
15-07-2025, 02:35 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (595)
صــ 256 إلى صــ 265
القول في تأويل قوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى قوله: "ثم قضى أجلا" ، ثم قضى لكم، أيها الناس، "أجلا" . وذلك ما بين أن يُخْلق إلى أن يموت = "وأجل مسمى عنده" ، وذلك ما بين أن يموت إلى أن يبعث.
* ذكر من قال ذلك:
13054- حدثنا ابن وكيع وهناد بن السري قالا حدثنا وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن في قوله: "قضى أجلا" ، قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت = "وأجل مسمى عنده" ، قال: ما بين أن يموت إلى أن يبعث. (1)
13055 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عِنده" ، كان يقول: أجل حياتك إلى أن تموت، وأجل موتك إلى أن تُبْعث. فأنت بين أجَلين من الله تعالى ذكره.
13056 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم: "قضى أجلا وأجل مسمى عنده" ، قال: قضى أجل الموت، وكل نفسٍ أجلها الموت. قال: ولن يؤخر الله نفسًا
(1) الأثر: 13054 - "وكيع" هو "وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي" .
وأبوه: "الجراح بن مليح الرؤاسي" ، مضيا في مواضع مختلفة.
و "أبو بكر الهذلي" مختلف في اسمه قيل هو: "سلمى بن عبد الله بن سلمى" ، وقيل: "روح بن عبد الله" . ومضى برقم: 597، 8376، وهو ضعيف.
إذا جاء أجلها = "وأجل مسمى عنده" ، يعني: أجل الساعة، ذهاب الدنيا، والإفضاءُ إلى الله.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم قضى الدنيا، وعنده الآخرة.
* ذكر من قال ذلك:
13057 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: "أجلا" ، قال: الدنيا = "وأجل مسمى عنده" ، الآخرة.
13058 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو عاصم، عن زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "قضى أجلا" ، قال: الآخرة عنده = "وأجل مسمى" ، الدنيا.
13059- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أجلا" ، قال: الآخرة عنده = "وأجل مسمًّى" ، قال: الدنيا.
13060- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أجلا" ، قال: الآخرة عنده = "وأجل مسمى" ، قال: الدنيا.
13061- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن: "ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده" ، قالا قضى أجل الدنيا، من حين خلقك إلى أن تموت = "وأجل مسمى عنده" ، يوم القيامة.
13062 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر،
عن مجاهد وعكرمة: "ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده" ، قال: قَضَى أجل الدنيا = "وأجل مسمى عنده" ، قال: هو أجل البعث.
13063- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: "ثم قضى أجلا" ، قال: الموت = "وأجل مسمى عنده" ، الآخرة.
13064- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله: "قضى أجلا وأجل مسمى عنده" ، قالا قضى أجل الدنيا، منذ يوم خلقت إلى أن تموت = "وأجل مسمى عنده" ، يوم القيامة.
13065- حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد: "قضى أجلا" ، قال: أجل الدنيا = "وأجل مسمى عنده" ، قال: البعث.
13066- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عنده" ، يعني: أجل الموت = "والأجل المسمى" ، أجلُ الساعة والوقوفِ عند الله.
13067 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "قضى أجلا" ، قال: أمّا "قضى أجلا" ، فأجل الموت = "وأجل مسمى عنده" ، يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما:-
13068 - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: "ثم قضى أجلا وأجل"
مسمى عنده "، قال: أمّا قوله:" قضى أجلا "، فهو النومُ، تُقْبض فيه الروح، ثم ترجع إلى صاحبها حين اليقظة =" وأجل مسمى عنده "، هو أجل موت الإنسان."
* * *
وقال آخرون بما:-
13069 - حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب في قوله: "هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون" ، قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم، أخذنا من ظهره، ثم أخذ الأجل والمِيثاق في أجلٍ واحد مسمًّى في هذه الحياة الدنيا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: ثم قضى أجلَ الحياة الدنيا = "وأجلٌ مسمى عنده" ، وهو أجل البَعْث عنده.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأنه تعالى ذكره نبَّه خلقَه على موضع حُجَّته عليهم من أنفسهم فقال لهم: أيها الناس، إن الذي يعدِلُ به كفارُكم الآلهةَ والأندادَ، هو الذي خلقكم فابتدأكم وأنشأكم من طين، فجعلكم صورًا أجساًما أحياءً، بعد إذ كنتم طينًا جمادًا، ثم قضى آجال حياتكم لفنائكم ومماتكم، ليعيدكم ترابًا وطينًا كالذي كنتم قبل أن ينشئكم ويخلقكم = وأجل مسمى عندَه لإعادتكم أحياءً وأجسامًا كالذي كنتم قبل مماتكم. (1) وذلك نظير قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، [سورة البقرة: 28] .
