
16-07-2025, 12:17 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (626)
صــ 566 إلى صــ 575
ومستودع "؟ قال:" المستقر "، في الرحم، و" المستودع "، ما استودع في الصلب. (1) "
13630- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: "فمستقر ومستودع" ، قال: "المستقر" الرحم، و "المستودع" ، ما كان عند رب العالمين مما هو خالقه ولم يخلق.
13631- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} [سورة هود: 6] ، قال: "المستقر" ، ما كان في الرحم مما هو حيٌّ، ومما قد مات = و "المستودع" ، ما في الصلب.
13632- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جيير قال: قال لي ابن عباس، وذلك قبل أن يَخْرُج وجهي (2) أتزوّجت يا ابن جبير؟ قال: قلت لا وما أريد ذاك يومي هذا! قال فقال: أما إنه مع ذلك سيخرج ما كان في صلبك من المستودَعين.
13633- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جيير قال: قال لي ابن عباس: تزوجت؟ قلت: لا! قال: فضرب ظهري وقال: ما كان من مستودَع في ظهرك سيخرج.
13634- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "فمستقر ومستودع" ، قال: "المستقر" ، في الأرحام، و "المستودع" ، في الصلب، لم يخلق وهو خالقه.
13635- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
(1) الأثر: 13629 - "أبو الجبر بن تميم" ، انظر التعليق على رقم: 13623، وكان في المطبوعة: "أبو الخير تميم" ، وفي المخطوطة: "أبو الحبر تميم" غير منقوط، وهما خطأ.
(2) قوله: "وذلك قبل أن يخرج وجهي" ، يعني: قبل أن تنبت لحيته، وهذا تعبير عزيز لا تجد تفسيره في كتب اللغة والمجاز، فقيده.
معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "فمستقر ومستودع" ، قال: "المستقر" ، في الرحم، و "المستودع" ، ما استودع في أصلاب الرجال والدوابّ.
13636 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد قال: "المستقر" ، ما استقرّ في الرحم، و "المستودع" ، ما استودع في الصلب.
13637- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الجبر بن تميم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بنحوه. (1)
13638 - حدثنا هناد قال، حدثنا عبيدة بن حميد، عن عمار الدهني، عن رجل، عن كريب قال: دعاني ابن عباس فقال: اكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن عباس، إلى فلان حَبْر تَيْماء، سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد = قال، فقلت: تبدؤه تقول: السلام عليك؟ فقال: إن الله هو السلام = ثم قال: اكتب" سلامٌ عليك، أما بعد، فحدثني عن: "مستقر ومستودع" . قال: ثم بعثني بالكتاب إلى اليهودي، فأعطيته إياه. فلما نظر إليه قال: مرحبًا بكتاب خليلي من المسلمين! فذهب بي إلى بيته، ففتح أسفاطًا له كبيرة، (2) فجعل يطرح تلك الأشياء لا يلتفت إليها. قال قلت: ما شأنك؟ قال: هذه أشياء كتبها اليهود! حتى أخرج سفر موسى عليه السلام، قال: فنظر إليه مرتين فقال: "المستقر" ، الرحم، قال: ثم قرأ: {وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ} [سورة الحج: 5] ، وقرأ: {وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ} ، [سورة البقرة:36] ، [سورة الأعراف:24] . قال: مستقرُّه فوق
(1) الأثر: 13637 - "أبو الجبر بن تميم" ، مضى برقم: 13623، 13629، تصحيحه، وكان هنا أيضًا في المطبوعة: "أبو الخير تميم" ، وفي المخطوطة: "أبو الخير تميم" غير منقوط.
(2) "الأسفاط" جمع "سفط" (بفتحتين) : وهو وعاء كالجوالق، وبين الخبر هنا أنهم كانوا يستخدمونه في حفظ الكتب والأسفار.
الأرض، ومستقرُّه في الرحم، ومستقره تحت الأرض حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار. (1)
13639 - حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء: "فمستقر ومستودع" ، قال: "المستقر" ، ما استقر في أرحام النساء، و "المستودع" ، ما استودع في أصلاب الرجال.
13640- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: "المستقر" ، الرحم، و "المستودع" ، في أصلاب الرجال.
13641- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن عطاء = وعن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = قال: "المستقر" ، الرحم، و "المستودع" ، في الأصلاب.
13642- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثناعيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "فمستقر" ، ما استقر في أرحام النساء = "ومستودع" ، ما كان في أصلاب الرجال.
13643- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
13644- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد قال: "المستقر" ، ما استقر في الرحم، و "المستودع" ، ما استودع في الصلب.
