
15-07-2025, 11:55 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (619)
صــ 496 إلى صــ 505
ولم يلبسُوا إيمانهم بظلم "، شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال:" إنه ليس كما تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟ إنما هو الشرك. (1)
13481 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة في قوله: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
13482 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل، عن منصور، عن إبراهيم في قوله: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
13483- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أيُّنا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس بذلك، ألم تسمعوا قول لقمان: إن الشرك لظلم عظيم؟
13484 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير وابن إدريس، عن الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلال، عن أبي بكر: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك. (2)
(1) الأثر: 13480 - رواه أحمد في المسند رقم: 3589، من طريق أبي معاوية أيضًا بمثله.
(2) الأثر: 13484 - "الشيباني" هو: "أبو إسحق الشيباني" ، "سليمان بن أبي سليمان" مضى مرارًا، آخرها رقم: 8869. و "أبو بكر بن أبي موسى الأشعري" ، ثقة روى له الجماعة، مترجم التهذيب. و "الأسود بن هلال المحارب" ، "أبو سلام" ، له إدراك، هاجر زمن عمر، لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه. مترجم في التهذيب، والكبير 1/1، 449 وابن أبي حاتم 1/1/ 292. ومضى برقم: 10331، 10333. وهذا الخبر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3: 27، ونسبة للفريابي، وابن أبي شيبة، والحكيم الترمذي في الأصول، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
13485- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بكر: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك. (1)
13486 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن أبي الأشعر العبدي، عن أبيه: أن زيد بن صوحان سأل سلمان فقال: يا أبا عبد الله، آيةٌ من كتاب الله قد بلغت منِّي كل مبلغ: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ! فقال سلمان: هو الشرك بالله تعالى ذكره. فقال زيد: ما يسرُّني بها أنّي لم أسمعها منك، وأنّ لي مثل كل شيء أمسيتُ أملكه. (2)
(1) الأثر: 13485 - أسقط في المطبوعة ذكر: "عن أبي إسحق" ، وهو خبر مرسل.
(2) الأثر: 13486، 13487 - "سعيد بن عبيد الطائي" ، "أبو الهذيل" ، وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه" . مترجم في التهذيب، والكبير 2/1/455، وابن أبي حاتم 2/1/46.
"أبو الأشعر العبدي" ، ذكره البخاري في الكنى: 8، وقال: روى عنه خليفة بن خلف. قال أبو نعيم، عن إسمعيل بن عبيد، عن أبي الأشعر العبدي، سمع أباه عن سلمان: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) ، قال: بشرك ". وهكذا جاء" إسمعيل بن عبيد "، وأخشى أن يكون صوابه" سعيد بن عبيد "كما في الطبري. ولما سيأتي في الأثر التالي: 13487. وأبو" أبي الأشعر العبدي "، لم أعرف من هو. و" زيد بن صوحان بن حجر العبدي "، وهو أخو" صعصعة بن صوحان "، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مذكور في الصحابة، وكان شديد الحب لسلمان الفارسي. قتل يوم الجمل مع علي رضي الله عنهما. مترجم في ابن سعد 6: 84، وقال: ثقة قليل الحديث" ، وفي تعجيل المنفعة: 142، والكبير 2/1/363، وابن أبي حاتم 1/2/565. * * *
وعند آخر الأثر رقم: 13486، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا، وفيها ما نصه: يتلوهُ: حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي، عن سعيد بن عبيد
وصلى الله على محمد النبيّ وآله وسلم كثيرًا ""
ويبدأ بعد بما نصه:
"بسم الله الرَّحمن الرحيم رَبِّ أَعِنْ يا كَريم"
13487 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سعيد بن عبيد، عن أبي الأشعر، عن أبيه، عن سلمان قال: بشرك. (1)
13488 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا نسير بن ذعلوق، عن كردوس، عن حذيفة في قوله: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك. (2)
13489- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن رجل، عن عيسى، عن حذيفة في قوله: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك. (3)
13490 - حدثني المثنى قال، حدثنا عارم أبو النعمان قال، حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير وغيره: أن ابن عباس كان يقول: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
13491- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، يقول: بكفر.
