزلهم جنة ولا نارًا )) ، نهى للناس أن يقول: (( فلان في الجنة )) و (( فلان في النار )) . (( ينزلهم )) مجزومة اللام بالناهية.

* ذكر من قال ذلك:
13893- حدثنا يونس قال، حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون) ، وإنما يولي الله بين الناس بأعمالهم، فالمؤمن وليُّ المؤمن أين كان وحيث كان، والكافر وليُّ الكافر أينما كان وحيثما كان. ليس الإيمان بالتَمنِّي ولا بالتحَلِّي.
* * *
وقال آخرون: معناه: نُتْبع بعضهم بعضًا في النار= من "الموالاة" ، وهو المتابعة بين الشيء والشيء، من قول القائل: "واليت بين كذا وكذا" ، إذا تابعت بينهما.
* ذكر من قال ذلك:
13894- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا) ، في النار، يتبع بعضهم بعضًا. (1)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، نسلط بعض الظلمة على بعض.
* ذكر من قال ذلك:
13895- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا) ، قال: ظالمي الجن وظالمي الإنس. وقرأ: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) ، [سورة الزخرف: 36] . قال: نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس.
* * *
(1)
انظر تفسير (( ولي )) فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) .

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قولُ من قال: معناه: وكذلك نجعل بعض الظالمين لبعضٍ أولياء. لأن الله ذكر قبل هذه الآية ما كان من قول المشركين، فقال جل ثناؤه: (وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض) ، وأخبر جل ثناؤه: أنّ بعضهم أولياء بعض، ثم عقب خبره ذلك بخبره عن أن ولاية بعضهم بعضًا بتوليته إياهم، فقال: وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض يستمتع بعضهم ببعض، كذلك نجعل بعضَهم أولياء بعض في كل الأمور = "بما كانوا يكسبون" ، من معاصي الله ويعملونه. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء العادلين به من مشركي الإنس والجن، يخبر أنه يقول لهم تعالى ذكره يومئذ: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي) ، يقول: يخبرونكم بما أوحي إليهم من تنبيهي إياكم على مواضع حججي، وتعريفي لكم أدلّتي على توحيدي، وتصديق أنبيائي، والعمل بأمري، والانتهاء إلى حدودي = (وينذرونكم لقاء يومكم هذا) ، يقول: يحذّرونكم لقاء عذابي في يومكم هذا، وعقابي على معصيتكم إيّاي، فتنتهوا عن معاصيَّ. (2)
وهذا من الله جل ثناؤه تقريع وتوبيخ لهؤلاء الكفرة على ما سلف منهم في الدنيا من الفسوق والمعاصي. ومعناه: قد أتاكم رسلٌ منكم ينبِّهونكم على خطأ ما كنتم
(1)
انظر تفسير (( الكسب )) فيما سلف: 11: 448، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير (( الإنذار )) فيما سلف من فهارس اللغة (نذر) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]