13645- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "المستقر" ، الرحم، "والمستودع" ، الصلب.
(1) الأثر: 13638 - "كريب" هو "كريب بن أبي مسلم الهاشمي" مولى ابن عباس، تابعي ثقة، مضى برقم: 1075.
13646 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون قال: أتينا إبراهيم عند المساء فأخبرونا أنه قد مات، فقلنا: هل سأله أحدٌ عن شيء؟ قالوا: عبد الرحمن بن الأسود، عن "المستقر" و "المستودع" ، فقال: "المستقر" ، في الرحم، و "المستودع" ، في الصلب.
13647- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون قال: أتينا إبراهيم وقد مات، قال: فحدثني بعضهم: أنّ عبد الرحمن بن الأسود سأله قبل أن يموت عن "المستقر" و "المستودع" ، فقال: "المستقر" ، في الرحم، "والمستودع" ، في الصلب.
13648- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون: أتينا منزل إبراهيم، فسألنا عنه فقالوا: قد توفي. وسأله عبد الرحمن بن الأسود، فذكر نحوه.
13649- حدثني به يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون: أنه بلغه: أنّ عبد الرحمن بن الأسود سأل إبراهيم عن ذلك، فذكر نحوه.
13650- حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن العلاء بن هارون قال: انتهيت إلى منزل إبراهيم حين قبض، فقلت لهم: هل سأله أحد عن شيء؟ قالوا: سأله عبد الرحمن بن الأسود عن "مستقر ومستودع" ، فقال: أما "المستقر" ، فما استقر في أرحام النساء، و "المستودع" ، ما في أصلاب الرجال. (1)
(1) الأثر: 13650 - "عبيد الله بن محمد بن هرون الفريابي" ، شيخ الطبري، مضى برقم: 17، 9227.
و "ضمرة بن ربيعة الفلسطيني" ، مضى برقم: 7134، 12868.
و "العلاء بن هرون الواسطي" ، سكن الرملة. روى عن ابن عون. ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3/1/362.
وأخشى أن يكون هذا الخبر، عن العلاء بن هرون، عن ابن عون، بل أرجح أن يكون كذلك.
13651- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد في "فمستقر ومستودع" ، قال: "المستقر" ، الرحم، و "المستودع" ، الصلب.
13652 - حدثني يونس قال، حدثني سفيان، عن رجل حدَّثه، عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: ألا تنكح؟ ثم قال: أما إني أقول لك هذا، وإني لأعلم أن الله مخرجٌ من صلبك ما كان فيه مستودَع. (1)
13653- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: "المستقر" ، في الرحم، و "المستودع" ، في الصلب.
13654- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس: "فمستقر ومستودع" ، قال: "مستقر" ، في الرحم، و "مستودع" ، في الصلب.
13655 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "فمستقر ومستودع" ، قال: "مستقر" ، في الرحم، و "مستودع" ، في الصلب.
13656 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك: "فمستقر ومستودع" ، أما "مستقر" ، فما استقر في الرحم = وأما "مستودع" ، فما استودع في الصلب.
13657 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "فمستقر ومستودع" ، قال: "مستقر" ، في الأرحام، "ومستودع" ، في الأصلاب.
13658- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا
(1) في المطبوعة: "ما كان فيه مستودعًا" ، غير ما في المخطوطة بلا طائل.
حماد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير = وأبي حمزة، عن إبراهيم = قالا "مستقر ومستودع" ، "المستقر" ، في الرحم، و "المستودع" ، في الصلب.
* * *
وقال آخرون: "المستقر" ، في القبر، "والمستودع" ، في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
13659 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: "مستقر" ، في القبر، "ومستودع" في الدنيا، وأوشك أن يلحق بصاحبه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله جل ثناؤه عمّ بقوله: "فمستقر ومستودع" ، كلَّ خلقه الذي أنشأ من نفس واحدة، مستقرًّا ومستودعًا، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى. ولا شك أنّ من بني آدم مستقرًّا في الرحم، ومستودعًا في الصلب، ومنهم من هو مستقر على ظهر الأرض أو بطنها، ومستودع في أصلاب الرجال، ومنهم مستقر في القبر، مستودع على ظهر الأرض. فكلٌّ "مستقر" أو "مستودع" بمعنى من هذه المعاني، فداخل في عموم قوله: "فمستقر ومستودع" ومراد به، إلا أن يأتي خبرٌ يجب التسليم له بأنه معنيٌّ به معنى دون معنى، وخاص دون عام.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: "فمستقر ومستودع" .
