عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 15-07-2025, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (604)
صــ 346 إلى صــ 355





وأما قوله: "ثم إلى ربهم يحشرون" ، فإن أهل التأويل اختلفوا في معنى "حشرهم" ، الذي عناه الله تعالى ذكره في هذا الموضع. (2)
فقال بعضهم: "حشرها" ، موتها.
* ذكر من قال ذلك:
13219- حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن سعيد، عن مسروق، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" ، قال ابن عباس: موت البهائم حشرها. (3)
13220- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "ثم إلى ربهم يحشرون" ، قال: يعني بالحشر، الموت.
13221- حدثنا عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "ثم"
(1)
في المطبوعة: "لم نغفل ما من شيء. . ." ، أسقط "الكتاب" ، وهي ثابتة في المخطوطة.

(2)
انظر تفسير "الحشر" فيما سلف ص: 297، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(3)
الأثر: 13219 - "عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي" ، سلف قريبًا رقم: 13177، وكان هنا في المطبوعة والمخطوطة أيضًا "عبد الله بن موسى" ، وهو خطأ، أشرت إليه فيما سلف.

إلى ربهم يحشرون "، يعني بالحشر: الموت."
* * *
وقال آخرون: "الحشر" في هذا الموضع، يعني به الجمعُ لبعث الساعة وقيام القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
13222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر = عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة في قوله: "إلا أمم أمثالكم ما فرَّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون" ، قال: يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة، البهائمَ والدوابَّ والطيرَ وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذَ للجمَّاء من القَرْناء، ثم يقول: "كوني ترابًا" ، فلذلك يقول الكافر: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا [سورة النبأ: 40] . (1)
13223 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر=، عن الأعمش، عمن ذكره، (2) عن أبي ذر قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه
(1)
الأثر: 13222 - "جعفر بن برقان الكلابي" ، ثقة، مضى برقم: 4577، 7836.و "يزيد بن الأصم بن عبيد البكائي" ، تابعي ثقة، مضى برقم: 7836.وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2: 316، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن جعفر الجذري، عن يزيد بن الأصم، وقال: "جعفر الجذري هذا، هو ابن برقان، قد احتج به مسلم، وهو صحيح على شرطه، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.

وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 308، 309، ثم قال: "وقد روي هذا مرفوعًا في حديث الصور" . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 11، وزاد نسبته لأبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. و "الجماء" : الشاة إذا لم تكن ذات قرن. و "القرناء" : الشاة الكبيرة القرن.
(2)
في المطبوعة والمخطوطة: "عن الأعمش ذكره" ، وهو سهو من الناسخ، صوابه من تفسير ابن كثير. وقوله "عمن ذكره" كأنه يعني: "منذر الثوري" أو "الهزيل بن شرحبيل" كما يتبين من التخريج.

وسلم إذ انتطحت عنزان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون فيما انتطحتا؟ قالوا: لا ندري! قال: "لكن الله يدري، وسيقضي بينهما. (1) "
13224- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن سليم قال، حدثنا فطر بن خليفة، عن منذر الثوري، عن أبي ذر قال: انتطحت شاتان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أبا ذَرّ، أتدري فيم انتطحتا "؟ قلت: لا! قال: لكن الله يدري وسيقضي بينهما! قال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقلِّب طائرٌ جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علمًا."
* * *
(1)
الأثران: 13223، 13224 - "إسحق بن سليمان الرازي العبدي" ، ثقة مضى برقم: 6456، 10238، 11240.و "فطر بن خليفة القرشي" ، ثقة، مضى برقم: 3583، 6175، 7511. وكان في المطبوعة: "مطر بن خليفة" ، وهو خطأ، صوابه في المخطوطة. و "منذر الثوري" ، هو: "منذر بن يعلى الثوري" ، ثقة، قليل الحديث روى عن التابعين، لم يدرك الصحابة. مضى برقم: 10839. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 153، مختصرًا من طريق ابن نمير، عن الأعمش، عن منذر، عن أشياخ من التيم، قالوا، قال أبو ذر: "لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علمًا" . ثم رواه أيضًا في المسند 5: 162، من ثلاث طرق، مطولا ومختصرًا كالسالف، أولها مطولا من طريق محمد بن جعفر، عن سليمان، عن منذر الثوري، عن أشياخ لهم، عن أبي ذر = ثم من الطريق نفسه مختصرًا كالسالف = ثم من طريق حجاج، عن فطر، عن المنذر، بمعناه. قد تبين من رواية أحمد أن الذي روى عنه الأعمش في الإسناد الأول، هو منذر الثوري نفسه.