(1) الأثر: 13487 - انظر التعليق السالف.
(2) الأثر: 13488 - "نسير بن ذعلوق الثوري" ، ثقة، مضى برقم: 5491.
و "كردوس" هو "كردوس بن العباس الثعلبي" ، يروي عن حذيفة، مضى برقم: 13255 - 13257. وكان في المطبوعة: "درسب" غير ما في المخطوطة، وكان فيها هكذا: "ددوس" ، وهذا صواب قراءته إن شاء الله.
وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 27، ونسبه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وأبي عبيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وسيأتي بإسناد آخر بعد هذا.
(3) الأثر: 13489 - "أبو إسحق الكوفي" ، هو: "عبد الله بن ميسرة الحارثي" ، مضى برقم: 9250.
13492- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، يقول: لم يلبسوا إيمانهم بالشرك. وقال: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} . [سورة لقمان: 13]
13493 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال، حدثني أبي قال، حدثنا جرير بن حازم، عن علي بن زيد، عن المسيّب: أن عمر بن الخطاب قرأ: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، فلما قرأها فزع، فأتى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر، قرأتُ آية من كتاب الله، مَنْ يَسْلم؟ فقال: ما هي؟ فقرأها عليه = فأيُّنا لا يظلِمُ نفسه؟ فقال: غفر الله لك! أما سمعت الله تعالى ذكره يقول: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ؟ إنما هو: ولم يلبسوا إيمانهم بشرك. (1)
13494 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: أن عمر دخل منزله فقرأ في المصحف، فمرّ بهذه الآية: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، فأتى أبيًّا فأحبره، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما هو الشرك. (2)
13495- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن [ابن مهران] : أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأه، فدخل ذات يوم فقرأ، فأتى على هذه الآية: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" ،
(1) الأثر: 13493 - هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة: "عن المسيب" ، ولا أدري ما هو، ولكني أرجح أن الصواب "عن سعيد بن المسيب" ، أو "عن ابن المسيب" ، فإن "علي بن زيد بن جدعان" يروي عنه، ولأني لم أجد فيمن اسمه "المسيب" ، من روى عنه "علي بن زيد" وروى هو عن "عمر بن الخطاب" .
(2) الأثر: 13494 - "يوسف بن مهران البصري" ، مضى برقم: 2858: 11373.
فانفتَل وأخذ رداءه، (1) ثم أتى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر = فتلا هذه الآية: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" = وقد ترى أنا نظلِم، ونفعل ونفعل! فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا ليس بذاك، يقول الله تعالى ذكره: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، إنما ذلك الشرك. (2)
13496 - حدثنا هناد قال، حدثنا بن فضيل، عن مطرف، عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، فقال عمر: قد أفلح من لم يلبس إيمانه بظلم! فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين، ذاك الشرك!
13497- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أسباط، عن محمد بن مطرف، عن ابن سالم قال: قرأ عمر بن الخطاب، فذكر نحوه. (3)
13498 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة في قوله: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
13499- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، مثله.
13500 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين، عن علي، عن زائدة،
(1) في المطبوعة: "فاشتغل" ، وفي المخطوطة "فاسقل" ، وفي الدر المنثور 3: 27 "فانتقل" وكان ذلك لا معنى له، وكأن الصواب ما أثبت. يقال: "انفتل الرجل عن صلاته" ، إذا انصرف، وهو من قولهم: "فتله عن وجهه فانفتل" ، أي: صرفه فانصرف.
(2) الأثر: 13495 - هكذا جاء في المخطوطة: "عن ابن مهران" ، وفي المطبوعة: "عن مهران" ، وهما خطأ صرف فيما أرجح، وإنما هذا حديث ابن عباس، فالصواب إن شاء الله: "عن ابن عباس" ، وهو نفس الأثر الذي قبله، ولكني تركته كذلك كما هو في المخطوطة، ووضعت ما شككت فيه بين القوسين.