فقرأت ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) ، بمعنى: فمنهم من استقرّه الله في مقرِّه، فهو مستقَرٌّ = ومنهم من استودعه الله فيما استودعه فيه، فهو مستودَع فيه.
* * *
وقرأ ذلك بعض أهل المدينة وبعض أهل البصرة: (فَمُسْتَقِرٌّ) ، بكسر "القاف"
بمعنى: فمنهم من استقرّ في مقرّه، فهو مستقِرّ به.
* * *
وأولى القراءتين بالصواب عندي، وإن كان لكليهما عندي وجه صحيح: (فَمُسْتَقَرٌّ) ، بمعنى: استقرّه الله في مستقَرِّه، ليأتلف المعنى فيه وفي "المستودَع" ، في أن كل واحد منهما لم يسمَّ فاعله، وفي إضافة الخبر بذلك إلى الله في أنه المستقِرُّ هذا، والمستودِع هذا. وذلك أن الجميع مجمعون على قراءة قوله: "ومستودَع" بفتح "الدال" على وجه ما لم يسمَّ فاعله، فإجراء الأوّل = أعني قوله: "فمستقر" = عليه، أشبه من عُدُوله عنه.
* * *
وأما قوله: "قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون" ، يقول تعالى: قد بيّنا الحجج، وميزنا الأدلة والأعلام وأحكمناها (1) = "لقوم يفقهون" ، مواقعَ الحجج ومواضع العبر، ويفهمون الآيات والذكر، (2) فإنهم إذا اعتبروا بما نبّهتهم عليه من إنشائي من نفس واحدة ما عاينوا من البشر، وخلقي ما خلقت منها من عجائب الألوان والصور، علموا أنّ ذلك من فعل من ليس له مثل ولا شريك فيشركوه في عبادتهم إياه، كما:-
13660- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون" ، يقول: قد بينا الآيات لقوم يفقهون.
* * *
(1) انظر تفسير "فصل" فيما سلف ص: 561، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير "فقه" فيما سلف ص: 433، تعليق2، والمراجع هناك.
القول في تأويل قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله الذي له العبادة خالصة لا شريك فيها لشيء سواه، (1) هو الإله الذي أنزل من السماء ماء = "فأخرجنا به نبات كل شيء" ، فأخرجنا بالماء الذي أنزلناه من السماء من غذاء الأنعام والبهائم والطير والوحش وأرزاق بني آدم وأقواتهم، ما يتغذون به ويأكلونه فينبتُون عليه وينمون. وإنما معنى قوله: "فأخرجنا به نبات كل شيء" ، فأخرجنا به ما ينبت به كل شيء وينمو عليه ويصلحُ.
* * *
ولو قيل: معناه: فأخرجنا به نبات جميع أنواع النبات، فيكون "كل شيء" ، هو أصناف النبات = كان مذهبًا، وإن كان الوجه الصحيح هو القولَ الأول. (2)
* * *
وقوله: "فأخرجنا منه خضرًا" ، يقول: "فأخرجنا منه" ، يعني: من الماء الذي أنزلناه من السماء = "خَضِرًا" ، رطبًا من الزرع.
* * *
"والخضر" ، هو "الأخضر" ، كقول العرب: "أرِنيهَا نَمِرة، أُرِكْها مَطِرَة" . (3) يقال: "خَضِرَت الأرض خَضَرًا. وخَضَارة" . (4) و "الخضر" رطب البقول،
(1) في المطبوعة: "لا شركة فيها لشيء سواء" ، غير ما في المخطوطة بسوء رأي!!
(2) انظر معاني القرآن للفراء 1: 347.
(3) هذا مثل، نسبه صاحب اللسان في (نمر) إلى أبي ذؤيب الهذلي، ولم ينسبه في (خضر) ، ورواه الميداني في الأمثال 1: 258، وأبو هلال في جمهرة الأمثال: 14، ولم ينسباه إليه، وأذكر أني قرأت قصته ثم افتقدتها الآن فلم أجدها. وقوله: "نمرة" يعني، سحابة، وهو أن يكون سواد وبياض ونمرة، يضرب مثلا في صحة مخيلة الشيء، وصحة الدلالة عليه. وذلك إذا رأيت دليل الشيء، علمت ما يتبعه.
(4) "الخضارة" مصدر، مثل "الغضارة" ، لم يذكر في مادته من كتب اللغة.