وإسناد هذه كلها إما منقطعة، كإسناد أبي جعفر = أو فيها مجاهيل، كأسانيد أحمد. ثم رواه أحمد في مسنده بغير هذا اللفظ، (5، 172، 173) من طريق عبيد الله بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن ثروان، عن الهزيل بن شرحبيل، عن أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسًا وشاتان تقترتان، فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: عجبت لها! والذي نفسي بيده ليقادن لها يوم القيامة ".وكان في المسند:" عبد الرحمن بن مروان "، وهو خطأ، وإنما الراوي عن الهزيل، هو" ابن ثروان ". وهذا إسناد حسن متصل."
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ كل دابة وطائر محشورٌ إليه. وجائز أن يكون معنيًّا بذلك حشر القيامة = وجائز أن يكون معنيًّا به حشر الموت = وجائز أن يكون معنيًّا به الحشران جميعًا، ولا دلالة في ظاهر التنزيل، ولا في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ ذلك المراد بقوله: "ثم إلى ربهم يحشرون" ، إذ كان "الحشر" ، في كلام العرب الجمع، (1) ومن ذلك قول الله تعالى ذكره: وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ [سورة ص: 19] ، يعني: مجموعة. فإذ كان الجمع هو "الحشر" ، وكان الله تعالى ذكره جامعًا خلقه إليه يوم القيامة، وجامعهم بالموت، كان أصوبُ القول في ذلك أن يُعَمَّ بمعنى الآية ما عمه الله بظاهرها = وأن يقال: كل دابة وكل طائر محشورٌ إلى الله بعد الفناء وبعد بعث القيامة، إذ كان الله تعالى ذكره قد عم بقوله: "ثم إلى ربهم يحشرون" ، ولم يخصص به حشرًا دون حشر.
* * *
فإن قال قائل: فما وجهُ قوله: "ولا طائر يطير بجناحيه" ؟ وهل يطير الطائر إلا بجناحيه؟ فما في الخبر عن طيرانه بالجناحين من الفائدة؟
قيل: قد قدمنا القول فيما مضى أن الله تعالى ذكره أنزل هذا الكتاب بلسان قوم، وبلغاتهم وما يتعارفونه بينهم ويستعملونه في منطقهم خاطبهم. فإذ كان من كلامهم إذا أرادوا المبالغة في الكلام أن يقولوا: "كلمت فلانًا بفمي" ، و "مشيت إليه برجلي" ، و "ضربته بيدي" ، خاطبهم تعالى بنظير ما يتعارفونه في كلامهم، ويستعملونه في خطابهم، ومن ذلك قوله تعالى ذكره: (إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَي) [سورة ص: 23] . (2)
(1)
انظر تفسير "الحشر" فيما سلف ص: 346، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)
في المطبوعة: ذكر الآية كقراءتها في مصحفنا، هكذا: "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة" ، وليس هذا موضع استشهاد أبي جعفر، والصواب في المخطوطة كما أثبته. وهي قراءة عبد الله بن مسعود، وقد ذكرها أبو جعفر في تفسيره بعد (23: 91، بولاق) ثم قال: [وذلك على سبيل توكيد العرب الكلمة، كقولهم: هذا رجل ذكر "، ولا يكادون يفعلون ذلك إلا في المؤنث والمذكر الذي تذكيره وتأنيثه في نفسه، كالمرأة والرجل والناقة، ولا يكادون أن يقولوا:" هذه دار أنثى، وملحفة أنثى "، لأن تأنيثها في اسمها لا في معناها] ."

القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين كذبوا بحجج الله وأعلامه وأدلته (1) = "صمٌّ" ، عن سماع الحق = "بكم" ، عن القيل به (2) = "في الظلمات" ، يعني: في ظلمة الكفر حائرًا فيها، (3) يقول: هو مرتطم في ظلمات الكفر، لا يبصر آيات الله فيعتبر بها، ويعلم أن الذي خلقه وأنشأه فدبَّره وأحكم تدبيره، وقدَّره أحسن تقدير، وأعطاه القوة، وصحح له آلة جسمه = لم يخلقه عبثًا، ولم يتركه سدًى، ولم يعطه ما أعطاه من الآلات إلا لاستعمالها في طاعته وما يرضيه، دون معصيته وما يسخطه. فهو لحيرته في ظلمات الكفر، وتردّده في غمراتها، غافلٌ عمَّا الله قد أثبت له في أمّ الكتاب، وما هو به فاعلٌ يوم يحشر إليه مع سائر الأمم. ثم أخبر تعالى ذكره أنه المضِلّ من يشاء إضلالَه من خلقه عن الإيمان إلى الكفر، والهادي إلى الصراط المستقيم منهم من أحبَّ هدايته، فموفّقه بفضله وطَوْله للإيمان به، وترك الكفر به وبرسله وما جاءت به أنبياؤه، وأنه لا يهتدي من خلقه أحد إلا من سبق له في أمّ الكتاب السعادة، ولا يضل منهم أحد إلا من سبق له فيها الشقاء، وأنّ بيده الخير كلُّه، وإليه الفضل كله، له الخلق والأمر. (4)
* * *
(1)
انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .

(2)
انظر تفسير "صم" و "بكم" فيما سلف 1: 328 - 331/3: 315.

(3)
وحد الضمير بعد الجمع فقال: "حائرا فيها" ، يعني الكافر المكذب بآيات الله، وهو جائز في مثل هذا الموضع من التفسير.

(4)
انظر تفسير "الضلال" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) .

= وتفسير "الصراط المستقيم" فيما سلف 10: 429، تعليق: 4، والمراجع هناك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال قتادة:
13225 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "صم وبكم" ، هذا مثل الكافر، أصم أبكم، لا يبصر هدًى، ولا ينتفع به، صَمَّ عن الحق في الظلمات، لا يستطيع منها خروجًا، متسكِّع فيها.
* * *
القول في تأويل قوله: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) }
قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في معنى قوله: "أرأيتكم" .
فقال بعض نحويي البصرة: "الكاف" التي بعد "التاء" من قوله: "أرأيتكم" إنما جاءت للمخاطبة، وتركت "التاء" مفتوحة = كما كانت للواحد. قال: وهي مثل "كاف" "رويدك زيدًا" ، إذا قلت: أرود زيدًا = هذه "الكاف" ليس لها موضع مسمى بحرف، لا رفع ولا نصب، وإنما هي في المخاطبة مثل كاف "ذاك" . ومثل ذلك قول العرب: "أبصرَك زيدًا" ، (1) يدخلون "الكاف" للمخاطبة.
* * *
وقال آخرون منهم: معنى: "أرأيتكم إن أتاكم" ، أرأيتم. قال: وهذه "الكاف" تدخل للمخاطبة مع التوكيد، و "التاء" وحدها هي الاسم، كما أدخلت "الكاف" التي تفرق بين الواحد والاثنين والجميع في المخاطبة، كقولهم: "هذا، وذاك، وتلك، وأولئك" ، فتدخل "الكاف" للمخاطبة، وليست باسم، و "التاء" هو الاسم للواحد والجميع، تركت على حال واحدة، ومثل ذلك قولهم:
(1)
في المطبوعة: "انصرك زيدًا" بالنون، والصواب بالباء كما سيأتي.