* * *
(1) انظر تفسير "الأجل" فيما سلف 5: 7/6: 43، 76/8: 548.
= وتفسير "مسمى" فيما سلف 6: 43.
القول في تأويل قوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم أنتم تَشكُّون في قدرة من قَدَر على خلق السماوات والأرض، وإظلام الليل وإنارة النهار، وخلقكم من طين حتى صيَّركم بالهيئة التي أنتم بها = على إنشائه إياكم من بعد مماتكم وفنائكم، (1) وإيجاده إيّاكم بعد عدمكم.
* * *
و "المرية" في كلام العرب، هي الشك. وقد بيّنت ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (2)
* * *
وقد:-
13070 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "ثم أنتم تمترون" ، قال: الشك. قال: وقرأ قول الله: فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ [سورة هود: 17] ، قال: في شكٍّ منه.
13071 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ثم أنتم تمترون" ، بمثله.
* * *
(1) في المطبوعة: "وعلى إنشائه" بزيادة الواو، وهي مفسدة وهي خطأ صرف، لم يفهم سياق أبي جعفر، فإن قوله: "على إنشائه إياكم" متعلق بقوله: "ثم أنتم تشكون في قدرة من قدر. . ." ، أي: تشكون في قدرة من فعل ذلك، على إنشائه إياكم.
(2) انظر تفسير "الامتراء" فيما سلف 3: 190، 191/6: 472.
القول في تأويل قوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذي له الألوهةُ التي لا تنبغي لغيره، المستحقَّ عليكم إخلاصَ الحمد له بآلائه عندكم، أيها الناس، الذي يعدل به كفاركم مَن سواه، هو الله الذي هو في السماوات وفي الأرض يعلم سِرَّكم وجَهْركم، فلا يخفى عليه شيء. يقول: فربكم الذي يستحقُّ عليكم الحمدَ، ويجب عليكم إخلاصُ العبادة له، هو هذا الذي صفته = لا من لا يقدر لكم على ضرّ ولا نفع، ولا يعمل شيئًا، ولا يدفع عن نفسه سُوءًا أريد بها.
* * *
وأما قوله: "ويعلم ما تكسبون" ، يقول: ويعلم ما تَعمَلون وتجرَحُون، فيحصي ذلك عليكم ليجازيكم به عند معادكم إليه. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما تأتي هؤلاء الكفار الذين بربهم يعدِلون أوثانَهم وآلهتهم = "آية من آيات ربهم" ، يقول: حجّة وعلامة ودلالة من حُجج ربهم ودلالاته وأعلامه على وحدانيته، وحقيقة نبوتك، يا محمد، وصدق ما أتيتهم به من عندي (2) = "إلا كانوا عنها معرضين" ، يقول: إلا
(1) انظر تفسير "كسب" فيما سلف 10: 297، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .
أعرضوا عنها، يعني عن الآية، فصدّوا عن قَبُولها والإقرار بما شهدت على حقيقته ودلّت على صحته، جهلا منهم بالله، واغترارًا بحلمه عنهم. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (5) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقد كذب هؤلاء العادلون بالله، الحقَّ لما جاءهم، وذلك "الحق" ، هو محمد صلى الله عليه وسلم (2) كذّبوا به، وجحدوا نبوَّته لما جاءهم. قال الله لهم متوعّدًا على تكذيبهم إياه وجحودِهم نبوَّته: سوف يأتي المكذّبين بك، يا محمد، من قومِك وغيرهم = "أنْباء ما كانوا به يستهزءون" ، يقول: سوف يأتيهم أخبارُ استهزائهم بما كانوا به يستهزئون من آياتي وأدلَّتي التي آتيتهم. (3) ثم وفى لهم بوعيده لمّا تمادَوا في غيِّهم، وعَتْوا على ربهم، فقتلتهم يوم بدرٍ بالسَّيف.
* * *
(1) انظر تفسير "الإعراض" فيما سلف 9: 310، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير "الحق" فيما سلف 10: 377، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(3) انظر تفسير "النبأ" فيما سلف 10: 391، تعليق: 2، والمراجع هناك.
= وتفسير "الاستهزاء" فيما سلف 1: 301 - 303.
القول في تأويل قوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (6) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ألم يرَ هؤلاء المكذبون بآياتي، الجاحدون نبوّتك، كثرةَ من أهلكت من قبلهم من القُرون = وهم الأمم = الذين وطَّأت لهم البلادَ والأرض توطئة لم أوطِّئها لهم، (1) وأعطيتهم فيها ما لم أعطهم؟ كما:-
13072 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم" ، يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم.