(3) الأثر: 13496، 13497 - "أبو عثمان، عمرو بن سالم الأنصاري" ، معروف بكنيته، وقد مضى برقم: 8950. وقوله في الأثر الثاني "محمد بن مطرف" ، خطأ فيما أرجح، وإنما هو "مطرف بن طريف" ، كما في الأثر السالف. ولذلك وضعت "محمد بن" بين قوسين.
عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك. (1)
13501 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، أي: بشرك.
13502- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، مثله.
13503 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بعبادة الأوثان.
13504- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
13505 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
13506 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
13507- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأعمش: أن ابن مسعود قال: لما نزلت: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، كبُر ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، ما منا أحدٌ إلا وهو يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما سمعتم قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟ (2)
(1) الأثر: 13500 - "الحسن بن عبيد الله النخعي الكوفي" ، روى عن إبراهيم النخعي، وأبي الضحي، والشعبي. سمع منه الثوري، وزائدة، وحفص بن غياث، وغيرهم، ثقة، مضى في الإسناد رقم: 78. مترجم في التهذيب، والكبير1/2/295، وابن أبي حاتم 1/2/23.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "الحسن بن عبد الله" ، وهو خطأ محض.
(2) الأثر: 13507 - مضى هذا الخبر موصولا من طريق الأعمش، من طرق، من رقم: 13476 - 13480، 13483، فراجعه هناك.
13508- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: عبادة الأوثان.
13509 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بشر، عن مسعر، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، قال: بشرك. (1)
13510 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق: "ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: بشرك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من معاني الظلم، وذلك: فعلُ ما نهى الله عن فعله، أو ترك ما أمر الله بفعله، وقالوا: الآية على العموم، لأن الله لم يخصَّ به معنى من معاني الظلم.
* * *
قالوا: فإن قال لنا قائل: أفلا أمْن في الآخرة، إلا لمن لم يعص الله في صغيرة ولا كبيرة، وإلا لمن لقى الله ولا ذنبَ له؟
قلنا: إن الله عنى بهذه الآية خاصًّا من خلقه دون الجميع منهم، والذي عنى بها وأراده بها، خليلَه إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فأما غيره، فإنه إذا لقي الله لا يشرك به شيئًا فهو في مشيئته إذا كان قد أتى بعض معاصيه التي لا تبلغ أن تكون كفرًا، فإن شاء لم يؤمنه من عذابه، وإن شاء تفضل عليه فعفا عنه.
قالوا: وذلك قول جماعة من السلف، وإن كانوا مختلفين في المعنيِّ بالآية.
فقال بعضهم: عُني بها إبراهيم.
* * *
(1) الأثر: 13509 - "أبو حصين" هو: "عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 8962. و "أبو عبد الرحمن" هو "السلمي" : "عبد الله بن حبيب بن ربيعة" ، مضى برقم: 82.
وقال بعضهم: عني بها المهاجرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1)
* * *
* ذكر من قال: عنى بهذه الآية إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم.
13511 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة، عن علي قال: هذه الآية لإبراهيم صلى الله عليه وسلم خاصة، ليس لهذه الأمة منها شيء. (2)
* * *
* ذكر من قال: عني بها المهاجرون خاصة.
13512 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع، عن سماك، عن عكرمة: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، قال: هي لمن هاجر إلى المدينة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصحة في ذلك، ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الخبر الذي رواه ابن مسعود عنه أنه قال: الظلم الذي ذكره الله تعالى
(1) في المطبوعة: "المهاجرين" ببناء "عني" للمفعول، وأثبت ما في المخطوطة، "عني" بالبناء للمجهول.