"ليسك ثَمَّ إلا زيد" ، يراد: ليس = و "لا سِيَّك زيد" ، فيراد: ولا سيما زيد = و "بلاك" فيراد، "بلى" في معنى: "نعم" = و "لبئسك رجلا ولنعمك رجلا" . وقالوا: "انظرك زيدًا ما أصنع به" = و "أبصرك ما أصنع به" ، بمعنى: أبصره. وحكى بعضهم: "أبصركُم ما أصنع به" ، يراد: أبصروا = و "انظركم زيدًا" ، أي انظروا. وحكي عن بعض بني كلاب: "أتعلمك كان أحد أشعرَ من ذي الرمة؟" فأدخل "الكاف" .
وقال بعض نحويي الكوفة: "أرأيتك عمرًا" أكثر الكلام فيه ترك الهمز. قال: و "الكاف" من "أرأيتك" في موضع نصب، كأن الأصل: أرأيت نفسك على غير هذه الحال؟ قال: فهذا يثني ويجمع ويؤنث، فيقال: "أرأيتما كما" و "أرأيتموكم" . و "وَأَرَأَيْتُنَّكُنَّ" ، (1) أوقع فعله على نفسه، وسأله عنها، ثم كثر به الكلام حتى تركوا "التاء" موحدة للتذكير والتأنيث والتثنية والجمع، فقالوا: "أرأيتكم زيدًا ما صنع" ، و "أرأيتكنّ ما صنع" ، فوحدوا التاء وثنوا الكاف وجمعوها، فجعلوها بدلا من "التاء" ، (2) كما قال: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [سورة الحاقة: 19] ، و "هاء يا رجل" ، و "هاؤما" ، ثم قالوا: "هاكم" ، اكتفى بالكاف والميم مما كان يثنى ويجمع. فكأن "الكاف" في موضع رفع، إذ كانت بدلا من "التاء" . وربما وحدت للتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، وهي كقول القائل: "عليك زيدًا" ، "الكاف" في موضع خفض، والتأويل رفع. فأما ما يُجْلب فأكثر ما يقع على الأسماء، ثم تأتي بالاستفهام فيقال: "أرأيتك زيدًا هل قام" ، لأنها صارت بمعنى: أخبرني عن زيد، ثم بيَّن عما يستخبر. فهذا أكثر الكلام. ولم يأت
(1)
في المطبوعة فصل وكتب "أرأيتن كن" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو المطابق لما في معاني القرآن للفراء.

(2)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 333، 334.

الاستفهام يليها. (1) لم يقل: "أرأيتك هل قمت" ، لأنهم أرادوا أن يبيِّنوا عمن يسأل، ثم تُبيّن الحالة التي يسأل عنها. وربما جاء بالجزاء ولم يأت بالاسم، (2) فقالوا: "أرأيت إن أتيت زيدًا هل يأتينا" (3) = و "أرأيتك" أيضًا = و "أرأيتُ زيدًا إن أتيته هل يأتينا" ، إذا كانت بمعنى: "أخبرني" ، فيقال باللغات الثلاث.
* * *
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بالله الأوثانَ والأصنامَ: أخبروني، إن جاءكم، أيها القوم، عذاب الله، كالذي جاء من قبلكم من الأمم الذين هلك بعضهم بالرجفة، وبعضهم بالصاعقة = أو جاءتكم الساعة التي تنشرون فيها من قبوركم، وتبعثون لموقف القيامة، أغير الله هناك تدعون لكشف ما نزل بكم من البلاء، أو إلى غيره من آلهتكم تفزعون لينجيكم مما نزل بكم من عظيم البلاء؟ = "إن كنتم صادقين" ، يقول: إن كنتم محقّين في دعواكم وزعمكم أنّ آلهتكم التي تدعونها من دون الله تنفع أو تضر.
* * *
القول في تأويل قوله: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مكذِّبًا لهؤلاء العادلين به الأوثان: ما أنتم، أيها المشركون بالله الآلهةَ والأندادَ، إن أتاكم عذابُ الله أو أتتكم الساعة،
(1)
في المطبوعة، مكان "يليها" "ثنيها" وهو خطأ، صوابه في المخطوطة.