* * *
قال أبو جعفر: أمطرت فأخرجت لهم الأشجارُ ثمارها، وأعطتهم الأرض رَيْع نَباتها، وجابوا صخورَ جبالها، ودرَّت عليهم السماء بأمطارها، وتفجرت من تحتهم عيون المياه بينابيعها بإذني، فغمَطُوا نعمة ربهم، وعصوا رسولَ خالقهم، وخالفوا أمرَ بارئهم، وبغَوْا حتى حقَّ عليهم قَوْلي، فأخذتهم بما اجترحوا من ذنوبهم، وعاقبتهم بما اكتسبت أيديهم، وأهلكت بعضهم بالرَّجفة، وبعضهم بالصيحة، وغير ذلك من أنواع العذاب.
* * *
ومعنى قوله: "وأرسلنا السماء عليهم مدرارًا" ، المطرَ. ويعني بقوله: "مدرارًا" ، غزيرة دائمةً = "وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين" ، يقول: وأحدثنا من بعد
(1) في المطبوعة: "وطأة لم أوطئها" ، وأثبت ما في المخطوطة.
الذين أهلكناهم قرنًا آخرين، فابتدأنَا سِواهم.
* * *
فإن قال قائل: فما وجهُ قوله: "مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم" ؟ ومن المخاطب بذلك؟ فقد ابتدأ الخبر في أول الآية عن قوم غَيَبٍ بقوله: "ألم يروا كم أهلكنا من قَبَلهم من قرن" ؟
قيل: إن المخاطب بقوله: "ما لم نمكن لكم" ، هو المخبر عنهم بقوله: "ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن" ، ولكن في الخبر معنى القول = ومعناه: قُلْ، يا محمد، لهؤلاء القوم الذين كذبوا بالحقِّ لما جاءهم: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قَرْن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم.
والعرب إذا أخبرت خبرًا عن غائبٍ، وأدخلت فيه "قولا" ، فعلت ذلك، فوجهت الخبرَ أحيانًا إلى الخبر عن الغائب، وأحيانًا إلى الخطاب، فتقول: "قلت لعبد الله: ما أكرمه" ، و "قلت لعبد الله: ما أكرمك" ، وتخبر عنه أحيانًا على وجه الخبر عن الغائب، ثم تعود إلى الخطاب. وتخبر على وجه الخطاب له، ثم تعود إلى الخبر عن الغائب. وذلك في كلامها وأشعارها كثيرٌ فاشٍ. وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)
* * *
وقد كان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: كأنه أخبرَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خاطبه معهم. وقال: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [سورة يونس: 22] ، فجاء بلفظ الغائب، وهو يخاطب، لأنه المخاطَب.
* * *
(1) انظر ما سلف 1: 153 - 154/ 2: 293، 294، 357، 388/ 3: 170/ 6: 564.
القول في تأويل قوله: {وَلَوْ نزلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) }
قال أبو جعفر: وهذا إخبار من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن هؤلاء القوم الذين يعدلون بربهم الأوثانَ والآلهة والأصنام. يقول تعالى ذكره: وكيف يتفقهون الآيات، أم كيف يستدِلُّون على بُطْلان ما هم عليه مُقِيمون من الكفر بالله وجحودِ نبوتك، بحجج الله وآياته وأدلته، وهم لعنادهم الحقَّ وبعدِهم من الرشد، لو أنزلت عليك، يا محمد، الوحيَ الذي أنزلته عليك مع رسولي، في قِرْطاس يعاينونه ويمسُّونه بأيديهم، (1) وينظرون إليه ويقرءونه منه، معلَّقًا بين السماء والأرض، بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحَّةِ ما تأتيهم به من توحيدي وتنزيلي، لقال الذين يعدلُون بي غيري فيشركون في توحيدِي سواي: "إنْ هذا إلا سحرٌ مبينٌ" ، أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرتَ به أعيننا، ليست له حقيقة ولا صحة (2) = "مبين" ، يقول: مبين لمن تدبّره وتأمَّله أنه سحر لا حقيقة له. (3)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13073 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم" ، قال: فمسوه ونظروا إليه، لم يصدِّقوا به.
(1) انظر تفسير "لمس" فيما سلف 8: 399/ 10: 83.
(2) انظر تفسير "السحر" فيما سلف 2: 436 - 442.
(3) انظر تفسير "مبين" فيما سلف 10: 575، تعليق: 3، والمراجع هناك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|