(2) الأثر: 13511 - "زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي" ، ثقة، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير 2/1/333، وابن أبي حاتم 1/2/540. وأما "زياد بن حرملة" ، فلم أجد له ذكرًا في شيء من الكتب، ومع ذلك فقد جاء كذلك في المستدرك للحاكم. وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2: 316، بإسناده عن أبي حذيفة، عن سفيان، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة قال: سمعت علي بن أبي طالب. وذكر الخبر، وفيه: "هذه في إبراهيم وأصحابه" . ثم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإنما اتفقا على حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله أنهم قالوا: يا رسول الله، وأينا لم يظلم نفسه، الحديث بطوله، بغير هذا التأويل" . ولم يعقب عليه الذهبي بشيء، وظني أنه ترك التعقيب عليه، رجاء الظفر بخبر عن "زياد بن حرملة" هذا. والخبر ضعيف. لجهالة "زياد بن حرملة" حتى يعرف من هو؟
ونسبه السيوطي في الدر المنثور 3: 27 للفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، وقصر في نسبته إلى ابن جرير.
ذكره في هذا الموضع، هو الشرك. (1)
* * *
وأما قوله: "أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" ، فإنه يعني: هؤلاء الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك = "لهم الأمن" يوم القيامة من عذاب الله = "وهم مهتدون" ، يقول: وهم المصيبون سبيل الرشاد، والسالكون طريق النجاة. (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "وتلك حجتنا" ، قولَ إبراهيم لمخاصميه من قومه المشركين: "أي الفريقين أحق بالأمن" ، أمن يعبد ربًّا واحدًا مخلصًا له الدين والعبادة، أم من يعبد أربابًا كثيرة؟ وإجابتهم إياه بقولهم: "بل من يعبد ربًّا واحدًا أحق بالأمن" ، وقضاؤهم له على أنفسهم، فكان في ذلك قطع عذرهم وانقطاع حجتهم، واستعلاء حجة إبراهيم عليهم. (3) فهي الحجة
(1) انظر الآثار السالفة رقم: 13476 - 13480، 13483.
(2) انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) .
(3) الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق، ولو كان من عند غير الله لوجد الناس فيه اختلافًا كثيرًا. ورحم الله أبا جعفر وغفر له ما أخطأ، وأبو جعفر على جلالة قدره، وحفظه وضبطه وعنايته، قد تناقض وأوقع في كلامه اختلافًا كبيرًا. فإنه في ص: 494، قد رجح أن الصواب في قوله تعالى ذكره: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" ، أنه خبر من الله تعالى ذكره عن أول الفريقين بالأمن، وفصل قضاء منه بين إبراهيم وقومه. ثم قال: "وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله، لكانوا قد أقروا بالتوحيد، واتبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد، ولكنه كما ذكرت من تأويله بديًّا" . ثم عاد هنا بعد بضع صفحات، ففسر هذه الآية، وزعم أن ذلك من إجابة قوم إبراهيم لإبراهيم، وهو القول الذي نقضه!! وهذا تناقض بين، ولكنه يأتي في كتب العلماء، حجة من الله على خلقه أنهم لا عصمة لهم في شيء، وأن العصمة لله وحده سبحانه.
التي آتاها الله إبراهيم على قومه، كالذي:-
13513 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد: "وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه" ، قال: هي "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" .
13514- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يحيى بن زكريا، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: قال إبراهيم حين سأل: "أي الفريقين أحق بالأمن" ، قال: هي حجة إبراهيم = وقوله: "وآتيناها إبراهيم على قومه" ، يقول: لقناها إبراهيم وبَصَّرناه إياها وعرفّناه = "على قومه نرفع درجات من نشاء" .
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والبصرة: "نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ" ، بإضافة "الدرجات" إلى "من" ، بمعنى: نرفع الدرجات لمن نشاء.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ بتنوين "الدرجات" ، بمعنى: نرفع من نشاء درجات.
* * *
و "الدرجات" جمع "درجة" ، وهي المرتبة. وأصل ذلك مراقي السلم ودرَجه، ثم تستعمل في ارتفاع المنازل والمراتب. (1)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: هما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، متقارب معناهما. وذلك أن من رفعت درجته، فقد رفع في الدرج = ومن رفع في الدرج، فقد رفعت درجته. فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ في ذلك.
* * *
(1) انظر تفسير "الدرجة" فيما سلف 4: 523 - 536/7: 368/9: 95، وتفسيره هنا أوضح مما سبق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|