(2)
في المطبوعة: "وربما جاء بالخبر" وهو خطأ، صوابه في المخطوطة، وإن كانت غير منقوطة ولا مهموزة. ومن أجل هذا التصرف، تصرف في عبارة أبي جعفر كما سترى في التعليق التالي.

(3)
في المطبوعة: "فقالوا: أرأيت زيدًا هل يأتينا" ، حذف "إن أتيت" لسوء تصرفه كما في التعليق السابق.

بمستجيرين بشيء غير الله في حال شدة الهول النازل بكم من آلهة ووثن وصنم، بل تدعون هناك ربّكم الذي خلقكم، وبه تستغيثون، وإليه تفزعون، دون كل شيء غيره = "فيكشف ما تدعون إليه" ، يقول: فيفرِّج عنكم عند استغاثتكم به وتضرعكم إليه، عظيم البلاء النازل بكم إن شاء أن يفرج ذلك عنكم، لأنه القادر على كل شيء، ومالك كل شيء، دون ما تدعونه إلهًا من الأوثان والأصنام = "وتنسون ما تشركون" ، يقول: وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها، ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه، فتجعلونه له ندًّا من وثن وَصنم، وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلهًا.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: = متوعدًا لهؤلاء العادلين به الأصنامَ = ومحذِّرَهم أن يسلك بهم إن هم تمادَوا في ضلالهم سبيلَ من سلك سبيلهم من الأمم قبلهم، في تعجيل الله عقوبته لهم في الدنيا = ومخبرًا نبيَّه عن سنته في الذين خلوا قبلهم من الأمم على منهاجهم في تكذيب الرسل =: "لقد أرسلنا" ، يا محمد، "إلى أمم" ، يعني: إلى جماعات وقرون (1) = "من قبلك فأخذناهم بالبأساء" ، يقول: فأمرناهم ونهيناهم، فكذبوا رسلنا، وخالفوا أمرنا ونهينا، فامتحناهم بالابتلاء = "بالبأساء" ، وهي شدة الفقر والضيق في المعيشة (2) = "والضراء" ، وهي
(1)
انظر تفسير "أمة" فيما سلف ص: 344، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)
انظر تفسير "البأساء فيما سلف 3: 349 - 252/ 4: 288."

الأسقام والعلل العارضة في الأجسام. (1)
* * *
وقد بينا ذلك بشواهده ووجوه إعرابه في "سورة البقرة" ، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. (2)
* * *
وقوله: "لعلهم يتضرعون" يقول: فعلنا ذلك بهم ليتضرعوا إليّ، ويخلصوا لي العبادة، ويُفْردوا رغبتهم إليَّ دون غيري، بالتذلل منهم لي بالطاعة، والاستكانة منهم إليّ بالإنابة.
* * *
وفي الكلام محذوفٌ قد استغني بما دلّ عليه الظاهرمن إظهاره دون قوله: (3) "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم" ، وإنما كان سبب أخذه إياهم، تكذيبهم الرسل وخلافهم أمرَه = لا إرسال الرسل إليهم. وإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن معنى الكلام: "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك" رسلا فكذبوهم، "فأخذناهم بالبأساء" .
* * *
و "التضرع" : هو "التفعل" من "الضراعة" ، وهي الذلة والاستكانة.
* * *
(1)
انظر تفسير "الضراء" فيما سلف 3: 349 - 352/4: 288/7: 214.

(2)
انظر المراجع كلها في التعليقين السالفين.

(3)
في المطبوعة: "بما دل عليه الظاهر عن إظهاره من قوله" ، غير ما في المخطوطة، وأثبت في المخطوطة بنصه، وإن كنت أخشى أن يكون سقط من الناسخ كلام.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]