ويقال: "نخلة خضيرة" ، إذا كانت ترمي ببسرها أخضر قبل أن ينضج. و "قد اختُضِر الرجل" و "اغْتُضِر" ، إذا مات شابًّا مُصَحَّحًا. ويقال: "هو لك خَضِرًا مَضِرًا" ، أي هنيئًا مريئًا. (1)
* * *
قوله: "نخرج منه حبًّا متراكبًا" ، يقول: نخرج من الخضر حبًّا = يعني: ما في السنبل، سنبل الحنطة والشعير والأرز، (2) وما أشبه ذلك من السنابل التي حبُّها يركب بعضه بعضًا.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13661 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: "منه خضرًا نخرج منه حبًّا متراكبًا" ، فهذا السنبل.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن النخل من طلعها قنوانه دانية، (3) = ولذلك رفعت "القِنوان" .
* * *
(1) ذكره صاحب اللسان في (خضر) ، ولم يذكره في (مضر) . و "المضر" الغض الطري.
(2) انظر تفسير "الحب" فيما سلف ص: 550.
(3) في المطبوعة والمخطوطة: "ومن النخل من طلعها قنوان دانية" ، وهو نص الآية، وهو بيان لا يستقيم، وإنما الصواب ما أثبت، استظهرته من معاني القرآن للفراء 1: 347.
و "القنوان" جمع "قِنْو" ، كما "الصنوان" جمع "صِنْو" ، وهو العِذْق، (1) يقال للواحد هو "قِنْو" ، و "قُنْو" و "قَنَا" ، يثنى "قِنوانِ" ، ويجمع "قنوانٌ" و "قُنوانٌ" . (2) قالوا في جمع قليله: "ثلاثة أقْناء" . و "القِنوان" من لغة الحجاز، و "القُنْوان" ، من لغة قيس، وقال امرؤ القيس:
فَأَثَّتْ أَعَالِيهِ، وَآدَتْ أُصُولُهُ ... وَمَالَ بِقِنْوانٍ مِنَ البُسْرِ أَحْمَرَا (3)
و "قِنْيان" ، جميعًا، وقال آخر: (4)
لَهَا ذَنَبٌ كَالْقِنْوِ قَدْ مَذِلَتْ بِهِ ... وَأَسْحَمَ لِلتَّخْطَارِ بَعْدَ التَّشَذُّرِ (5)
(1) "العذق" (بكسر فسكون) : كباسة النخل وعراجينها.
(2) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 202.
(3) ديوانه: 67، واللسان (قنا) ، وغيرها كثير. من قصيدته المستجادة، وهو من أولها، يصف ظعن الحي يشبهها بالنخل، يقول قبله: بِعَيْنيَّ ظُعْنُ الحَيِّ لَمَّا تَحَمَّلُوا ... لَدَى جَانِبِ الأَفْلاجِ مِنْ جَنْبِ تَيْمرَا
فَشَبَّهْتُهُمْ فِي الآلِ لَمَّا تَكَمَّشُوا ... حَدَائِقَ دَوْمٍ، أوْ سَفِينًا مُقَيَّرَا
أَوِ المُكْرِعَاتِ من نَخِيلِ ابْنِ يَامِنٍ ... دُوَيْنَ الصَّفَا اللائِي يَلِينَ المُشقّرا
سَوَامِقَ جَبَّارٍ أَثِيثٍ فُرُوعُهُ ... وَعَالَيْنَ قِنْوَانًا مِنَ البُسْرِ أَحْمَرَا
فهذه رواية أخرى غير التي رواها أبو جعفر وغيره. وقوله: "فأثت أعاليه" : أي: عظمت والتفت من ثقل حملها. وقوله: "آدت" ، أي تثنت ومالت.
(4) لم أعرف قائله.
(5) رواه أبو زيد في نوادره: 182، بيتًا مفرادًا، وقال في تفسيره: "التشذر" ، إذا لقحت الناقة عقدت ذنبها ونصبته على عجزها من التخيل، فذاك التشذر. و "المذل" (بفتحتين) : أن لا تحرك ذنبها. ولم أعرف لقوله "أسحم" في هذا البيت معنى، ورواية أبي زيد: "وأسمح" ، وهو حق المعنى فيما أرجح. و "التخطار" ، مصدر "خطر الفحل بذنبه خطرًا وخطرانًا وخطيرًا" ، رفعه مرة بعد مرة، وضرب به حاذيه، وهما ما ظهر من فخذيه حيث يقع شعر الذنب. وهذا المصدر لم يذكر في شيء من معاجم اللغة. والمعنى: أنها أقرت ذنبها، ثم أسمح لها بعد نشاطها وتبخترها فاسترخى. هكذا ظننت معناه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|